13-ديسمبر-2018

الترا فلسطين | فريق التحرير

أظهرت المعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام العبرية في أعقاب إطلاق النار الذي استهدف جنود الاحتلال عند بؤرة "غفعات اساف الاستيطانية" قرب رام الله، الخميس، أن العمليات ضد جيش الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية دخلت مرحلة جديدة، تشير لإمساك المقاومين بزمام المبادرة؛ بعد نجاحهم بتجاوز كل الإجراءات الأمنية وتوجيه ضرباتهم في مناطق يعتبرها جيش الاحتلال حصينة من الناحية الأمنية.

استهداف جنود الاحتلال المتواجدين في نقطة عسكرية دائمة تم إنشاؤها لتفادي الهجمات في مكانٍ حصينٍ لتوفير الحماية لبؤرة "غفعات اساف" الاستيطانية، يعني بالنسبة للمستوطنين أن "الجنود فشلوا بتوفير الحماية لأنفسهم، فهل سينجحون بحمايتنا؟".

الهجوم سبقه جمع معلومات مفصلة من قبل المنفذين ورسم مسار الانسحاب جيدًا في منطقة معقدة جدًا من الناحية الطوبغرافية، وانتشار مكثف بشكل دائم لقوات الاحتلال ووسائل الاستخبارية التقنية. جنود الاحتلال في أبراج ونقاط المراقبة المحيطة بمكان الهجوم، وقعوا تحت تأثير عنصر المفاجأة الذي استخدمه المنفذ ببراعة فشلَّ قدرتهم على الرد. بل إن شهود العيان من المستوطنين أكدوا في اللحظات الأولى التي تلت الهجوم أن المنفذ انسحب وهو يطلق النار.

لتنفيذ هجوم بمواصفات "عملية غفعات اساف"، يتطلب الأمر من المنفذين التدرب جيدًا على استخدام السلاح الآلي من مسافةٍ قريبةٍ وسرعةٍ  ولياقةٍ بدنيةٍ عاليةٍ لتسلق الجبل المحيط والانسحاب عبر الأودية، قبل استعادة قوات الاحتلال المنتشرة في المكان زمام المبادرة في منطقة تعتبر من أكثر  مناطق الضفة الغربية كثافة من ناحية تواجد دوريات جيش احتلال.

قبل كل ذلك تطلب تنفيذ العملية من المنفذ رباطة جأش وأعصابًا حديدية عندما أوقف سيارته المموهة جيدًا؛ وتحمل بطاقة تسجيل إسرائيلية، متقمصًا صفة المستوطن الذي يتوقف قرب محطة الحافلات لتقديم توصيلة مجانية للمستوطنين، إذ تقدمت إحدى المستوطنات نحوه لكنه تجاوزها مطلقًا النار على الجنود.

فيما يتعلق بالسلاح المستخدم في الهجوم، فإن القناة الثانية الإسرائيلية كشفت أن التحقيق الأولي الذي تلى العملية أظهر أنه سلاح آلي وليس رشاشًا من طراز كارلو ستاف الذي يلجأ إليه منفذو العمليات المنفردة، وهذا ما حدث أيضًا قبل أيام في "عملية عوفرا".

هجوم "غفعات آساف" و"عوفرا"، بددا شعور المستوطنين بالأمن الشخصي؛ والثقة التي سادت في صفوف مؤخرًا الناجم عن اعتقادهم أن الضفة الغربية خلت من الخلايا المسلحة بشكل جيد، وأن جنود الاحتلال المنتشرين على الشوارع الالتفافية ومداخل المستوطنات قادرون على حمايتهم، بل إنهم عاجزون عن ذلك حتى في ذروة استنفار عسكري وتعزيز عدد القوات المتواجدة في المنطقة في اعقاب عملية عوفرا.

الوجه الآخر للعمليات الأخيرة هو فشلٌ استخباري، يسجل في خانة إخفاقات جهاز المخابرات الإسرائيلية "الشاباك"، ويتعلق  بالجهود المكثفة التي يبذلها لإحباط العمليات في مهدها أثناء جهود المنفذين المنفردين أو الخلايا في التزود بالسلاح، أو تنظيم نفسها، أو جمع المعلومات تمهيدًا لتنفيذ هجماتهم الفدائية.