26-فبراير-2017

إذا ما فكرت يومًا في إنشاء مشروعٍ يُدرُ عليك دخلًا جيّدًا في غزة، وقد رماك الهوى لافتتاح متجرٍ متخصص لبيع وتأجير فساتين الخطوبة والزفاف؛ فإياك أن تغفل عن جلب فستان السلطانة "هويام"، وإلا فاستدع محاسبًا محترفًا ليُحصي خسائرك، وهو ما لا تود تخيّله أصلًا.

 على امتداد شارع النصْر، لا بد أن تلمح فتيات مرهقاتٍ بالسؤال عن فساتين الممثلات التركيات، حبًا في ارتدائها في خطبتهن أو زفافهن 

فعلى امتداد شارع "النصْر" من وسط مدينة غزة حتى شمالها، لا بد أن تلمح فتيات برفقة أمهاتهن أو حتى من ستكون قريبًا حمواتهن "اللدودات" أو "الودودات" مرهقاتٍ بالسؤال عن فساتين الممثلات التركيات اللائي ظهرن في المسلسل التركي الشهير "حريم السلطان"، حبًا في ارتدائه في خطبتهن وزفافهن.

وترى هؤلاء الفتيات المقبلات على الزواج في تلك الفساتين المستوحاة من قصور السلطان سليمان القانوني، استثناءً في التصاميم المُترفة بقماش الستان والحرير المُبطَن وكُريات الخرز الكريستالي والقصّات الملكية الشهيرة بالأكمام العريضة ومعطف كتف من قماش "التُل" الشفاف وحزام بطن عريض وانتهاءً بتطريز مُشجّر يمتد من الياقة إلى ذيل الفستان.

اقرأ/ي أيضًا: موديلز فلسطين.. هواية أم احتراف؟

ويروي مسلسل "حريم السلطان" في تصوير درامي، قصة حياة السلطان سليمان القانوني الذي حكم الدولة العثمانية في فترتها الذهبية من عام 1520 وحتى وفاته عام 1566، حيث استعرض الكاتب، وفق رؤيته التخيّلية حياة زوجات وعائلة السلطان وصراع العرش والقوى المسيطرة، وهو ما أثار لغطًا كبيرًا في تركيا بلغ حد المطالبة بتوقيفه من قبل برلمان البلاد.

ولمُجاراة هذه الموضة "المفاجئة" وزيادة الطلب عليها من العرائس اللاتي لا يُعرْن اهتمامًا للدفع؛ فقد حرصت تلك المتاجر على تفصيلها محليًا لتعويض بعض الكساد الذي قد يلحق بالفساتين العادية لديهم، والتي ستتحول إلى مهبطٍ لغبار الزمن.

 تكلفة تأجير هذه الفستاتين المشغولة محليًا قد تصل إلى نحو 900 دولار لصاحبة "اللبسة الأولى"  

وعلى الرغم من أن تكلفة تأجير هذه الفستاتين المشغولة محليًا قد تصل إلى نحو 900 دولار لصاحبة "اللبسة الأولى"؛ إلا أن عروس الصيف القادم تسنيم أبو هاشم (23 عامًا) تعتقد أن بهجة هذه الفساتين في يوم الحفل لا تعادله بهجة طوال حياة العروس، خصوصًا لـ "رد كيد الكائدات".

وطالما أن حفلات الخطوبة والزفاف قد تحمل الكثير من "التقارير الكيدية" و"العيون الناقدة" والغيرة القاتلة من العروس؛ فإن حُسن اختيار الفستان والذي يفضَّل أن يكون على طراز حريم السلطان كفيل بـ "فقئ تلك العيون وإخراس التمتمات السرية التي تُحاك في الأركان الخفية لقاعة الحفل"، كما تعتقد تسنيم.

اقرأ/ي أيضًا: نساء غزة يطرّزن ذاكراتهن

هذه الفساتين تخفي أسرارًا للفوز بلقب "اللبسة الأولى"، -أي أن تكون العروس هي أول من ستستأجره ويتم حجزه لها-، حيث تتفق العروس مع صاحب متجرٍ فاخر على صورةٍ لفستان محدد مأخوذة من الإنترنت أو صفحة مجلة، فيما يتفق هو الآخر مع مصمم أزياء محترف لحياكته في غضون 10 أيام لتجربته والتأكد من قياساته للفوز باللقب في يوم حفلها الموعود.

وحتى وقتٍ قريب، كان التجار في غزة يستوردون فساتين الزفاف من مشاغل في دمشق والقاهرة، وبأسعار لا تتجاوز 100 دولار للفستان الواحد وتباع للمتاجر بنحو 500-600 دولار، ويعاد تأجيرها لكل عروس لا تهتم بلقب اللبسة الأولى بـ 250-300. لكن فساتين الزفاف البيضاء لا يُعاد تأجيرها بعد المرة الثالثة، حيث تفقد بريقها ورونقها، فيما يُمكن أن يُعاد تأجير مثيلاتها الملونة إلى 10 مرات ثم تتلف.

لكن مآسي الثورة السورية منذ اندلاعها في 2011، وإغلاق الأنفاق مع مصر، أوجد بديلًا محليًا لتصاميم هذه الفساتين والتي وجدت استحسانًا من عرائسها اعتقادًا منهن أنها مستوردة. يقول محمد باسل الذي يُدير متجرًا لجدِه للبيع والتأجير.

وكما غيرها من التجارة التي تحتمل المخاطر والخسائر، يرى باسل (24 عامًا) أن مواقد الشموع التي ترقص بها العروس وشعورها بالغثيان وأيدي الأطفال العابثة بفستانها خلال حفلها، قد يُفسد فرحتها ويفسد فساتينه أيضًا. "لن تجد من يُعوضك ولن تسمع سوى عبارات الأسف، وقد لا يُعاد تأجيره إذا ما تعرّض لحرقٍ صغير لا يمكن إصلاحه".

اقرأ/ي أيضًا: لا تنانير قصيرة في الكنيست الإسرائيلي

وعودة إلى أنواع تلك الفساتين، فإن منافسًا آخر تمكن من "جمع" مليون مُحبة -تجاوزًا- وفق اعتقاد وفيق العشي (29 عامًا) والذي يعمل مصممًا للأزياء في أحد المتاجر الكبرى. إنه فستان زفاف "المليون لايك"، حيث تهافت على استئجاره مئات العرائس طوال الصيفين الماضيين بواقع 750 دولارًا للبسة الأولى، فيما يعكف على تجهيز فستان الـ"مليونين لايك" و"سيندريلا جوري".

ويتميّز فستان "المليون لايك" بضيق خصره الشديد وكتفيه العاريين وهو مُرصَّع بعدد هائل من حبّات اللؤلؤ الكبيرة وقطع الكريستال على مقدمة الصدر والبطن، وهو ما يجعل من فخامة العروس، حديث الجميع، وفقًا لوفيق.

وسواءُ حظيت العروس بتصميم فستان الممثلة التركية "مريم أوزرلي" الشهيرة بالسلطانة "هويام" أو "السيندريلا"؛ فإن رفيق دربها ذو البذلة السوداء وربطة العنق الرقيقة هو الوحيد من سيدفع الثمن في نهاية المطاف، لقاء أربع أو خمس ساعاتٍ هي عُمر زفافهما كأول خطوة لإثبات حبه.

وشهدت غزة طوال العام الماضي نحو 19 ألف حالة زواج، بواقع 53 حالة يوميًا، مقابل 8 حالاتٍ طلاق يوميًا، بحسب تقرير للقضاء الشرعي في غزة نُشر في كانون ثاني/ يناير الماضي.

فساتين العرائس في غزة

اقرأ/ ي أيضًا: 

مزادات الفرح في فلسطين

الزواج المسيحي: سر الكنيسة وإكليل الانتصار

غزة.. و"بديهيات الحب" في "حارة العبيد"