08-يوليو-2024
شارة النصر، وعلم فلسطين في تظاهرات جامعة السوربون بفرنسا - EPA

تعهد زعيم اليسار الفرنسي، جان لوك ميلونشون، بالاعتراف بدولة فلسطين بعد تقدم تحالفه في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية التي أُجريت أمس الأحد. وأكد ميلونشون أن برنامجه الانتخابي سيتم تنفيذه بالكامل، بما في ذلك الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مشددًا على ضرورة اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالهزيمة. 

إضافة إلى ذلك، صرحت رئيسة الكتلة النيابية لحزب "فرنسا الأبية" اليساري ماتيلد بانو بالقول: "سنعترف بدولة فلسطين خلال الأسبوعين المقبلين". 

رشح حزب "فرنسا الأبيّة" ريما حسن من أصول فلسطينية لانتخابات البرلمان الأوروبي، وانتخبت لتكون أول عضو فلسطيني في البرلمان الأوروبي

وكان حزب "فرنسا الأبية"، وهو حزب يساري راديكالي، وأحد أعضاء التحالف الجديد، قد رفض اعتبار حركة حماس منظمة إرهابية، وقد وصفت النائبة عن الحزب دانييل أوبونو، في وقت سابق، حماس بأنها حركة مقاومة لتحرير فلسطين. 

وقاد الحزب التظاهرات المؤيدة لفلسطين في فرنسا منذ 7 تشرين الأول\أكتوبر 2023، وأدرج القضية الفلسطينية في الحملة الانتخابية في الانتخابات العامة المبكرة وكذلك في انتخابات البرلمان الأوروبي.

ورشح الحزب ريما حسن من أصول فلسطينية لانتخابات البرلمان الأوروبي، وانتخبت لتكون أول عضو فلسطيني في البرلمان الأوروبي.

علاقات إسرائيلية فرنسية "مهتزة" 

ويأتي هذا في ظل الحديث عن "اهتزاز" العلاقات الفرنسية الإسرائيلية، وقالت صحيفة هآرتس، اليوم الإثنين نقلًا عن مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية، إن وزير الشتات عيمشاي شيكلي قد أضرّ بالعلاقات مع فرنسا، وذلك خلال حملة الانتخابات الفرنسية ودعمه العلني لزعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، مارين لوبان، وأكد أحدهم إنه يعمل بشكل مستقل تمامًا في علاقاته المتنامية مع الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا.

ووصف مسؤول إسرائيلي سلوك شيكلي بأنه "قنبلة دبلوماسية"، وخلال الأسابيع الأخيرة، ومنذ دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لانتخابات مبكرة، كان شيكلي صريحًا في دعمه لحزب لوبان، الذي كان يسعى لأول مرة في تاريخه للحصول على أغلبية برلمانية.

وفي أواخر حزيران\يونيو الجاري، شارك شيكلي فيديو لمرشح لوبان لرئاسة الوزراء، جوردان باردلا، وأشار في مقابلة مع إذاعة ريشيت بيت قبل أسبوع، إلى أنه سيكون "ممتازًا لإسرائيل" إذا تم انتخاب لوبان رئيسة لفرنسا، رغم أن هذه الانتخابات كانت فقط للبرلمان وليس للرئاسة. لم يكتفِ شيكلي بإبداء تفضيله الشخصي للوبان، بل أكد في نفس المقابلة أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يوافقه الرأي ويرغب أيضّا في رؤية السياسي اليميني المتطرف يتولى السلطة في فرنسا. ولم يتبرأ نتنياهو من تعليقات شيكلي التي نُشرت قبل ستة أيام فقط من الجولة الثانية من التصويت، وتناقلتها وسائل الإعلام الفرنسية على نطاق واسع.

وعندما أصبح من الواضح أن تحالف الأحزاب اليسارية بقيادة جان لوك ميلونشون قد تصدر النتائج، نشر شيكلي تغريدة على منصة "إكس"، وصف فيها ميلونشون بأنه "النسخة الفرنسية من جيريمي كوربين، كاره إسرائيل في القلب والروح الذي رفض إدانة أحداث السابع من أكتوبر ورفض وصف حماس كمنظمة إرهابية".

وتدخل شيكلي في السياسة الداخلية الفرنسية بدأ قبل دعوة ماكرون للانتخابات، ففي أواخر أيّار\مايو، حضر مؤتمرًا للأحزاب القومية اليمينية في أوروبا، قبل أيام من انتخابات البرلمان الأوروبي، وتم تصوير شيكلي مع زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، وأشاد بمواقفها ضد القضية الفلسطينية وزعم أنها "نأت بحزبها عن تراثه المعادي للسامية".

كما انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكتب أن لوبان تحدثت في تجمع لدعم إسرائيل بعد السابع من أكتوبر، بينما "اختار ماكرون عدم الحضور". ولم يمر تدخل شيكلي لصالح لوبان دون ملاحظة وزارة الخارجية الفرنسية أو السفارة الفرنسية في "إسرائيل"، على الرغم من أنهما اختارا عدم الرد رسميًا؛ لتجنب المزيد من التوترات في العلاقات الإسرائيلية-الفرنسية بعد عدة أشهر من العناوين السلبية المرتبطة بانتقادات فرنسا للحرب في غزة، وقرار حظر الشركات الإسرائيلية من المشاركة في المعرض الرئيسي للأسلحة في باريس. 

فرنسا ليست سوى مثال واحد، فقد التقى شيكلي أيضًا بأحزاب يمينية متطرفة في إسبانيا وبريطانيا ودول أخرى

ودفع الإحراج الذي سببه سلوك شيكلي، إلى نشر وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس تغريدة على منصة "إكس" مع بدء يوم الانتخابات في فرنسا قال فيها إن "إسرائيل لا تتدخل في الانتخابات في فرنسا وتحترم الديمقراطية الفرنسية – كما نتوقع من الدول الأخرى احترام الديمقراطية الإسرائيلية". 

وادعى مصدر دبلوماسي إسرائيلي إن شيكلي يعمل بشكل مستقل تمامًا في علاقاته مع الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، وأوضح: "إنه يتعاون مع أحزاب نكون حذرين في علاقاتنا معها ويمارس بشكل أو بآخر سياسته الخارجية الشخصية". 

وقالت صحيفة هآرتس إن فرنسا ليست سوى مثال واحد، فقد التقى شيكلي أيضًا بأحزاب مماثلة في إسبانيا وبريطانيا ودول أخرى. وفي بعض الحالات، قال المسؤول الدبلوماسي، "كان هناك دبلوماسيون محترفون أخبروه، ننصحك بعدم عقد هذا الاجتماع. لكنه تجاهل الأمر". 

وتغنى في أكثر من مناسبة بأحزاب اليمين في أوروبا، وقال عن حزب فيدس المجري وحزب فوكس الإسباني وحزب شيغا البرتغالي: "هذه أحزاب أنا فخور جدًا بأن أقول إن لدي علاقة ممتازة مع قادتها. ما يجمعنا هو الكثير من الحب لدولة إسرائيل. لدينا معتقدات مشتركة: دولة قومية؛ نؤمن بالقيم المحافظة".

وأضاف شيكلي، دافعًا ضد دعمه العلني للوبان، "لم أراهن على لوبان. ولا أحزن أيضًا؛ نحن في ماراثون. أنا مهتم بتحسين العلاقات مع أولئك الذين يشاركوننا القيم المشتركة. الذين يعتقدون أن الهجرة الإسلامية مشكلة وأن الإسلام الراديكالي خطير جدًا، خاصة على الجالية اليهودية، ويشكلون خطرًا على مستقبل هذه البلدان كدول قومية". 

وأظهرت التقديرات الأولية تفوق تحالف اليسار في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية التي أُجريت يوم الأحد، متقدمًا على معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون واليمين المتطرف. وأعلن مركز إيفوب أن تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري حصل على ما بين 180 و215 مقعدًا في الجمعية الوطنية (البرلمان)، بينما حصل معسكر ماكرون (معاً) على 150 إلى 180 مقعدًا، وحصل التجمع الوطني اليميني المتطرف على 120 إلى 150 مقعدًا. وشمل التحالف اليساري أحزابًا من الاشتراكيين والخضر والشيوعيين وحزب فرنسا الأبية بقيادة جان لوك ميلنشون.