تمكنت المحامية الفلسطينية-الفرنسية ريما حسن، المرشحة عن حزب "فرنسا الأبية"، من الحصول على مقعد في البرلمان الأوروبي، لتكون أول برلمانية أوروبية من أصول فلسطينية.
ونشطت ريما حسن، طوال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في معارضة الحرب، مما دفع وشخصيات ووسائل إعلام يمينية فرنسية إلى تنفيذ حملة إعلامية واسعة ضدها.
وعاشت وولدت ريما حسن، في مخيم النيرب للاجئين بالقرب من حلب في سوريا، وحين بلغت سن العاشرة من عمرها غادرت نحو الأردن، ومن ثم انتقلت مع والدتها إلى فرنسا، حيث عاشت وحصلت على الجنسية الفرنسية عام 2010.
أصبحت ريما حسن، أول نائبة في البرلمان الأوروبي من أصول فلسطينية
ووصلت إلى فرنسا وهي عديمة الجنسية عندما كانت في التاسعة من عمرها، وحصلت على درجة الماجستير في القانون الدولي من جامعة السوربون، وكتبت أطروحتها حول الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وإسرائيل.
وأسست ريما حسن في عام 2019 "مرصد مخيمات اللاجئين"، وهي منظمة غير حكومية متخصصة في دراسة وحماية مخيمات اللاجئين في جميع أنحاء العالم. وفي عام 2023، أسست مجموعة "أكشن فلسطين فرنسا". في نفس العام، انضمت إلى حزب "فرنسا الأبية" استعدادًا لانتخابات البرلمان الأوروبي لعام 2024 .
وحالما حصلت على الجنسية الفرنسية، سعت للسفر إلى فلسطين عبر مطار تل أبيب، بهدف "اكتشاف أرض أجدادها"، لكنها منعت من الصعود إلى الطائرة من مطار شارل ديغول.
وانضمت ريما حسن إلى المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية في عام 2016، وبعد 18 شهرًا، عملت في المحكمة الوطنية لقانون اللجوء لمدة ست سنوات حتى عام 2023.
وفي عام 2022، خصصت المندوبية الوزارية للاستقبال والإدماج صورة لها باعتبارها "امرأة ملهمة".
في 3 شباط/فبراير 2023، ألقت كلمة في مجلس الشيوخ الفرنسي في ندوة "إسرائيل-فلسطين: الوضع الراهن" التي نظمتها عضو مجلس الشيوخ عن باريس إستر بنباسا، تناولت مداخلتها قضية الفصل العنصري في المجتمع الإسرائيلي.
في أعقاب 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وسط قصف قطاع غزة والهجوم البري الذي شنته دولة الاحتلال على القطاع، أنهت عقدها مع المحكمة الوطنية لقانون اللجوء. وحتى تشرين الثاني/نوفمبر 2023، عملت أيضًا كمستشارة لشركة لوريال بشأن قضايا التنوع وإدماج اللاجئين.
وقالت حسن عن نفسها، في مقابلة: "أنا أجمع بين ما يكرهه جزء من فرنسا. أنا امرأة، عرقية، مسيسة، مثقفة، لا تستسلم. من خلال جعلي هدفًا، فإنهم يجعلون مني أيقونة".
BREAKING:
Rima Hassan becomes the first Franco-Palestinian to sit in the European Parliament.
🇵🇸🔥 pic.twitter.com/TvnUiMg7Lk
— sarah (@sahouraxo) June 9, 2024
ريما حسن وحرب غزة
وفي تقرير نُشر على صحيفة "اللوموند" الفرنسية حول ريما، كُتب: "بشعرها الأسود الطويل وقوتها الهادئة، سلطت حسن الضوء على غضب الفلسطينيين، وعدم ثقتهم المتزايد في حل الدولتين، ورفضهم لدلالات اتفاقات أوسلو، وعملية السلام الفاشلة، والتي كانت في نظرهم ستارًا لإدامة الاحتلال الإسرائيلي. في ظهورين إعلاميين فقط، تمت ترقية رئيسة مرصد مخيمات اللاجئين، وهي منظمة غير حكومية أسستها، في الأوساط المؤيدة للفلسطينيين إلى رتبة ’ليلى شهيد الجديدة’، المندوبة العامة السابقة لفلسطين في فرنسا، والمتحدثة القوية التي تحظى بتقدير وسائل الإعلام الباريسية منذ فترة طويلة".
وأشار التقرير، إلى مقالات كتبتها ريما حسن في أعقاب عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر، أدت إلى وصول موجة من التهديدات بـ"القتل والاغتصاب والحرق حية".
وتابع تقرير الصحيفة الفرنسية، "ريما حسن لم تجدد عقدها مع محكمة اللجوء الوطنية، حيث عملت لمدة ست سنوات. لقد رفض منصب موظفة مناصرة لقضايا الهجرة التي عرضتها عليها منظمة العفو الدولية، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى تقييد حريتها في التعبير بشأن القضية الفلسطينية. اشترت تذكرة طائرة وتوجهت إلى سوريا، وبالتحديد إلى مخيم النيرب للاجئين الفلسطينيين بالقرب من حلب، حيث ولدت وأمضت السنوات العشر الأولى من حياتها"، يشار إلى أن التقرير نُشر مطلع العام الحالي.
وقالت ريما حسن: "في هذا الوقت الرهيب، شعرت بالحاجة إلى أن أكون قريبة من شعبي. ما يحدث في غزة يشبه النكبة الثانية".
وواجهت المحامية الفرنسية الفلسطينية ريما حسن موجة من الهجمات عبر الإنترنت ومن سياسيين آخرين بعد ظهور اسمها على قائمة أولية للمرشحين الذين قدمهم حزب "فرنسا الأبية" لانتخابات البرلمان الأوروبي.
في 9 آذار/مارس، دعت شخصيات حزبية متعددة، بما في ذلك ريما حسن، الاتحاد الأوروبي إلى تنفيذ عقوبات ضد إسرائيل من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة.
واستدعت الشرطة الناشطة الفرنسية من أصل فلسطيني ريما حسن، عدة مرات تحت مزاعم "تبرير الإرهاب".
و مقابلة على قناة "فرانس 2" الفرنسية، شدّدت حسن على أن ما يحدث في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر هو "إبادة جماعية"، وأن القانون الدولي بوصلتها. وأوضحت: "هناك إبادة جماعية مستمرة في غزة. الأدلة تتراكم. هذا المصطلح مهم للغاية. لا يمكنكم فرض قمعي بخصوص هذا المصطلح… هذا هو كلام محكمة العدل الدولية والقانون الدولي. لدينا جميعًا دورًا جماعيًا في منع هذه الإبادة الجماعية، والوقاية تتطلب إدانة جميع أعمال الإبادة الجماعية. والاعتراض على هذا المصطلح دون حجج هو إنكار للجرائم الجارية في قطاع غزة".
خلال الحرب على غزة، انتقلت للعيش في عمّان بالأردن، ما بين نهاية العام الماضي والأشهر الأولى من العام الحالي، كما قامت بتعطيل هاتفها، وتغيير مكان سكنها، نتيجة حملة الملاحقة ضدها.
وقبل الانتخابات، قالت في مقابلة مع مجلة "جاكوبين" اليسارية، "أترشح كرد فعل على اللحظة السياسية التي نعيشها والقضايا التي أشارك فيها شخصيًا ومهنيًا. كل شيء مرتبط. نحن اليوم في وضع حيث تقودنا العديد من الأيديولوجيات والأزمات نحو الكارثة، ونحن بحاجة إلى بوصلة ترشدنا خلال كل هذا. أريد أن أحافظ على البوصلة التي أمتلكها منذ فترة طويلة: القانون الدولي، باعتباره حصنًا ضد انتهاكات الحقوق. ومن الواضح أن هذا ينطبق على القضية الفلسطينية التي أصبحت في دائرة الضوء الآن بسبب الأزمة الحالية. وينطبق الشيء نفسه أيضًا على القضايا الأوروبية بشكل أكثر تحديدًا، سواء كان ذلك يعني الهجرة، التي كنت أعمل عليها منذ عشر سنوات، أو الفقر والتشرد. هناك حوالي مليون شخص يعيشون في الشوارع في أوروبا. تدور كل هذه القضايا حول كيفية تعاملنا مع من يسميهم عالم الأنثروبولوجيا ميشيل آجييه ’غير المرغوب فيهم’، أو الأشخاص الذين يريد المجتمع تجاهلهم".
وأضافت: "الطريقة التي يتفاعل بها العديد من الأوروبيين مع ما يحدث في فلسطين والفلسطينيين ترقى إلى القول بأن حياتهم لا تساوي نفس قيمة حياة الأوروبيين. أنا أتعرض للهجوم بسبب ما أنا عليه، وليس بسبب ما أقول. أنا أتعرض للهجوم والاستهداف والتهديد بسبب أصولي. لقد حصلت على المعاملة هذه، وأعتقد أنها مرتبطة بشكل أساسي بحقيقة أن الفلسطينيين كان يُنظر إليهم دائمًا على أنهم رعايا استعماريين".
واستمرت في القول: "نتيجة لذلك، هناك القليل جدًا من التغطية الإعلامية لي التي تسعى إلى إضفاء الطابع الإنساني على المكان الذي أتيت منه أو ما أقوله عندما أصف معاناة الناس. إن إفساح المجال للرواية الفلسطينية يعني إفساح المجال لحقوق الشعب الفلسطيني. والغرب متخلف كثيرًا في المطالبة بهذه الحقوق. يُنظر اليوم إلى القضية الفلسطينية في الغالب من خلال منظور إنساني. هناك أصوات قليلة جدًا تحدد شروط المنظور السياسي الذي سيتضمن إدانة إسرائيل. وحدها فرنسا الأبية لديها موقف واضح في هذا الشأن".
وفي مقابلة سابقة مع "الترا صوت"، قالت ريما حسن: "تجربة اللجوء المزدوج كانت ثقيلة جدًا، والأثقل فيها هو هذا الشعور الدائم بالاجتثاث من الجذور، وصورة التيه الذي لا ينتهي تسكن مخيِّلتك، من دون مرجع ثابت تعود إليه إذا ما استدعاك الحنين. في بعض الأحيان، كنت أحدث نفسي بأن أرضي الأم؛ سواء كانت فلسطين أو سوريا، لم توجد قطّ، وأن عليَّ أن أذعن لفكرة التعايش مع ذلك الحنين للأرضي التي أنتسب لها وعائلتي. وأظن أن من عاش تجربة اللجوء، سيعيش مع حضوره بشكل يومي، ولا يمكن الفرار منه حتى عندما نحظى بالاستقرار في مكان ما. هكذا، وأنا أطالع صور الشيخ الجراح، رأيت عائلتي تغادر أراضيها في عام 1948، واستجدت كل الأحاسيس التي ذكرتها، ممتزجة بغضب عارم، هو الذي شاركني فيه كل الفلسطينيين، في وجه هذا الظلم والعدوان الغاشم الذي نتعرَّض له باستمرار".