"سبايدرمان" أو الرجل العنكبوت، شخصيةٌ خياليةٌ لبطلٍ خارق، ارتبطت بتسلق المباني والناطحات والمرتفعات، هذا كان في العام 1967، سينمائيًا وفي الرسوم الكرتونية. والآن يعود الاسم للدوران مجددًا لكن مع بطلٍ فلسطينيٍ تنقل بين قطاع غزة المحاصر، ثم الحرب في سوريا، ومنها إلى قوارب الموت في البحر الأبيض المتوسط، لينجو من كل ذلك ويستقر به الحال في ألمانيا، حيث يكتب نجاحًا تلو آخر.
طارق الترك، مؤسس ومدير شركة "الراقصون المحلقون" في ألمانيا، فنانٌ ورياضيٌ فلسطينيٌ، ولد في عام 1987 في مدينة غزة، وهناك أكمل مراحل حياتة الدراسية، وفي عامه السادس حصل على لقب بطولة فلسطين في رياضة الجمباز، ليحاول لاحقًا تطوير نفسه بتدريباتٍ وتمارين متعددة، حتى أصبح يحلق في سماء ألمانيا عبر الفن الذي يتقنه وهو "الرقص المسرحي والأكروبات".
"الأكروبات"، تدخل في مجال الرياضة والفن معًا، وتندرج تحت بند الاستعراض، وتقدم في الألعاب الأولمبية وغيرها كفقرةٍ في عالم السيرك والجمباز. وغالبًا ما ترتبط بالألعاب البهلوانية التي تستخدام عناصر الجمباز بشكل مكثف.
بدأ "سبايدرمان فلسطين" حياته رياضيًا في الجبماز، ثم برع في "الأكروبات" التي تصنف كفنٍ ورياضة، وصولاً لتسلق ناطحات السحاب
يقول الترك، "بدأت حياتي في عالم الرياضة من الجمباز ويعود الفضل لوالدي ومدربي ماهر الترك ومدربي الآخر محمد علوش. حصلت على لقب فلسطين في الجمباز وكانت البداية، كما كان لي شرف الفوز بلقب قطاع غزة في تنس الطاولة عام 2003 حينما كنت أحد أبناء فريق غزة الرياضي".
إلى جانب الرياضة دخل طارق عالم التمثيل وخاض أول تجربةٍ في مسرحية "حارسة النبع"، في مسرح الطفل الفلسطنيي.
اقرأ/ي أيضًا: رمال شاطئ غزة ملاذهم الوحيد
وبعد إتمامه مرحلة الثانوية العامة، سافر إلى سوريا وبالتحديد دمشق، حيث بدأ دراسة في اللغة الإنجليزية، قبل أن يلتحق بفرقة إنانا للمسرح الراقص. يقول طارق لـ"ألترا فلسطين": "من هنا كانت بدايتي الفنية، إذ شاركت مع الفرقة في العديد من الأعمال المسرحية، مثل مسرحية صقر قريش وصلاح الدين وبيت الحكمة وغيرها، وشاركت في مختلف المهرجانات العربية والدولية منها كندا وأميركا وروسيا وأوروبا وعدد من الدول العربية".
وبعد سنواتٍ قصيرةٍ في سوريا، اكتسب خلالها مهاراتٍ إضافيةٍ في فن الرقص المعاصر؛ من خلال المشاركات الفنية والدرامية تحت إشراف عدد من المخرجين المعروفين، وجد طارق نفسه مضطرًا للخروج إلى ألمانيا بحرًا، في رحلةٍ يقول إنه ركب خلالها "قوارب الموت".
وصل طارق ألمانيا تاركًا حياته الجامعية وأدواره المسرحية تحت ركام الحرب، وراح يعمل لمدة سنتين كمترجمٍ للّغة الألمانية لمساعدة اللاجئين. يقول: "كنت أتقاضى 1.10 € مقابل الترجمات، وهذا شيءٌ قليلٌ جدًا في ألمانيا، لكنني عملت على تقوية لغتي الألمانية وزيادة معرفتي بالحياة هنا".
ويضيف، "شاركت بعملٍ فنيٍ مع المغني الألماني الريغي الشهير Mellow Mark، بأغنيةٍ حملت اسم Welcome Refugees – أهلاً باللاجئين، حملت رسالةً تضامنيةً وتعاطفيةً مع اللاجئين في أوروبا".
من خلال مشاركاته في الأعمال الفنية في مجال السيرك والمسرح الراقص في ألمانيا، تعرف على فن (Vertical dance)، الذي يعني الرقص العامودي، وهو مزيجٌ بين فن الرقص المعاصر والأكروبات الرياضية، من خلال تنفيذ حركاتٍ باستخدام تكنولوجيا الطيران من مستوياتٍ عالية كناطحات السحاب والأبراج السكنية عالية.
إبداع طارق الترك في الـ Vertical danceمنحه لقب "سبايدرمان فلسطين"، وشهرةً واسعةً في الشرق والغرب.
ويوضح طارق، أن مهارات الجمباز التي تعلمها في قطاع غزة منحته القدرة على التميز في هذا المجال، "فبدأت حياة المغامرة والخروج عن المألوف والتحليق في سماء ألمانيا واكتشافها من الأعلى"، وفق قوله.
ويضيف، من هنا نبعت فكرة تأسيس شركة باسم (Flyscrapers Dance Shows)، وتُعنى بهذا النوع من الجمال، وبمساعدة ودعم خبراء ألمان. ويعني اسم الشركة "الطائرون المحلقون"، وقد تم اقتباس الاسم بمساعدة الفنانة الفلسطينية ريم البنا، لتكون ثاني فرقةٍ في العالم تمارس هذا النوع من الفن والرياضة.
ويعد الترك أول فلسطيني يدخل هذا المضمار ويستطيع التطور فيه والإضافة إليه، وهو يسعى لأن يكون له بصمةٌ واضحةٌ في إدخال هذا الفن الرياضي الى الوطن العربي، وأن يصل باسم فلسطين إلى أعلى الناطحات في العالم، إذ يجري الفريق حاليًا تدريباتٍ لتقديم عدة عروضٍ على مستوىً متقدمٍ في ألمانيا.
اقرأ/ي أيضًا:
محترفون فلسطينيون في الخارج.. تجارب ناجحة؟