"رُبَّ ضارة نافعة"، هذا بالضبط ما جرى مع سيما الحموري (29 عامًا) مطلع العام الجاري، عندما استقالت من عملها في إدارة التسويق والاتصالات في إحدى شركات وكلاء السيارات، لتعيد نبش موهبتها الخاصة في تقليد أصوات أبطال مسلسلات الكرتون.
استقالت سيما الحموري من عملها في وكالة سيارات لتعيد نبش موهبتها في تقليد أصوات أبطال مسلسلات الكرتون
استطاعت سيما في وقت قصير أن تُجهز استديو تسجيل بإمكانيات محدودة وبشغف كبير داخل منزلها في رام الله، وبالفعل خرج أول فيديو إلى مواقع التواصل الاجتماعي يتحدث عن شهر كانون ثاني/يناير وما شهده من أحداث عالمية حافلة.
اقرأ/ي أيضًا: "جرح بيت لحم" عمل فني جديد لبانكسي
في هذا الفيديو، تقمصت سيما صوت الفتاة جودي أبوت من مسلسل الكرتون الشهير "صاحب الظل الطويل"، وأخذت تروي بدوبلاج للأصوات ونص خاص أحداث شهر كانون الثاني.
من يشاهد مقاطع الفيديو التي تنشرها سيما عبر صفحتها في موقع "فيسبوك" لا بد أن يدهشه حجم إتقانها لمختلف الأصوات الكرتونية، وهي "موهبة قديمة بدأت باستثمارها حديثًا" كما تقول.
خلال دراستها الجامعية لتخصص الإذاعة والتلفزيون، كانت تهوى سيما تقليد أصوات أبطال مسلسلات الكرتون و"دوبلاج" الأصوات، وترافق ذلك مع موهبتها الخاصة في التمثيل.
تقول سيما: "بحثت عن من ينتج أفلامًا أو فيديو انيميشن كي أضع صوتي عليها، ولكن لم أجد هذا الشيء لدينا في فلسطين، وبعدها دخلت معترك الحياة العملية في مجال التسويق والاتصالات الرقمية.. وذهب الموضوع".
وأضافت لـ الترا فلسطين، أنها كانت بين الفينة والأخرى تسأل شركات الإنتاج، إذا كانت لديهم الرغبة باستثمار صوتها على الأفلام، إلا أن الجواب كان دائمًا لا.
لم تجد سيما شركة إنتاج ترغب في استثمار صوتها، فقررت إنشاء مشروعها الخاص
لم تستطع سيما حرف لسانها عن موهبتها، وكانت استقالتها من وظيفتها بداية هذا العام بمثابة فرصة للتفرغ في استثمار هذه الموهبة، "قررت أن أبدأ بتقليد الأصوات، وأن أقوم بمشروعي الخاص لوحدي، فأنا لدي الخبرة في الإنتاج والتسويق، وبالتالي لماذا أنتظر من يشتري صوتي؟".
وبالفعل، أعدَّت سيما داخل غرفتها في المنزل استديو صغيرًا يتألف من جهاز كمبيوتر محمول "لابتوب"، ومايكروفون لإنتاج مقاطع الفيديو، وسرعان ما اكتشفت أن الموهبة أكبر مما تخيلت، إذ استطاعت تقليد أصوات كثيرة.
هنا توضح سيما، أنها استثمرت في مشروعها الصغير كل خبراتها العملية التي اكتسبتها خلال السنوات الماضية، فأنشأت صفحات على "انستغرام" و"فيسبوك" و"يوتيوب"، وكانت لديها تجربة في استخدام برامج تحرير الفيديو والصوت، كما استفادت من خبرتها في التسويق الرقمي لمقاطع الفيديو على السوشال ميديا، لدرجة أنها "عملت كل شيء من الألف للياء" على حد وصفها.
اقرأ/ي أيضًا: مسرحيون وكتاب تخرجوا من أكاديمية السجون
بدأت سيما تبحث عن محتوى يخلق تفاعلاً مع الجمهور، فعادت إلى الرسوم المتحركة القديمة وغيّرت الأصوات الموجودة، لتضع عليها صوتها الخاص وبنص جديد يحاكي الواقع.
أكثر من عشرة مقاطع فيديو أنتجتها سيما خلال فترة قصيرة، تنوعت بين مقاطع من أفلام كرتون، ومن أفلام مكسيكية، وقد لقيت هذه الفيديوهات تفاعلاً كبيرًا بين الناس.
أكثر من عشرة مقاطع فيديو أنتجتها سيما خلال فترة قصيرة، تنوعت بين مقاطع من أفلام كرتون، ومن أفلام مكسيكية، وقد لقيت هذه الفيديوهات تفاعلاً كبيرًا بين الناس
لكن آخر فيديو حقق انتشارًا فاق التوقعات، كان بعنوان "الكورونا والحجر المنزلي"، تحدثت فيه سيما عن كيفية قضاء الناس للوقت خلال الحجر المنزلي، قائلة: "بحيث لا أستخف بالكورونا، وبالمقابل لا أخوف الناس منها، فقط تحدثت عن كيف نمضي الوقت في الحجر".
قبل الفيديو، سألت سيما الناس عبر صفتها "ماذا تفعلون في الحجر؟"، ثم كتبت النص وبحثت عن فيديوهات من مسلسلات الكرتون، ماروكو وعدنان ولينا والسنافر وغيرها لتحاكي النص المكتوب، ثم أنتجت الفيديو. هنا تستدرك سيما قائلة: "أختار النصوص من الناس، ومن تطورات الأحداث".
وتشير إلى إن التفاعل كان كبيرًا من أول فيديو، رغم أنها لم تقم بترويجه، وإنما أرسلته للأصدقاء والمعارف، وبعدها وضعت خبرتها في التسويق كي تزيد من انتشار الصفحة التي وصلت الآن لأكثر من 10 آلاف متابع.
وأضافت، أنها تحظى بتشجيع واهتمام كبيرين من الأهل والأصدقاء، ودائمًا ما يسألونها عن الفيديو المقبل، حتى أن هناك من يرغب بمشاركتها في تقمص الأدوار في الفيديوهات القادمة.
تتقدم سيما "خطوة خطوة" الآن، فقد انتهت من مرحلة الإعداد والتفاعل مع الجمهور، والآن تطمح إلى إنتاج فيديوهات خاصة بشكل كامل، "وهذا يأتي بعد أن أجمع رأس مال من العمل مع الخارج، فلا توجد شركات محلية لهذا النوع من العمل" كما تقول.
"صوت سيما"، هو الاسم الذي اختارته سيما لمشروعها، وتعلل ذلك بأنه يشمل التعليق الصوتي والتعليق على الأفلام الوثائقية ودبلجة أفلام الكرتون، موضحة، أنها تطمح للتعليق على أفلام ناشونال جيوغرافيك وأفلام وثائقية كبيرة.
اقرأ/ي أيضًا: