غالبًا ما ارتبطت كرة القدم بالرجال، وبالأخصّ، مجال التحكيم، إلّا أنّ الفتاة ياسمين، من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربيّة، حاولت أن تُغيّر بعضًا من قواعد هذه اللعبة!
العشرينيّة ياسمين نيروخ، أنهت دراسة الإعلام في جامعة الخليل في 2012، وشقَّت طريقها نحو عالم كرة القدم، لتبدأ تطوير مهاراتها التحكيمية في هذا المجال، إلى أن أصبحت أوّل فتاة في عالم تحكيم هذه اللعبة، في محافظة الخليل، والخامسة التي يتم اعتمادها لدى اتحاد كرة القدم الفلسطيني.
عشقها لممارسة كرة القدم، ولعبها مع أخوتها منذ طفولتها، دفعها لمتابعة هذه الرياضة مبكّرًا، حتى أصبحت جزءًا من حياتها
تقول ياسمين إنّ عشقها لممارسة كرة القدم، ولعبها مع أخوتها منذ طفولتها، دفعها لمتابعة هذه الرياضة مبكّرًا، حتى أصبحت جزءًا من حياتها، فالتحقت بدورة أوليّة لتعلُّم أساسيات التحكيم في عالم كرة القدم، وكانت حينها الفتاة الوحيدة بين المشاركين.
وتتحدّث لـ "الترا فلسطين" عن "بداية صعبة" لتجربتها، سيّما أن المجتمع الخليليّ يصنّف أنّه الأكثر "محافظة" في الضفة، كما أنّ ممارسة هذه اللعبة يقتصر على الشبّان. لكن وبمرور الوقت تعوّد الجسم الرياضي على وجود فتاة مثلها وغيرها في الملاعب، بعد أن كانت دومًا هي الوحيدة في تلك الفعاليات والأنشطة الرياضية، كما تقول.
بدايتها في هذا المضمار، كانت من الجامعة، حيث التحقت ياسمين بفريق كرة القدم، وكانت حالة استثنائية في حينه، لكنّ "دعم المحيطين بها" ساعدها على الاستمرار والتقدّم، إلى أن مثّلت فريق الجامعة في عدة مناسبات رياضية.
اقرأ/ي أيضًا: فيلم "أخوات السرعة".. فلسطينيات سريعات وغاضبات
اتحاد كرة القدم، بدوره، اعتمدها حكمًا في منافسات كرة القدم الخماسية للفتيات، وكذلك في بطولات الفئات العمرية للشباب، خصوصًا بطولة مواليد الأعوام 1999/ 2000، بعد حصولها على شهادة التحكيم في المستوى الثالث.
أمّا عن تجربتها في أوّل مباراة تحكيمية، فقد وقع عليها الاختيار لتكون ضمن الطاقم التحكيمي لمباراة ستقام على ملعب "الحسين" لبطولة الشباب مواليد عام 2000، فتقول: "غالبية اللاعبين شعروا بالصدمة، لكن شعوري الداخليّ كان إيجابيًا"، وتشير إلى أنّها كانت المرة الأولى التي تُحكّم فيها فتاة، مباراة كرة قدم، في ملاعب مدينة الخليل، "كانت محاولة ناجحة، ولم أواجه أيّة عقبات مع الطواقم الفنيّة والإدارية، أو اللاعبين".
عندما تكون خارج الطاقم التحكيمي، تحمل عدستها لتوثّق المباراة، ثم تعود لمنزلها، وتدرس أحداث المباراة لتزيد من معرفتها وخبرتها
في الملاعب، أصبحت ياسمين التي تُنادى بـ "الكابتن"، دائمة الحضور، سواء داخل المستطيل الأخضر، أو على المدرجات، فعندما تكون خارج الطاقم التحكيمي، تحمل عدستها لتوثّق المباراة، ثم تعود لمنزلها، وتدرس أحداث المباراة لتزيد من معرفتها وخبرتها، كما تقول.
بعد الانخراط في المجال التحكيمي، التحقت ياسمين بفريق "أرثذوكسي بيت ساحور" النسوي، وخاضت معه المنافسات الكروية على الملاعب المعشبة لمدة موسم كامل، وتقول إنّ تجربتها عمّقت لديها المعرفة والإحساس الذي يكون عند اللاعب، وبالتالي مكّنها من توقع ردّة فعله وطريقة تعامله، حين ارتكاب خطأ ما.
اقرأ/ي أيضًا: لاعبة كرة السلة زينب نصار.. If I were a boy
تحكيم مباريات كرة القدم لا يقتصر على دراسة القوانين فقط، كما تقول ياسمين، بل يمتدّ أيضًا ليشمل الأبعاد النفسيّة، ومتابعة البطولات سواء المحليّة أو العالمية، في سبيل أن تتعلّم كيف يتعامل الحكم مع اللاعب. متأمّلة في الوقت ذاته أن تنجح في تحقيق طموحها بتمثيل فلسطين في البطولات الكروية التي تندرج تحت لواء الاتحاد الأسيوي أولًا، وتحت لواء الاتحاد الدولي (الفيفا)، ثانيًا.
وتنظر ياسمين اليوم، إلى العام 2011 حين تم اختيارها لتمثّل فلسطين لأول مرة، في مهرجان الواعدات الأسيوي تحت سنِّ (14 عامًا)، في سيريلانكا، بعد حصولها على المرتبة الأولى على حكام فلسطين للإناث، وتواصل التحاقها في دورات تحكيمية في اتحاد الكرة، من أجل الحصول على الشارة الدولية، تمهيدًا لدخولها مجال المنافسات الدولية.
وترى ياسمين أنّ كرة القدم النسوية الفلسطينية، باتت أكثر تطوّرًا، وأصبحت حاضرة في المحافل الكروية، فضلاً عن وجود دوري نسوي منتظم، لكنّها لا تغفل أنّ الفتيات بحاجة لمزيد من الدعم، خصوصًا من قبل الأهل. وعلى مستوها الشخصي تسعى لإكمال دراستها العليا في الصحافة الرياضيّة، والاهتمام بالرياضة النسوية في فلسطين.
وتوجّه نصيحتها لأولئك الفتيات الراغبات بدخول المجال التحكيمي بالاهتمام باللياقة البدنية، والمتابعة المتواصلة لتحديث قوانين كرة القدم، والمعرفة الجيدة باللغة الانجليزية من أجل سهولة التواصل مع اللاعبين، خصوصًا في المناسبات الدولية.
اقرأ/ي أيضًا:
كرة القدم في فلسطين.. صراع قبل النكبة
أولمبياد ريو.. ستة رياضيين يمثلون فلسطين
واد النيص.. فريق العائلة الفلسطينية الواحدة!