07-ديسمبر-2022
مقر خليل السكاكيني في رام الله

قررت وزارة الثقافة عدم تمديد عقد إيجار مبنى "خليل السكاكيني" مع إدارة المركز، بعد انتهاء العقد الحالي نهاية العام 2022، بينما أبرمت اتفاقًا مع اتحاد الكتاب الفلسطينيين للانتفاع من المبنى.

كان المركز عند تأسيسه، في أيار/ مايو 1996، تابعًا لوزارة الثقافة الفلسطينيّة، وبعد عامين استقلّ عن الوزارة وتحوّل إلى مؤسسة غير ربحيّة وغير حكوميّة مستقلّة في قراراتها. وحمل المركز منذ ذلك الوقت اسـم المربي المقدسي خليل السكاكيني

وأكد عاكف دراوشة، من مركز خليل السكاكيني في تصريح مقتضب لـ الترا فلسطين، إبلاغهم من قبل وزارة الثقافة بعدم تجديد عقد الإيجار مع نهاية العام الجاري، حيث أن المركز كان قد وقع عقدًا لاستخدام المبنى مع وزارة الثقافة لمدة 25 عامًا ينتهي في نهاية العام 2022.

ورفض دراوشة الإفصاح عن مزيد من التفاصيل، مبينًا أن إدارة المركز سوف تقوم ببلورة موقفها وعقد مؤتمر صحفي للإعلان عن موقفها الرسمي.

يُذكر أن "مركز خليل السكاكيني" يباشر أنشطته في مبنى تاريخيّ حجريّ صُمّم على الطراز المعماري الفلسطيني الأصيل، ويعود إنشاؤه لبدايات القرن العشرين. ويتكون من طبقات ثلاث، في قلب مدينة رام الله. وعبر "فيسبوك" يعرّف القائمون على المكان الثقافي بأنه "أحد أجمل مؤسسات الفنّ والثقافـة في فلسطين".

مبنى خليل السكاكيني

وكان المركز عند تأسيسه، في أيار/ مايو 1996، تابعًا لوزارة الثقافة الفلسطينيّة، وبعد عامين استقلّ عن الوزارة وتحوّل إلى مؤسسة غير ربحيّة وغير حكوميّة مستقلّة في قراراتها. وحمل المركز منذ ذلك الوقت اسـم المربي المقدسي خليل السكاكيني (1878 – 1953).

وطوال السنوات الماضية، كانت العلاقة بين وزارة الثقافة كجهة حكومية، وإدارة المركز تتمثل بتوفير الوزارة للمبنى، على أن تقوم الأخيرة بإدارته وتنشيطه ثقافيًا، واستجلاب الدعم الماليّ له.

وكان الكاتب مهند عبد الحميد قد نشر مقالاً في جريدة الأيام يوم الثلاثاء، أكد فيه أن وزارة الثقافة أبلغت مركز خليل السكاكيني بقرار استلامها مبنى المركز بصفتها المالك الرسمي له، وذلك بالتزامن مع انتهاء عقد الاستخدام في نهاية العام 2022، وفي الوقت ذاته وقعت  وزارة الثقافة عقد تأجير المبنى مع اتحاد الكتاب، ابتداءً من تاريخ الانتهاء، وأبلغت الوزارة إدارة مركز خليل السكاكيني أنه بإمكانها استخدام جزء سفلي من المبنى لمدة سنة.

وفي تعقيبه لـ الترا فلسطين، اكتفى عاكف دراوشة بالقول إن ما ورد في المقال صحيح.

وهذه ليست المرة الأولى التي يدور الحديث فيها عن عدم تمديد الوزارة لعقد الإيجار مع مركز خليل السكاكيني، بل سبق وأن صرح وزير الثقافة عاطف أبو سيف في العام 2020، بأن الوزارة تنوي التدخل لتصويب استخدام المكان، وهو ما قوبل بموجة احتجاجات من المحيطين بالمركز، دفعت برئيس الوزراء محمد اشتية إلى الرد على تصريحات الوزير عاطف أبو سيف بزيارة إلى المبنى حملت طابع الاطمئنان للقائمين على المركز.

محمد اشتية زيارة مبنى خليل السكاكيني

حاولنا الاتصال مع وزير الثقافة عاطف أبو سيف ولكن أبلغنا من دائرة الإعلام في الوزارة بأنه في سفر.

وعلم الترا فلسطين من مصدر مطلع رفض الإفصاح عن هويته بأن الاتفاق بين وزارة الثقافة واتحاد الكتاب ينص على استخدام الاتحاد لجزء من المبنى منذ بداية العام 2023، على أن تستخدم الوزارة جزءًا آخر منه.

الاتفاق بين وزارة الثقافة واتحاد الكتاب ينص على استخدام الاتحاد لجزء من المبنى منذ بداية العام 2023، على أن تستخدم الوزارة جزءًا آخر منه

قرار الوزارة بعدم تجديد عقد الإيجار مع مركز خليل السكاكيني قوبل باستنكار ومعارضة جديدة من قبل نشطاء ومثقفين.

من بين هؤلاء كان حمزة العقرباوي الذي كتب عبر حسابه في موقع فيسبوك: "لطالما كان مركز خليل السكاكيني منبرنا ومسرحنا الحُر الذي نطل منه على جمهورنا في رام الله، وفي هذا المركز بدأنا مشاريعنا الثقافية، وفي أروقته شاركنا بعشرات الفعاليات والندوات والأمسيات والعروض، وفي حديقته وتحت شجرة التين كانت غالبية أمسيات الحكي والعروض الفنية، وأكثر من ذلك أننا من خلال فعاليات هذا المركز كنا جزءًا من المشهد الثقافي العام في فلسطين."

وتابع العقرباوي: "مركز خليل السكاكيني كان معنا في أصعب الأوقات فحين لاحق شبح كورونا العمل الفني والفعل الثقافي فتح لنا أبوابه من خلال أنشطة عبر الفضاء الرقمي ليبقى الفعل الثقافي بخير وكانت من أعظم التجارب التي قدمت لنا كفنانين. لذا فإن لمركز خليل السكاكيني برمزيته ومكانه وأثره وذكرياته دين في أعناقنا وليس مقبولاً منا التخلي عنه اليوم والسماح بإعدامه تحت أية ذريعة أو مبرر".

تلغرام الترا فلسطين

أما الكاتب مهند عبد الحميد فقال في مقاله الذي جاء تحت عنوان "من يقرر مصير مركز خليل السكاكيني الثقافي"، بأنه "لا ينظر لقرار وزارة الثقافة من زاوية واحدة فقط، زاوية مالك عقار ومستأجر ومدة صلاحية الاستخدام المنتهية. مركز خليل السكاكيني كان جزءًا من بنية تحتية لثقافة فلسطينية سعت أول سلطة فلسطينية إلى تأسيسها بعد انسحاب دولة الاحتلال من المدن الفلسطينية. وكان جزءًا من مشروع ثقافي وطني هدفه التحرر من قبضة الاحتلال وتحويل الثقافة الى رافعة استنهاض وبناء".

ويرى بأن "قرار وزارة الثقافة يعني عمليًا وضع نهاية كئيبة لمركز ثقافي فلسطيني ارتبط باسم المربي والمثقف الفلسطيني خليل السكاكيني، أحد أهم رموز التنوير والحداثة والتحرر في فلسطين، ويعني إغلاق وتعطيل رافد من روافد الثقافة الفلسطينية. لا أحد يتخيل ان وزارة الثقافة المسؤولة عن تطوير ودعم واحتضان المراكز الثقافية، تسعى إلى إغلاق هذا المركز".

من جانبه، قال معز كراجة "هناك إصرار على تهميش وجه رام الله القديم وكل جميل فيها لصالح كل جديد مبتذل. تندثر بيوتها القديمة الجميلة تحت أبراج اسمنتية بشعة. تتقلص هوامشها الثقافية لصالح المولات وثقافة الاستهلاك. تزداد أعداد الناس فيها وتتشوه العلاقات الاجتماعية. يكثر الكلام ويقل المعنى، واذا غاب مركز السكاكيني فهو جزء من غياب الملامح الأصيلة لهذه المدينة".

أما المزارع نضال ربيع فكتب عبر حسابه في موقع فيسبوك: "في العام القادم لن يكون هناك سوق للفلاحين في مركز خليل السكاكيني، ولن يكون هناك نشاطات ثقافية وشبابية، وسيحرم الأطفال من ساحاته، ولا محاضرات وأمسيات في قاعاته، السبب أن وزارة الثقافة أبلغت أدارة المركز بأن العقد سينتهي مع نهاية العام، وسيؤجر لاتحاد الكتاب، الوزارة لديها مبنى وقاعات واتحاد الكتاب كذلك، لماذا هذا الاعتداء السافر على إحدى المكونات الثقافية للشعب، حرام عليكم طمس معالمنا الثقافية، وقد يلقوا بيافطة خليل السكاكيني في المزابل".