07-أكتوبر-2018

احتجاجات شعبيةأمام القنصلية السعودية باسطنبول للمطالبة بالكشف عن مصير الصحفي جمال خاشقجي - 5 تشرين أول/ أكتوبر 2018 (Getty)

منذ اللحظات الأولى لاختفاء الصحفي السعودي المعارض لنظام محمد بن سلمان، وجهت تركيا أصابع الاتهام للجهات الرسمية السعودية بالمسؤولية عن إختفائه، وكان أول هذه الأصابع أن الأمن التركي وضع سياجًا أمنيًا حول القنصلية السعودية في اسطنبول التي دخل إليها خاشقجي يوم الثلاثاء (2 أكتوبر 2018)، ولم يخرج منها ثانية بحسب خطيبته ومصادر أمنية تركية.

وبعد أيام من بدء التحقيقات في حادثة اختفاء خاشقجي الذي ذهب إلى قنصلية بلاده السعودية الموجودة في اسطنبول لإتمام أوراق شخصية، أشعلت وكالة رويترز العالمية للأنباء الرأي العام العالمي حين نقلت أمس السبت عن "مصدرين أمنيين في تركيا" أن التحقيقات التركية توصلت إلى ترجيح اغتيال خاشقجي داخل القنصلية السعودية. لكن القنصلية السعودية تنفي هذه الأنباء مع أن المعطيات المتواترة ليست في الصالح السعودي.

15 شخصية دبلوماسية بينهم قيادات سعودية، وصلوا وغادروا تركيا بنفس يوم الاختفاء

فقد أكدت السلطات التركية على حدث مريب، تمثل في وصول 15 شخصية دبلوماسية بينهم قيادات سعودية إلى تركيا في نفس يوم اختفاء خاشقجي، وذكرت مصادر أمنية أن هذا الفريق الدبلوماسي دخل القنصلية السعودية في يوم اختفاء جمال ثم خرج منها في نفس اليوم، وتؤكد السلطات التركية أن هذا الفريق غادر البلاد التركية بنفس يوم وصوله عبر طائرتين خاصتين، بدون تفتيش وتأخير ضمن الامتيازات التي تمنحها الحصانة الدبلوماسية.

من جهتها، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر مقرب من الحكومة التركية أن الشرطة تعتقد أن خاشقجي قُتل داخل القنصلية السعودية بأيدي فريق أتى خصيصا إلى إسطنبول وغادر في اليوم نفسه.

وأوردت صحيفة واشنطن بوست الأميركية بدورها نقلا عن مصدرين مطلعين على التحقيقات أن الفريق الذي نفذ عملية الاغتيال قدم من السعودية وهو مؤلف من 15 شخصا، وقالت إنه إذا تأكد مقتل خاشقجي فسيشكل ذلك تصعيدا سعوديا صادما لإسكات المعارضة.

كما نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن رئيس جمعية "بيت الإعلاميين العرب" التركي توران كشلاكجي أن مسؤولين أتراك أكدوا له أن خاشقجي قُتل وشوهت جثته، كما نقلت الصحيفة عن مسؤول عربي –لم تذكر اسمه- أن الجثمان قد شوّه بالفعل.

وقال الأكاديمي محمد مختار الشنقيطي خلال موجة مفتوحة من الجزيرة لتغطية حدث خاشقجي، إن مصادر تركية "موثوقة" أخبرته أن السلطات التركية لديها أدلة دامغة تثبت ضلوع السعودية ودولة أخرى باغتيال خاشقجي، وأنها ستكشف عن تفاصيلها خلال يوم أو يومين، معتبرًا أن "هذه الجريمة السعودية تسجل صدمة للوجدان الإنساني برمته".

وفي إجابته عن سؤال المذيع حول الرسائل التي أرادت السعودية إيصالها بهذا الشكل من الجريمة التي كان بمقدورها تنفيذها بعيدًا عن قنصليتها لنفي الشبهات، اعتبر الشنقيطي أن المنفذين تعمدوا الاتضاح كي تصل الرسالة إلى كل معارض سعودي في الخارج أنه ليس بمأمن من إجرامهم.

أبعاد دولية

وفي واشنطن، قالت وزارة الخارجية في بيان "لا نستطيع التعليق على تقارير مقتل خاشقجي ونتابع الأمر عن كثب"، بينما قال السيناتور في مجلس الشيوخ كريس مورفي في تغريدة على موقع تويتر "إن كان صحيحا أن السعوديين استدرجوا مقيما أميركيا في قنصليتهم وقتلوه، فيجب أن يمثل ذلك تغييرا جوهريا في علاقتنا مع المملكة العربية السعودية".

بدورها، قالت منظمة العفو الدولية إن "اغتيال خاشقجي سيكون إشارة مرعبة للمنتقدين بأنهم في خطر حتى خارج السعودية".

كما قالت منظمة مراسلون بلا حدود إنه إذا تأكد مقتل خاشقجي فهو أمر "مرعب وتعدٍ غير مقبول على حرية الصحافة".

من جهة أخرى، قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الجمعة لوكالة بلومبيرغ إن خاشقجي خرج من القنصلية بعد دقائق أو ساعة من دخوله، وإن السلطات السعودية ستسمح لتركيا بتفتيش القنصلية إن شاءت، لكن مستشار حزب العدالة والتنمية التركي ياسين أقطاي قال السبت للجزيرة "نطالب بتوضيح مقنع من السعودية، وما عرضه ولي العهد غير مقنع".

وبحسب مصادر تركية، سيلقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كلمة الأحد، ومن المرجح أن يتطرق فيها إلى "اغتيال خاشقجي".

وسبق أن أعلن الناطق باسم حزب العدالة والتنمية عمر جليك أنه سيتم الكشف عن مصير الصحفي السعودي والجهة المسؤولة عن اختفائه، مضيفا أن "اختفاء صحفي بتلك الطريقة هو أمر ستنظر له دولة مثل تركيا بحساسية".

كاميرات القنصلية لا تعمل!

وفي محاولة من القنصل السعودي باسطنبول محمد العتيبي، لنفي تورط السعودية باغتيال خاشقجي، قال في مقابلة مع رويترز "أحب أن أؤكد عدم وجود المواطن جمال خاشقجي لا في السفارة ولا في السعودية".

ولدى سؤاله عن إمكانية العودة لكاميرات المراقبة التي تعد واحدة من أهم الإجراءات الأمنية في كل سفارات العالم، قال العتيبي إن الكاميرات كانت معطلة ولا تعمل في ذلك اليوم.

وتثير حادثة اختفاء خاشقجي هزة في الرأي العام العربي، وهذا الحدث هو أحد أكثر الأحداث التي تفاعلت الجماهير معها بالأيام الأخيرة، ومن بين ملايين التعليقات والتحليلات على أخبار اختفاء خاشقجي في وسائل التواصل الاجتماعي، يعتقد كثيرون أن أفراد الفريق "الدبلوماسي" الذين وصلوا تركيا وغادروها بنفس يوم الاختفاء، قاموا بتقطيع خاشقجي وتوزيع جثته على الحقائب الدبلوماسية التي بحوزتهم ثم نقلوه إلى خارج القنصلية السعودية  في اسطنبول.

وفي حين يرى معلقون آخرون أن المبالغة تعتري رواية التقطيع والنقل بالحقائب الدبلوماسية، يبقى الترقب لما ستعلنه نتائج التحقيق الرسمية، سيدًا لكل تحليلات الجمهور واتهامات الأمن التركي، ولكل روايات النفي والإنكار السعودية.

لكن التحقيقات والتحليلات لن تغفل حقائق من قبيل أن خاشقجي إعلامي مؤثر عالميا يكتب في صحيفة واشنطن بوست إحدى الصحف المرموقة والأكثر تأثيرًا بالرأي العام الأمريكي، وستأخذ التحقيقات بعين الاعتبار أيضًا، أن خاشقجي صرح لوسائل إعلامية أنه غادر السعودية قسرًا لتجنب بطش النظام السعودي بالمعارضين، وشكى لخطيبته وأحد أصدقائه بأنه قلق من الذهاب لقنصلية بلاده في ذلك اليوم الذي اختفى فيه.


اقرأ/ي أيضًا:

إعلامي سعودي معارض دخل قنصلية بلاده بتركيا ولم يخرج!

تركيا تستدعي السفير السعودي على خلفية اختطاف خاشقجي