28-يونيو-2018

يجهل كثيرٌ من الفلسطينيين أصول بعض الكلمات الدارجة في حياتهم اليومية، وقد يبدو غريبًا أن تكون اللغة الفرعونية حاضرة في أغلب المناطق الفلسطينية، لكن بعضها أكثر انتشارًا في قطاع غزة. وتُستخدم أغلب هذه المفردات في لغة الأمهات مع أطفالهن، فمثلاً كلمة "دح" تعني الملابس الجديدة، أما إذا أرادت الأم أن تنهر طفلها تقول له "كخة"، وهذه الكلمة قديمة ومعناها القذارة، ومثل ذلك كلمة "امبو" وتعني الماء، عندما يكون الطفل عطشانًا.

ويذكر كتاب "اللغة الهيروغليفية" - وهي اللغة المصرية القديمة الفرعونية - أن هذه اللغة هي الوحيدة التي تتكون فيها جذور الكلمات من المثاني المكونة من حرفين اثنين فقط.

الفلسطينيون يتحدثون كلمات فرعونية في حياتهم اليومية، كثيرٌ منها تُستخدم في التعامل مع الأطفال

الترا فلسطين سأل 20 فلسطينيًا يتحدثون المفردات الفرعونية عن معرفتهم بأصول هذه المفردات، فوجدنا أن 13 شخصًا منهم يعتقدون أنها مصطلحات عثمانية، فيما يظن البقية أنها مصطلحات عامية عربية قديمة.

جمعنا لكم كلمات نستخدمها في حياتنا اليومية بشكل عام، وهي من أصول فرعونية، وفق كتاب "اللغة الهيروغليفية".

كحكح: العجوز.

شِبّ: انهض، وتعال في العامية في غزة. ونقول "شب عليه" أي انهض أو اهجم عليه.

لانج: جديد.

رخِ: ينزل بهدوء.

دِشّ: ثرثرة.

بَس: انتهى.

سِتّ: وتعني السيدة.

بَطَح: الضرب في الراس وايقاعه.

البِسّ: القط.

سٌكّ: أغلق، وتستخدم في غزة عندما يطلب شخص من أحد إغلاق الباب، فيقول له "سُكّ الباب".

زق: حرك بقوة.

بِخ: القصد منها الخوف وكأنه عفريت.

بَح: لا يوجد.

تأتأ: خطوة خطوة.

فشخرة: التفاخر الكاذب.

طَنَشّ: لم يستجب.

زن: الطنين.

كَوَشّ: سرق كل شيء.

برة: أخرج.

ها: ماذا تريد.

هوب هوب: خلال اللعب مع الأطفال وتعني خطوة خطوة.

كركر: ضحك كثيرًا، وتقال عن الشخص الذي يضحك كثيرًا "مكركر".

شبشب: مقاس القدم. لكن بالعامية فإنها تعني الحذاء المنزلي.

أما كلمة "زي" فتعني "مِثِل" بالفرعونية، كما أن أصول كلمة بعبع هي فرعونية، نظرًا لأنها من أكثر الكلمات التي يسمعها مشاهدو الأفلام المصرية، ويستخدمها الفلسطينيون في قطاع غزة أكثر من غيرهم. بينما يعتقد أغلب الناس أن "كاني ماني" من المفردات العامية القديمة عند الفلاحين الفلسطينيين، لكن أصولها فرعونية عامية قديمة وتعني "لبن وعسل".

في كتاب "بلادنا فلسطين" - في النسخة الجديدة لعام 1991 من الجزء الأول - يقول الباحث التاريخي مصطفى مراد الدباغ، إن علاقة الكنعانيين مع مصر تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، ذلك لأن صحراء سيناء لم تكن في يوم من الأيام عائقـًا يمنع السفر أو الانتقال، خصوصًا أن السكان البدو هم من نفس الأصول ما بين سيناء وجنوب فلسطين.

ويبين الدباغ، أنه في عصر الفراعنة كانت فلسطين ملجأ المضطهدين سياسيـًا من مصر، إذ كان سكان فلسطين آنذاك من الكنعانيين العرب، وكانوا يستقبلون اللاجئين بكل حفاوة وتكريم. أشهر هؤلاء هو "سنوحي"، أحد رجال البلاط في عهد الملك "أَمِنمِحِت الأول" قبل 1990 ق.م.

ومما أسهم في انتشار المفردات الفرعونية في فلسطين، الهجوم الذي نفذه "تحتمس الثالث" - مؤسس أول امبراطورية مصرية 1501 – 1447 ق.م - بلاد الشام، إذا اتخذ حينها من غزة - أو "غازاتو" كما كانوا يسمونها في مصر- قاعدة لهجومه، وكانت تحظى باهتمام كبير منه، وخلال هذه الفترة درجت الكثير من المفردات الفرعونية في غزة؛ ومنها في فلسطين.

يقول المؤرخ والباحث سليم المبيض، إن غزة كانت في زمن "تحتمس" هي "تل العجول"، ومنها بدأت الحضارة، وكانت أيضًا عاصمة الفراعنة في أرض كنعان، مبينًا أن "تحتمس" كان يقيم فيها احتفالات عيد ميلاده، وقد احتفل فيها بمناسبة مرور العام الثالث والعشرين على اعتلائه العرش، "حتى يقال أنها أول مرة يرد فيها اسم غزة على الآثار للدلالة على مكانتها، وقد أصبحت مركزًا إداريًا مصريًا كما جاء في رسائل تل العمارنة".

ويبين المبيض في حديثه لـ الترا فلسطين أن العلاقة بين غزة ومصر امتدت على مدار العصور الإسلامية أيضًا، وكانت معركة استرداد غزة من المغول؛ التي قادها الأمير ركن الدين بيبرس فاتحة للانتصار الكبير بعد ذلك في عين جالوت قرب بيسان. وأمام كل هذه العلاقة الممتدة تاريخيـًا بين مصر - حيث الفراعنة - وغزة، فإن المبيض يرى انتشار المفردات الفرعونية حتى يومنا هذا أمرًا طبيعيـًا.

ويرى المبيض أن عروق المصريين القدماء والعرب والكنعانيين والفينيقيين روابط تشد بعضها بعضـًا، "وليس المصريون سوى ساميين انفصلوا عن مهد الساميين قبل غيرهم، فالعلاقات قائمة بين شعوب هذه المنطقة ذات الأصول السامية العربية الواحدة"، مبينًا أن والمصريين القدماء تعلموا صناعة الأواني في حضارة تل العجول القائمة في وسط قطاع غزة، وقد استمرت الاتصالات الحضارية بين فلسطين حيث الكنعانيين العرب، ومصر في العصور البرونزية.


اقرأ/ي أيضـًا:

كلمات عثمانية على ألسنتنا.. هل تعرفون معانيها؟

الشتاء في لهجتنا العامية

رحلة شتوية في تراث فلسطين