02-يناير-2020

أقرّ مجلسُ الوزراء الإسرائيلي المصغر "الكبينيت" يوم الأحد الماضي، اقتطاعًا جديدًا من عائدات الضرائب الفلسطينية "المقاصة"، بقيمة 149 مليون شيكل، أضافها إلى حوالي 502 مليون شيكل تمَّ إقرارُ اقتطاعها في شهر شباط/فبرايرعام 2019؛ ليصبحَ حجمُ الاقتطاعات والقرصنة حوالي 650 مليون شيكل.

ارتفاع الاقتطاع من عائدات الضرائب إلى 650 شيكل، وهي تُشكل 7% من عائدات الضرائب السنوية

هذه الاقتطاعات تغلفها "إسرائيل" بغطاءٍ قانونيٍ أقره الكنيست صيف العام 2018، يُتيح خصم أموال من إيرادات المقاصة تساوي ما تدفعه السلطة الفلسطينية لعوائل الشهداء والأسرى والجرحى.

رئيس الوزراء محمد اشتية قال خلال جلسة الحكومة الأخيرة، إن المبالغ المقتطعة "ستعيدنا إلى مربع جديد من الأزمة"، لذا فإن السؤال المهم الذي يطفو على السطح الآن: هل سنشهد هذا العام عدم انتظام في رواتب الموظفين العموميين؟

يقول الباحث والخبير في الموازنة العامة مؤيد عفانة، إنه بعد أزمة أموال المقاصّة مطلع العام الماضي، وقبل أن تلتقط السلطة الفلسطينيّة أنفاسها، تعرضت لضربة جديدة من خلال اقتطاع جديد من أموال المقاصّة، واستمرار هذه الاستقطاعات في العام الحالي 2020.

ومن خلال مراجعة الأرقام والبيانات يبين عفانة لـ الترا فلسطين أن نسبة هذه الاستقطاعات (650 مليون شيكل) لا تشكّل سوى (7%) من إيرادات المقاصّة السنويّة.

ويرى عفانة، أنه ليس من المتوقع دخول السلطة الفلسطينيّة في أزمةٍ ماليّةٍ عميقةٍ تحد من إمكانات دفع الرواتب والنفقات التشغيلية للقطاع العام، حيث إن سبب ذلك في العام الماضي كان رفض السلطة الفلسطينيّة تسلم أموال المقاصّة منقوصة، وهو ما أدى إلى عجز كبير في إيراداتها وفقدانها حوالي ثلثي تلك الإيرادات.

وأشار إلى أن "إسرائيل" تعمل منذ العام 2003 على استقطاع الأموال الفلسطينيّة من إيرادات المقاصّة تحت ما يسمى "بصافي الإقراض"، وذلك بدل الخدمات التي تقدمها في مناطق السلطة الفلسطينيّة في الضفة وغزة، ومن ضمنها الكهرباء والمياه وغيرها من البنود التي لا تملك السلطة الفلسطينية تفصيلاتها.

ويبلغ متوسط "صافي الإقراض" مليار شيكل سنويًا، وقد ارتفع هذا المبلغ في العام 2019 ليصل الى أكثر من 100 مليون شيكل شهريًا، أي ما يزيد على (1.2) مليار شيكل خلال العام.

لكن الخطير في الاقتطاعات الأخيرة، وفق عفانة، أن قرصنة "إسرائيل" للأموال الفلسطينية باتت تتم بناءً على "قانون"، بخلاف الحالات التي كانت تُحْتَجَز فيها الأموال الفلسطينيّة سابقًا لأسباب سياسية أو لضغوط محددة، أو غايات انتخابيّة للأحزاب الإسرائيليّة، ثم يفرج عنها بقرارات سياسيّة.

خبير: تشريع الاقتطاع من عائدات الضرائب يُشكل تهديدًا استراتيجيًا للسلطة ويحرمها من مواردها المالية ويرفع من مستوى المخاطر 

وتابع عفانة، أن الخطورة تكمن في النهج الإسرائيلي بالسطو على الأموال الفلسطينية تحت مسميات مختلفة، وتشريعها بالقانون الإسرائيليّ، ما يشكل تهديدًا استراتيجيًا للسلطة الفلسطينيّة، ويحرمها من مواردها الماليّة، ويعرقل خطط التنمية، وبرفع من مستوى المخاطر المنتظمة وغير المنتظمة التي تواجه الاقتصاد الفلسطينيّ، وبالتالي الحدّ من فرص الاستثمار والنمو الاقتصاديّ.

ولم تكشف الحكومة حتى اللحظة عن مخططاتها للتعامل مع الاقتطاع الجديد، وقد حاولنا اليوم التواصل مع الناطق باسم الحكومة إبراهيم ملحم للسؤال عن هذا الملف، لكنه لم يرد على اتصالاتنا.

وكان رئيس هيئة الشؤون المدنية حسين الشيخ قد التقى، يوم الثلاثاء، وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون، بعد ساعاتٍ من القرار الإسرائيلي بمصادرة 150 شيكل من عائدات الضرائب الفلسطينية، وأبلغه بأن السلطة ترفض "القرصنة المالية" وتتمسك باستمرار دفع مستحقات الشهداء والأسرى "مهما كان الثمن".

وأشار الشيخ إلى أنه أبلغ كحلون بأن "سياسة الاحتلال العدوانية ستؤدي إلى الانفجار"، بينما قال مراسل القناة 13 الإسرائيلية باراك رافيد، إن الشيخ اعترض أيضًا خلال اللقاء على تقديم تسهيلات لحركة حماس في قطاع وفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية، رغم أن الرئيس محمود عباس يرفض العنف والسلطة تعمل لوقفه.