27-مايو-2019

إحدى الذخائر الفعالة التي تصـدم المواطن العربي والفلسطيني الذي تستهدفه الدعاية المتواصلة لوزارة الخارجية الإسرائيلية وجيش الاحتلال عبر مواقع التواصل الاجتماعي، هي المقابلات مع جنود الاحتلال من الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، من أجل الادعاء أن "إسرائيل واحةٌ تحتفى بالتعدد وتصون حقوق الأقليات التي تتضامن فيما بينها لمحاربة الإرهاب الفلسطيني".

الجنود العرب في جيش الاحتلال يتعرضون لعنصريةٍ من الجنود اليهود وصلت إلى الاعتداء عليهم بالضرب

على سبيل المثال، مؤخرًا نشرت هذه الجهات تقارير وصورًا عن مجندةٍ وصفتها بـ"المسلمة المحجبة" تؤدي الخدمة العسكرية في وحدة قتالية وأخرى مجندة وصفتها بـ"المسيحية"، وفي أكثر من حالةٍ صورةٌ لجنود الاحتلال على مداخل المسجد الأقصى وهم يؤدون الصلاة.

اقرأ/ي أيضًا: إسرائيل بصقت في وجه الدروز بعد 417 قتيل لأجلها

في العادة يجري التطرق لهوية أولئك الجنود ليس بوصفهم عربًا أو فلسطينيين، وإنما بنسبتهم للأديان أو الطوائف التي ينتمون إليها، مثلاً، يقال "جنديٌ مسلمٌ" أو "جنديٌ مسيحيٌ" أو "جنديٌ درزيٌ"، والاستثناء في هذا السياق هو الجندي البدوي الذي لا  يجرى تقديمه بناءً على هويته الدينية.

جزءٌ من هؤلاء الجنود يجري استخدامهم في الجولات الدعائية التي تنظمها وزاة الخارجية الإسرائيلية في الجامعات الشمالية ودول الاتحاد الأوروبي لإحباط الجهود التي تبذلها حركة مقاطعة إسرائيل، ومن أجل تُكوّنَ انطباعًا أن إسرائيل لا تضطهد الفلسطينيين الذين يحملون جنسيتها بل أن العكس هو الصحيح.

الكثير من العرب والفلسطينيين لا يعرفون أن هؤلاء الجنود في جيش الاحتلال يواجهون داخل الجيش أو الشرطة عنصرية أحيانًا تتمثل باعتداءاتٍ جسديةٍ عنيفةٍ. مثلاً يرفض الجنود اليهود أن يتشارك مع هؤلاء الجنود في نفس قاعة المبيت، وفي إحدى الحالات نكل جنودٌ يهودٌ بجنديٍ درزيٍ وأصابوه بجروح.

في معظم الحالات يختار جيش الاحتلال هؤلاء الجنود للقيام بالمهام القذرة التي تشكل خطورة عليهم، وتضعهم في دائرة الاحتكاك اليومي مع الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، يحاول ذلك الجندي إظهار الولاء لـ إسرائيل بممارسة مستوى أكثر انحطاطًا من العنصرية ضد أبناء شعبه، سعيًا منه للاندماج مع زملائه الجنود وطمعًا في رضى قادته، وهذه حقيقةٌ بالإمكان استنتاجها من طرح تساؤلٍ على الفلسطينيين عن أسوأ نوعٍ من جنود الاحتلال، إذ في كثير من الأحيان تكون الإجابة بالإشارة إلى هؤلاء.

شابة فلسطينية خدمت في جيش الاحتلال وخطيبها جندي في حرس الحدود يرفض الإسرائيليون سكنهم بينهم

مؤخرًا أجرت الإذاعة العبرية العامة مقابلة مع شابةٍ من إحدى القرى العربية أدت الخدمة العسكرية في صفوف جيش الاحتلال وخطيبها جنديٌ في "حرس الحدود" ويعمل في القدس. الاثنان بحثا على مدار شهورٍ طويلةٍ عن شقةٍ للسكن في القدس دون جدوى، إذ في كل مرةٍ يرفض مالك الشقة أن يؤجرهم بعد أن يعرف أنهما عرب، بحجة أن سكان العمارات والأحياء يخافون من جيرة العرب حتى لو كان جنديًا أو شرطيًا.

هذه القصة ليست استثناءً بل ظاهرة عامة لا تبرزها وسائل الإعلام العبرية، ولاتجد من وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية من يُسلط الضوء عليها رغم أهميتها في تأكيد الجوهر العنصري للمجتمع الإسرائيلي الذي لا يقبل بوجود الفلسطيني بينه حتى لو انضم للجيش الإسرائيلي وقاتل أبناء شعبه.

تجليات معادلة "يهوديٍ في الواجبات، فلسطيني في الحقوق" تمتد إلى جوانب كثيرة في الحياة، بعضها تُثير تساؤلاتٍ عن مستوى الشعور بالدونية الذي يلازم أولئك الجنود، في إحدى الحالات عاد الجندي من خدمته العسكرية ففوجئ بأن منزله تعرض للهدم بحجة عدم الترخيص.


اقرأ/ي أيضًا:

قصة سلخ الدروز عن الوطنية الفلسطينية

الشباب الدرزي: لن أخدم محتلي

الخدمة المدنية: سلاح إسرائيل الناعم