"كارثة" توصيف اختاره رئيس نقابة مربي الداجن في قطاع غزة للتعبير عمّا حلّ بالمزارعين الذين بلغت خسائرهم نحو رُبع مليار دولار، بعد أربعة حروب شنّتها "إسرائيل" على القطاع الذي تواصل حصاره.
يشتكي مربو الدواجن من واقع مؤلم قد يجعلهم خلف قضبان السجون، لعدم قدرتهم الإيفاء بالتزاماتهم في ظل عدم تعويضهم عن خسائرهم
ويقول رئيس نقابة مربي الدواجن في قطاع غزة مروان الحلو إنّ كارثة قد تحل بقطاع تربية الدواجن مع غياب تعويض المزارعين عن الخسائر الفادحة التي لحقت بهم جراء العدوان الإسرائيلي المتكرر منذ 2008/2009، وحتى يومنا هذا.
ويوضح الحلو في حديث مع "الترا فلسطين" أن الأمر لا يتوقّف عن خسائر القطاع الحيواني في قطاع غزة والتي بلغت 250 مليون دولار خلال أربعة حروب شنت على القطاع، مشيرًا إلى أن قيمة الشيكات المرجعة مؤخرًا على الجهات التي تتعامل مع مربي الدواجن بلغت 50 مليون شيقل.
ويضيف أنّ مخزون الأعلاف في القطاع شحيح جدًا وبالكاد يكفي حاجة مربي الدواجن، وهو ما يؤدي لارتفاع سعر الطن الواحد من 2400 شيقل إلى ثلاثة آلاف شيقل.
9 شركات من أصل 12 توقفت عن استيراد الأعلاف بسبب تراكم الديون على المزارعين
كما يشير لتوقّف 9 شركات من أصل 12 عن استيراد الأعلاف بسبب تراكم الديون على المزارعين، وذلك بسبب عدم تعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم، بسبب العدوان الإسرائيلي المتكرر أو حتى بسبب الأحوال الجوية.
ويتابع الحلو، أن الحكومة في غزة أو في رام الله لم تصرف لهم أي تعويضات، بسبب الخلاف السياسي، رغم أن المزارعين لا علاقة لهم بالسياسية.
ويبيّن أن النقابة أرسلت رسالة عاجلة لوزير الزراعة رياض العطاري، تطلب منه استقبال وفد من النقابة لوضعه في صورة الوضع الخطير.
ويلفت نقيب مربي الدواجن إلى أن صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية هو المتكفل الرئيس في قضايا تعويض المزارعين، مشيرًا إلى أن الصندوق يعمل في محافظات الضفة الغربية، لكن للأسف لا يعمل في غزة سوى بعض الأمور البسيطة جدًا.
مساعدات وزارة الزراعة في غزه شحيحة جدًا، بينما هناك غياب لدور صندوق درء المخاطر الذي تموله السلطة
ويوضح أن 40% من مزارعي وتجار الدواجن ملاحقين على ذمم مالية، ويشير إلى أن النقابة لم تتمكن حتى اللحظة من إيقاف أوامر الحبس بحق المزارعين المتضررين.
وينوّه الحلو إلى أنهم نظموا لقاءً مع النائب العام محمد النحال، ورئيس مجلس القضاء الأعلى ضياء الدين المدهون، لإطلاعهم على أوضاع المزارعين، ومطالبتهم بوقف الملاحقة القانونية لفئة للمزارعين المتضررين بفعل الحصار والعدوان الإسرائيلي، لكن حتى اللحظة لم نتمكن الوصول لقرار بهذا الشأن.
ويلفت إلى أن مساعدات وزارة الزراعة في غزه شحيحة جدًا، بينما هناك غياب لدور صندوق درء المخاطر الذي تموله السلطة الفلسطينية، وبعض الدول المانحة، في دعم المزارعين
من جانبه يؤكد مساعد وزير الزراعة لمحافظات غزة طارق صقر أن تأخر تعويض مربي الدواجن كان بسبب خطأ وقع أثناء حصر الأضرار، حيث تم وضع أضرارهم في خانة الأضرار غير المباشرة، مشيرًا إلى أن برنامج مساعدات الاتحاد الأوروبي لا يعتمد الأضرار غير المباشرة.
ويستدرك صقر في حديثه لـ "الترا فلسطين" أنه تم إدراج أسماء مزارعي الدواجن، في المرحلة الثانية للمساعدات والتي من المقرر التوقيع عليها في شهر شباط/ فبراير المقبل.
تأخر تعويض مربي الدواجن كان بسبب خطأ وقع أثناء حصر الأضرار
ويشير إلى أنه في المرحلة الأولى تم إنجاز 36 ملفًا من أضرار المزارعين، وتم مساعدة 400 مزارع تتراوح خسائرهم ما بين 50 إلى 200 ألف دولار، وقد بلغت القيمة الإجمالية للمساعدات 10 مليون دولار.
ويوضح صقر أن المرحلة الثانية من المنحة الأوروبية ستكون أسهل وأفضل بالنسبة للمزارعين من المرحلة الأولى، وستنطلق الوزارة فيها بآلية وتجهيزات جديدة وسط رقابة مؤسسات دولية.
كما يبيّن أن المرحلة الثانية تستهدف مساعدة المزارعين الذين تراوحت أضرارهم ما بين 700 لـ 50 ألف دولار، وسيتم مساعدتهم عبر مشاريع أخرى كالمشروع الكويتي.
من جانبه يؤكد مدير دائرة الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة في غزة طاهر أبو حمد أن ارتفاع أسعار الأعلاف سببه ارتفاع تكاليف النقل العالمي، بسبب أزمة فايروس كورونا.
ويضيف في حديثه لـ "الترا فلسطين": طالما أن المعابر مفتوحة ولا يوجد إغلاقات فلا نتوقّع وقوع أزمة في الأعلاف، وأشار إلى أن أسعار الدواجن بدأت تعود إلى وضعها، حيث ارتفع سعر كيلو الدجاج إلى 9 شيقل، ويتوقع ارتفاعه نصف شيكل آخر، وهو سعر مناسب للمزارع، على حد قوله.
هاجس الديون والملاحقة القانونية والإفلاس يلاحق مربي الدواجن، ويهدد مصير عائلاتهم
وفيما يتعلق بقيمة الشيكات المرجعة، أوضح أبو حمد أن وزارة الزراعة لا تتدخل في التعاملات المالية للمزارعين والوسطاء والموزعين. وعن شكاوى بعض المزارعين من سماح الوزارة بإدخال كميات من البيض المخصّب تفوق حاجة قطاع غزة، نفى صحة ذلك "الكمية ثابتة وموافِقة لحاجة القطاع، وهو 3 مليون بيضة شهريًا".
وفيما يتعلق بتذبذب أسعار الدواجن، يشير أبو حمد إلى أن أوضاع قطاع غزة الاقتصادية غير مستقرة، كما أن القدرة الشرائية للمواطنين غير ثابتة، فأحيانًا يزيد الطلب على الدواجن وأحيانًا يتراجع الطلب.
وإلى حين تعويض مربي الدواجن عن جزء من خسائرهم المتتالية والمتراكمة منذ ما يزيد عن عشرة أعوام، يبقى هاجس الديون والملاحقة القانونية والإفلاس يلاحقهم، ويهدد مصير عائلاتهم.
اقرأ/ي أيضًا: