03-نوفمبر-2023
غزة

"Getty" يواصل الاحتلال الإسرائيلي قصفه الهمجي على غزة

بعد احتلال قطاع غزة عام 1967، ساد إجماعٌ في "حكومة الوحدة" الإسرائيلية التي ترأسها ليفي أشكول، حول ضرورة ضم القطاع للاحتلال الإسرائيلي، ولكنَ مشكلةً واحدةً واجهتْ أشكول قبلَ الضم المرتقب، وهي مشكلةُ 250 ألفَ لاجئ سكنوا غزةَ بعد النكبة. الوزير الوحيد الذي تحفظ على التهجير كان مناحيم بغين واشترط لذلك أن يكون طوعيًا.

أشكول رأى أن أعداد اللاجئين الفلسطينيين في غزة تُسبب مشكلة معقدة، يكمن حلها في تطبيق سياسةٍ تشجع هجرةِ اللاجئينَ من قطاع غزة، وبالفعل شرعت حكومة الاحتلال بتطبيق خطةٍ تحقق هذه الغاية، تم بموجبها فرض ظروفٍ حياتية صعبة في مخيمات اللاجئين.

وكشف المؤرخ الإسرائيلي يوآف غلبر من جامعة حيفا، تفاصيل هذه الخطة، قائلًا: "في نهايةِ صيفِ عام 67 تمَ البدءُ بتأسيسِ مشروعِ تشجيعِ هجرةِ اللاجئينَ بغزة عبرَ سياساتٍ حكوميةٍ إسرائيليةٍ، وأجريتْ اتصالاتٌ مع شركاتِ هجرةٍ يهوديةٍ وغيرِ يهودية، وتلك الشركاتُ كانتْ تملكُ وكلاء من العرب، يعرفونَ الناسَ في مخيماتِ اللاجئينَ، والوكلاءُ يبحثونَ عن أشخاصٍ مرشحينَ محتملينَ للهجرة."

واتخذت حكومة أشكول قرارًا هامًا لدفع اللاجئين إلى الهجرة، وهو يتمثل في الحفاظ على مستوى حياة منخفض نسبيًا في القطاع. يُبين عمير رفيف، من قسم "تاريخ الشعب اليهودي" في الجامعة العبرية، أن هذه السياسة أدت إلى وصول نسبة البطالة بين اللاجئين إلى 50%، "وكان هذا الأمر بالنسبة للقيادة الإسرائيلية أمرًا رائعًا، لأنه لو كان مستوى الحياة جيدًا في غزة، لماذا سيُغادر الناس؟" وفق قوله.

وبحسب شهاداتٍ بثها التلفزيون الإسرائيلي الرسمي لمؤرخين إسرائيليين، فإن أشكول عيَّن مشرفة خاصة لتنفيذِ مشروعِ تهجير سكان قطاع غزة، وهي عيدا سيرني، وكانتْ متخصصةً في شؤونِ تهجيرِ اليهودِ الى إسرائيل من أوروبا بعد الحربِ العالميةِ الثانية، لكن أشكول عيّنها رئيسة لوحدة سرية، وصفها رفيف بأنها "الوحدة السرية لشؤون الهجرة. أو وكالة تسفير لاجئ قطاع غزة للخارج".

ووفق التلفزيون الإسرائيلي، فإن عيدا سيرني لم تكتفِ بتشجيعِ الهجرةِ من غزة إلى الأردن، بل إنها نجحت في إرسال لاجئين إلى البرازيل والبارغواي في القارة الأمريكية الجنوبية.

الوثيقة تطرقت لثلاثة بدائل لفترة ما بعد الحرب، ولكن البديل "الذي سوف يؤدي إلى نتائج استراتيجية إيجابية وطويلة الأمد" هو نقل مواطني غزة إلى سيناء

لم تتضمن شهادات المؤرخين الإسرائيليين معطياتٍ محددةٍ حول أعداد اللاجئين الفلسطينيين الذين هجّرهم الاحتلال من قطاع غزة، ولكن تبين من أقوال رفيف، أن الاحتلال مارس الخداع لدفع اللاجئين الفلسطينيين للهجرة من غزة. يقول: "بدأَ لاجئونَ من قطاعِ غزة بالهجرةِ إلى البارغواي لبدءِ حياةٍ جديدة، ولكن إحدى هذه القصص انتهت نهاية ’مأساوية’، لأن اثنين من اللاجئينَ من قطاعِ غزة الذي هُجروا إلى الباراغواي وعدَهم رجالُ الموسادِ وعودًا كاذبةً بخصوصِ الحياةِ الرائعةِ التي تنتظرُهم بعد هجرتِهم، دخلا مُسلحيْن إلى سفارة إسرائيل في عاصمة البارغواي، وقتلوا سكرتيرة السفير".

وأكد التقرير الإسرائيلي أن الفكرة عمليًا باءت بالفشل، وتبخر حلم تحويل غزة لجزءٍ لا ينفصل لما يسمى "دولة إسرائيل".

العدوان على غزة.. تجديد مشاريع التهجير

أنهت وزارة الشؤون الاستخباراتية في 13 تشرين الأول/أكتوبر السابق صياغة خطتها لتهجير سكان قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء وتوطينهم هناك، بعد اتخاذ اجراءات فعلية لمنع عودتهم.

صحيفة "كالكيست" العبرية الاقتصادية كشفت النقاب عن الخطة وكتبت عنها: "وزير المخابرات جيلا غمالائيل يوصي بتهجير سكان غزة إلى سيناء، في نهاية الحرب وتحمل الوثيقة شعار وزارة الاستخبارات وتستخدم في المناقشات الداخلية بين الوزارات الحكومية. وليس من المفترض أن تصل إلى الجمهور، لكنها وصلت إلى مجموعة تقوم حاليا بتأسيس حركة تسمى "حملة إعادة الاستيطان لقطاع غزة" وهي هيئة تسعى إلى إعادة الاستيطان إلى قطاع غزة".

غزة

الوثيقة تطرقت لثلاثة بدائل لفترة ما بعد الحرب، ولكن البديل "الذي سوف يؤدي إلى نتائج استراتيجية إيجابية وطويلة الأمد" هو نقل مواطني غزة إلى سيناء. وتتضمن الخطوة ثلاث مراحل: إنشاء مدن خيام في سيناء جنوب غرب قطاع غزة، وإنشاء ممر إنساني لمساعدة السكان، وأخيرا بناء مدن في شمال سيناء. وفي الوقت نفسه، سيتم إنشاء ما تم تسميته "منطقة معقمة" بعرض عدة كيلومترات داخل مصر جنوب الحدود مع إسرائيل، حتى لا يتمكن السكان الذين تم تهجيرهم من العودة.

 بالإضافة إلى ذلك، تدعو الوثيقة إلى خلق تعاون مع أكبر عدد ممكن من الدول حتى تتمكن من استقبال الفلسطينيين المهجرين من غزة وتزويدهم بمساعدات إنسانية. تم ذكر كندا والدول الأوروبية مثل اليونان وإسبانيا ودول شمال إفريقيا من بين دول أخرى.

وفي تصريح مطول له، قال رئيس رئيس مجلس الأمن القومي الاسرائيلي تساحي هنغبي: إن "مصر خائفة من وصول اللاجئيين الفلسطنين اليها، ولكنها قادرة على مساعدة سكان غزة على أرضها"، وفق ما ورد في القناة 12 الإسرائيلية.

وعن أهمية الدعم الأميركي لدولة الاحتلال في حربها على قطاع غزة، قال هنغبي: "وجود رئيس الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل له قيمة كبيرة، فهو يسمح لنا بمواصلة الحرب بما يقرب من شهر متواصل وشن حرب قوية غير مسبوقة ضد الإرهاب في الفترة المقبلة أيضًا"، وفق قوله.