في الأيام الأخيرة من عام 2021، تسلم المُعلّم حسين عبد اللطيف قرارًا بالفصل النهائي من وزارة التربية والتعليم، تزامن مع قرار بالنقل تسلمه زميله المعلم أنيس مشهور. حدث ذلك في غضون 10 أيام فقط، كان خلالها المعلمان على رأس عملهما في مدرسة حوسان الأساسية في البلدة الواقعة غرب بيت لحم.
المعلم عبد اللطيف، لا يعلم حتى الآن كيف انتقل حوارٌ بينه وبين أحد طلابه في الصف إلى الجهات الأمنية، لينتهي به الأمر إلى الاعتقال
المعلم عبد اللطيف، لا يعلم حتى الآن كيف انتقل حوارٌ بينه وبين أحد طلابه في الصف إلى الجهات الأمنية، لينتهي به الأمر إلى الاعتقال ثم الفصل من العمل. يقول عبد اللطيف، إنه خلال حصّة كان الدرس فيها حول النكبة وحق العودة، سأله أحد طلابه بأن هناك علمًا لفلسطين وراية مكتوب عليها "التوحيد" وما هو الفرق بينهما، فأجاب أنه "بحسب ما لديه من معلومات أن الرسول وضع لنا راية مكتوب عليها عقيدة كل المسلمين وتوحد الأمة. أما الأعلام الأخرى فجاءت بعدما قسم الاستعمار الوطن العربي بحسب اتفاقية سايكس بيكو، ثم أصبح لكل دولة علم".
يؤكد عبد اللطيف، أنه لم يلحظ أي إساءة لعلم فلسطين من قبل الطلاب خلال الحصة الدراسية أو بعدها، إلا أن القصة وصلت لمديرية التربية والتعليم، ثم تطوَّر الأمر لاعتقاله لدى ثلاث أجهزة أمنية، فقضى 11 يومًا في الاعتقال عند "الأمن الوقائي" و13 يومًا عند جهاز الشرطة، ويومًا واحدًا عند جهاز المخابرات العامة.
وأفاد بأنه خضع للتحقيق في البداية بتهمة تحقير العلم الوطني، ثم "عندما لم يتوصلوا لنتيجة في هذه التهمة، تم اتهامي بتحريض الطلاب على تحقير العلم، لكن عندما تبين أن هذا غير صحيح، وجهوا لي تهمة ثالثة وهي الخروج عن المنهاج" حسب قوله.
وأشار عبد اللطيف إلى أنه تسلم قرار فصله من وزارة التربية والتعليم بتاريخ 23 كانون أول/ديسمبر، "حتى قبل أن تبُت المحكمة في التهم الموجهة إليه".
أشار عبد اللطيف إلى أنه تسلم قرار فصله من وزارة التربية والتعليم "حتى قبل أن تبُت المحكمة في التهم الموجهة إليه"
عمل عبد اللطيف خمس سنوات في وزارة التربية، وهو الآن -بعد فصله- يعمل في ورشة بناء، بانتظار أن تُصدر المحكمة التي توجه بدعوى لها ضد قرار فصله في شرعية القرار.
زميله معلم التربية الإسلامية أنيس مشهور، كان يعمل في مدرسة حوسان الأساسية ذاتها، قبل أن يتلقى في الفترة ذاتها قرار نقله إلى مدرسة صلاح الدين في بيت لحم.
يقول مشهور، إن القصة بدأت بإلقاء ابنه عبد الرحمن (14 عامًا) كلمة في الإذاعة المدرسية، تحدث خلالها عن "وحدة المسلمين تحت راية الرسول"، وقد أحدثت هذه الكلمة له "مشاكل في المدرسة" حسب تعبيره.
وأوضح، أنه كان قد اعتاد بحلول الاستراحة بين الحصة الرابعة والخامسة أن يطلب من طلبته الوضوء وصلاة الظهر معه بشكل جماعي ثم يدخل معهم الصف، لكنه بعد كلمة طفله علم من أحد المعلمين أن مندوبًا لوزارة التربية والتعليم تحفّظ على الصلاة الجماعية بين الحصص، فتوقف عن إقامتها في جماعة.
تلقى مشهور بلاغًا من جهاز المخابرات، لكنه رفض التوجّه لهم، ليتم اعتقاله لاحقًا والتحقيق معه بتهمة إسناد زميله المعلم عبد اللطيف في "الإساءة للعلم"
إثر ذلك، تلقى مشهور، وفقًا لروايته، بلاغًا من جهاز المخابرات، لكنه رفض التوجّه لهم، ليتم اعتقاله لاحقًا والتحقيق معه بتهمة إسناد زميله المعلم عبد اللطيف في "الإساءة للعلم". في هذا الاعتقال، قضى مشهور يومين على ذمة جهاز المخابرات، ثم نُقِل إلى شرطة بيت لحم، حيث بقي 15 يومًا قبل الإفراج عنه، مع مواصلة مقاضاته في المحكمة بالتهمة التي نُسِبت له.
نُقِل مشهور من مدرسة حوسان إلى مدرسة صلاح الدين في بيت لحم، دون أي توضيح حول سبب النقل. يقول إنه تقدم باعتراض لدى الوزارة على قرار النقل، فجاءه الرد بأن "القرار ليس من التربية"، ما يجعله اليوم أكثر إصرارًا على المطالبة بالعودة لمدرسة بلدته أو تقديم مبرر يوضح سبب نقله.
يُذكر أن المعلم مشهور يعمل في التدريس منذ 15 عامًا، وسبق أن تم فصله مع عدد كبير من المعلمين إثر أحداث الانقسام، وقد بقي مفصولاً لثلاث سنوات قبل أن يعود إلى العمل بقرار من المحكمة العليا.
اقرأ/ي أيضًا:
أقيمت قبل أيام.. مدرسة "بادية عين سامية" تنتظر الهدم الإسرائيلي