قضى حسن نصر الله، حوالي نصف عمره في قيادة حزب الله، تداخل مسار حياته مع تاريخ حزب الله، والمسار السياسي في لبنان، وتحولات المنطقة والإقليم، ومن مجموعات مسلحة صغيرة، انشقت عن حركة أمل، وقررت مواجهة الاجتياح الإسرائيلي للبنان، في عام 1982، إلى خلايا عسكرية تحاول مواجهة الاحتلال في منطقة الشريط الأمني، وصولًا إلى تحول حزب الله، إلى أكبر جماعة مسلحة في المنطقة والعالم، كان هذا المسار يوجز حياة نصر الله.
كان الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، لحظة ترسيخ حضور نصر الله، في الحياة السياسية اللبنانية وفي حزب الله، وتحوله إلى شخصية معروفة في المنطقة
كان الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، لحظة ترسيخ حضور نصر الله، في الحياة السياسية اللبنانية وفي حزب الله، وتحوله إلى شخصية معروفة في المنطقة، أمّا حرب عام 2006، فقد ترسخ فيها حضوره، تصدر وسائل الإعلام العربية والعالمية والإسرائيلية، وظهر على أغلفة الصحف في إسرائيل، وبينما عزز نصر الله حضوره، فإن تلك الحرب كانت لحظة نهاية حضوره العلني والعام وتقريبًا. منذ 18 عامًا، مر نصر الله في مسارات صعود وهبوط، داخليًا وعلى مستوى المنطقة، بداية من صدامات داخلية، وانخراطه في الاستقطابات العربية، خلال الربيع العربي، وصولًا إلى مواجهة إسرائيل الأخيرة من 8 تشرين الأول/أكتوبر.
- ولد حسن عبد الكريم نصر الله، في 31 آب/أغسطس 1960، في حي "شرشبوك" أو "حي التنك" وعاش بينه وبين حي الكرنتينا الفقير في بيروت، الذي كان يضم عائلات لاجئة من فلسطين وأخرى من سوريا وعائلات لبنانية فقيرة، ويعود أصله إلى بلدة البازورية، التي تقع في جنوب لبنان، إذ انتقل والده منها للعمل.
- مع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، عندما كان حسن نصر الله في عمر 15 عامًا، عاد إلى بلدته البازورية، واستكمل دراسته فيها، كما انضم إلى حركة أمل، التي صار مندوبها في البلدة، قبل انتقاله إلى النجف للدراسة في الحوزة العلمية فيها، وهناك تعرف على عباس الموسوي، الأمين العام الثاني لحزب الله، والذي خلفه حسن نصر الله بعد اغتياله.
- لم يمكث حسن نصر الله طويلًا في العراق، وعاد إلى لبنان بعد تضييق من النظام العراقي السابق على الحوزات الدينية، والتحق في حوزة دينية في بعلبك، كانت تتبع آية الله محمد باقر الصدر، وأسسها عباس الموسوي، كما درس دينيًا في مدينة قم في وقت لاحق.
- برز حسن نصر الله سريعًا في حركة أمل، وبعد مسؤولية حركة أمل في بلدة البازورية، وبعد عودته من الدراسة في العراق استأنف نشاطه السياسي والتنظيمي في الحركة، إذ عين سنة 1979 مسؤولًا سياسيًا لمنطقة البقاع وعضوًا في المكتب السياسي.
اقرأ/ي أيضًا:
حسن نصر الله: سيرة مرحلة
ما مستقبل حزب الله بعد اغتيال قادة الصف الأول؟
اغتيال نصر الله.. تحولات استراتيجية في المشهد الإقليمي
بعد اغتيال نصر الله.. هل توسع إسرائيل أهدافها إلى خارج لبنان؟
- كان العدوان الإسرائيلي على لبنان في 1982، لحظة انشقاق لحسن نصر الله ومجموعة كبيرة من أعضاء حركة أمل، نتيجة خلافات سياسية داخل الحركة حول مواجهة الاجتياح الإسرائيلي للبنان، إذ كان موقف الحركة أكثر مهادنة تجاه إسرائيل، بينما رفض نصر الله ومجموعات عدة، كانت متأثرة بشكلٍ أكبر في إيران، هذا الموقف، مما دفعه للانضمام إلى الخلايا الأولى لحزب الله، وفيها صار مسؤولًا عن منطقة البقاع، وكان مسؤولًا عن التجنيد وتأسيس الخلايا العسكرية.
- في عام 1983، أدت سلسلة من الهجمات التي استهدفت أولًا السفارة الأميركية في بيروت، ثم ثكنات قوات حفظ السلام الأميركية والفرنسية، إلى مقتل ما لا يقل عن 360 شخصًا، بما في ذلك 241 من أفراد الجيش الأميركي. وأعلنت منظمة الجهاد الإسلامي، التي تعتبر سلفًا لحزب الله، مسؤوليتها عن الهجمات، وأصبح أبرز قادة المجموعة أعضاء في حزب الله، تحت قيادة نصر الله، رغم أن نصر الله نفسه، تحدث عن كون هذه المجموعة بقيت مستقلة عن الحزب حتى مطلع التسعينات.
- تولى نصر الله، مهمة نائب مسؤول منطقة بيروت في حزب الله عام 1985، وسريعًا صار مسؤولًا للمدينة الهامة في تشكيل حزب الله، والتي يوجد فيها أحد أبرز معاقل الحزب، أي ضاحية بيروت الجنوبية، كما تولى منصب المسؤول التنفيذي لحزب الله، الذي يُكلف في متابعة تنفيذ وتطبيق قرارات مجلس شورى حزب الله.
- بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله عباس الموسوي، في قصف إسرائيلي، في شهر شباط/فبراير 1992، انتخب مجلس شورى حزب الله، العضو الأصغر سنًا فيه، حسن نصر الله لقيادة الحزب.
- قاد نصر الله، حزب الله في أبرز معارك الحزب ضد إسرائيل، إذ كان أمينه العام في معارك نيسان/أبريل 1996، أو المعروفة إسرائيليًا باسم "عناقيد الغضب"، إذ كانت جولة من الاشتباكات المتبادلة عبر الحدود، وانتهت في أول تفاهم بين إسرائيل وحزب الله، وكان تفاهمًا غير مكتوب، لكنه وصفه بأحد أبرز إنجازات حزب الله حينها. يشار إلى أن جيش الاحتلال قتل نجل نصر الله هادي في 12 أيلول/سبتمبر 1997، واحتجز جثمانه لمدة عامين.
- وقف نصر الله وراء استراتيجية حزب الله، باستهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي وأعوانه، داخل الشريط الأمني الإسرائيلي الذي كان في منطقة جنوب لبنان، والذي تكثف بشكلٍ كبير في أعوام التسعينات، وانتهى بانسحاب إسرائيل من لبنان في أيار/مايو 2000. وفي حينها، ألقى نصر الله خطابه الشهير الذي وصفه فيه إسرائيل بأنها "أوهن من بيت العنكبوت"، في بلدة بنت جبيل.
- بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، وضع حسن نصر الله أولوية تبادل الأسرى على أجندة حزب الله، وفي عام 2004 كان لنصر الله دور أساسي في عملية تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل، لكنها لم تنجح في استعادة كافة أسرى لبنان. وعلى هذا الأساس، قاد نصر الله تنفيذ قرار مجلس شورى حزب الله، بتنفيذ عملية أسر جنود من الجيش الإسرائيلي، من أجل استعادة الأسير سمير القنطار، الذي رفض الاحتلال إطلاق سراحه في الصفقة السابقة.
- كانت حرب تموز/يوليو 2006، من أبرز اللحظات في حياة حسن نصر الله، إذ كانت في وقتها الحرب الأطول في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي، وارتفعت شعبية نصر الله عربيًا، نتيجة الصمود اللبناني في وجه جيش الاحتلال، وفشل أهداف العدوان على لبنان، خاصةً مع نهاية الحرب دون اغتياله، وتمسك حزب الله بالأسرى، إذ تمكن من تنفيذ صفقة تبادل للأسرى في عام الـ2008.
- في أيار/مايو 2008، كانت مواجهة حسن نصر الله الداخلية الأولى البارزة، إذ اندلعت اشتباكات في العاصمة اللبنانية بيروت بين حزب الله والأحزاب الحليفة معه، وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، على خلفية صدور قرارات بمصادرة شبكة اتصالات حزب الله وإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت. وهي اشتباكات انتهت في اتفاق الدوحة، الذي جرى فيه التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية والتوافق على قانون انتخاب جديد.
- تعرّضت صورة حسن نصر الله إلى هزة، مع انطلاق ثورات الربيع العربي عام 2011، إذ وقف نصر الله إلى جانب النظام السوري، ثم أقر في نيسان/أبريل 2013، بالمشاركة العسكرية إلى جانب النظام السوري في قمع الثورة السورية، بعد دخولها إلى سوريا تحت عنوان حماية المناطق الحدودية والمراقد الدينية. وعمل نصر الله في خطابه على تعزيز ما عرف باسم "محور المقاومة" خلال هذه الفترة، في تبرير لانخراطه في الاستقطابات العربية في دول غير لبنان.
- في 8 تشرين الأول/أكتوبر، انخرط حزب الله في مواجهة جيش الاحتلال، بعد عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إذ بدأ حزب الله في استهداف المواقع العسكرية الإسرائيلية، مما أدى إلى إخلاء 60 ألف إسرائيلي من منازلهم على الحدود الشمالية. وجاء الخطاب الأول لحسن نصر الله، خلال هذه المواجهة، في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وخلالها ثبت نصر الله المواجهة ضمن قواعد الاشتباك القائمة، إذ أكد نصر الله عدة مرات على كون جبهة لبنان هي "جبهة إسناد لقطاع غزة". وظهر عدة مرات مع اغتيال قادة حزب الله، وسام الطويل ومحمد سامي طالب ومحمد ناصر نعمة وفؤاد شكر، فيما كان ظهوره الإعلامي الأخير، في 19 أيلول/سبتمبر، بعد تفجير أجهزة البيجر.