أعرب خبراء ومراسلون سياسيون في إسرائيل وعائلات أسرى في قطاع غزة، عبر كبرى القنوات الاسرائيلية، أن رئيس حكومة الاحتلال "هو من يعرقل التوصل إلى صفقة التبادل بعد إضافة شروط جديدة على مقترح الصفقة"، الذي أعده بنفسه هو والرئيس الأميركي جو بايدن، فيما كشفت القناة الـ13 الإسرائيلية، أن القطيعة بين رئيس حكومة الاحتلال ووزير الأمن يوآف غالانت، تؤخر "تحقيق أهداف الحرب والتواصل إلى صفقة تبادل".
وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن نتنياهو قال في جلسة مجلس الوزراء الإسرائيلي الليلة الماضية الثلاثاء، "لا ينبغي أن نتوتر. حماس هي التي يجب أن نشدد عليها. المختطفون يعانون لكنهم لا يموتون".
كشفت القناة الـ12 الإسرائيلية، في نشرتها الرئيسية أن رئيس حكومة الاحتلال هاجم قادة جيشه ومخابراته وألقى اللوم عليهم، بالقول "لقد فرضتم عليّ مخطط بايدن"
واستعرض الفريق الإسرائيلي المفاوض خلال اللقاء أمام أعضاء الحكومة الإسرائيلية، الخلافات الرئيسية في المفاوضات حول الصفقة، خصوصًا: "مسألة انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا والعودة إلى شمال قطاع غزة".
وزعم مسؤولون في طاقم المفاوضات وجود فرصة سانحة للتوصل إلى اتفاق، لأن حماس في "محنة". وأضاف ذات المسؤولين: "من المهم من الشروع في المفاوضات. من اللحظة التي ندخل فيها في المفاوضات على التفاصيل، فإن الأمر سيستغرق بضعة أسابيع من المهم استغلال الفرصة التي أتيحت، وبالتالي من المهم الانخراط في مفاوضات حول التفاصيل".
وفي كلمة لنتنياهو، ظهر اليوم الأربعاء أمام الكنيست، كرر كافة تصريحاته السابقة، وقال: "كلما واصلنا ممارسة الضغط، سوف تتراجع حماس أكثر فأكثر. هذه هي الطريقة الوحيدة لتحرير المختطفين. لو كان الأمر بيد المعارضة لاستسلمتم منذ زمن طويل ولخرج محمد ضيف منتصرًا. كانت ستمنحه اتفاقية غاز في غزة مثلما فعلت مع حزب الله في لبنان".
وفي السياق نفسه، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، نقلًا عن وزير الأمن غالانت: إن "لم يتم التوصّل إلى صفقة تبادل خلال أسبوعين، فسيكون مصير المختطفين قد حسم"، وأضافت: "نتنياهو يعرقل الصفقة كي لا يخسر عضوي الائتلاف الحكومي إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش"، وتابعت: "رؤساء الشاباك والموساد وأركان الجيش يقرّون بصعوبة التوصّل إلى اتفاق بعد الشروط التي أضافها نتنياهو مؤخرًا".
نتنياهو لا يريد الصفقة
وكشفت القناة الـ12 الإسرائيلية، في نشرتها الرئيسية أن رئيس حكومة الاحتلال هاجم قادة جيشه ومخابراته وألقى اللوم عليهم، بالقول "لقد فرضتم عليّ مخطط بايدن"، وأضافت القناة نقلًا عن مسؤول أمني كبير، قوله: "احتمال التوصل لصفقة بات ضعيف ونتنياهو يفرض يفرض شروطًا لن تقبل بها حماس".
وقال سليمان مسودة مراسل الشؤون السياسية في التلفزيون الإسرائيلي العام "قناة كان"، نقلًا عن مصادر سياسية وعسكرية رفيعة المستوى: "رئيس الحكومة يواصل التصلب في مواقفه في ملف محور فيلادلفيا، ويقول من المحظور اﻻنسحاب منه في هذه المرحلة، ويجب إبقاء القوات هناك بشكل فعلي، وليس اﻻكتفاء بالعوائق المتنوعة، أو بمجسات وغيرها من الوسائل لمكافحة التهريب بين مصر وغزة".
وأضاف: "أيضًا في قضية عودة الغزيين إلى شمال القطاع ﻻ يزال رئيس الحكومة الإسرائيلية، يقول لطاقم المفاوضات، قدموا لي مقترحًا يضمن إﻻ تعود العناصر المسلحة سيرًا إلى منطقة شمال القطاع، وﻻ يوجد توافق بشأن هذه القضية بين الطرفين، ويقول طاقم المفاوضات لرئيس الحكومة إنه بدون هذا اﻷمر لن تكون صفقة، وانتهت هذه الجلسة بدون أية نتائج ملموسة".
وبينت دانا فايس، محللة الشؤون السياسية في القناة الـ12 الإسرائيلية، أن المفاوضات التي أجراها رئيس جهاز المخابرات الاسرائيلية "الشاباك" رونين بار في مصر، أسفرت عن حلول للملفات التي يظهر فيها نتنياهو تشددًا غير مسبوق.
وأوضحت فايس: "المقترح الذي تتم بلورته في مصر ربما بهدف حل قضية معبر رفح، أولًا، وهو: انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من كل المناطق المبنية حسب الجدول الزمني الوارد في مقترح نتنياهو- بايدن. ثانيًا، سيتم الشروع فورًا بتركيب وسائل إلكترونية لرصد اﻷنفاق، وفتح معبر رفح وتشغيله من قبل أطراف دولية بالتعاون وبدعم جهات فلسطينية ﻻ تنتمي لحماس، وستنفذ أعمال هندسية لضمان عدم وجود أنفاق تهريب تصل إلى مصر، وستتحكم إسرائيل بكافة الوسائل التكنولوجية"، مضيفةً: "هذا المقترح يستجيب في الواقع لمطالب نتنياهو".
وأبرز يارون أبراهام، مراسل الشؤون السياسية في القناة الـ12 الإسرائيلية، تداعيات الخلاف بين نتنياهو من جهة وقادة جيشه ومخابراته بخصوص المفاوضات، موضحًا: "أعتقد أن هناك فجوة بين ما يحدث مع الوسطاء وبين ما يحدث في إسرائيل، وسأشرح ذلك، في مواجهة الوسطاء سيسافر رئيس الموساد خـﻼل اﻷسبوع وبرفقته حسب تقديري المستويات المهنية للتعامل مع القضايا محل الخلاف في إسرائيل، وهي بين اﻷجهزة اﻷمنية وزير الأمن ورئيس الموساد ورئيس الشاباك ورئيس اﻷركان واللواء احتياط نيتسان ألون من جهة، ورئيس الحكومة من الجهة اﻷخرى، وإذا قدمت حماس إشارة إيجابية ما خلال اﻷيام المقبلة فإن هذه سيحول كل الضغط نحو إسرائيل، عندها يجب أن تقرر إذا ما كانت تريد المضي قدمًا أم ﻻ".
ووصف يسرائيل زيف، رئيس شعبة العمليات في جيش الاحتلال سابقًا شروط نتنياهو الجديدة بـ"العراقيل الجديدة"، وتابع: "حماس ماضية قدمًا في هذه الصفقة وبالطبع أنها ﻻ تعرقلها، ما يبدو حاليًا أن ما يعرقل الصفقة هو الجزئيات التي أضفناها، أي التي أضافها رئيس الحكومة للصفقة، وإن سألتني إذا كان هناك شيء ما سيعرقل الصفقة، فهو فقط إدخال العراقيل حول فيلادلفيا ومحور نتساريم. لا يوجد مبرر أمني ﻹدخال هذين البندين، وليس من الواضح إن كان رئيس الحكومة أدخلها بهدف إفشال الصفقة، أو ليتنازل عنها ﻻحقًا للتوصل للصفقة، لكن هذا هو رئيس الحكومة، البقاء هناك فترة طويلة يعني، أولًا أن ما يحصل احتلال، وليس لذلك ضرورة عسكرية، فالبقاء على امتداد المحور له ثمن هائل".
ما الذي يقصده نتنياهو بزيادة الضغط العسكري على حركة حماس؟ @AhDarawsha pic.twitter.com/SGIkS7tZN0
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 17, 2024
عراقيل نتنياهو وغالانت
بدورها، قالت موريا أسرف وولبيرغ، مراسلة الشؤون السياسية في القناة الـ13 الإسرائيلية: "العلاقات بين رئيس الحكومة ووزير الأمن، بعد تسعة أشهر من الحرب هي في الحضيض، فهما ﻻ يتحدثان معًا بشكل غير رسمي، أي خارج إطار النقاشات الرسمية، وخلال النقاشات الرسمية يدخلان في مواجهة بحضور قادة الجيش واﻷجهزة الاستخبارية، وهذا دفع قادة في اﻷجهزة الأمنية للقول لنا بشكل واضح، إن هذه العلاقة المضطربة تخلق الضرر بالمفاوضات حول الصفقة وإدارة الحرب وتحقيق اﻷهداف التي وضعتها إسرائيل للحرب، فالشرخ بين نتنياهو وغالانت يحول الجيش والشاباك والموساد إلى وسطاء بينهما وقت الحرب، والعلاقات بينهما تؤخر تحقيق أهداف الحرب".
وفي هذا السياق، لجأ وزير أمن الاحتلال يوآف غالانت إلى تحريض عائلات مجندات الرصد على الحدود اللواتي وقعن في الأسر، بهدف ممارسة الضغوط على رئيس الحكومة الإسرائيلية، للقبول بالصفقة. وفي هذه الإطار كشف روعي شارون، محلل الشؤون العسكرية في "قناة كان": عن أن "غالانت قال للعائلات اﻷمور التالية: هذا وقت حرج يجب إن تتخذ فيه القرارات في أسرع وقت، وهناك أهمية للقيام بكل شيء في اﻷيام المقبلة قبل سفر رئيس الحكومة إلى واشنطن، أو خلال زيارته. أما بعد ذلك، قال غالانت، فإن اﻷمر سيكون في غاية الصعوبة والتعقيد. وعندما سألته العائلات كيف ستتقدم الصفقة، وبعضها سأله بصراحة هل نتنياهو هو الذي يحبط الصفقة، فرد غالانت قائلًا: يجدر بكم تحديد موعد للاجتماع برئيس الحكومة قبل أن يسافر للوﻻيات المتحدة، فهو صاحب القرار".
بدوره، قال يوفال أور وهو والد إسرائيلي جثته محتجزة في غزة للقناة الـ13 الإسرائيلية: "طالما أن نتنياهو في سدة الحكم، فمن الواضح تمامًا أنه لن يسمح بالتوصل ﻷي صفقة أو تسوية أو أي شيء، ومن يعتقد أن شيئًا ما سيحدث فهو مخطئ، برأيي نتنياهو تخلى عن كل المخطوفين، الشيء الوحيد الذي تخلى عنه هم المخطوفون، كي ﻻ يتنازل عن كرسي الحكم".