19-سبتمبر-2024
انفجار البيجر في لبنان

كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، اليوم الخميس، أن إسرائيل هي من زودت حزب الله بأجهزة البيجر المتفجرة.

وقالت الصحيفة إن ذلك تم عن طريق عملية إسرائيلية معقدة وطويلة الأمد تهدف إلى تهريب أجهزة نداء (بيجر) مفخخة إلى لبنان، مما أدى إلى استشهاد وإصابة المئات في سلسلة من الانفجارات التي هزّت البلاد. العملية، التي تم التخطيط لها بعناية على مدار سنوات، استهدفت بشكل مباشر حزب الله. 

ووفقًا لمصادر استخباراتية رفيعة المستوى، بدأت الخطة الإسرائيلية بإنشاء شركة وهمية تُدعى "B.A.C. Consulting"، التي اتخذت من المجر مقرًا لها وتظاهرت بأنها متعاقدة مع شركة تايوانية حقيقية تدعى "Gold Apollo" لإنتاج أجهزة النداء. ظاهريًا، كانت الشركة تنتج أجهزة نداء عادية وتتعامل مع عملاء في مختلف أنحاء العالم. ولكن، خلف الكواليس، كانت إسرائيل قد أنشأت سلسلة من الشركات الوهمية الأخرى التي أخفت هوية الفريق الإسرائيلي الذي كان يطوّر هذه الأجهزة خصيصًا لحزب الله.

بحلول منتصف عام 2023، كان قد تم توزيع آلاف من هذه الأجهزة بين مقاتلي حزب الله وحلفائهم في لبنان، دون أن يثير ذلك أيّ شكوك

في حين كان "B.A.C. Consulting" ينتج أجهزة نداء عادية لبعض العملاء، تم تخصيص مجموعة خاصة من الأجهزة لحزب الله، حيث زُودت هذه الأجهزة ببطاريات محملة بمادة متفجرة تُدعى PETN. بدأت الشحنات الأولى لهذه الأجهزة المفخخة بالتسلل إلى لبنان في صيف 2022. ومع تصاعد خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ضد الهواتف المحمولة، واعتماده المتزايد على أجهزة النداء لأسباب أمنية، زادت وتيرة شحنات هذه الأجهزة إلى لبنان بشكل ملحوظ.

الجدير بالذكر أن نصر الله كان قد أعلن في عدة مناسبات عن رفضه من استخدام الهواتف المحمولة، خاصة بعد تقارير أفادت بأن إسرائيل قد طورت تقنيات متقدمة لاختراق الهواتف، وتشغيل كاميراتها وميكروفوناتها عن بُعد. هذا دفعه إلى إصدار أوامر صارمة لأنصاره ومقاتليه بالتخلي عن الهواتف المحمولة واستخدام أجهزة النداء كوسيلة بديلة وأكثر أمانًا للتواصل.

إلا أن هذا الاعتماد على أجهزة النداء أصبح فرصة لإسرائيل، بحسب نيويورك تايمز. بمرور الوقت، وبتزايد الثقة داخل حزب الله في أمان أجهزة النداء، توسعت إسرائيل في تهريب هذه الأجهزة المفخخة إلى لبنان. وبحلول منتصف عام 2023، كان قد تم توزيع آلاف من هذه الأجهزة بين مقاتلي حزب الله وحلفائهم في لبنان، دون أن يثير ذلك أي شكوك.

في يوم الثلاثاء، جاء الوقت الذي رأت فيه إسرائيل أن اللحظة قد حانت لتفعيل خطتها. تم إعطاء الأوامر لبدء الانفجارات، حيث أُرسلت إشارات إلى أجهزة النداء التي بدأت بالرنين كما لو أنها استقبلت رسائل من قيادة حزب الله. وفي غضون ثوانٍ، تحولت العديد من الشوارع والمنازل في أنحاء مختلفة من لبنان إلى ساحات فوضى ورعب. الانفجارات التي نجمت عن هذه الأجهزة أدت إلى استشهاد ما لا يقل عن 12 شخصًا في اليوم الأول وإصابة أكثر من 2700 شخص بجروح، بعضهم إصاباتهم خطيرة.

الانفجارات لم تقتصر على أعضاء حزب الله، بل طالت أيضًا مدنيين أبرياء. في أحد الحوادث المروعة، كانت الطفلة فاطمة عبد الله، التي تبلغ من العمر 9 سنوات، عائدة إلى منزلها من أول يوم دراسي لها في الصف الرابع عندما سمعت جهاز نداء والدها يرن. حملت فاطمة الجهاز لتسليمه لوالدها، لكنه انفجر في يديها، مما أدى إلى استشهادها على الفور. كانت فاطمة واحدة من أربع أطفال استشهدوا في الانفجارات.

وفي اليوم التالي، استمرت سلسلة الانفجارات المأساوية عندما بدأت أجهزة اللاسلكي التي يستخدمها أعضاء حزب الله وحلفاؤهم في الانفجار أيضًا. هذه الموجة الثانية من الانفجارات أسفرت عن استشهاد 20 شخصًا آخرين وإصابة المئات بجروح.

بينما رفضت إسرائيل تأكيد أو نفي مسؤوليتها عن الهجمات، أكدت 12 شخصية استخباراتية ودفاعية حاليّة وسابقة مطّلعة على العملية أن إسرائيل هي من يقف وراء هذه التفجيرات، كما أوردت نيويورك تايمز. واعتبرت هذه المصادر أن العملية كانت جزءًا من استراتيجية أوسع في صراع طويل الأمد بين إسرائيل وحزب الله، حيث تستخدم إسرائيل التكنولوجيا المتطورة كوسيلة لاستهداف خصومها.