قذيفة مدفعية سقطت على حديقة منزل لعائلة أبو جلالة، شرق مخيم المغازي، لدى انشغال أب في صناعة أرجوحة لأطفاله، بعد عودتهم من منطقة المواصي حيث نزحوا لعدة أسابيع، لتتحول اللحظات العائلية الدافئة إلى مجزرة دموية، حيث تناثرت الأشلاء، وارتفعت الأصوات، ولم يتسن لأحد منهم أن يلهو بالأرجوحة الجديدة.
ثلاثة شهداء ارتقوا من عائلة أبو جلالة إثر هذه القذيفة، بينهم طفلان، وأصيب 5 أطفال آخرين، بينهم 3 حالات بتر، في جريمة تتكرر يوميًا على طول الشريط الشرقي لقطاع غزة.
يأتي الهجوم المدفعي بعد الصفقة التي عقدها الاحتلال مع الولايات المتحدة بقيمة أكثر من 18 مليار دولار، وتتضمن قذائف مدفعية بـ 774.1 مليون دولار، من القذائف الموجهة بتقنية GPS
ويأتي الهجوم المدفعي بعد الصفقة التي عقدها الاحتلال مع الولايات المتحدة بقيمة أكثر من 18 مليار دولار، وتتضمن قذائف مدفعية بـ 774.1 مليون دولار، من القذائف الموجهة بتقنية GPS.
ومنذ منتصف شهر آب/أغسطس الماضي، بدأت قوات الاحتلال حملة قصف مدفعي عشوائي، تستهدف المناطق الشرقية لمحافظات قطاع غزة، وبالأخص التجمعات السكنية شرق المنطقة الوسطى.
وخلال الأسابيع الأخيرة، أصبح القصف المدفعي حدثًا يوميًا بالنسبة لسكان المناطق الشرقية، علمًا أن أقرب هذه التجمعات تبعد أكثر من 2 كيلو متر عن السياج الأمني للاحتلال.
وتشير وتيرة القصف المدفعي اليوم لسياسة إسرائيلية دموية جديدة، قد تهدف إلى طرد المزيد من السكان والنازحين، بحيث يكون الناس مخيرين بين البقاء في المنزل وانتظار قذيفة مدفعية تفتك بهم، كما حصل مع مئات العائلات في تل المناطق، أو الرحيل لمناطق أخرى.
مخيم المغازي، أحد المناطق المستهدفة بالقصف المدفعي، الذي تجاوز المناطق الشرقية ليصل لعمق المخيم، حيث استهدفت مدفعية الاحتلال منزلًا يعود لعائلة عابد، فجر السبت 14 أيلول/سبتمبر، بعد يوم من قصف منزل لعائلة المكاوي بذات الطريقة، ما أحدث إصابات لسكان المنزل وجيرانه.
كما تركز القصف المدفعي صباح الأحد 15 أيلول/سبتمبر، على محيط عيادة الأونروا في مخيم المغازي.
ويقول محمود بن سعيد (41 عامًا)، من سكان شرق مخيم المغازي، إنه في الأسابيع الأخيرة، باتت الإقامة في المنازل خطيرة للغاية، وبات القصف المدفعي واقعًا يوميًا، وعلى من يريد البقاء في منزله، أن يتوقع في أي لحظة وصول القذائف، ويحتاط منها، في حال أمكن ذلك.
وأضاف بن سعيد في حديث لـ "الترا فلسطين": "منزلي يبعد أكثر من 2 كيلومتر عن الحدود، ومع ذلك تتعرض المنطقة يوميًا للقذائف المدفعية المتفجرة أو الحارقة، بينما توقف الاحتلال عن استخدام القذائف الصوتية، التي كانت تستخدم في السابق، حيث يخلف انفجار القذيفة مئات الشظايا، التي تغطي مساحة تصل لأكثر من 50 مترًا".
وتابع: "لاحظنا مؤخرًا استخدام الاحتلال لقذائف كبيرة وقوية جدًا، ولولا أننا نسمع صوت انطلاقها قبل الانفجار لظننا أنها قصف من الطائرات الحربية".
وأوضح محمود بن سعيد، أن عائلته كانت في السابق تذهب للجانب الغربي من المنزل في أوقات القصف المدفعي، كما تقضي لياليها هناك، كون الجانب الشرقي مقابل للحدود الشرقية حيث مرابض المدفعية، إلا أن الاحتلال بات يستخدم قذائف مدفعية ثقيلة تسقط بشكل عمودي، بذات طريقة "الهاون"، وهكذا فإن القصف يطال كافة أرجاء المنزل.
وأكد، أن الاحتلال أباد عائلات بهذه القذائف، كما أنه يستهدف المنازل من مناطق توغله الأخرى، وهذا جعل القذائف تصل لكل مكان ولا تقتصر على الجانب الشرقي من المنازل.
وأفاد بن سعيد، أنه "نتيجة لهذا القصف فقدت مناطقنا السكنية الخدمات التي كانت تقدم سابقًا، سواءً من البلدية أو المؤسسات الدولية، وبعد أوامر الاخلاء الموجهة لمخيم المغازي، لازال الاحتلال يصنف المخيم كمنطقة قتال حمراء، ما يزيد صعوبة الحياة هنا".
ولا يكتفي الاحتلال بالقصف المدفعي، حيث يوجه الطائرات المسيرة المعروفة بالكواد كابتر، التي تطلق النار على منازل المواطنين في المناطق الشرقية ليلًا، ما يسبب حالة رعب في صفوفهم ويدفعهم للنزوح ليلًا، تجاه المناطق الغربية.
كما تطلق هذه الطائرات النار بشكل مباشر على تجمعات المواطنين وخيام النازحين، ما أدى إلى ارتقاء عدد كبير من الشهداء برصاصها، خلال الأسابيع الأخيرة في المناطق الشرقية.
وتحمل طائرات الكواد كابتر قنابل تلقيها من أعلى تجاه المواطنين، ويوم الأربعاء، 11 أيلول/سبتمبر، ألقت طائرةٌ قنبلة تجاه عربة يجرها حصان، كان يستخدمها مزارع وابنه الصغير، في المنطقة الواقعة بين مخيم المغازي وقرية المصدر، ما أدى لإصابتهما بجروح خطيرة، ونفوق الحصان.
كما تستخدم الكواد كابتر القنابل الحارقة وتلقيها على المنازل، والحقول، والسيارات، لإحداث أكبر قدر من الرعب، والخسائر المادية، بجانب ما يمكن أن تخلفه من شهداء ومصابين.
ويقول أسامة عليوه، النازح في مخيم البريج، إن طائرات الكواد كابتر في كل ليلة تحوم فوق مدارس النزوح شرق مخيم البريج ووسطه، وتطلق النيران، وتصدر أصوات كلاب، وأصوات أطفال رضع يبكون، وتستهدف كل من يتحرك، فضلًا عن رصاص الدبابات التي يصل للمدارس، ويحطم الجدران.
وأضاف في حديث لـ "الترا فلسطين": "يتحول الليل لرعب بالنسبة لنا، إطلاق النار من الطائرات والدبابات يمنع الأطفال من النوم، حتى أنهم يقضون حاجتهم في دلاء؛ لكي لا يخرجوا للحمامات الخارجية، خوفًا من استهداف الطائرات".
وتابع، "لا يمكن للطفل أن يتعود على هذا الخوف. حاولت البحث لعائلتي عن مكان آخر، ولكن لم أفلح، فكل المدارس الأخرى مكتظة".
ويوضح أسامة عليوة، أنه لا يستطيع أن يكون بعيدًا عن مدرسة تحتوي على نقطة طبية، نظرًا للوضع الصحي المتدهور لزوجته، التي تحتاج لرعاية طبية ومسكنات، بسبب إصابتها قبل 3 أشهر في الظهر.
طائرات الكواد كابتر في كل ليلة تحوم فوق مدارس النزوح شرق مخيم البريج ووسطه، وتطلق النيران، وتصدر أصوات كلاب، وأصوات أطفال رضع يبكون، وتستهدف كل من يتحرك
الجدير بالذكر أن كافة المدارس الموجودة في الجانب الشرقي لمخيمات المنطقة الوسطى، تعرضت للقصف المدفعي منذ كانون الثاني/يناير الماضي، ووقع فيها أعداد من الشهداء والمصابين.
وتسببت هذه الحملة في نزوح أعداد محدودة من العائلات، فيما بقي العدد الأكبر في مناطق نزوحهم، نظرًا لانعدام البدائل، وعدم وجود مناطق آمنة متاحة للنزوح.