01-يناير-2023
رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، هرتسي هليفي

رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، هرتسي هليفي

"قدتُ جنودًا خلف خطوط العدو في لبنان، اندلعت الانتفاضة الأولى، ووجدنا أنفسنا، نواجه الكثير من الناس في الأزقّة في مخيمات اللاجئين، لقد وجدنا أنفسنا في وضع لم نستعد له، في حال أردت وصف التغيير الذي شعرت به بكلمة واحدة، اختار كلمة المسؤولية. اعتقد انه يُحظر علينا الاعتماد على المعجزات، علينا تجهيز جنود، علينا تجهيز جيش، علينا أن نكون شعبًا واحدًا، يتوجّب علينا وضع وحدة الشعب في مكانة عالية". 

في محاضرته الأولى بعد تعيينه رئيسًا لأركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، حرص هرتسي هليفي على التأكيد على أهمية عدم الركون إلى المعجزات لحماية "إسرائيل" 

كانت الكلمات أعلاه، جزءًا من محاضرة يلقيها اللواء هرتسي هليفي، بعد تعيينه في منصب رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيليّ، ليكون أول مستوطن أو شخص ينتمي لتيار "الصهيونية الدينية" يشغل هذا المنصب.

ومع تسلّمه مهام منصبه الجديد، فإن هليفي (54 عامًا) سيكون رئيس هيئة الأركان الـ 23 في "إسرائيل"، وهو من مواليد القدس المحتلة عام 1967، في بيت ينتمي لتيّار "الصهيونية الدينية"، درس في المدرسة الدينية الثانوية "ميلفارب"، وفي عام 1985 التحق بجيش الاحتلال لأداء الخدمة الإلزامية، ثم تطوع في كتيبة المظليين المحمولة جوًا ضمن لواء "ناحال". وأثناء خدمته العسكرية حصل على شهادة البكالوريوس في تخصص الفلسفة وإدارة الأعمال، ثم درجة الماجستير في إدارة الموارد، ويسكن في مستوطنة "كفار آورانيم"، المقامة غرب رام الله.

وهرتسي هليفي من نسل الحاخام أبراهام كوك (1865-1935) المولود في لاتفيا، وهو وأول حاخام اليهود الأشكناز في فلسطين، هاجر إلى فلسطين عام 1904، ويعد من أبرز مفكري الصهيونية، وأبرز إسهاماته كانت تقريب الصهيونية بوصفها فكرة علمانية قومية إلى المتدينين اليهود، بحجّة أن جيل المستوطنين الصهاينة الرواد في فلسطين هو الجيل الذي تتحدث النبوءات في التوراة عنه، وأن الرواد ورغم كونهم علمانيين إلا أنهم ينفذون إرادة الرب بالاستيطان في فلسطين. 

أسس كوك مدرسة "مركاز هراف" الدينية التي يتخرّج منها قادة اليمين الاستيطاني، وتعتبر دفيئة التطرّف التي يتخرج منها عدد كبير من الطلبة الذين يتحوّلون إلى ضباط في جيش الاحتلال ومخابراته، ومنهم صحافيون يعملون في وسائل إعلام إسرائيلية كبيرة.

وبعد وفاته تولى ابنه تسفي المعروف بـ الحاخام كوك الابن، رئاسة المدرسة، ولاحقًا أسس حركة غوش أمونيم عام 1974، التي بادرت لإنشاء المستوطنات في أرجاء الضفة الغربية.

شغل هليفي مهام حسّاسة من بينها قيادة وحدة النخبة في جيش الاحتلال

في سجلّه المهني شغل هليفي مهام حسّاسة من بينها قيادة وحدة النخبة في جيش الاحتلال "سييرت متكال". وعن أهمية ذلك في صقل قدراته يقوم اللواء احتياط نيستان الون: "في سييرت متكال يتاح لقائدها وهو ضابط برتبة رائد رؤية التفاصيل الدقيقة من مستوى التكتيكات وصولًا إلى تطوير نظرة استراتيجية متعددة الساحات، ليس من السهل لرائد صغير أن يلتقي برئيس الحكومة ووزير الجيش، وقيادة هيئة الأركان، ورئيس مجلس الأمن القومي، بشكل متواصل ويومي، أعتقد أن ذلك كان يشكل تحضيرًا جيّدًا له لدخول هيئة الأركان".

لاحقًا شغل هليفي قيادة المنطقة الجنوبية المسؤولة عن قطاع غزة والحدود مع مصر، وشعبة الجليل المسؤولة عن الحدود مع لبنان، وتولى قيادة كتيبة "منشيه" التي تتولى فرض الاحتلال على جنين، ثم ترأس جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان".

هليفي: "أنا لا أرتدي  الكيبا -القبعة المطرزة- على رأسي دائمًا، لأني أحاول بشكل ما التنصّل من التصنيفات

في محاضرته الأولى بعد تعيينه رئيسًا للأركان، حرص هرتسي هليفي على التأكيد على أهمية عدم الركون إلى المعجزات لحماية "إسرائيل"، ورغم تأكيده على أنّه متديّن، رفض الإفصاح عن حرصه على ارتداء القبّعة المطرزة التي يرتديها أتباع تيار "الصهيونية الدينية".

وفي ذات المحاضرة يقول هليفي: "أنا لا أرتدي  الكيبا -القبعة المطرزة- على رأسي دائمًا، لأني أحاول بشكل ما التنصّل من التصنيفات، ليس ثمة وقت لشرح ذلك، لكنني في نمط حياتي، أتصرف بنهج متديّن". 

اللواء احتياط، دورون شالوم أفيتال، قائد سابق لـ"سييرت متكال" يتذكر انضام هليفي لوحدته بالقول: "الأمر المهم أنّه أتى من خلفية مختلفة، من الخلفية اليهودية المتدينة، التي كانت أقل بروزًا في تلك السنوات في الوحدات المقاتلة في الجيش الإسرائيلي والمواقع القيادية بالطبع، في" سييرت متكال"  تقليديًا، كان العدد الأكبر من عناصرها من "الكيبوتسات/ معاقل اليسار التقليدية". 

ويرى المحلل العسكري الإسرائيلي، أمير أورن، أن هليفي يختار عدم إبراز تديّنه من خلال "الكيبا"،  مضيفًا أن مشكلة الجيش الإسرائيلي تكمن في أن المستوى العسكري يخضع للمستوى السياسي، لكن المستوى السياسي في "إسرائيل" يخضع للمستوطنين، ولذلك فإنّ رئيس هيئة الأركان يحل في المستوى الثالث، تحت الحكومة التي تتلقى تعليماتها بشكل فعليّ من المستوطنين فيما يتعلق  بالسياسات الأمنية تجاه الفلسطينيين خصوصًا في الضفة الغربية وأيضًا في قطاع غزة.

المحلل العسكري الإسرائيلي، أمير أورن: حكومة "إسرائيل" الحالية تتلقى تعليماتها من المستوطنين

وعشية توليه منصبه أجرى التلفزيون الإسرائيلي مقابلة مع قائد "سييرت متكال" دورون افيتال تطرّق فيها لعملية "اللدغة السامة" لاختطاف مصطفى الديراني في شهر تشرين أول/ اكتوبر عام 1986، من جنوب لبنان، قائلًا: "أنا توليت قيادة عملية أسر الديراني، وهليفي شارك في العملية وكان له دور هام في إنجاح العملية".

كما شارك في محاولة إنقاذ جندي الاحتلال نحشون فاكسمان في قرية بير نبالا عام 1994 التي انتهت بمقتل الجندي مع قائد الوحدة  المهاجمة وجرح جنود آخرين، واستشهاد أفراد خلية كتائب القسام.

وقاد هليفي قوات جيش الاحتلال في  المعارك في شمال قطاع غزة خلال عدوان  2008/2009 في مناطق بيت حانون وبيت لاهيا ومنطقة العطاطرة. وبعد الحرب على قطاع غزة في عام 2014 تمت ترقيته إلى رتبة لواء، واستلم بشكل فعلي منصب قائد شعبة الاستخبارات العسكرية، وخلال السنوات الماضية شغل منصب نائب رئيس الأركان.

 

[view:embedded_view=node_content=29717,29693,29675,29725