09-يناير-2024
شكاوى من "تقصير" هيئة الأسرى في زيارة الأسرى ومتابعة ظروفهم

الترا فلسطين | فريق التحرير

اشتكت عائلات أسرى خلال حديث مع "الترا فلسطين" من "تقصيرٍ" في دور هيئة شؤون الأسرى تجاه متابعة ظروف الأسرى في سجون الاحتلال، ونقل أخبارهم عبر تنفيذ زيارات للسجون، ما يضطر الأهالي إلى توكيل محامٍ خاص ودفع مبالغ نقدية، لزيارة أبنائهم والاطمئنان عليهم، بعد القمع الشديد الذي يتعرّض له الأسرى وتضاعف مؤخرًا.

بعد السّابع من أكتوبر، زاد الاحتلال تنكيله بالأسرى في السجون، واستشهد 7 منهم إثر ذلك، ما ضاعف قلق العائلات على أبنائها مع غياب أيّ وسلة تواصل، وباتت زيارة المحامين لهم الطريقة الوحيدة للاطمئنان عليهم

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين أول المنصرم، تفرض سلطات الاحتلال قيودًا على زيارات المحامين وهيئة شؤون الأسرى والمؤسسات الدولية، كما تمنع زيارة الأهالي التي كانت مقررة كل شهر.

ودفع ذلك عائلات الأسرى للاعتماد على محامين خاصين، كما تقول زوجة الأسير جواد الجعبري من الخليل، والقابع في سجن النقب، حيث اضطرت عائلته رفقة أربع عائلات أخرى لتوكيل محامٍ خاص للاطمئنان عن أبنائهم، وسط فقدان الأمل من جهود الهيئة التي لم تتمكن من الحصول على معلومات حول ظروف اعتقالهم منذ السابع من أكتوبر الماضي.

شكاوى بالتقصير وعدم المتابعة

وتشمل عائلة "أم يحيى الجعبري" ثلاثة أسرى "زوجها ونجلها وزوج ابنتها"، وتؤكد أنها مضطرة لدفع مبالغ مالية لكل محامٍ يتمكن من زيارة أحد أفراد العائلة الموزعين على مختلف السجون، وأضافت أن عائلات أخرى لا تستطيع دفع المبالغ المالية إذ تكلفهم كل زيارة نحو 1500 شيقل (428 دولارًا).

وتتساءل زوجة الأسير محمد عطا من مخيم الجلزون شمال رام الله، القابع في سجن عوفر خلال حديثٍ مع الترا فلسطين، قائلة: "كيف يستطيع المحامي الخاص زيارة الأسرى أما محامي الهيئة لا يستطيع؟ لماذا نجبر على دفع آلاف الشواقل بينما هذا يعتبر دور هيئة شؤون الأسرى، والصليب الأحمر؟".

بعض العائلات اضطرت لدفع مبالغ مالية لمحامين لزيارة أبنائهم في سجون الاحتلال
بعض العائلات اضطرت لدفع مبالغ مالية لمحامين لزيارة أبنائهم في سجون الاحتلال

وتقول "أم مؤمن" التي يعاني زوجها من ظروف صحية صعبة في الأسر، ويحتاج لإجراء عملية جراحية: "فقدنا الأمل بدور هيئة شؤون الأسرى والصليب الأحمر رغم أننا نفذنا العديد من الوقفات من أجل الوصول لوضعٍ يسمح بزيارة الأسرى والاطمئنان عليهم، لكن الجواب دائمًا كان أن لا زيارات في الوقت الحالي، وهذه كلمة يبدو أن البعض يرتاح في تكرارها".

وتابعت: "رفضنا لاحقًا أن يزوره المحامي الخاص خشية من تعرّضه للضرب وصعوبة حركته، رغم أن المحامي عرض علينا تخفيض المبلغ تقديرًا لظروف الاعتقال".

من جهتها، تردّ هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبر مدير دائرتها القانونية جميل سعادة بأن "ظاهرة السمسرة" واستغلال حاجة الناس ظهرت من بعض المحامين الذين يروّجون للزيارة، وأن عائلات اشتكت لهم من المحامين الخصوصيين الذين ادّعوا زيارة أبنائهم، وتبيّن لاحقًا أنهم "غير صادقين".

هيئة الأسرى: نفّذنا قرابة 40 زيارة لأسرى، وإدارة السجون تعرقل إتمام الزيارة 

وأكد المحامي جميل سعادة أن هيئة شؤون الأسرى نفّذت قرابة 40 زيارة لأسرى في السجون، كان آخرها سجن عوفر غرب رام الله يوم الخميس الماضي، مشيرًا إلى أنّ إجمالي الأسرى الذين تمّت زيارتهم حتى الآن نحو 120، لكنّ ونتيجة ظروف الأسر وقلّة الزيارات لا تستطيع الهيئة زيارة 8700 أسير مرة واحدة، ولذا يسعى المحامي خلال زيارته لأن يطمئن من خلال الأسير على ظروف الأسرى الآخرين الذين معه في ذات الغرفة أو القسم.

ولم تفتح إدارة السجون الإسرائيلية الباب لزيارة الأسرى بعد أحداث السابع من أكتوبر، بل جاءت الزيارات بعد التماسات قُدّمت للمحاكم الإسرائيلية. وبحسب المحامي سعادة، حاول محامو هيئة الأسرى زيارة سجن "ريمون" في بئر السبع 7 مرّات، وفي كل مرة تفعّل إدارة السجون حالة الطوارئ لخلق مبرر يعرقل إجراء الزيارة.

وتضم هيئة شؤون الأسرى والمحررين في طاقمها القانوني قرابة 50 محامٍ تختلف مهام أعمالهم بين "الزيارات للسجون، وحضور جلسات التمديد للأسرى، والمرافعات في المحاكم ومتابعة قضايا الاعتقال الإداري" وتتراوح الرواتب الشهرية لكل محامٍ ما بين (7 - 12 ألف شيقل) وفق ما أكدت مصادر خاصة لـ "الترا فلسطين".

ويردُّ سعادة بأن الطاقم القانوني كلّه قدّم زيارات للسجون، ولكنهم يصطدمون بقيود إسرائيلية، مبيّنًا أن سجن عوفر على سبيل المثال تُسمح فيه الزيارة يوميًا لمحاميين اثنين فقط من الهيئة أو أي جهة أخرى.

وحول دور الهيئة في مكافحة ما وصفه سعادة "سمسرة بعض المحامين"، يقول: "حاولنا التواصل مع عائلات الأسرى وإرشادهم حول الموضوع، ولكن للأسف لا سلطة لدينا على المحامين خصوصًا من هم من الداخل، ولا سلطة لنقابة المحامين عليهم، وتواصلنا معهم بصفة الزمالة بأنكم لن تستطيعوا لاحقًا متابعة الطلبات القانونية للأسير من خلال هذا العمل".

محام يرد على الهيئة: حُجّة المقصّر!

ويرد المحامي المختص بقضايا الأسرى، فادي القواسمة بالقول: "لو أن الهيئة قامت بواجبها دون تقصير، لما توجّه الناس للمحامي الخاص، ولكن المقصّر يحاول أن يبرر تقصيره على حساب الآخرين، وعلى الهيئة أن تدرك أنها ليست وحدها من تعمل في سياق خدمة الأسرى، بل هناك غيرها في هذه الساحة، ولا يحق لأحد اتهامهم بالاحتيال أو النصب أو السمسرة".

وتابع القواسمة: "أنا لا أزور إلا مرّات قليلة وبلا مقابل مادي، لأن الزيارات ليست من اختصاصي، ومن أراد أن يحذّر من أي ظاهرة عليه تحري الدقة أولًا، ومن ثم إبلاغ ذوي الأسرى من باب الحرص، دون إطلاق اتهامات عامة لا تليق بمؤسسة محترمة مثل هيئة شؤون الأسرى في ظل ما يعيشه ذوي الأسرى من "ظروف صعبة".

أكثر من 8800 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي
أكثر من 8800 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي

أمّا المحامي الخاص، حمزة أبو ميزر والذي رفض تصريحات مدير الدائرة القانونية في هيئة الأسرى فقد أوضح بأنه زار حوالي 35 أسيرًا في 7 مرّات، وما ينفي "ادّعاء الهيئة" حسب وصفه هو أنه ينقل خلال الزيارة معلومات ورسائل خاصة بين الأسير والعائلة، مثل رقم البطاقة البنكية للأسير أو معلومات معيّنة، أو عبر إيصال السلام والتحية لأفراد من العائلة لا يعرفهم المحامي، أو عبر وصف شكل وحال الأسير.

ويقول أبو ميزر إنهم يتقاضون مبلغ 1500 شيقل من 5 عائلات، لزيارة سجون مثل نفحة والنقب في جنوب البلاد، وهذا يتطلب جهدًا ووقتًا وتكلفة مواصلات، وأنهم يتساهلون مع أهالي الأسرى، ويتعاملون بحرص في الوصول إلى الأسرى وطمأنتهم عبر قراءة رسائل الأهل لهم.

المحامي أبو ميزر: زيارة الأسرى في السّجون تحتاج جهدًا وإصرارًا على التواصل المتكرر مع إدارة السجن، وعدم الاكتفاء برسالة واحدة عبر الفاكس

ولا تحتاج الزيارة وفق أبو ميزر لجهد قانونيّ، بل تحتاج جهدًا عمليًا بالإصرار عبر التواصل المتكرر مع إدارة السجن بالاتصال وإرسال الرسائل عبر الفاكس، لكن بعض المحامين يكتفون برسالة واحدة عبر الفاكس ولا يتكلّف بعضهم بمحاولات أخرى، على حدّ قوله.

ويُشار إلى أنّ إجمالي عدد الأسرى في سجون الاحتلال بلغ حتى نهاية تشرين ثاني/ نوفمبر، أكثر من 8800، بينهم أكثر من 3291 معتقل إداريّ، و661 صنّفهم (كمقاتلين غير شرعيين)، من معتقلي غزة، علمًا أن حصيلة الاعتقالات في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر بلغت 5755 معتقلًا.