كُثُرٌ شُغِلو بتتبع حضور "أبو عبيدة" الناطق العسكري باسم كتائب القسام، مُعتبرين خطاباته بلسم العافية للناس المكلومة والموجوعة من مُشاهدة وحشية العُدوان على غزة، وأن إطلالته تحمل لهم أخبار المُقاومة وبُشريات النّصر.
كان واضحًا أن الهتاف لـ"أبو عبيدة" هو جزءٌ من الحالة العامة التي امتلكها الرجل في الشارع الفلسطيني والعربي، وقد بلغ الأمر بخطباء المنابر أن يذكروه ويمدحوه ويأتون على تشبيهه بشخصيات إسلامية ذات ثقل تاريخي
ومما شُغلت به منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام أيضًا رمزية الكوفية التي يرتديها أبو عبيدة، وقوة اللغة التي يتحدث بها، ومتانة السّردية التي يُقدمها، وهذا انعكس أيضًا على حضوره فنيًا وشعبيًا حيث قيلت في مديحه الأغاني، ووصفه الناس بأجمل الألقاب والأوصاف، وصار رمزًا يُمتدح في كل مكان وتعلق صُوره الكبيرة تقديرًا وإعجابًا وتضامنًا، وتحول حضوره لأهم محتوى عبر المنصات في تفاعلات عجيبة ومتنوعة. وقد لفت انتباهي إضافة لكل ما سبق استدعاؤه كبطل في المَسيرات يُهتف له ويعبر عن رمزيته بأجمل الشعارات والأقوال.
في هذا المقال أركز على تلك الهتافات والشّعارات التي قيلت في المسيرات الشعبية وخوطب بها "أبو عبيدة" وذكر باسمه أو صفته ووصفه.
لماذا نهتف لـ "أبو عبيدة"؟
تهتف الجماهير في المسيرات بعبارات سهلة التداول ذات رنين وفيها سجع وإيقاع للتعبير عن الحالة العامة، وحشدًا للقوى، وشحذًا للهمم، وإعلاءً للصوت بالموقف الواضح من القضايا التي تخرج لمناصرتها. والأمر ينطبق على المسيرات والمظاهرات الفلسطينية والعربية التي تخرج نصرة لغزة ومقاومتها والرافضة للعدوان الصهيوني، حيث نجد الهُتافات معبرة بوضوح عن الانحياز لحق المقاومة الفلسطينية، وفيها تمجيد للبطولة والفخر بقادة المقاومة، وانتصارٌ لغزة وإعلاء لشأن صمودها وبسالة أهلها.
ومن بين تلك الهتافات التي تم توثيقها في المسيرات طوال شهرين من العدوان على غزة، وجدنا حضورًا بارزًا لشخصية أبو عبيدة، الأمر الذي تكرر وحضر أيضًا في المظاهرات العربية التي نُشرت مقاطع منها عبر منصات التواصل الاجتماعي. فأبو عبيدة هو الحاضر الأهم بين قادة المقاومة الفلسطينية يليه شخصيات أخرى منها القائد محمد الضيف ثم يحيى السنوار، بالإضافة إلى رموز أخرى مثل أحمد ياسين، وأبو عمار، ويحيى عياش، ومروان البرغوثي، وصالح العاروري.
وكان واضحًا أن الهتاف لـ"أبو عبيدة" هو جزءٌ من الحالة العامة التي امتلكها الرجل في الشارع الفلسطيني والعربي، وقد بلغ الأمر بخطباء المنابر أن يذكروه ويمدحوه ويأتون على تشبيهه بشخصيات إسلامية ذات ثقل تاريخي، وراج تساؤل لطيف عبر عدّة تغريدات: "إذا كانت هذه هيبة وعِزة أبو عبيدة، فكيف كانت هيبة سيدنا النبي وعمر وعلي وحمزة وخالد".
لقد تجاوز أبو عبيدة مكانته كناطق إعلامي ليصبح رمزًا وأيقونة تُعبر عن القوة والشجاعة، وألحق الناس به ألقابًا كثيرة عبروا فيها عن حبهم له وإعجابهم به، وأنه يمثل طاقة حياة متجددة لهم بإطلالته المنتظرة والمُرتقبة، ومن بين تلك الألقاب: مدير الكوكب، سيف الله المُلثم، جابر الخواطر، أمين أمة المقاومة، سيدنا الملثم، الصاروخ الناطق، أبو كوفية حمرا، أبو أصبع، الفارس الملثم، صوت الحق والنصر، حَبيبنا اللزم، زَلمتنا، الهَيبة، فخر الرجولة، ممثل الأمة الإسلامية، الممثل الشرعي الوحيد، مجهول الأرض معروف السماء، سفير السعادة، تاج الراس، شرفنا العالي، قلب الأسد ..الخ.
مع هذا الحضور الكاريزماتي للرجل كان من الطبيعي أن نجده على رأس قائمة الشخصيات التي هُتف لها في المسيرات باعتباره رمزًا للمعركة والمقاومة. ومن الواضح أن هذه الهتافات على تنوعها واختلافها عكست مستوى الاصطفاف خلف المقاومة، وعبرت عن المزاج العام العاشق لشخصية أبو عبيدة، ولذا انتشرت بسرعة وتم تداولها والتفاعل معها في مناطق كثيرة، وصارت تتكرر وتُستدعى في كل المظاهرات.
هتاف في مَديح المَليح
مما لا شك فيه أن الهتافات لـ "أبو عبيدة" وقادة المُقاومة الفلسطينية ليس حدثًا جديدًا ولا أمرًا لا سابق له، فطوال تاريخ النضال الفلسطيني كان الهُتاف للقادة والرموز جزءًا أساسيًا من المسيرات والمظاهرات، ولعل أشهر هتاف في عشرينات وثلاثنيات القرن الماضي كان:
حج أمين يا منصور .. بسيفك هدينا السور
حج أمين لا تعبس .. بدك عسكر بنلبس
ومن خلال رصدنا للمظاهرات الشعبية ومسيرات نُصرة غزة بعد 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023 حتى يوم 4 ديسمبر\ كانون أول 2023 وجدنا 47 هتافًا ذكرت أبو عبيدة أو هتفت له باسمه أو بوصفه المُلثم، وهي هتافات متنوعة ومختلفة، وتعكس خلفيات وثقافات القَوّالة والهتّيفة الذين يبتكرونها، وهي أيضًا متنوعة من حيث عدد الشطرات فهناك هتافات من شطرين كأبيات الشعر (صدر وعجز) وهناك هُتافات من ثلاثة شطرات وأخرى من أربعة، وبعض الهتافات ذو طابع غنائي يُردد جماعيًا بلحن سريع، وهو أمر ينطبق على غالبية الهتافات من حيث التطور والتغير الذي رافقها في السنوات الأخيرة.
ومن بين الهتافات الأكثر تداولاً وشهرة اخترنا لكم هذه المجموعة :
يا أبو عبيدة يا مخوفهم .. بس تطلع تحكي بترعبهم
أبو عبيدة يا مثلم .. كلمة حق بتتكلم
يا أبو عبيدة يا أمين .. يا حبيب الملايين
يا أبو عبيدة يا وجه الخير .. يا أبو طلة بهية
أبو عبيدة يتوعد .. رفع الصندوق الأسود
وهناك هتافات أردنية قيلت خصيصًا لأبو عبيدة في مسيرات العاصمة الأردنية عمان بعد توجيهه رسالة لهم، قال فيها: "أنتم يا أهلنا في الأردن كابوس الاحتلال الذي يخشى تحركه ويتمنى ويعمل ويجاهد لتحييده وعزله عن قضيته"، فجاءت هتافات الأردنيين:
أبشر يا تاج الراس .. وانت اللي بترفع الراس
أبشر يا أبو عبيدة.. بدنا جبهة أردنية
تطلق صواريخ الحرية
تطلق نار عَ الكيان .. لأجل عيونك يا عمان
يا أبو عُبيدة لبيناك .. شعب الأردن كله معاك
يا أبو عُبيدة بنستناك .. احنا معاك احنا معاك
يا شـــــرفنا العالي .. يا أبو عُبيدة .. يا شـــــرفنا العالي
غالي والله غالي.. شعبك يحبك.. غالي والله غالي
وبعض الهتافات المتداولة لأبو عبيدة هي من جملة الهتافات العامة التي يمكن استبدال الشخص الممدوح أو المنادى بها حسب سياق الحدث ومن ذلك:
يا أبو عبيدة طُل وشوف .. هيّ رجالك عَ المكشوف
يا أبو عُبيدة لا تهتم .. غزة ترد الدم بدم
يا أبو عُبيدة يا حبيب .. اضرب اضرب تل أبيب
أبو عبيدة يا عيوني .. إضرب كريات شموني
أبو عبيدة قالها .. ثورة واحنا رجالها
أبو عبيدة يا مغوار .. اضرب خلي الارض تولع نار
أبو عبيدة يا مغوار .. هينا وصلنا عَ الأغوار
يا أبو عبيدة يا مغوار .. روحوا الأسرى على الدار
وهناك بعض الأغاني والأناشيد التي قيلت في مديح أبو عبيدة وقد تحولت إلى هتافات في المسيرات ومنها هذه الأغنية المُهمة:
يا ملثم يا أبو الكوفية .. يا رعب اليهود
يا أبو عبيدة الهمة قوية .. تصريحك بارودإذن هذه باختصار بعض الهتافات التي مدحت الرجل ونادت به كبطل للجماهير، ولعلنا ننشر لاحقًا جميع هتافاته وسياقها وتحليها، ومثلها ما قيل لرجال المقاومة ورموزها ممن حضروا في الهتافات وانحازت الجماهير لخيارهم المُقاوم الرافض للاحتلال والساعي للحرية.