الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير
ماتزال الأزمة في حكومة الطوارئ الإسرائيلية ومجلس الحرب آخذة بالتفاقم، منذ هجوم وزراء من الائتلاف الحكومي على رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي ليلة الجمعة، بسبب قراره تشكيل لجنة تحقيق في "إخفاقات 7 أكتوبر".
التقدير السائد في إسرائيل بأن نتنياهو هو من بادر بالتنسيق مع وزرائه لمهاجمة رئيس الاركان في أكثر من اجتماع، حتى يدفع غانتس وحزبه لمغادرة مجلس الحرب
ونشرت صحيفة "معاريف" تقريرًا قالت فيه إن بيني غانتس، الذي انضم إلى حكومة الطوارئ ومجلس الحرب بشكل استثنائي أثناء الحرب، يُراكم الذرائع للانسحاب من هذه الحكومة بعد الخلاف الذي حدث في جلسة مجلس الحرب والكابينت الموسع.
وإثر هذا الخلاف وقبل دخول "عطلة السبت"، هاجم بنيامين نتنياهو، وقال: "كان ينبغي على مجلس الوزراء مناقشة العمليات الاستراتيجية التي ستؤثر على استمرار الحرب وأمننا في المستقبل. وهذا لم يحدث والمسؤولية عن ذلك تقع على عاتق رئيس الوزراء. فهو مسؤول عن التصحيح والاختيار بين الوحدة والأمن وبين السياسة".
وردًا على ذلك، نشر مستشار نتنياهو، يوناتان أوريش، بيانًا باسم حزب "الليكود"، هاجم فيه غانتس، وقال: "واجب مجلس الوزراء السياسي والأمني الكابينت هو طرح الأسئلة وتلقي الإجابات. هذه ليست سياسة. في أوقات الحرب، عندما يكون الناس متحدين، يُتوقع من غانتس أن يتصرف بمسؤولية ويتوقف عن البحث عن أعذار للتراجع عن وعده بالبقاء في حكومة الوحدة حتى نهاية الحرب".
ولم يتأخر الرد من جانب غانتس، "ولم يكن أقل عدوانية" وفقًا لتقرير "معاريف"، إذ قال إن على نتنياهو الوفاء بوعده حول تعيين مفوضين للشرطة وإدارة السجون، قبل أن يحث الناس على الوفاء بعهودهم.
واعتبرت "معاريف" أن هذا السجال هو "تبادل للضربات" دفع إلى نقاش عاصف حول إن كانت أيام حكومة الطوارئ معدودة، وأنها على وشك التفكك؟. ونقلت عن وزراء في حزب "الليكود" -الذي يتزعمه نتنياهو- قولهم إن "حكومة الطوارئ ليست قريبة من التفكيك"، معتبرين ما يحدث بأنه "نقاشات صعبة"، لكنها "ليست استقالة".
وقال مصدرٌ آخر في الائتلاف الحكومي لـ"معاريف"، إن غانتس لم يتخذ بعد قرارًا بشأن الانسحاب من حكومة الطوارئ أو موعد هذه الخطوة، "لكنه بالتأكيد يراكم ذرائع للانسحاب من الحكومة" حسب قوله.
وتأكيدًا لعُمق الأزمة، تغيّب بيني غانتس والوزيران في حكومة الطوارئ غادي آيزنكوت وهيلي تروبر عن جلسة الحكومة اليوم، وذلك لأول مرة منذ تشكيل حكومة الطوارئ وانضمامهم إليها، علمًا أن الثلاثة ينتمون إلى حزب "المعسكر" الذي يتزعمه غانتس.
ماذا يعني انهيار حكومة الطوارئ؟
وكان بيني غانتس انضم مع أربعة وزراء من حزبه -المعسكر الرسمي- إلى "حكومة الطوارئ" بشكل استثنائي بعد عملية طوفان الأقصى، بهدف تشكيل "مجلس حرب". ونص الاتفاق بين نتنياهو وغانتس أن هذه الحكومة ستعمل حتى نهاية الحرب، ولن يتم خلال عملها طرح أي قوانين على الكنيست بدون موافقة حزبي الليكود والمعسكر الرسمي، وأن يتم تمديد مدة شاغلي المناصب الحساسة الذين تنتهي مدة خدمتهم أثناء الحرب حتى نهاية الحرب.
وجاء انضمام غانتس إلى "حكومة الطوارئ" رغم أن خلافات حادة جدًا حدثت في السنوات الأخيرة بين بيني غانتس وبنيامين نتنياهو، تفاقمت أثناء فترة الإصلاحات القضائية التي بادر إليها الائتلاف الحكومي بقيادة نتنياهو، ووقفت ضدها المعارضة التي يعتبر غانتس أحد أقطابها.
وقال الصحفي المتخصص في الشأن الإسرائيلي أنس أبو عرقوب، إن نتياهو لجأ لضم غانتس إلى مجلس الحرب لتحقيق هدفين، الأول: تأمين أعلى مستوى من الدعم الأمريكي للعدوان على قطاع قطاع غزة، لأن غانتس مقرب من البيت الأبيض، والأمريكيون كانوا يخشون من أن تكون قيادة الحرب للوزراء المتطرفين في حكومة نتنياهو، خاصة الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير.
أما الهدف الثاني، وفقًا لأنس أبو عرقوب، فهو رغبة نتنياهو في أن يكون غانتس شريكًا له في أي إخفاقات قد تحدث في إدارة الحرب، وأن لا يتحمل وحده المسؤولية في المستقبل، باعتبار شخصية عسكرية وكان وزيرًا للجيش في السابق.
وبيّن أبو عرقوب لـ الترا فلسطين، أن الإدارة الأمريكية تراهن بأن وجود غانتس وشريكه غادي آيزنكوت في مجلس الحرب سيلجم طموحات نتنياهو ووزير الجيش يوآف غالانت في توسيع الحرب لتشمل حزب الله وإيران، ولكن الآن بعد 3 شهور من تشكيل "حكومة الطوارئ"، يشعر نتنياهو بالثقة أن الإدارة الأمريكية لن تمارس ضغوطًا عليه لإجباره على بقاء غانتس في مجلس الحرب، باعتبار أن هذه الإدارة مقبلة على انتخابات في العام الحالي.
وأضاف، أن التقدير السائد في إسرائيل بأن نتنياهو هو من بادر بالتنسيق مع وزرائه لمهاجمة رئيس الاركان في أكثر من اجتماع، حتى يدفع غانتس وحزبه لمغادرة مجلس الحرب، ليحافظ نتياهو على استقرار ائتلافه الحكومي الذي يرفض مناقشة "مستقبل غزة" ويريد مواصلة الحرب دون التوصل إلى أي تسوية تكون السلطة الفلسطينية، وهو أحد المواضيع الخلافية بين غانتس ونتنياهو.
وتابع: "إضافة لذلك، فإن مغادرة غانتس وآيزنكوت لمجلس الحرب يعني حصول نتنياهو وائتلافه الحكومي على فرصة للتفرد في القرار على النحو الذي يريدونه".
مغادرة غانتس وآيزنكوت لمجلس الحرب سوف تجعل نتنياهو أكثر خضوعًا لابتزاز سموتريتش وبن غفير، وتعني بقاء المجس مكونًا من طرفين من مصلحتهما الشخصية بإطالة أمد العدوان وربما توسيعه
في المقابل، يرى أنس أبو عرقوب أن مغادرة غانتس وآيزنكوت لمجلس الحرب سوف تجعل نتنياهو أكثر خضوعًا لابتزاز وزير المالية سموتريتش ووزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، وهما أقوى حلفائه في الائتلاف الحكومي، ويحظيان بانتقادات دائمة من الإدارة الأمريكية، ويواصلان الدعوة لاستمرار العدوان والمجازر والتهجير في قطاع غزة.
وأكد أبو عرقوب، أن أخطر ما في غياب غانتس وآيزنكوت من مجلس الحرب هو بقاء المجلس مكونًا من طرفين من مصلحتهما الشخصية إطالة أمد العدوان على قطاع غزة وربما توسيعه ليشمل لبنان، "فالمستوى السياسي والمستوى العسكري كلاهما مسؤول عن الإخفاق في عملية طوفان الأقصى، ونهاية الحرب تعني أنهم سيمثلون أمام لجان التحقيق وسيفقدون مناصبهم، في حين أن إطالة أمد الحرب يعني احتمال تحقيق إنجازات للتخفيف من وطأة الفشل وتراجع منسوب الرغبة الغريزية بالانتقام التي تسيطر على الجمهور الاسرائيلي.