كشف موقع "أكسيوس"، اليوم الثلاثاء، أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أصبحت تشعر بتزايد انعدام الثقة في التصريحات التي تقدمها الحكومة الإسرائيلية حول خططها العسكرية والدبلوماسية في الحرب المتعددة الجبهات التي تخوضها، وذلك وفقًا لما أفاد به أربعة مسؤولين أمريكيين.
وتفاقمت الأزمة مع تخطيط إسرائيل للرد على إيران بعد الهجوم الصاروخي الضخم الذي شنّته الأخيرة، وهو ما يتطلب تنسيقًا دقيقًا مع الولايات المتحدة في حال قررت إيران الرد.
سوليفان: الولايات المتحدة تتوقع "وضوحًا وشفافية" من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران، نظرًا لأن لهذه الخطط تداعيات على القوات والمصالح الأميركية في المنطقة.
وأكد المسؤولون الأميركيون أن إدارة بايدن لا تعارض رد إسرائيل على الهجوم الإيراني، لكنها تريده أن يكون محسوبًا. وقال أحد المسؤولين: "ثقتنا بالإسرائيليين ضعيفة جدًا في الوقت الحالي ولأسباب وجيهة".
وقال مسؤولان أميركيان لموقع "أكسيوس"، إن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، أبلغ وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، يوم الجمعة الماضية، أن الولايات المتحدة تتوقع "وضوحًا وشفافية" من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران، نظرًا لأن لهذه الخطط تداعيات على القوات والمصالح الأميركية في المنطقة.
وأشار أحد المسؤولين إلى أن سوليفان كان يشير إلى أنه إذا لم تعلم الولايات المتحدة ما الذي تخطط له إسرائيل، فقد لا تكون تلقائيًا مستعدة للمساعدة في صدّ أي هجوم صاروخي إيراني آخر ضد إسرائيل. رغم ذلك، أضاف المسؤولون أن الولايات المتحدة من المحتمل أن تساعد إسرائيل في "الدفاع عن نفسها بأيّ حال".
وأكد المسؤولون أن ديرمر أشار إلى أن إسرائيل ترغب في التنسيق مع الولايات المتحدة، لكن إدارة بايدن تشكّ في مدى صحة هذا التصريح.
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن كان غاضبًا عندما أبلغه نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت بعملية اغتيال نصرالله قبل دقائق من إسقاط الطائرات الإسرائيلية قنابلها على بيروت
ووفقًا للمسؤولين الأمريكيين، فوجئت الإدارة الأميركية مرات عديدة مؤخرًا بالعمليات العسكرية أو الاستخباراتية الإسرائيلية. ففي بعض الحالات، لم تتَشَاوَر مع الولايات المتحدة أو إبلاغها مسبقًا، أو أُبْلِغَت بعد أن كانت الطائرات الإسرائيلية في طريقها لتنفيذ غارات جويّة في الشرق الأوسط.
وأحد الأمثلة على ذلك هو أن إسرائيل لم تبلغ الإدارة الأميركية مسبقًا عن تحركها الدراماتيكي لاغتيال زعيم حركة حماس إسماعيل هنية في طهران. كما حدث ذلك بعد عدة أيام من إبلاغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس بايدن خلال لقائهما في المكتب البيضاوي بأنه سيعمل على تحقيق تقدم في صفقة مع حماس لإطلاق سراح الأسرى وإقامة هدنة في غزة.
كذلك، لم تكن الولايات المتحدة على علم بخطط إسرائيل لتفجير أجهزة النداء اللاسلكي وأجهزة الاتصال التي يستخدمها أعضاء حزب الله في لبنان، واغتيال حسن نصرالله في بيروت.
وأفاد مسؤولون أمريكيون أن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن كان غاضبًا عندما أبلغه نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت بعملية اغتيال نصرالله قبل دقائق من إسقاط الطائرات الإسرائيلية قنابلها على بيروت. ورأى أوستن أن ذلك يمثل خرقًا للثقة من جانب غالانت، لأنه لم يتم إخطار البنتاغون في الوقت المناسب لاتخاذ تدابير لحماية القوات الأميركية في المنطقة.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن غالانت أبلغ أوستن بأنه تلقى أوامر من نتنياهو بعدم إبلاغ الولايات المتحدة مسبقًا.
مسؤول إسرائيلي كبير: "الإدارة الأميركية تدرك أننا دولة ذات سيادة، لكنهم يريدون تقديم ملاحظاتهم. نحن سنرد على الهجوم الإيراني، ولا شك في ذلك، ولكننا لن نفعل ذلك بطريقة تؤدي إلى حرب شاملة مع إيران"
ومن بين القضايا التي زادت انعدام الثقة في البيت الأبيض كانت تراجع نتنياهو عن المبادرة الأميركية للهدنة في لبنان. وأعلن بايدن عن المبادرة بعد أن فهم مستشاروه من نتنياهو وديرمر أن إسرائيل وافقت عليها، لكن الإسرائيليين تراجعوا لاحقًا.
وفي الأيام الأخيرة، أثارت الإدارة الأميركية تساؤلات بشأن أمر من قوات الاحتلال الإسرائيلية بإخلاء المدنيين الفلسطينيين من شمال غزة إلى الجنوب. وعبّر المسؤولون الأميركيون عن قلقهم من أن هذا قد يكون تحضيرًا لحصار إسرائيلي على شمال غزة، وأن الفلسطينيين الذين يغادرون قد لا يُسمح لهم بالعودة.
وأفاد المسؤولون الأميركيون بأنهم أبلغوا الإسرائيليين بأن مثل هذه الخطوة ستكون انتهاكًا للقانون الدولي والقوانين الأميركية. لكن الإسرائيليين ادعوا أنهم لا يعتزمون تهجير الفلسطينيين بشكل دائم من شمال غزة أو فرض حصار على المنطقة، وأنها عملية مؤقتة.
وزار قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا إسرائيل خلال عطلة نهاية الأسبوع، والتقى برئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي ووزير الجيش الإسرائيلي غالانت للحصول على إحاطة حول خطط إسرائيل للرد على إيران. وأبلغ غالانت نظيره الأميركي أوستن خلال مكالمة هاتفية يوم الأحد الماضي أن إسرائيل لم تتخذ قرارًا نهائيًا بشأن توقيت وحجم الانتقام ضد إيران.
ومن المتوقع أن يصل وزير الجيش الإسرائيلي إلى واشنطن يوم غد الأربعاء في زيارة تستغرق 24 ساعة، حيث سيجتمع مع أوستن وسوليفان للتنسيق ومناقشة خطط الضربة المحتملة على إيران.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير: "الإدارة الأميركية تدرك أننا دولة ذات سيادة، لكنهم يريدون تقديم ملاحظاتهم. نحن سنرد على الهجوم الإيراني، ولا شك في ذلك، ولكننا لن نفعل ذلك بطريقة تؤدي إلى حرب شاملة مع إيران".