05-مارس-2024
شاحنات المساعدات في غزة فخ الموت

محاصرون في شمال قطاع غزة بعد حصولهم على أكياس طحين | غيتي ايميجز

الترا فلسطين | فريق التحرير

رغم الانتقادات الدولية التي لقيتها مجزرة الاحتلال بحق منتظري المساعدات عند دوار النابلسي في غزة، عاد جيش الاحتلال ليكرر الاعتداء ذاته عند دوار الكويتي في غزة أيضًا، ما يشير إلى سياسة ممنهجة بتحويل المساعدات إلى "فخ" للمحاصرين في شمال قطاع غزة، بالتزامن مع سياسة التجويع هناك.

خبراء الأمم المتحدة المعنيون بحقوق الإنسان دعوا إسرائيل إلى إنهاء حملة التجويع في غزة، مؤكدين أن الجيش الإسرائيلي يتعمد استهداف المدنيين الذين يبحثون عن المساعدات الإنسانية.

وكان 118 شهيدًا قد ارتقوا في مجزرة دوار النابلسي، عندما قصف جيش الاحتلال مئات المواطنين الذين باتوا الليل نهاية الأسبوع الماضي بانتظار شاحنات المساعدات، في حين مايزال عشرات 760 جريحًا آخرين بينهم العشرات بحالة خطيرة.

مجزرة الطحين دوار النابلسي شارع الرشيد
جثامين شهداء ارتقوا في مجزرة شارع الرشيد | غيتي ايميجز

كما قصف جيش الاحتلال شاحنة مساعدات على الطريق الساحي في دير البلح وسط قطاع غزة، وأدى ذلك لاستشهاد 9 أشخاص وإصابة آخرين بعضهم حالتهم خطيرة، وفق ما نقلت وكالة الأناضول عن مصادر طبية.

ولم يعلق جيش الاحتلال على هذه الجريمة. بينما اتهمت جمعية الهلال الأحمر الاحتلال بتعمد استهداف قوافل الإغاثة.

وقالت حركة حماس تعقيبًا على قصف الشاحنة إن استمرار قصف قوافل الإغاثة "هو تأكيد وإصرار من الكيان المجرم على المضي قدمًا في حرب الإبادة والتطهير العرقي، التي أحد أركانها التجويع الممنهج (..) وهذا يعبر عن مستوى غير مسبوق في الإجرام والوحشية في تاريخنا المعاصر".

قصف شاحنة مساعدات في دير البلح
شاحنة مساعدات بعد قصفها في دير البلح | غيتي ايميجز

وزعم الاحتلال أن جنوده أطلقوا النار على 10 أشخاص فقد أثناء اقترابهم من القوات، وأن عشرات الضحايا قتلوا نتيجة دهسهم من الشاحنات التي تدافعوا باتجاهها. لكن تحقيقًا لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نفى ادعاءات الاحتلال، واتهم الاحتلال بتعديل المواد المصورة التي بثها، وذلك لدرء المسؤولية عن قواته في ارتكاب المجزرة.

مجزرة شارع الرشيد
صور معدلة نشرها الاحتلال حول مجزرة الرشيد وكذبها تحقيق نيويورك تايمز

وأكد المعلق العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هرئيل أن إسرائيل فشلت في إقناع العالم بروايتها حول المجزرة، والعالم يراها مسؤولة عن المجاعة في شمال قطاع غزة.

وعاد جيش الاحتلال لارتكاب اعتداءات جديدة بحق منتظري المساعدات عند دوار الكويتي، الأولى كانت يوم الأحد، والثانية فجر الثلاثاء، وقد أسفر الاعتداءان عن ارتقاء مزيد من الشهداء والجرحى.

وقال الناطق باسم وزارة الصحة أشرف القدرة، إن قوات الاحتلال تواجه البطون الجائعة شمال غزة بالقتل والابادة الجماعية.

بينما قال مكتب الإعلام الحكومي إن استهداف جيش الاحتلال للمدنيين وإطلاق الرصاص الحي عليهم أثناء انتظار الطحين والمساعدات الغذائية "هو إمعان في تعزيز المجاعة، وتكريس الحصار، وعدم الرغبة في إنهاء هذه الكارثة الإنسانية".

وقوبلت المجزرة بانتقادات دولة، وأدانها خبراء الأمم المتحدة المعنيون بحقوق الإنسان، ودعوا إسرائيل إلى إنهاء حملة التجويع في غزة، مؤكدين أن الجيش الإسرائيلي يتعمد استهداف المدنيين الذين يبحثون عن المساعدات الإنسانية.

وأكد منسق السياسات الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن إسرائيل "يقع على عاتقها مسؤولية الامتثال لقواعد القانون الدولي، وحماية توزيع المساعدات على سكان غزة".

وأكد جوزيب بوريل، أن "هذا الحادث الخطير للغاية يكشف أن القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية تسهم في خلق الجوع والمرض، وخلق مستوى من اليأس".

ودعت منظمة العفو الدولية إلى فتح تحقيق في التقارير المريعة التي تُظهر أعدادًا من الفلسطينيين يُقتلون ويُصابون أثناء محاولتهم تلقي المساعدات الغذائية شمال غزة.

وأضافت منظمة العفو أن على حلفاء إسرائيل أن يضعوا حدًّا لتحديها أمر محكمة العدل الدولية، وعدم احترامها لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ما يستلزم تحركًا فوريًا وفعّالًا لمنع إبادة جماعية وحماية المدنيين في غزة.

ويأتي استهداف الاحتلال لمنتظري المساعدات في شمال قطاع غزة، استكمالاً لسياسة التجويع الممنهجة التي ينفذها الاحتلال في شمال قطاع غزة، إذ يمنع وصول شاحنات المساعدات من البر إليها.

وقال مكتب الإعلام الحكومي في تقريره حول 150 يومًا للعدوان، يوم الإثنين، إن سياسة التجويع أسفرت عن استشهاد 15 طفلاً بسبب الجفاف وسوء التغذية. وبعد ساعات من التقرير، أفيد باستشهاد المسن عبد الرحمن الدحدوح نتيجة الجفاف وسوء التغذية، وقد ظهر ذلك على جسده.

بينما قال مسؤول قسم التمريض في مستشفى الشفاء في غزة لقناة الجزيرة، إن المستشفى يستقبل مرضى يموتون بسبب المجاعة والجفاف بأعداد غير مسبوقة.

قال مسؤول قسم التمريض في مستشفى الشفاء في غزة لقناة الجزيرة، إن المستشفى يستقبل مرضى يموتون بسبب المجاعة والجفاف بأعداد غير مسبوقة

وأكدت وزارة الصحة أن مليونين و400 ألف إنسان في قطاع غزة يعانون من النقص الحاد في الغذاء، إلا أن المجاعة تتعمق بشكل أكبر في محافظة غزة ومحافظة شمال غزة، حيث يوجد 700 ألف مواطن في هذه المناطق لم يغادروا بيوتهم ويعانون الآن من الجوع الشديد، ما يهدد حياتهم.

ويواصل جيش الاحتلال إغلاق جميع المعابر المحيطة بقطاع غزة، كما تغلق مصر من جانبها معبر رفح، وإلى جانب ذلك يواصل مستوطنون من اليمين المتطرف اعتراض طرق الشاحنات التي يفترض أن تدخل إلى قطاع غزة من المعابر الإسرائيلية.

وتنفذ طائرات أردنية عمليات إنزال من الجو لصناديق مساعدات بشكل منفرد أحيانًا، وبمشاركة الولايات المتحدة ومصر وفرنسا والإمارات في حالات أخرى، إلا أن المكتب الإعلامي الحكومي أكد في بيان أن كثيرًا من هذه المساعدات لا تصل إلى المحتاجين، ولا تغني عن إدخال المساعدات برًا، كما أنها تشكل تهديدًا على حياة المحاصرين في غزة.