زعم جيش الاحتلال، دخول 50 شاحنة مساعدةً إلى شمال قطاع غزة، بعد يوم من تحذير أميركي، بإمكانية وقف إرسال الأسلحة إلى دولة الاحتلال حال عدم "تحسين الوضع الإنساني" في قطاع غزة.
وفي يوم أمس، أصدر كبار المسؤولين الأميركيين تحذيرًا، وصف بـ"غير العادي" إلى نظرائهم الإسرائيليين مفاده أن الفشل في تحسين الأزمة الإنسانية في غزة بشكل كبير خلال 30 يومًا من شأنه أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، ربما تشمل تعليق مبيعات الأسلحة الأميركية.
حذر رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الأربعاء من خطر المجاعة في غزة، بعد يوم من إعلان الولايات المتحدة أن إسرائيل تلقت تحذيرا بضرورة تحسين تسليم المساعدات إلى القطاع
وقال مصدر دبلوماسي إسرائيلي، إن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل بأنها ستوقف إمدادها بالأسلحة إذا استمرت إسرائيل في منع دخول المساعدات الإنسانية الأميركية إلى غزة.
وجاء في رسالة من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن إلى الوزيرين الإسرائيليين يوآف غالانت ورون ديرمر: "يتعين على إسرائيل، بدءاً من الآن وفي غضون 30 يومًا، أن تتخذ التدابير الملموسة التالية. إن الفشل في إظهار التزام مستدام بتنفيذ هذه التدابير والحفاظ عليها قد يكون له آثار على السياسة الأميركية بموجب المذكرة رقم 20 والقوانين الأميركية ذات الصلة".
ودعا مسؤولون صحيون فلسطينيون، يوم الاربعاء، الى فتح ممر انساني لثلاث مستشفيات في شمال غزة كادت تنهار بعد أن عزلت القوات الاسرائيلية المنطقة.
وذكرت رويترز أن الأطباء في مستشفيات كمال عدوان والعودة والإندونيسي رفضوا مغادرة مرضاهم على الرغم من أوامر الإخلاء التي أصدرها الجيش الإسرائيلي في بداية هجوم كبير على منطقة جباليا في شمال غزة قبل 12 يومًا.
وقال حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان: "ندعو المجتمع الدولي والصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية إلى القيام بدورهم الإنساني بفتح ممر نحو نظامنا الصحي والسماح بدخول الوقود والمستلزمات الطبية والوفود والإمدادات والمواد الغذائية".
وتابع: "نحن نتحدث عن أكثر من 300 كادر طبي يعملون في مستشفى كمال عدوان، ولا نستطيع أن نقدم لهم حتى وجبة طعام واحدة ليتمكنوا من تقديم الخدمات الطبية بشكل آمن".
بدوره، حذر رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الأربعاء من خطر المجاعة في غزة، بعد يوم من إعلان الولايات المتحدة أن إسرائيل تلقت تحذيرا بضرورة تحسين تسليم المساعدات إلى القطاع، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس.
وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني في مؤتمر صحفي في برلين إن "هناك خطرًا حقيقيًا اليوم ... بأن ندخل في وضع حيث المجاعة أو سوء التغذية الحاد هو للأسف احتمال مرة أخرى"، مشيرًا إلى الشتاء القادم وضعف أجهزة المناعة لدى سكان غزة.
ورسم لازاريني صورة قاتمة للوضع الإنساني في غزة، قائلًا إن القطاع "أصبح أشبه بالأرض القاحلة، والتي أود أن أقول إنها غير صالحة للعيش تقريبًا".
وفيما يتعلق بإيصال المساعدات إلى غزة، قال إنه "خلال الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع الماضية لم تدخل أي قافلة إلى الشمال باستثناء أمس".
وقال لازاريني "لدينا انخفاض كبير في القوافل في الجنوب بمعدل يتراوح بين خمسين إلى ستين قوافل فقط لمليوني شخص، في حين نقدر العدد المطلوب أعلى من ذلك بكثير".
من جانبها، قالت جويس مسويا، القائمة بأعمال رئيسة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، في اجتماع طارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اليوم، إنه لم يدخل أي طعام إلى شمال غزة من 2 تشرين الأول/أكتوبر إلى 15 تشرين الأول/أكتوبر، "عندما سُمح بدخول القليل".
وأضافت: "لقد نفدت جميع الإمدادات الأساسية للبقاء على قيد الحياة. لم يتبق الآن سوى القليل من الطعام للتوزيع، وستضطر معظم المخابز إلى الإغلاق مرة أخرى في الأيام القليلة القادمة بدون وقود إضافي".
وقالت مسويا إن أقل من ثلث البعثات الإنسانية البالغ عددها 286 بعثة التي تم تنسيقها مع السلطات الإسرائيلية في الأسبوعين الأولين من تشرين الأول/أكتوبر "تم تسهيلها دون حوادث أو تأخيرات كبيرة".
وأوضحت أن مستوى المعاناة والواقع في غزة وحشي ويزداد سوءًا كل يوم مع سقوط القنابل الإسرائيلية، واستمرار القتال العنيف و"منع الإمدادات الأساسية لبقاء الناس والمساعدات الإنسانية عند كل منعطف".
وحثت مسويا جميع أعضاء مجلس الأمن على ضمان احترام القانون الإنساني الدولي، والذي يتطلب حماية المدنيين وحصولهم على الإمدادات اللازمة لتلبية احتياجاتهم الأساسية أينما كانوا.
وفي وقت سابق، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن بريطانيا وفرنسا دعتا إلى عقد اجتماع عاجل في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمناقشة الوضع الإنساني في غزة، وأوضح: "نحن نعمل باستمرار على تقديم عروض بشأن هذا الأمر لشركائنا. إن هناك حاجة ملحة، ومنذ وقت طويل، لمزيد من المساعدات لإدخالها إلى غزة".
من جانبها، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد في اجتماع مجلس الأمن الدولي بعد ظهر اليوم، إن الولايات المتحدة تراقب للتأكد من أن تصرفات إسرائيل على الأرض تظهر أنها لا تنتهج "سياسة تجويع" في شمال قطاع غزة .
وقالت للمجلس إن مثل هذه السياسة ستكون "مروعة وغير مقبولة وستكون لها تداعيات بموجب القانون الدولي والقانون الأميركي".
وقالت توماس جرينفيلد "لقد قالت حكومة إسرائيل إن هذه ليست سياستها، وإن الغذاء والإمدادات الأساسية الأخرى لن تقطع، وسوف نراقب لنرى ما إذا كانت تصرفات إسرائيل على الأرض تتطابق مع هذا البيان".
من جانبها، قال حركة حماس: "رسالة كلّ من بيلنكن وأوستن إلى حكومة الاحتلال الصهيوني لزيادة حجم المساعدات إلى غزَّة خلال مهلة شهر هي غطاءٌ كاملٌ وتبريرٌ مفضوح لهذه الحكومة الفاشية وجيشها النازي لمواصلة وتصعيد إجرامهم ومجازرهم ضدّ أبناء شعبنا في قطاع غزَّة خصوصاً في الشمال".
وأضافت على لسان عضو مكتبها السياسي عزت الرشق: "مهملة شهر التي وردت في رسالة كلّ من بيلنكن وأوستن في ظلّ حصار الاحتلال ومنع وصول المساعدات الكافية إلى كامل قطاع غزَّة وانعدامها في الشمال، يحمّل الإدارة الأميركية المسؤولية الكاملة عن استمرار جرائم التجويع والتعطيش والموت مرضًا للآلاف في قطاع غزَّة، أغلبهم من النساء والأطفال والمسنين، بسبب نفاد الوقود عن المستشفيات".
وتابع الرشق: "ورقة زيادة حجم المساعدات إلى قطاع عزَّة التي تلوّح بها الإدارة الأميركية بين الفينة والأخرى ما هي إلا محاولة مكشوفة إلى تلميع صورتها الملطخة بدماء أبناء شعبنا، لا يمكن أن تغطّي حجم خطيئة الدعم والشراكة الكاملة للاحتلال في حرب الإبادة الجماعية ضدّ قطاع غزَّة".
وختم الرشق، بالقول: "المطلوب من الإدارة الأميركية ليس توجيه رسائل لحكومة الاحتلال الصهيوني، وإنّما هو وقف الدعم والشراكة الكاملة مع هذا الاحتلال في حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها ضدّ شعبنا منذ أكثر من عام كامل، والضغط على نتنياهو وحكومته المتطرّفة بكل الوسائل لمنعها من الاستمرار في عدوانها".
وأفادت تقرير إسرائيلية، بمحاولة جيش الاحتلال تطبيق "خطة الجنرالات" في شمال قطاع غزة. وتسعى خطة جيش الاحتلال إلى تفريغ شمال قطاع غزة من سكانه، عبر منع دخول المساعدات، واعتبار كل ما يبقى في شمال القطاع، من عناصر الفصائل الفلسطينية.
وقال مايكل ميلشتين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشي ديان للدراسات الشرق أوسطية والأفريقية، والمسؤول السابق في جيش الاحتلال: "إن ما نراه يبدو وكأنه إما محاولة لتنفيذ الجزء الأول من الخطة، أو تجربة تجريبية لها".
وأضاف مايكل ميلشتين: "لكن السكان الفلسطينيين لا يتعاونون، ولا يبدو أن الخطة تعمل". واستمر في القول: "من غير الواضح كيف ستعزز مثل هذه الخطة أهداف إسرائيل".