21-أبريل-2019

قيل قديمًا "مصائبُ قوم عند قوم فوائدُ"، وبهذا المعنى مع تغيير بسيط يمكن أن يُقال "أعيادُ قوم عند قوم شدائد/مصائب"، وذلك تلخيصًا للحالة التي يعيشها الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيليّ في ظلّ الأعياد اليهودية المتعددة، والتي تختلف في طقوسها وشعائرها. 

  مع حلول الأعياد اليهودية تُقلب القوانين والأنظمة المتعارف عليها في السجون رأسًا على عقب بما يتناسب مع السجّان  

وتترك الأعياد اليهودية التي تتناثر خلال أيام السنة، تأثيرها بالإغلاق التامّ لمعابر الضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك على حركة السفر عبر "الجسر" المتنفّس الوحيد لأهالي القدس والضفة مع العالم الخارجيّ، وعلى العمّال الذين يعملون في الداخل المحتل ويتعطلون إجباريًا. وفي هذا التقرير نتناول تأثير تلك الأعياد على الأسرى في سجون الاحتلال. 

فمع حلول الأعياد اليهودية تُقلب القوانين والأنظمة المتعارف عليها في السجون رأسًا على عقب بما يتناسب مع السجّان؛ تُلغى المحاكم والتنقّلات، ويحرم الأسرى وأهاليهم من الزيارة المنتظرة بلهفة وشوق، ويُستبدّل خبز الأسرى الاعتيادي في عيد الفصح اليهودي "البيسح" ليحلّ محله "بسكويت" يعرف بـ "المتسوت"، حيث يُحظر على اليهود فترة هذا العيد امتلاك أو تناول الأغذية التي تحتوي الخبز المُخمّر.

اقرأ/ي أيضًا: طحين الأسرى وابتساماتهم

يقول سامر شراب من نابلس، والذي أمضى سابقًا (17 سنة) في سجون الاحتلال إنه ورغم انقطاعه عن العالم الخارجيّ داخل السجن، إلّا أنّ هذا الانقطاع كان يتضاعف خلال الأعياد اليهودية، حيث تتوقّف المحاكم عن العمل، ويمنع المحامون من زيارة الأسرى، تحديدًا من يُمنعون من زيارة الأهل. 

ويضيف شراب إنّه كان في إحدى المرّات ينتظر زيارة من أخيه الذي لم يره منذ سنوات، ولكن موعد الزيارة تصادف مع الأعياد اليهودية، فتم إلغاؤها، وانقضت مدة التصريح المحددة دون أن يحظى بتلك الزيارة. 

أمّا سعيد التميمي من قرية النبي صالح، والذي أمضى سابقًا 20 سنة من عمره في سجون الاحتلال، فيقول إن الاحتلال يحاول منذ اللحظات الأولى تطبيع الأسير في قالب نفسيّ يتوافق مع معتقدات وعاداته، حتى أن بعض الأسرى يؤجلون إنجاز أمورهم الحياتية لما بعد الأعياد اليهودية، فالاحتلال يوقف الحياة بشكل عام، ولا يراعي الحالات الإنسانية والمرضية لدى بعض الأسرى.

اقرأ/ي أيضًا: "أدب السجون".. كيف يرى النور؟

ولا تقتصر أضرار الأعياد اليهودية على الأسرى فحسب، بل تطال أهاليهم الذين يشاركونهم آلام السجن وعذاباته. تقول أم النور زوجة الأسير عبد المنعم طعمة من طولكرم، والذي يقضي حُكمًا بالسجن المؤبّد، إن عائلة الأسير تتأثّر بشكل مباشر، وتنقطع أهم طرق التواصل مع الأسير وهي الزيارة، حيث يتم إلغاء الزيارات خلال الأعياد، والتي قد تمتد لأكثر من 15 يومًا، ما ينعكس سلبًا على الأسير وذويه وأطفاله. مشيرةً إلى أنّ  الاحتلال لا يراعي أن غالبية التصاريح الخاصة بالزيارات، هي تصاريح أمنية، بمعنى أنها محدودة بفترة زمنية قصيرة.

ويعقّب المحامي مازن أبو عون محامي مؤسسة الضمير، بأن الأعياد اليهودية تؤدي إلى تراكم الملفات في المحاكم، ما يعيق عملية إنجازها، ويشير إلى أنه وخلال عيد الفصح اليهودي مثلًا، يتم منع المحامين من إحضار الطعام الذي يحتوي على الخميرة. 

ويضيف أن الاحتلال يؤجّل جميع المحاكم إلى ما بعد عيد الفصح، والذي يصادف شهر رمضان المبارك لدى المسلمين، الأمر الذي يشكّل عبئًا على المحامين والأسرى والعائلة. 

اقرأ/ي أيضًا: عيدنا يوم حريتنا

ويحتفل اليهود بعدّة أعياد خلال العام العبريّ، وتختلف في طقوسها فيما يتعلق بالصوم أو الاحتفالات، ففي آذار/ مارس يحل موعد "عيد المساخر/ البوريم" وفيه ذكرى خلاص اليهود وخروجهم من بلاد فارس.

وفي شهر نيسان/ ابريل يجري الاحتفال بـ "عيد الفصح" الذي يوافق ذكرى خروج بني إسرائيل من مصر. وفي حزيران/ يونيو يأتي عيد "نزول التوراة" أو ما يُعرف باسم "عيد الأسابيع".

أمّا في آب/ اغسطس، فيحتفل اليهود في "إسرائيل" بذكرى "خراب الهيكل". ويأتي بعدها تحديدًا في أيلول/ سبتمبر، وتشرين أول/ اكتوبر "يوم الغفران" الذي يمثّل بالنسبة لليهود آخر فرصة لهم في طلب المغفرة خلال العام، وكذلك "عيد العرش" الذي يستمر لثمانية أيام، ويرمز لسنوات ترحال بني إسرائيل في صحراء سيناء، وكذلك "عيد الأنوار/ الحانوكاة" الذي يشير إلى إنارة وتدشين "هيكل سليمان" من جديد. 


اقرأ/ي أيضًا: 

أعياد الأسرى.. قطايف و"بوظة" وشوق لـ"تفاصيل صغيرة"

معارك الأمعاء الخاوية.. البداية من "عسقلان"

البوسطة وثلاث أمنيات لم تتحقق!

كيف تتحايل إسرائيل على محظورات عيد الفصح؟