27-يوليو-2022
مستوطن

بدأت سلطات الاحتلال منذ العام الماضي العمل بأمر عسكري أصدره قائد جيش الاحتلال في الضفة الغربية، يُعفي الراغبين ببيع أراضيهم للمستوطنين من استصدار "حصر إرث" من المحاكم الشرعية الفلسطينية، استجابة لمقترح تقدم به الخبير القانوني الإسرائيلي حجاي وينيتسكي، الناشط في صفقات تسريب الأراضي للمستوطنين بالضفة.

رأى مرار، أن القرار الإسرائيلي "سياسيٌ بالدرجة الأولى، ويدل أن إسرائيل تسحب اعترافها بالسلطة الفلسطينية تدريجيًا، خاصة في المناطق المصنفة ج"

هذه الخطوة وفق ما أوردت صحيفة "يسرائيل هيوم"، والخبير وينيتسكي، تهدف إلى تجاوز الإجراءات التي تسمح للسلطة الفلسطينية باكتشاف الضالعين في تسريب الأراضي للمستوطنين، وإخضاعهم للاعتقال والتعذيب في سجون الأجهزة الأمنية، وإلى زيادة السرية حول عمليات البيع، ما يُشجع الراغبين بالبيع على تنفيذ الصفقات دون الخوف من العواقب.

مدير الدائرة القانونية في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عايد مرار، قال في تعقيبه لـ الترا فلسطين على القرار، إنه حتى اليوم جميع الأوراق المطلوبة لإثبات ملكية الأراضي الفلسطينية تصدر عن الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال، باستثناء "إزالة الشروع" و"حصر الإرث"، من اختصاص المحاكم الفلسطينية، والآن يُحاول الإسرائيليون الالتفاف عليها لتسهيل عملية البيع.

ورأى مرار، أن القرار الإسرائيلي "سياسيٌ بالدرجة الأولى، ويدل أن إسرائيل تسحب اعترافها بالسلطة الفلسطينية تدريجيًا، خاصة في المناطق المصنفة ج".

وأوضح، أن هذه الخطوة تزيد من العبء على الفلسطيني لإثبات حقوقه، لأنه في حصر الإرث الفلسطيني بامكانك أن تجد طريقة تحفظ أملاك الغائبين، أما أن تحضر حصر إرث من المحاكم الإسرائيلية فيجب أن تحضر السلسلة الوراثية جميعها، وبالتالي يظهر من الغائب فيهم، وهو ما يفتح المجال لتدخل "حارس أملاك الغائبين" الذي يستطيع تأجير هذه الأملاك.

هذه الخطوة تزيد من العبء على الفلسطيني لإثبات حقوقه، وتفتح المجال لتدخل "حارس أملاك الغائبين" الذي يستطيع تأجير هذه الأملاك

من جانبه، بسام كراجة مدير الوحدة القانونية في مركز القدس للمساعدة القانونية، أشار أن لكل محكمة اختصاص حسب القانون، وكل شخص يتقدم إلى المحكمة الشرعية بحسب نطاق سكنه، وتكون لدى المحكمة كل المعلومات التي يحتاج إليها، مبينًا أن الأمر العسكري بصيغته الحالية يُلغي هذا النطاق المكاني للمحاكم، ويعطي محاكم غير مختصة ولا يوجد لديها سجل سكاني، اختصاصات على أراضٍ محتلة، وهو أمر غير قانوني.

وأوضح كراجة لـ الترا فلسطين، أن الإجراء الحالي المتبع لدى الحصول على حصر إرث فلسطيني يُلزم الشخص بالحصول على موافقات أمنية، "وبالتالي عند إصدار حصر الإرث من جهات غير فلسطينية يجعل الحقوق عرضة لسيء النية بأن يتصرف بها كيف يريد، ويعطي محاكم غير مختصة ولاية قانونية على أراضٍ وأمور قانونية خارج نطاق اختصاصها القانوني".

إذن، هل يُمكن الاعتراض على حصر الإرث الصادر عن محكمة إسرائيلية؟ يُجيب كراجة أنه إذا كان هناك أمر عسكري أعطى صلاحيات لمحكمة شرعية غير مختصة بأن تعطي حصر إرث، والمحكمة المختصة بدورها أصدرت حصر إرث ينفي الحصر الصادر عن المحكمة الإسرائيلية غير المختصة، فإنه يظهر عمليًا خلق صلاحيات لمحاكم غير مختصة بإصدار أمور قانونية هي أساسًا غير اختصاصها، وحسب القانون الدولي ممنوع على القائد العسكري أن يدخل في هذه التفاصيل، فالمحاكم المختصة يجب أن تبقى هي المحاكم المختصة وصاحبت الولاية القضائية، كما أن في هذا اعتداء على القانون الشرعي المطبق عنا في فلسطين.

وأضاف أنه في حال تقديم حصر إرث صادر عن محكمة شرعية فلسطينية ومقابله حصر إرث صادر عن محكمة شرعية إسرائيلية، فإن رد القضاء الاسرائيلي سوف يعتبر القائد العسكري صاحب صلاحيات في إصدار قراره، وتكون الأراضي عرضة للضياع.

في حال تقديم حصر إرث صادر عن محكمة شرعية فلسطينية ومقابله حصر إرث صادر عن محكمة شرعية إسرائيلية، فإن رد القضاء الاسرائيلي سوف يعتبر القائد العسكري صاحب صلاحيات في إصدار قراره، وتكون الأراضي عرضة للضياع

وكان قاضي القضاة محمود الهباش، قدر حذر في بيان صحفي، الثلاثاء، من التعامل مع الأمر العسكري الإسرائيلي الجديد، مؤكدًا أن المحاكم الشرعية الفلسطينية هي "صاحبة الولاية الشرعية والقانونية في الأراضي الفلسطينية في إصدار حصر الإرث وكافة مسائل الأحوال الشخصية بمختلف مسمياتها".

وشدَّد الهباش أنه لا صلاحية للمحاكم الإسرائيلية "مهما كانت مسمياتها على أي شبر في الأراضي الفلسطينية وتحت أي ظرف"، معتبرًا قرار جيش الاحتلال "جريمة ومخالفة للقانون الدولي واتفاقيات جنيف واعتداءً سافرًا على صلاحيات المؤسسات الفلسطينية".

وتابع: "أي وثيقة أو قرار يصدر عن هذه المحاكم بخصوص مسائل الميراث ليس له أي قيمة أو سند قانوني، ويضع صاحب المعاملة تحت طائلة المساءلة القانونية أمام المحاكم الفلسطينية".

وبحسب صحيفة "يسرائيل هيوم" فإن القرار دخل حيز التنفيذ في شهر تشرين ثاني/نوفمبر 2021، لكنه لم يكن معروفًا إلا في نطاق ضيق، وليس معلومًا إن كان السبب في ذلك فنيًا أو سياسيًا. في حين أن الخبير القانوني وينيتسكي وعلق الخبير وينيتسكي أعرب عن سعادته الكبيرة بالقرار، مؤكدًا أنه "سيكون مفيدًا للترويج للمعاملات العقارية في الضفة الغربية وتعزيز مستقبل الاستيطان".