انتهت أماني مصلح من طهي دجاجتين، رغمَ ملل أبنائها من أكل الدجاج في كل إجازة أسبوعية، فهي الأكلة التقليدية لسكان قطاع غزة المحاصر، والأكثر حضورًا في الإجازات. اشترت أماني الدجاجتين بـ28 شيقلاً، (8 دولارات تقريبًا)، وهو سعر مناسب لذوي الدخل المحدود في غزة، وعادة لا يرتفع سعر كيلو الدجاج عن تسعة شواقل في الأوقات العادية.
تقول أماني: "منذ امتلكت أسنانًا بعمر السنة والنصف قبلَ 57 عاما وأنا أتناول الدجاج يوم الجمعة، ولا زلت حتى اليوم لا أشعر بنكهة الإجازة الأسبوعية إلا إذا تناولت فيها الدجاج على اختلاف طرق طبخه. ألاحظ ارتفاع أسعار الدجاج في شهر رمضان وفي أيام المنخفضات والشتاء، ورغمَ ذلك نشتري كل أسبوع دجاجتين على الأقل".
في غزة يعد الدجاج الأكلة الأهم في "اللّمات" والإجازات، أما اللحوم فتُترك للأعياد وحفلات الأعراس وعقيقة المواليد، والسبب أولاً هو فارق الأسعار
الشاب أحمد الأغا في آخر رحلة له مع أصدقائه الخمسة، أنفقوا 50 شيقلًا ثمنًا لخمس دجاجات صغيرات الحجم، (14 دولار تقريبًا). يقول أحمد، إن من عادته الاجتماع مع أصدقائه مرة كل شهرين للسهر في حفلات شواء أو على عزائم "المندي" - الدجاج الذي يُطهى في براميل حديد على النار- وهي عادة لا تكتمل إلا إذا كان ما يطهونه هو الدجاج.
اقرأ/ي أيضًا: سموم لذيذة على موائد الغزيين
ويضيف، "في أيام عيد الأضحى فقط أو في المناسبات الكبيرة كعقيقة المواليد أو حفلات الأعراس، نأكل في العزائم اللحوم الحمراء، ولكن في الأغلب نشتري الدجاج لرخص ثمنه ولسهولة طهيه".
محمد عرفة صاحب مدجنة في شمال القطاع، يقول إن استهلاك الدجاج في قطاع غزة جيد، لكنه يتعرض للخسائر في مواسم الشتاء القارس، إذ تموت الدجاجات بردًا في ظل انقطاع التيار الكهربائي، غير أنه يحصل على ربح جيد طوال السنة، ويزداد الربح في المناسبات كالأعياد وشهر رمضان.
فيما يوضح طاهر أبو حمد مدير دائرة الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة، أن مداجن قطاع غزة تنتج شهريًا 2.5 مليون دجاجة، و25 مليون دجاجة سنويًا، بالإضافة لإنتاج ما يقارب من 45 ألف حبشة شهريًا، وهي نقلة نوعية في إنتاج الحبش يحققها القطاع.
ويؤكد أبو حمد لـ"ألترا فلسطين"، أن استهلاك القطاع للحوم البيضاء أكثر من استهلاك اللحوم الحمراء، إذ إن حصة الفرد الواحد من الدجاج سنويًا وصلت إلى 13 دجاجة، واستهلاكه من لحوم الحبش يقدر بـ 4 كيلوغرام، ما يعني أن الفرد الواحد في غزة يستهلك 20 كيلو من اللحوم البيضاء والحبش سنويًا، في حين يستهلك ما يقدر بـ5 كيلوغرام تقريبًا من اللحوم الحمراء الطازجة.
ويوضح أبو حمد الأسباب وراء هذا الفارق قائلًا إن "اللحوم الحمراء أغلى من البيضاء في غزة، وسكان القطاع من ذوي الدخل المحدود والمتوسط بإمكانهم شراء دجاجة على الأقل أسبوعيًا، وكيلو لحوم حمراء مرة أو مرتين سنويا".
ويشير إلى أن القطاع اكتفى ذاتيًا من إنتاج اللحوم الحمراء، وأن وزارته تسعى إلى الحدّ من إنتاج الدجاج "حتى لا تتهور أسعارها"، مؤكدًا أن كمية إنتاج الدجاج ترتفع في شهر رمضان إلى ثلاث ملايين دجاجة في الشهر، وتنخفض في موسم عيد الأضحى الذي يتميز بوفرة اللحوم الحمراء فيه.
في غزة تطور إنتاج الحبش سنويًا من 400 ألف حبشة إلى 600 ألف حبشة في شهر أيلول 2017، وحدث اكتفاء ذاتي في إنتاج اللحوم الحمراء
وحول التوزيع المناطقي للمداجن حسب كثرتها، يبين أبو حمد، أن محافظة خانيونس هي الأعلى إنتاجًا للدجاج والحبش، تليها محافظة رفح، ثم محافظة الوسطى، وبعدَ ذلك محافظة شمال غزة، وأخيرًا محافظة غزة". مضيفًا، "مدينة غزة الأكثر استهلاكًا للدجاج شهريًا نظرًا لانتشار المطاعم ومحلات الشاورما".
ويبلغ عدد مزارع الدجاج في قطاع غزة 1500 مزرعة، فيما بلغ عدد مزارع الحبش 80 مزرعة موزعة على المحافظات الخمسة. يقول أبو حمد: "ندعم مربي الدجاج وأصحاب الدواجن ماليًا ولوجستيًا للحفاظ على سعرٍ متوسطٍ لكيلو الدجاج، واتجهنا مع بداية عام 2015 إلى دعم مزارع الحبش حتى نصل إلى إنتاج مليون حبشة شهريًا".
ويشير أبو حمد إلى التطور في إنتاج الحبش في القطاع منذ عام 2015، إذ بدأ القطاع بإنتاج 150 ألف حبشة شهريًا، وارتفع العدد عام 2016 إلى 400 ألف حبشة، ووصل حتى بداية أيلول/سبتمبر 2017 إلى 600 ألف حبشة.
اقرأ/ي أيضًا: