19-أغسطس-2018

صادق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على قانون يشدد الرقابة على الانترنت باعتباره ضروريًا لحماية الأمن القومي للبلاد، فيما يؤكد معارضون وحقوقيون أن هذا القانون يأتي في سياق القمع المتزايد لحرية الرأي والتعبير ولتسهيل اعتقال الصحفيين والنشطاء والمعارضين لحكم السيسي في مصر بحجة مصطلح "الأمن القومي" الذي يقبل تأويلات عدة تمكن السلطات من تجييرها لتقنين انتهاكاتها.

يدعى القانون "مكافحة جرائم تقنية المعلومات" ورقمه 175 لسنة 2018، يتكون من 45 مادة، وبه 33 حدثًا مجرمًا، وفي حال اعتبر مستخدم الإنترنت أو الشركة المقدمة للخدمة مخالفين لأحكام القانون، فإنه يفرض عليهم عقوبات بالسجن، والغرامة المالية التي تصل لملايين الجنيهات.

وفي حين يخول هذا القانون جهات التحقيق بحجب أي موقع إلكتروني يبث مواد مكتوبة أو مسموعة او مصورة تندرج في إطار تهديد الأمن القومي. فإنه يعاقب بسنة سجن وغرامة 50 ألف جنيه لكل من يدخل موقعًا محظورًا ولو كان دخوله بالخطأ، ويحظر النظام المصري عشرات المواقع الالكترونية والنظم المعلوماتية باعتبارها تهدد الأمن القومي المصري.

أما الأمن القومي، فقد حدده القانون الجديد، وفقًا لوكالة عربي 21، بأنه كل ما يمس استقلال واستقرار وأمن الوطن ووحدته وسلامة أراضيه، وكل ما يخص جهات الأمن القومي التي حددها في "رئاسة الجمهورية، ووزارتي الدفاع، والداخلية، والمخابرات العامة، وهيئة الرقابة الإدارية".

وحول حجب المواقع المهددة للأمن القومي، تساءل الكاتب الصحفي جمال نافع، بمقال له بـ"الأهرام"، عن "الذي يحدد أن هذه المادة أو الصور تعرض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر"، مضيفا: "أليست مادة مطاطية؟ فهل لو نشرت خبرا عن ارتفاع أسعار الكهرباء أو الارتفاع المحتمل لأسعار البنزين، أليس هذا يمكن أن يعتبر مساسا بأمن البلاد واقتصادها؟". قاصدًا بذلك الجدل العارم والمناوشات وتعليقات التخوين والغضب والدعوات للمظاهرات التي تنجم عن نشر خبر يتعلق برفع أسعار الكهرباء والمحروقات في مصر.

ووفقًا لهذا القانون فإن أي حساب على مواقع التواصل يتابعه أكثر من 5 آلاف شخص يعتبر منبرًا إعلاميًا ويخضع لقانون الإعلام في مصر.

وأثارت مؤسسات معنية بحرية التعبير تحفظات على القانون باعتباره، نقلًا عن بي بي سي" يتضمن "اتهامات واسعة يمكن توجيهها لأي مستخدم للإنترنت، قام بأي فعل على الإنترنت بالمشاركة أو الكتابة أو التعليق، ورأت مؤسسات حقوقية أن هذا التشريع سيزيد من قدرة السلطات على القضاء على حرية التعبير والمعارضة."

ومن جهتها، تدافع السلطات المصرية عن القانون مدعيةً أن مثل هذه الإجراءات ضرورية للمساعدة في التصدي "للإرهاب" وكل ما يمكن أن يزعزع أمن واستقرار البلاد.

ومما يعزز المخاوف تجاه القانون أن عددًا من نشطاء المعارضة ألقي القبض عليهم خلال الأشهر الأخيرة بتهم بنشر أخبار كاذبة على الإنترنت.

يذكر في هذا السياق، أن السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس صادقت منذ أشهر على قرار مشابه يدعى "قانون الجرائم الإلكترونية" إذ يتمحور حول تجريم أي ناشر لمواد على الإنترنت من شأنها تهديد "السلم الأهلي الفلسطيني".

وما يزال صحفيون ونشطاء ومختصون قضائيون فلسطينيون ومؤسسات حقوقية يحذرون من خطورة قانون الجرائم الإلكترونية مطالبين بتعديله، باعتباره يحاصر حرية الرأي والتعبير ويضيق الخناق على الصحفيين والنشطاء لأن مصطلح "تهديد السلم الأهلي الفلسطيني" فضفاض حسب قانون الجرائم الإلكترونية الفلسطيني ويحتمل تأويلات عدة، على غرار مصطلح "تهديد الأمن القومي المصري" الذي يتمحور حوله قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في مصر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

قانون الجرائم الإلكترونية.. الحكومة تُمسك الكمّاشة

تعامل السلطة مع الإعلام.. محاولة لفهم الجنون!

لماذا تحولت الضفة الغربية إلى سوق لإنتاج الحشيشة؟