تقسّمت الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق (أ/ ب/ ج) بحسب الاتفاقيات المرحليّة (اوسلو)، وهو ما استغلّته "إسرائيل" لاحقًا لإحكام سيطرتها على الأرض الفلسطينية تحديدًا في المنطقة المصّنفة (ج) والتي تشكّل نحو 16% من أراضي الضفة، وتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية تامّة.
استغلّت "إسرائيل" تصنيف الأراضي حسب اتفاقية أوسلو، لإحكام سيطرتها على أراضي الفلسطينيين، خاصة في المناطق (ج)
فمنذ عام 1967 ما انفكّت سلطات الاحتلال توظّف أربع وسائل من أجل الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، وإحكام قبضتها عليها، لغايات تشييد مستوطنات وتوسيعها، وهذه الوسائل بحسب دراسة "الاستيطان في منطقة (ج): غور الأردن مثالًا"، الصادرة عن مؤسسة الحق عام (2018)، هي الإعلان عن الأراضي أراض متروكة، واستملاك الأراضي للاحتياجات العسكرية، ووضع اليد على الأراضي للاحتياجات العامة، والإعلان عن مساحات شاسعة من الأراضي كأراضي دولة، وذلك بالتوازي مع تنفيذ منظومة تشريعية معقّدة تقوم على مصادرة الأراضي.
ويُعد إعلان سلطات الاحتلال عن الأراضي كأراضي دولة، أو وضع اليد عليها لأغراض عسكرية، من الآليات التي جرى استهدامها للسيطرة على الأراضي المسجّلة لدى دائرة التسوية (الطابو) حسبما أورده التقرير السنوي لأبرز الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية للعام 2016، الصادر عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، والذي أشار أيضًا إلى أن سلطات الاحتلال حين تواجه صعوبة في تجريد ملكية أرض من أصحابها، فإنها تواصل إصدار شهادات التسجيل للشركات الاستعمارية التي تقوم بالاستيلاء على ملكيات الأراضي الفلسطينية الخاصة بالتزوير باعتبارها شركات عقارية محلية لتقوم بهذه المهمة.
الاحتلال يمنع البناء والتطوير في 70% من مناطق (ج)
وتمنع سلطات الاحتلال ووفق مسوّغات مختلفة، البناء والتطوير في 70% من مساحة المناطق (ج)، كما تمنع فعليًا إمكانية الحصول على تراخيص في الـ30% المتبقية من تلك الأراضي، لعدم الاعتراف بحقوق الملكية، وتمنع سكانها من فرز أراضيهم وإثبات ملكيّاتهم لها، ولهذا نجد أن 70% من أراضي تلك المنطقة تقع داخل حدود المجالس الاقليمية للمستوطنات الإسرائيلية، وفق ما جاء في تقرير (السياسات الاسرائيلية في المناطق المصنفة (ج) الصادر عن الهيئة المستقلة لحقوق الانسان (ديوان المظالم) عام 2016.
اقرأ/ي أيضًا: هل تستطيع السلطة تنفيذ قرارها بالبناء في مناطق ج؟
وشخّص الخبير الاقتصادي طارق الحاج طبيعة المشكلة المتعلقة بتسوية الأراضي في المناطق (ج) بالقول إن بعض الأراضي في فلسطين فيها توثيق ملكية (طابو) وبعضها "أميرية" التصنيف، بمعنى أنها ليست "مطوبة" من دوائر الأراضي، وإنما تحمل إثبات ملكية من دوائر المالية، وفي الحالتين فإن المشكلة تكمن في أن إثبات الملكية (الكواشين) المتعلقة بالمناطق (ج) لدى الجانب الإسرائيلي، بالتالي إذا كنت تريد أن تنقل الملكية حتى للورثة، فلا يمكن أن يتم ذلك إلا بذهابك لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، والذي يتّبع التسويف كي لا تتمكن من نقل الملكية، الأمر الذي يجعل الأراضي معلّقة، ناهيك عن استيلاء "إسرائيل" على الأراضي بحجة أنها إما "أملاك الغائبين" أو "أملاك الدولة" أو "المناطق الأمنية".
لكنّ المشكلة ليست فقط في المناطق (ج) وفق الخبير الاقتصادي، فالأخطر من ذلك أنّ الأراضي المحاذية لتلك المناطق (والتي قد تصل إلى 500 متر في بعض الأماكن) يُمنع البناء فيها وفق القوانين الإسرائيلية، وهو ما يعني ليس احتمال فقدان الملكية في المناطق (ج) فقط، إنما أيضًا في 10% من المناطق الأخرى لكونها مناطق محاذية لها. وهو الأمر الذي يُسهّل عمليًا انتقال ملكية الأراضي المسيطر عليها من قبل الاحتلال الإسرائيلي للشركات الاستيطانية، إضافة إلى أن ما يخطر بذهن الناس أن جميع المناطق (ج) خارج المدن، لكن هذا غير صحيح لأن بعض المناطق المصنّفة (ب/ ج) تجد أحيانًا أنها في قلب المدن الفلسطينية المصنّفة (أ)، إذ إن هناك مناطق وشوارع في منتصف عصب حياة وكينونة المدن والقرى الفلسطينية، منها مثلًا منطقة "مستشفى ثابت ثابت" في طولكرم، وشارع فيصل الذي يربط شرق مدينة نابلس بغربها، وتلك المناطق يمنع عمل أي تحسينات للبنية التحتية فيها، إلا بموافقة إسرائيلية.
وذلك ما أشار له نائب رئيس سلطة الأراضي، نائب رئيس هيئة تسوية الأراضي والمياه، قاضي التسوية في فلسطين، القاضي محمد غانم، والذي تناول التوزيع الجغرافي للمناطق وفق الخرائط المنظمة للتصنيفات، وفي أغلب الأحيان صُنّفت المناطق السكنية في الضفة الغربية بين (أ/ب)، فيما المناطق الفارغة صُنفت على أنها مناطق (ج) إلا أن هذا لم يمنع من تصنيف بعض المناطق المأهولة كمناطق (ج)، بالتالي فإن هناك أجزاء تقع داخل المدن وأخرى خارجها.
تعطيل أعمال تسوية الأراضي
عام 1968، صدر أمر عسكري إسرائيلي يحمل رقم 291، وتمت بموجبه تعطيل كل أعمال التسوية في فلسطين. هذا التعطيل استمرّ بعد عام 1994 في المناطق المصنّفة (ج) لكونها تحت السيطرة الإسرئيلية، وفقًا لنائب رئيس سلطة الأراضي، الذي يشير أيضًا لوجود عمليات تسجيل فردية من المواطنين في تلك المناطق، ويبيّن أن هدف التعطيل يتلخص في إصرار "إسرائيل" على بقاء فراغ قانوني في مسـألة التسجيل، لكي يبقى بيدها أي حلّ مستقبلي يتعلق بهذه الأراضي.
الأمر العسكري الإسرائيلي بتعطيل أعمال تسوية الأراضي، لا يمنع عمليات التسجيل الفردية
غير أنّ الأمر العسكري الإسرائيلي لا يمنع عمليات التسجيل الفردية، وفق ما نقله لنا مدير الوحدة القانونية في مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، المحامي بسام كراجة، بقوله: "للمواطن الذي يدعي الملكية، أو التصرف في المناطق (ج) أن يقدم طلبًا لدى الإدارة المدنية الإسرائيلية لتسجيل أرضه، بحسب المنظومة القانونية المتمثلة في قانون التنظيم والبناء الأردني ومجموعة الأوامر العسكرية السارية، إلا أن عمليات التسجيل تلك تأخذ وقتًا طويلًا جدًا في الإجراءات الإسرائيلية".
ورغم وجود تسجيلات فردية في المناطق (ج) إلا أن أغلب سكان تلك المناطق الذين حاولوا القيام بتسجيل أراضيهم فشلوا في مسعاهم لاسترداد أراضيهم بحسب ما أشار له الناشط والباحث في شؤون الاستيطان خالد معالي، والذي يعتقد أن هذا المنع يأتي من باب التضييق لدفع سكان تلك المناطق لهجرها، بالتالي تسهيل مصادرتها.
ويرى معالي أن المخاطر التي تهدد المنطقة جرّاء المنع تتمثل في المصادرة والضمّ قطعة قطعة، وهذه سياسة تجيدها سلطات الاحتلال، لذلك يظهر أن التهجير والطرد وهدم المنازل ومصادرة الأراضي ومنع أو قطع المياه والكهرباء من أبرز المضايقات التي يتعرض لها سكان تلك المناطق، لدفعهم باتجاه ترك تلك المناطق، لخلق ظروف بيئة مواتية للمشاريع الاستيطانية.
تاريخ أعمال تسوية الأراضي في فلسطين
واستعرض نائب رئيس هيئة تسوية الأراضي والمياه تاريخ أعمال التسوية في فلسطين، بالقول إنها بدأت وفق القانون النافذ في فلسطين منذ الحقبة العثمانية، واستمرت مع وجود قوات الانتداب البريطاني التي بدأت تسجيل الاراضي وتسويتها منذ عام 1928، حيث أنهت تسجيل ما مساحته (5 مليون دونم) من أراضي فلسطين التاريخية، مبيّنًا أن التسجيل في تلك المناطق كان فيه محاباة للمشروع الصهيوني، كما كان الهدف من التسجيل في حينه تفتيت الملكيات لما يسمى "إزالة الشيوع" وذلك تسهيلًا للبيوعات وما تم من مواضيع كالتسريب، بالتالي تركزت فرق التسوية في حينه على الإدارات اليهودية، وكان أغلب مأموري التسوية في تلك الفترة من اليهود مع بعض الكتبة والمساعدين من العرب، وقد استمرت أعمال التسوية في الحقبة الأردنية والتي بدأت من عام 1952 في ظل قانون التسوية الأردني (رقم 40 لعام 1952 وتعديلاته) بحيث تعدت النسبة التي تم تسويتها من الأراضي حوالي 30% من مساحة الضفة الغربية، إلى أن وقعت الضفة تحت الاحتلال الإسرائيلي.
ومن جديد، بدأت السلطة مشروعًا لأعمال التسوية بالتعاون مع البنك الدولي ومانحين أوروبيين في مناطق تجريبية (بيتونيا وقراوة بني زيد قضاء رام الله)، وفتحت الحكومة مكاتب في سلفيت وبيت لحم، وبالتعاون مع البنك الدولي تم في أواخر 2012 افتتاح مكاتب دورا/الخليل لتسجيل ما مساحته 90 ألف دونم. كما أصدرت السلطة تعليماتها بإتمام أعمال التسوية للأراضي والمياه، وبدأ التطبيق بصدور القرار بقانون رقم 7 لعام 2016، بإنشاء هيئة تسوية الأراضي والمياه الفلسطينية.
قتلٌ للحياة في (ج)
أربعة جوانب تدلل على الأهمية الاقتصادية للمناطق (ج)، يستعرضها الحاج، أولها أنّ جُل الموارد تقع في تلك المناطق وخاصة الموارد المائية، إضافة للموارد الطبيعية، إذ إن بعض الدراسات تشير إلى احتواء بعض المناطق على الغاز الطبيعي، إضافة للمورد الزراعي، كما أنها مناطق لا تحوي كثافة سكانية عالية، أما أهمّيتها الثانية، فهي لوجستية متعلقة بتنقل السلع والخدمات من منطقة لأخرى وخاصة بين المدن، وبالتالي فإن تصنيف المناطق أدى لتقطيع أوصال الترابط الجغرافي، فباتت الحاجة لنقل السلع والأفراد والخدمات تدفع الأفراد والشركات للبحث عن طرق بديلة، ما يزيد من التكلفة على المواطن ويقلل هامش الربح لدى التاجر، ويحدّ من القدرة على التنافس.
وترتبط الأهميّة الثالثة بمساحات الأراضي للسكن، إلا أن هذا المورد غير متاح، وقد علل الحاج السبب في ذلك بالقول إن لدينا مشكلة تتمثل في ازدياد عدد سكان الضفة الغربية، ومن يحتاجون لمساحات من الأراضي للسكن عليها، وبالتالي هذا المورد غير متاح نظرًا لمنع البناء في (ج)، وهو ما انعكس سلبًا على أسعار العقارات وبخاصة الأراضي. فأسعار الأراضي المصنّفة (أ) مرتفعة جدًا، وخارج إمكانيات المواطن، فيما الأهمية الرابعة مرتبطة بالحرمان من فرص العمل، لأن هذه المناطق يُمنع فيها بناء المشاريع أو المصانع، كما يُمنع استغلال أراضيها، ما يفاقم أزمة البطالة والفقر.
وأدّى التقسيم الإداري لمناطق الضفة الغربية، منذ اتفاق اوسلو ادى لابتلاع ومصادرة الآف الدونمات غير المسجلة "طابو"، وجرى استغلال ذلك عبر تزوير ملكيات أو سرقة مساحات كبيرة من خلال قانون أملاك الغائبين لوضع اليد على أملاك أي مواطن غائب.
ويعتبر رئيس سلطة الأراضي رئيس هيئة تسوية الأراضي والمياه القاضي موسى شكارنة أن الظروف التي تخلقها "إسرائيل" في المناطق (ج) والتي من بينها مصادرة الأراضي أو الاستيلاء عليها، يعني عمليًا قتل الحياة فيها بصورة كبيرة جدًا، وأن المواطن سيعاني من نقص المياه، كما أنها تجعل من المناطق المأهولة بالسكان في الضفة أحياء معزولة لا تواصل بينها.
ويؤكد القاضي محمد غانم أن الفلسطينين لم يستطيعوا تسجيل أراضيهم في مناطق (ج) سوى بتمويل ذاتي أو بالشراكة مع الهيئات المحلية والبلديات، علمًا أن أغلب الممولين الخارجيين يرفضون تمويل مشاريع التسجيل في تلك المناطق.
ولا تقتصر الصعوبات والعراقيل التي تواجهها السلطة في المناطق (ج) على تسجيل الأراضي، إذ أنها تمتد إلى قطاعات أخرى من بينها قطاع الطاقة، وذلك ما تناوله مدير عام مركز أبحاث الطاقة في سلطة الطاقة المهندس أيمن اسماعيل، بقوله إن مشاريع الطاقة البديلة وخاصة مشاريع الطاقة الشمسية، وحتى قطاع الطاقة التقليدية الهادفة لتحسين وضع خطوط الكهرباء، مثل مدّ شبكات الضغط العالي أو المتوسط أو إقامة محطات تحويل، كلها مشاريع مرهونة بموافقة الاحتلال الإسرائيلي، نظرًا لأن اتفاقية اوسلو حددت بأن السيطرة الإمنية والإدارية في تلك المناطق هي للجانب الإسرائيلي، بالتالي ليس من السهل الحصول على موافقة لتنفيذ مشروع تطويري للبنى التحتية اللازمة لقطاع الطاقة، لكون "إسرائيل" تستهدف هذه المنطقة وسكانها، مشيرًا إلى أنه سبق وجرى بناء استراتيجية الطاقة المتجددة للعام 2030، وكان الحديث عن 500 ميغاواط طاقة متجددة لكل المناطق بغض النظر عن تصنيفها، لكن استثناء العمل بمناطق (ج) نظرًا للمعيقات الإسرائيلية، يعني أن 200 ميغاواط تقريبًا لا تكفي للاستثمار.
اقرأ/ي أيضًا: مستوطنون زبائن في ورشات ومتاجر فلسطينية
ويشير تقرير "سياسة إسرائيل بمنطقة (ج) في الضفة الغربية" الصادر عن مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم) في يونيو/حزيران 2013، إلى أن "إسرائيل" تسعى وبشكل مثابر من أجل تحصين سيطرتها على المناطق (ج)، وتضييق الخناق على الوجود الفلسطينيّ فيها، واستغلال مواردها لصالح سكانها هي، إلى جانب خلق واقع دائم فيها مفاده المستوطنات المزدهرة وأقلّ ما يمكن من الوجود الفلسطينيّ. وهكذا تضم إسرائيل هذه الأراضي بشكل فعليّ وتخلق ظروفًا تؤثر على مكانة المنطقة الدائمة، ويضيف التقرير" المناطق(ج) فيها احتياطيّ الأراضي المركزيّ لأغراض التسكين والتطوير لجميع بلدات الضفة الغربية، غير ان سياسة التخطيط والبناء التي وضعتها السلطات على مرّ السنين تتجاهل بشكل شبه كليّ احتياجات السكان، فهي ترفض الاعتراف بغالبية القرى في هذه المنطقة ووضع مخططات لها، وتحول دون توسّعها وتطويرها، وهي تهدم البيوت فيها وتمنع وصلها بالبنى التحتية. وثمة الآلاف ممّن يعيشون تحت خطر دائم بطردهم من أماكن سكناهم، بدعوى أنهم يسكنون مناطق عسكرية مغلقة أو نقاط سكن بدوية (غير قانونية). إضافة إلى ذلك، سيطرت إسرائيل على غالبية مصادر المياه في المناطق(ج) كما تقيّد وصول الفلسطينيين إلى هذه المصادر".
"إسرائيل" تثابر لتضييق الخناق على الوجود الفلسطينيّ في مناطق (ج)، واستغلال مواردها، إلى جانب خلق واقع دائم فيها مفاده مستوطنات مزدهرة
ووفقًا لتقرير نشره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا) في ديسمبر/كانون الأول 2017، لا يغطي المخطط التنظيمي أكثر من 1% من المنطقة (ج) لصالح التجمعات السكانية الفلسطينية التي وافقت عليها سلطات الاحتلال، والذي أشار أيضًا إلى أنه لو سُمح للفلسطينيين بالوصول إلى تلك المناطق وتطويرها دون وجود القيود الحالية، لطرأت زياد تقدّر نسبتها بـ35% على الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني.
ويكشف القاضي غانم أنّ لديهم تعليمات "من أعلى الهرم" تقضي بضرورة متابعة التسجيل في مناطق (ج) حفاظًا على ملكية المواطنين فيها، ولمواجهة المطامع الإسرائيلية، رغم منع الاحتلال وصولهم لبعض المناطق، لكنّه يشير إلى تمكنهم من تسجيل بعض الأراضي في مناطق خلف الجدار، وذلك عبر تبني قاعدة أن كل قطعة أرض يمكن الوصول إليها، والوقوف فيها، فسيتم تسجيلها، رغم أن أغلب المانحين يتجنبون تمويل تسجيل الأراضي في تلك المناطق.
وتمكنت هيئة التسوية من تسجيل أكثر من نصف مليون دونم في المناطق المصنفة (ج)، في ظروف بالغة الصعوبة، لكنّ ذلك لا يمنع سلطات الاحتلال من مصادرة مساحات من تلك الأراضي.
تسجيل الأراضي في مناطق ج يتم بصعوبة بالغة جدًا، وغالبًا لا تُفلح لكن أهميتها في أنها تُعرقل وتكشف سرقة الاحتلال
ويعتبر مدير الوحدة القانونية في مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، أن "الطابو" الذي يتم في تلك المناطق لا جدوى منه نهائيًا، مبيّنًا أن سلطات الاحتلال لا تعترف بوثائق الطابو، انطلاقًا من أنها مناطق تحت سلطة إسرائيلية.
ويعطى مدير فرع القدس في مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان رامي صالح، مثالًا على "التدخلات القانونية" بموضوع قانون التسوية، وذلك حين جرى تقديم اعتراض على بناء بؤرة "عامونا" الاستيطانية لكونها مقامة على أرض فلسطينية بملكية خاصّة، ورغم أنّ الادّعاء الإسرائيلي قال إن هذه الأراضي ليست ملكًا لفلسطينيين، وأنها "أراضي دولة" كانت تابعة لخزينة الدولة أيّام الحكم الأردني، ورثها من الانتداب البريطاني، والذي ورثها بدوره من الحكم العثماني، إلّا أنّ المحكمة أصدرت قرارًا بإعادة الأرض لأصحابها، فرأت التيارات الاستيطانية الإسرائيلية في ذلك خطرًا على المشروع الاستيطاني، فتقدموا بقانون التسوية الذي يشرعن عمليًا الاستيلاء على الأراضي.
ما المطلوب؟
وحول ماهيّة الإجراءات المطلوب من السلطة القيام بها لتثبيت حقوق المواطنين، يرى الحاج أن ما تقوم به سلطة الأراضي في مناطق ج أمر مطلوب وصحي، لكنّ الأمر الآخر هو ما يتعلق بـ"أراضي الدولة" التي هي ملك لخزينة السلطة، فهذه الأراضي لم يتم استغلالها، وإمكانية أن يستولي عليها الاحتلال بحجج أمنيّة قائمة، فالمطلوب القيام بإجراءات على الأرض لثتبيت الحق، ومنح التراخيص للمزارعين، كي تضع الجانب الإسرائيلي تحت الأمر الواقع، وإذا ما تم المنع تصبح المقاضاة أمام المحاكم بخصوص الإجراء الممكن أن تتخذه السلطة.
ويطالب رئيس جمعية الهيدرولوجيين الفلسطينيين الدكتور عبدالرحمن التميمي، السلطة، بتنفيذ مشاريع في تلك المناطق تشجّع على جذب السكان، مثل إنشاء كلية زراعة في منطقة العوجا بمحافظة أريحا، أو معهد تدريب زراعي بمنطقة فصايل أو وُرش لصيانة التراكتورات والأدوات الزراعية.
اقرأ/ي أيضًا:
اشتية: ندرس اعتبار كلّ الضفة منطقة (أ)
أعلام فلسطين بشوارع الضفة تُغضب المستوطنين
قانون لمنع الإسرائيليين من إصلاح سياراتهم في كراجات فلسطينية