20-فبراير-2023
مسلسل الجانب الشرقي

الترا فلسطين | فريق التحرير

عرضت هيئة البث الإسرائيلية "قناة كان"، الحلقة الأولى من مسلسل "الجانب الشرقي"، وهو يتمحور حول مومي بن دهان، الضابط السابق في جهاز "الشاباك"،  الذي عُرف باستخدام الابتزازا في عمله، وكان من مهامه إبرام صفقاتٍ لشراء عقارات في شرق القدس لصالح منظمات يهودية.

تبدو الحلقة الأولى من المسلسل كأنها محاولة لتخفيف حدة الأفعال الشنيعة والوسائل غير الأخلاقية في عالم سماسرة العقارات

يؤدي دور الضابط مومي بن دهان، الممثل الإسرائيلي الشهير يهودا ليفي. والحلقة الأولى من المسلسل انشغلت بتبرير ما يقوم به مومي بن دهان، فهو، كما جاء في الإعلان الترويجي، "يفعل كل شيء من أجل غاية وحيدة، وهي جني المال لضمان حياة سعيدة لابنته المصابة بالتوحد".

محور الحلقة الأولى كان "شراء" منزل في حي سلوان المطل على المسجد الأقصى. بينما ستتطرق الحلقة الثانية إلى "شراء" فندق في القدس العتيقة من الكنيسة اليونانية.

وتبدو الحلقة الأولى من المسلسل كأنها محاولة لتخفيف حدة الأفعال الشنيعة والوسائل غير الأخلاقية في عالم سماسرة العقارات. ففي تحقيق نشرته صحيفة "هآرتس" قبل سنوات،  وثقت ضلوع جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية اليمينية في استخدام الترويج للدعارة، والتهديد، والتعاون مع شخصيات وهمية، من أجل تهويد مدينة القدس، بالاستيلاء على عقارات فلسطينية في القسم الشرقي من المدينة المحتلة، وذلك من خلال رصد تسجيلات لمكالمات هاتفية كان يجريها نتنياهو دان، رئيس الجمعية.

وتضمن تحقيق "هآرتس" تسجيلات يُسمع خلالها صوت رئيس الجمعية، وشخصيات أخرى تنتمي لها، مثل محامي الجمعية، وهم يتحدثون بحريّة عن طرق مختلفة من الوسائل المسموح بها لتحقيق الهدف، إلى جانب الخدمات الجنسية، شريطة أن لا تكون الفتيات يهوديات.

وأوضحت، أن الجمعية مارست الضغط والابتزاز مع البائعين الفلسطينيين بطرق متعددة، من أجل خفض أسعار العقارات. ومن بين هذه الوسائل، التهديد بالكشف عن مفاوضات صفقة البيع، إذ كانوا يختلقون عقبات تحول دون إتمام الصفقات، وهذا يعرض البائع للخطر، كون من يبيعون أملاكهم للاحتلال هم خونة بالنسبة للشعب الفلسطيني.

وكانت تحقيقات إسرائيلية كشفت سابقًا عن تزوير وثائق شخصية، وتزوير ملكية عقارات، من أجل الاستيلاء على عقارات في المدينة، وكذلك استخدام وسطاء عرب في شراء عقارات فلسطينية بالمدينة، بعد أن يتم خداع أصحابها والادعاء بأن هذه الأملاك ستذهب لأشخاص ليسوا إسرائيليين.

تبدأ الحلقة الأولى من "الجانب الشرقي" بمشهد تعد فيه أسرة من سلوان البقلاوة للجيران، فهم سيرحلون الى المنزل الجديد في بيت لحم. وفي منتصف الليل يطرق المشتري الفلسطيني  الباب ويبلغهم أنه يريد استلام المنزل الآن، لكن الزوجة ترفض الطلب، فالموعد غدًا والأطفال نيام، وهنا يدخل مومي بن دهان إلى المشهد قائلاً إن المشتري الفلسطيني لا يريد السكن هنا، وأنه باع المنزل لمستوطنة، ومن الأفضل لهم مغادرة البلاد، فقد جهز لهم جوازات السفر إلى أستراليا.

في خضم النقاش يصفع مومي بن دهان، صاحب المنزل على وجهه، ثم تقتنع الأسرة بضرورة الهرب لأن الناس لن تصدق أنهم لم يبيعوا منزلهم مباشرة للمستوطنين، فنقلهم مومي بن دهان إلى المطار، وعندما وصلوا هناك، ساور الشك الزوجة بأن زوجها كان على علم البيع بعدما لاحظت أن مومي بن دهان أعطى زوجها حقيبة زرقاء قبل الصعود إلى الطائرة، فرفضت السفر وانهارت بعد اعتراف زوجها لها بالبيع ثم نقلت إلى المستشفى.

على غرار مخرج مسلسل "المستعربون"، استخدم مخرج "الجانب الشرقي" ممثلين فلسطينيين (من الداخل)، لكن أدوارهم كانت "كومبارس"، رغم محورية أدوارهم

وعلى غرار مخرج مسلسل "المستعربون"، استخدم مخرج "الجانب الشرقي" ممثلين فلسطينيين (من الداخل)، لكن أدوارهم كانت "كومبارس"، رغم محورية أدوارهم. ففي مسلسل "المستعربون" مُنحت الشخصيات التي يجسدها فنانون فلسطينيون أدوار التخطيط لعمليات قتل مدنيين ثم الوقوع في أخطاء لا يرتكبها إلا الأغبياء. وفي مسلسل "الجانب الشرقي"، كان دورهم مختزلاً بالبيع، حتى الأداء في غاية السطحية لا تتخله عواطفٌ أو لغة جسد أو مشاعر، بل كانت أدوارهم أشبه بالأدوار التي يؤديها الهنود الحُمر في السينما الأمريكية: تبرير أفعال الأبيض تجاه أبناء جنسهم.

ومومي بن دهان، كما صورته الحلقة الأولى، شخصٌ حساسٌ جدًا، وهو يفعل الأشياء السيئة لغايةٍ حسنة، ويجني المال لضمان مستقبل أفضل لابنته، كما لو أنه يعيش في "دولة" لا تعتني بالمصابين بالتوحد.

بعد أن ينهي مومي بن دهان الصفقة ويوصل الأسرة إلى المطار يعود لمنزله، حيث ابنته تسأله عن ساعة اليد التي وعدها بإصلاحها فيبحث في جيبه ولا يجدها، لكنَّ مشهدًا سابقًا يظهر الطفل يعطي الساعة لأخته في المطار، فتسأله من أين؟ فيقول أخذتها من سيارة الرجل الذي أوصلنا إلى المطار. هنا تخاطب البنت أخيها قائلة إن السرقة حرام، فيرد الطفل بأن "القرآن يقول إن سرقة الناس السيئين حلال". تبدو اللغة الأم للطفلين هي اللغة العربية.

المشهد الأخير من الحلقة الأولى مثل غالبية مشاهد هذه الحلقة، يؤدي غاية واحدة هي تكريس صفة الإنسانية في شخصية مومي بن دهان. والمشهد يستعرض ليلة حمراء مع المعالجة النفسية لابنته، بعد أن أدخلت تعديلات على توصياتها من أجل الحصول على قبول لابنته لتأدية الخدمة العسكرية، حيث يبدأ الغزل، لكن المعالجة تلاحظ  أن هاتف مومي بن دهان لا يتوقف عن الرنين الصامت، فيجيب بن دهان على الاتصال، ويتبين له أن المتصل هو الشخص الذي باع المنزل، وأنه لم يسافر، فيذهب إلى لقائه في حديقة عامة، وعندما يصل الموقع يحاول الاتصال به لكنه لا يجيب، وعلى الأرض يلاحظ دمية الطفلة، فينادي بأعلى صوته ثم يحل الصمت الذي تمزقه رصاصة.