31-مايو-2019

لم يعد مفاجئًا أن تدخل المكتبات العامة في رام الله ولا تجد سوى أمين المكتبة يرتب بعض الكتب، ولا من الغريب أيضًا أن لا تجد كتابًا أكاديميًا معروفًا، وليس عجيبًا أن تغلق مكتبات رام الله أبوابها عند الساعة الثالثة عصرًا، إذ بات من المعروف أن المكتبات العامة في رام الله والبيرة تعاني الأمرَّين، وتشكو قلة روادها وتذمرهم منها في آن واحد، وشح ما تضمه من كتب، حتى أصبح من الصعب أن تعرف من يعزف عن الآخر، المكتبات أم روادها.

شكاوى من شُح الكتب المتخصصة والدورية والمتجددة في المكتبات العامة برام الله

يتذمر رواد المكتبات العامة في رام الله دائمًا من شُحِ الكتبِ المتوفرةِ فيها ومن عدم توفيرها للكتب المتخصصة، أو حتى الدورية والمتجددة، ومن ساعات عملٍ قليلة وفق ما قالوه في مقابلاتٍ منفصلة أجراها الترا فلسطين.

اقرأ/ي أيضًا: مكتبات مثقفي نابلس.. سيرة ضياع وتفريط

سميرة جابر طالبة علم النفس في جامعة بيرزيت، توضح أن هذه المكتبات تفتقر لكتب علم النفس المترجمة وكتب الأنثروبولوجيا، وكذا كتب الشعر الحديث، مضيفة أن كل هذا مرتبطٌ ربما بوجود أشخاص غير مختصين يعملون في المكتبات، أو أنهم لا يأخذون ملاحظات القراء على محمل الجد.

يتفق عزمي شنارة، مسؤول مكتبة مؤسسة عبد المحسن قطان، مع شكاوى القراء من شح المادة المتوفرة في المكتبات، ويبين أن المواضيع التي تفتقر لها المكتبات العامة في مدينة رام الله، هي المواضيع المتجددة والمتصلة بالتطور التكنولوجي والرقمي والإنترنت، وأيضًا تلك المواضيع ذات الصلة بالفنون والملتيميديا والسينما من ناحية تقنيات الإنتاج السينمائي والإخراج.

أما محمد عثمان، وهو -كما يقول- من الرواد اليوميين لمكتبة رام الله العامة، فيشكو من إغلاقها لما يقارب الشهر لتأهيلها، وهو ما جعله يتوقف عن القراءة من داخل المكتبة، مضيفًا، "بيتي قريب من مكتبة رام الله وأنا أذهب إلى المكتبة قبل ساعةٍ من عملي وأجلس فيها بُغية القراءة، ولكن بعد إغلاق مكتبة رام الله أصبح من الصعب الوصول إلى مكتبةٍ أخرى ثم الذهاب إلى العمل، وهذا تقاعسٌ كبيرٌ أن تُغلَقَ مكتبةٌ رئيسيةٌ في رام الله لمدة ما يقارب الشهر بهدف التأهيل".

الترا فلسطين رصد آراء طلبةٍ جامعيين عن المكتبات العامة في رام الله وخدماتها، وكان ردُّ عددٍ منهم بأنهم لا يعلمون أن هذه المكتبات موجودةٌ أصلاً، أو ما هي طبيعة الخدمات التي تقدمها، ما يشير إلى غياب حلقة وصلٍ بين الطلاب وهذه المكتبات، وكذلك ضعف الجانب الترويجي من طرف المكتبات.

طلاب جامعيون في رام الله لا يعرفون بوجود مكتبات عامة فيها

تؤكد رانيا الحسيني مسؤولة مكتبة رام الله، أن المكتبات العامة تفتقر إلى المواضيع التي لها علاقةٌ بالفنون بشكل عام والفنون البصرية والفنون المسرحية، كما يمكن أيضًا القول بوجود فجوةٍ في ما يتعلق بقسم الجغرافيا والتاريخ، إذ توجد الكثير من الإصدارات القديمة التي تلبي فقط الإطار التاريخي، وليس لها تسلسلٌ زمني، ولا تُتبع بإصداراتٍ حديثةٍ تربطها مع الاحتياجات الحالية للطلبة والباحثين.

اقرأ/ي أيضًا: دور السينما الفلسطينية.. لم يبق إلا الأسماء

وتُعلل الحسيني هذا الضعف في المحتوى وتنوع المواضيع إلى أسبابٍ اقتصادية، منها محدودية ميزانيات المكتبات الخاصة بشراء واقتناء الكتب بمواضيعها المختلفة، إضافة إلى الأحوال السياسية التي تمنع وتعيق حرية الاستيراد من الخارج، متل الكتب الصادرة في سوريا ولبنان، وكذلك توجه الجمهور لاستخدام الشبكة الإلكترونية لسد احتياجاته من القراءة.

وحسب الإحصائيات التي زودتنا بها بعض المكتبات في رام الله والبيرة، فإن الكتب الأكثر قراءة في المكتبات هي كتب الأدب بشكلٍ عام والرواية بشكل خاص، إذ أوضح سالم بادي، وهو مسؤولٌ في مكتبة البيرة العامة، أن تركيزهم على بعض الروايات حصرًا مرتبطٌ باستعارتها بشكل كبير.

وبيّن عزمي شنارة، أن الكتب الأكثر قراءة في مكتبة مؤسسة عبد المحسن القطان هي الرواية والقصة والفنون وأساليب التدريس، بينما أوضحت رانيا الحسيني أنه بالاستناد إلى الإحصائيات والتقارير الموجودة لديهم، يُلاحظ أن أكثر المواد قراءة في مكتبة رام الله، هي تلك التي لها علاقةٌ بالتنمية البشرية والروايات، هذا من ناحية القراءة للمتعة، لكن من ناحية القراءة الأكاديمية فيلاحظ ازدياد الطلب على الكتب الخاصة بفروع التربية وعلم النفس وتاريخ فلسطين والقانون والثقافة والعلوم الاجتماعية والأدب الإنجليزي.


اقرأ/ي أيضًا:

بالوثائق.. "مقام يوسف": عندما يعبث السياسي بالديني

مشهد نابلس الثقافي.. تاريخ من ذهب وحاضر يُرثى له

عن تاريخ الصيدلية في فلسطين.. صور