الترا فلسطين | فريق التحرير
أجرى "التلفزيون العربي" لقاءً خاصًا مع المفكّر العربي، الدكتور عزمي بشارة، يوم الأربعاء التاسع عشر من أغسطس/آب الجاري، للبحث في أبعاد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى "اتفاق تاريخي" لتطبيع العلاقات بين "إسرائيل" ودولة الإمارات العربية المتحدة.
رأى المفكر العربي عزمي بشارة أن هناك توجهًا عامًا نحو إنجاز تحالف بين أبوظبي وتل أبيب ناجم عن تصورات مشتركة للمنطقة
وافتتح بشارة مداخلته بالتأكيد على أنه لا يمكن اختزال إعلان الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي بكونه تطبيعًا، حيث إن هناك توجهًا عامًا نحو إنجاز تحالف بين أبوظبي وتل أبيب ناجم عن تصورات مشتركة للمنطقة، وعن التصور المشترك والقاطع ضد أي تحول ديمقراطي. حيث تخشى إسرائيل من أي تحول ديمقراطي، وقد كانت سنة 2011 كما يشير أسوأ سنة بالنسبة لها، لأنها لا تريد أن تكون خاضعة للتقلبات السياسية التي تحدثها الديمقراطية في الدول العربية.
كما أكد المفكر العربي أن الإمارات من جهتها أيضًا ترى في الديمقراطية تهديدًا، وتعتبر أن العدو الرئيسي هو إيران وليس إسرائيل، بالإضافة إلى تخوفها من النفوذ التركي والإسلام السياسي، وهي تصورات مشتركة مع إسرائيل. كما أن من أهداف التطبيع الإماراتي، أن يقود إلى تحالف مع لوبيات اليمين الأمريكي.
اقرأ/ي أيضًا: بشارة: صفقة نتنياهو - ترامب كسر للمنظور الأمريكي لعملية السلام
لم يكن الاتفاق في حالة الإمارات، كما يؤكد بشارة، اتفاقًا بين دول كانت في حرب، ما يجعل وصف ما حدث باعتباره اتفاق سلام بالـ"مهزلة"، والأحرى من وجهة نظر المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أن يُعتبر إعلانًا للتحالف، يترتب عليه جعل إسرائيل داخل الاصطفاف العربي.
يبين المفكر العربي أن قضية فلسطين لم تكن أحد الاعتبارات في الاتفاق، ويشير إلى أن استخدام تسميات محددة للاتفاق مثل "أبراهام" كانت تهدف إلى تصوير الأمر على أنه تصالح أديان، يظهر الإمارات كدولة معتدلة، في حين يظهر الآخرين بمظهر المتطرفين. يفند بشارة تلك الأطروحة، مشيرًا إلى أنه لم يكن في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية أي عداء لليهود، وأن النقاش الفلسطيني والعربي مع الصهيونية قام على اعتبار أنها حركة استعمارية، بغض النظر عن دينها.
ويؤكد أن كل الشعوب التي تتطلع للتغيير والديمقراطية، يجب أن تكون فلسطين في قلب تطلعاتها. مشددًا على ضرورة عدم خلق تناقض في السلوك يؤدي إلى أزمة أخلاقية، من خلال الوقوف ضد عدالة القضية الفلسطينية وتحرر الفلسطينيين من الاستعمار. وهو أمر لا يجوز لأي حركة ديمقراطية.
عزمي بشارة: التحالف بين الإمارات وإسرائيل لا يهمش فقط القضية الفلسطينية، ولكنه بالأساس يعادي الشعوب العربية
ومجددًا، يوضح المفكر العربي أن التحالف بين الإمارات وإسرائيل هو تحالف استراتيجي وسياسي، مرتبط بالتغيرات في المنطقة والنفوذ. وهو اتفاق لا يهمش فقط القضية الفلسطينية، ولكنه بالأساس يعادي الشعوب العربية، لأنه يعادي أي تغيير ويرفض أي إصلاح في الأنظمة الملكية، ويسعى إلى تحويل جميع الجمهوريات العربية إلى دول عسكرية.
فيما يتعلق بتوقيت الاتفاق، فإنه بين أنه جاء بالتزامن مع تولي أسوأ حكومة يمينية إسرائيلية للسلطة، ومع توسع الاستيطان وتهويد القدس، كما أنه يجيء مع تواجد رئيس أمريكي يتبنى موقف اليمين الإسرائيلي بأكمله، ويتجاوز حدود التحالف العضوي بين وانشطن وإسرائيل. وهو ما يتقاطع مع الحاجة إلى تشويه صورة الفلسطينيين، عبر الجيوش الإلكترونية لتبرير الخطوة، لأن عدالة القضية تبطل شرعيتها.
فيما يؤكد بشارة أن القادة الإماراتيين مقتنعون بما يفعلون، وأن الاتفاقية والعلاقات مع إسرائيل ليست هفوة أو زلة، بقدر ما هي تعببير عن قناعتهم بأن إسرائيل حليف إقليمي، وأن دورهم في الإقليم بحاجة إلى مثل هذا الحليف.
وفي حين أن الليكود الإسرائيلي يؤمن أن الموقف العربي لن يتغير بالكلام والتنازلات، وأن ما ينفع هو سياسات القوة، عملًا بمدأ السلام مقابل السلام، فإن الاتفاق مع الإمارات، كان بمثابة برهان على تلك القاعدة، بالنظر إلى أنه يختلف عن الاتفاقات السابقة مع بعض الدول العربية، التي تم اعتبارها اتفاقيات سلام مقابل الأرض.
بشارة: إعلان التحالف الإماراتي الإسرائيلي هو انتصار ليس لإسرائيل وحسب، ولكن لليمين الإسرائيلي على وجه التحديد
بالتالي يرى بشارة أن إعلان التحالف الإماراتي الإسرائيلي هو انتصار ليس لإسرائيل وحسب، ولكن لليمين الإسرائيلي على وجه التحديد، ولوجهة نظره التاريخية ضد أي مجادلة بأنه يجب تقديم تنازلات من أجل السلام، ما يكرس بشكل واضح علاقات القوة.
إن حضور الإمارات لتوقيع صفقة القرن وموافقتها علانية على الصفقة، كان بالتأكيد من وجهة نظر بشارة سينتهي إلى ذم القيادة الفلسطينية، وإلى وجود دول خليجية تقبل أن توقع سلام مع إسرائيل بدون أي شروط تتعلق بالقضية الفلسطينية، التي ليست الموضوع أصلًا، وهناك تهميش كامل لها.
بشأن صمت بعض الدول العربية تجاه الخطوة الإماراتية، أشار بشارة إلى عدم صحة تحويل القضية الفلسطينية إلى نقاش قانوني أو جدل يتعلق بسيادة الدول التي تروم التطبيع مع إسرائيل، فتطبيع الإمارات قضية لا تتعلق بالسيادة، ولكن بدورها في التدخل في الدول الأخرى، وتقوية يد نتنياهو على الشعب الفلسطيني. فيما يؤكد أن سياستها هذه يجب أن تكون موضع مساءلة.
اقرأ/ي أيضًا:
عزمي بشارة: اتفاق الإمارات وإسرائيل تحالف معلن يهمش القضية الفلسطينية
عزمي بشارة: نتنياهو نفذ صفقة القرن ويريد تفاوضًا على ما تبقى