26-نوفمبر-2017

Photo by Abid Katib/Getty Images

في فرحٍ صغير اقتصرَ على أبناء العائلة، زُفَ الحاج أبو سعيد الحرثاني ذو الـ90 عامًا إلى عروسه التي تبلغ من العمر (47 عامًا)، بعدَ عامٍ ونصف من البحث عن عروسٍ تقبل برجلٍ في مثل عمره؛ رحلت زوجته عنه بعد أكثر من ستة عقود.

رحلة البحث عن العروس الثانية بهذا العمر لم تكن سهلة كما توقع أبناؤه الستة، فامرأة تناسب عجوزًا تجاوز من العمر عتيًا؛ كان إيجادها مهمة صعبة حتى لو تشارك الجميع في ذلك، ناهيك عن أن الضمانات لاستمرار زواجٍ كهذا صعبة.

تسعيني يتزوج من أربعينية، و"مختار" يعلن على "فيسبوك" أنه يبحث عن عروس.. "عجائز" في غزة لا يمنعهم تقدم العمر من الزواج

"أعرف أنّ عمري كبير جدًا ولم تكن هذه ميزة لتقبل بي أي امرأة لأكون زوجًا رغم تمتعي بصحةٍ جيدة، فأول ما كانت تفكر فيه هو هل ستواصل حياتها معي، ومتى سأتركها بأمر الله وتبقى وحيدة، وكم سيمد بيَّ العمر بعد التسعين"، قال الحرثاني لـ"الترا فلسطين" مُضيفًا أنّ "الزواج بهذا العمر ضرب من الجنون، غير أنّه الطريقة الوحيدة التي أحصل فيها على سندٍ وونس ورفيقٍ يشاركني وحدتي".

اقرأ/ي أيضًا: العرس الفلسطيني: ماذا عن كسوة العروس؟

لم يكن فراق "أم سعيد" سهلًا على الحاج الحرثاني، ولم يكن خيار الزواج بعد وفاتها هيّنًا، فكان قبرها أول وجهة له بعد أن كتب كتابه على زوجته الجديدة، قال: "ذهبت إليها وأخبرتها أنني احتاج لرفيقِ دائم، وبكيت لأنني أشتاق لها".

بجوار ضريح "عجوزه" زرعَ أبو السعيد شجرة يسقيها كل أسبوعٍ مرة، وهو يخبر الراحلة بتفاصيل حياته التي غادرتها، فهي حبيبته ورفيقه دربه الطويل، كما يقول، مضيفًا، "لم أتزوج حُبًّا في الزواج، ولكن أخشى أن أُثقل على أبنائي اللذين قسّموا الأسبوع بينهم، كُلٍ منهم يبيت عندي يومًا يهتم بشؤون المنزل وشؤوني الخاصة".

لم يتردد أبناء الرجل في الموافقة عندما أخبرهم رغبته بالزواج، وبحثوا معه عن امرأةٍ تناسبه، ومن عائلة "ذات خُلقٍ حسن"، وساعدتهم في ذلك صحته الجيدة وعدم إصابته بأي أمراض مزمنة كالسكري والضغط، ناهيك عن امتلاكه شقة مستقلة عن أبنائه.

إبراهيم الحرثاني، ابن "العريس" قال: "كنا مع والدي خطوةَ بخطوة في رحلة البحث عن العروس، وكان المهم عنده أن نكون راضين عن أي امرأة يختارها زوجة، حتى أنه اختار واحدةً وعزف عنها عندما وجدناها غير مناسبة له".

العروس التي كان مهرها 1500 دينار مُقدّمًا و2000 دينار مؤخّر، ترملت حديثًا، ولم تنجب من زوجها أي أبناء، ناهيك عن "سمعتها وسمعة عائلتها الحسنة، وعاقلة"، كما يصفها الابن، مضيفًا، "تزوج والدي منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ولم يشكو من زوجته ولم تشكُ هي منه كذلك".

الحرثاني لم يكن الحالة الوحيدة لرجلٍ تزوج بهذا العمر الكبير، غير أنّه من رحب بلقاءٍ صحافي يذكر فيه اسمه وتفاصيل عن زواجه الجديد، أمّا "المختار" (خ.ص) فقد رفض أن يُذكر اسمه بعد أن استجابَ للقاءٍ هاتفي مع "ألترا فلسطين" إثر تواصلنا معه بعدَ نشر طلبه للزواج على "فيس بوك".

الرجل الذي يبلغ من العمر (78 عاما) قال: "تزوجت بعدَ رحيل زوجتي بعشر سنوات من امرأة كانت سيئة للأسف وساءتني تصرفاتها، خاصة وأنني مختار ولي كلمتي ومكانتي الاجتماعية، لذا طلقتها منذ عام وأربعة أشهر".

لا يسهل على كبار السن في غزة العثور على سيدات يقبلن الزواج بهم، لكن المهمة ليست مستحيلة، وتوفر المال والمسكن المستقل يساعد في ذلك

يملك المُختار منزلًا مستقلًا قريبًا من أبنائه الذين يشرفون على تنظيفه، وإعداد الطعام له، غير أنه يشعر بأنّ أمرًا ما غير صشحيح عندما يحمل له أحفاده الطعام من منزلٍ إلى منزل أمام المارّة في الطريق الواصل بينهم.

يقول المختار: "أرى أنّ هذا الأمر رغمَ أنّه جيّد ينتقص مني وأنا الذي يحتكم الناس لي لحلّ خلافاتهم، لذا فإنّ وجود امرأة في منزلي تقوم على رعايتي والاهتمام بهِ ضروري جدًا"، مضيفًا، "لا أشترط أن تكون زوجتي الجديدة جميلة، فكل ما أريده أن تكون عاقلة وبصحة جيدة لنتشارك المتبقي من العمر سويًا، وأن تُقدّر مكانتي الاجتماعية".

أبناء المُختار لم يعترضوا على زواجه للمرة الثانية بعد وفاة أمهم، ولم يعترضوا على طلبه الأخير بالزواج من ثالثة، غير أنّ بحثه عن عروسٍ مناسبة طال قليلًا، ففكر في أن ينشر الإعلان على الانترنت.

كان "العجوزان" موفقين بأبناءٍ يحبون الخير لهم، وجرت العادة أن يعترض الأبناء على زواجٍ كهذا خاصة إن كان العريس يملك مالًا كثيرًا، أو جاهًا كالحرثاني والمختار، وفي أغلب الحالات توافق عائلات النساء بشروطٍ تعجيزية تضمن "للعروسات" مستقبلًا جيّدًا في حال غادر أزواجهن الحياة قبلهن.


اقرأ/ي أيضًا: 

مطلوب عريس بدون شروط وعروس موظفة!

غزة: زواج نكاية بالأمهات والطليقات.. من يدفع الثمن؟

زواج فلسطينيات وإنجابهن.. الماء وسيطاً