22-نوفمبر-2023
وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن (يسار) اجتماعًا مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن (يسار) اجتماعًا مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. 4 نوفمبر 2023. GETTY Images

الترا فلسطين | فريق التحرير 

توصل كل من حماس و"إسرائيل" إلى اتفاق هدنة لمدة 4 أيام قابلة للتمديد، وذلك بوساطة قطرية، وجهود دبلوماسية بدأت بعد وقت قصير من عملية طوفان الأقصى. 

ونقل موقع بولتيكو من مصادر خاصة، فضلت عدم ذكر اسمها، حيثيات تفاصيل المفاوضات وقنواتها، كشفت فيها عن "لحظات دبلوماسية حساسة وصعبة". 

وقالت المصادر، وهما مسؤولان رفيعان في الإدارة الأمريكية، أن قطر اتصلت بالبيت الأبيض بعد وقت قصير من يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول بمعلومات عن الأسرى الإسرائيليين الذين احتجزتهم حماس للتو. 

نتنياهو تحدث للإدارة الأمريكية عن أن الصفقة لم تكن شيئًا أخلاقيًا فقط، بل ضرورة سياسية، وذلك ضمن هاتف تباكى فيه لماكغورك بأن الإسرائيليين ينتقدون فشله في حمايتهم من حماس، وفشله في إعادة الأسرى.

واقترحت قطر تشكيل خلية صغيرة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" للعمل في قضية الأسرى، ولجأ مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إلى اثنين من كبار مساعديه، بريت ماكغورك وجوش جيلتزر، نائب مساعد الرئيس في مجلس الأمن القومي. وقد عملوا معًا على اتصالاتهم وهواتفهم للتنسيق حول أفضل السبل للتوصل إلى اتفاق مع حماس.

وتم توضيح المخاطر خلال مكالمة "زوم" في 13 أكتوبر بين الرئيس الأمريكي جو بايدن وعائلات الأمريكيين الأسرى لدى حماس، واستمرت المحادثة لفترة أطول من الجدول الزمني المسموح به، إذ سمح جو بايدن لجميع الموجودين على الهاتف بالتحدث.

وأصبحت قضية الأسرى عنصرًا أساسيًا في مكالمات جو بايدن الهاتفية المتعددة واجتماعاته المباشرة مع رئيس الوزارء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى جانب الضغط على "إسرائيل" للسماح بوصول المساعدات الإنسانية وضمان إعطاء الأولوية لسلامة المدنيين في إطار العمليات العسكرية "للقضاء على حماس" في غزة.

وتدعي المصادر أن "خلية المفاوضات السرية"، حققت انتصارها الأول في 23 تشرين الأول/أكتوبر. بعد إطلاق حماس سراح مواطنتين أمريكيتين، ناتالي وجوديث رانان، وهي أم وابنتها، الذي، بحسب المصادر، أثبت بأن عمل الخلية يمكن أن يؤدي في النهاية إلى إطلاق سراح  المزيد من الأسرى.

وبعد ذلك بيوم، أرسلت حماس رسالة عبر قنواتها إلى الخلية بأنه "يمكن لعدد من النساء والأطفال الأسرى مغادرة غزة، لكن المشكلة تكمن في أن عبورهم الآمن إلى الخارج لا يمكن تأمينه إلا إذا لم تشن إسرائيل غزوها البري للقطاع".

وقال أحد المصادر إن "المسؤولين الأمريكيين طرحوا على الإسرائيليين أسئلة صعبة حول ما إذا كان ينبغي تأجيل الهجوم البري أم لا لإعطاء فرصة للصفقة"، ولكن "قرر الإسرائيليون أن الشروط لم تكن حازمة بما يكفي لتأخير الاجتياح. ولا يوجد حتى الآن أي دليل على أن الأسرى على قيد الحياة"، ولم توافق الولايات المتحدة أو "إسرائيل" على التوصل إلى اتفاق دون ضمانة بأن المقاومة "ستسمح للأسرى بالمغادرة".

ومع بدء الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة، ادعت المصادر، وفقًا لما نقله موقع بولتيكو، أن "خطة الاجتياح تم تكييفها لتكون تدريجية ومصممة لدعم التوقف المؤقت إذا تم التوصل إلى اتفاق".

وعدت "إسرائيل" بالسماح باستمرار عمل مستشفى الشفاء، مقابل الاستمرار في المفاوضات مع حماس.

وكانت موجة من الدبلوماسية تجري خلف الأبواب المغلقة، بالتزامن مع تقارب ملامح الصفقة، وقدمت حماس معلومات عن 50 من الأسرى لديها، في إشارة إلى جو بايدن بإمكانية إخراجهم، وقد نقل الرئيس الأمريكي وجهات نظره لبنيامين نتنياهو في مكالمة هاتفية أجريت معه في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، وافق خلالها على ذلك.

وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، تحدث بنيامين نتنياهو مع كبير مستشاري بايدن بريت ماكغورك، وأخبره بمدى أهمية إنجاز "إسرائيل" للاتفاق. مضيفًا أنه "بينما يدعم الإسرائيليون الحرب، إلا أنهم لا يزالوا ينتقدون نتنياهو لفشله في تأمين البلاد من حماس وفشله في إعادة الأسرى الإسرائيليين"، ومؤكدًا أن الاتفاق لم يكن مجرد ضرورة أخلاقية فقط، "بل ضرورة سياسية".

ومع ذلك، استمرت التعقيدات في محادثات الهدنة، وقطعت "إسرائيل" الاتصالات داخل غزة خلال عملياتها العسكرية، مما جعل من الصعب نقل أي معلومات من وإلى حماس، كما هددت حماس بإنهاء المفاوضات بالكامل بعد دخول الجيش الإسرائيلي إلى مستشفى الشفاء في شمال غزة، ولم يتم استئناف المحادثات إلا بعد أن وعدت "إسرائيل"، عبر خلية المفاوضات، بأن الجيش سيواصل تشغيل المستشفى.

وفي هذه الأثناء، بحسب بولتيكو، شعر جو بايدن أن الوقت لتحقيق شيء ما بدأ ينفد، وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني، اتصل بأمير قطر، مشيرًا إلى أن بريت ماكغورك سيكون في قطر في اليوم التالي، ويمكنهم مراجعة النص النهائي للاتفاقية. 

ولكن قبيل وصوله، تلقت قطر بعض التعليقات على الصفقة المقترحة من حماس، فاتصل كل من أمير قطر وبريت ماكغورك بمدير وكالة المخابرات المركزية بيل بيرنز، الذي كان يعمل ضمن قناة دبلوماسية إقليمية خاصة مع الموساد.

وقال المصدر إن الصفقة "تم تنظيمها خصيصًا للنساء والأطفال في المرحلة الأولى، ولكن مع توقع إطلاق سراح آخرين في المستقبل، وبهدف إعادة جميع الأسرى".

وفي صباح اليوم التالي، كان بريت ماكغورك في القاهرة للقاء عباس كامل، رئيس المخابرات المصرية، وبينما كانوا يتحدثون، دخل مساعد مصري حاملاً رسالة مفادها أن قادة حماس في غزة قبلوا تقريبًا كل ما تم الاتفاق عليه في الدوحة في الليلة السابقة.

وعاد ماكغورك إلى "إسرائيل" في 19 نوفمبر/تشرين الثاني للتحدث أمام مجلس الوزراء الحربي، ونقل الصفقة المطروحة ورد فعل حماس عليها، وفي ذلك المساء، أبلغ مسؤولون إسرائيليون كبار الولايات المتحدة أنهم وافقوا على الاتفاقية مع بعض التغييرات الطفيفة فقط. وأرسلت قطر تلك النسخة إلى حماس، شدد فيها أمير قطر على أنها "العرض الأخير"، بحسب المسؤولين الأمريكيين.

وأضافت بولتيكو أن محادثات وتحركات بسيطة متبادلة استمرت خلال الـ 48 ساعة التالية، ولكن أصبح من الواضح أن جميع الأطراف ستقبل الاتفاقية، وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني، أعطت حماس الضوء الأخضر، ولم يتبق سوى موافقة مجلس الوزراء الإسرائيلي بكامل هيئته على الصفقة، التي توقع كل فرد في خلية المفاوضات حدوثها.

 وبعد الموافقة الإسرائيلية أعلنت قطر نجاح مساعي خلية المفاوضات.