14-يوليو-2022
ارشيفية

صورة أرشيفية: عمال دباغة يقومون بتمليح جلود بقر بعد جمعها في عيد الأضحى | تصوير مجدي فتحي

أطلق ثلاثة شبان من مدينة غزة مبادرة لجمع جلود الأضاحي التي تم نحرها خلال أيام عيد الأضحى، بغرض تصديرها إلى مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، لاستخدامها في صناعة الأحذية والملابس.

أوضح البياع، أنهم تمكنوا من تشغيل 120 شابًا خلال فترة عيد الأضحى في جمع جلود الأضاحي وتمليحها، لكنهم لم يتمكنوا من جمع سوى 20% من الجلود، وما تبقى أُلقي في القمامة

وتشكل عملية جمع جلود الأضاحي في قطاع غزة كل عام تحديًا كبيرًا أمام بلديات القطاع، فالمواطنون وأصحاب المسالخ يتخلصون منها بإلقائها على جانبي الطريق وحاويات القمامة، لتشكل مكاره صحية.

الشاب يحيى البياع (36 عامًا)، أحد الشبان القائمين على المبادرة، قال إنه لا يوجد في قطاع غزة سوى شخص يقوم بهذه المهنة "ولا يمكنه جمع قدر كبير من الجلود، لذلك فكرنا في إطلاق هذه المبادرة العام الماضي للمساهمة في جمع أكبر قدر من هذه الجلود وتشغيل أكبر عدد من الشبان العاطلين عن العمل".

وأوضح البياع، أنهم تمكنوا من تشغيل 120 شابًا خلال فترة عيد الأضحى في جمع جلود الأضاحي وتمليحها، لكنهم لم يتمكنوا من جمع سوى 20% من الجلود، وما تبقى أُلقي في القمامة بسبب عدم توفر الإمكانيات لديهم لجمعها.

وبحسب إحصائيات وزارة الزراعة، فإن قطاع غزة بحاجة إلى 15 - 16 ألف رأس من العجول، و25 - 30 ألف من الأغنام خلال عيد الأضحى.

وأعرب البياع عن أمله في أن تلقى مبادرته دعمًا من المؤسسات الأهلية وبلديات القطاع ووزارة الحكم المحلي، بالإعلان عن نقاط جمع لهذه الجلود في كل محافظة، ونقلها بعد ذلك بالعربات إلى أماكن الجمع الخاصة التي توفرها البلديات.

ورأى، أن هذه الإجراءات من شأنها تشغيل المزيد من الشبان العاطلين عن العامل، وتطوير الاستثمار في هذا القطاع المهمش.

البياع
يحيى البياع | الترا فلسطين

وأضاف البياع، أنهم يشترون هذه الجلود من المذابح والمسالخ المنتشرة في مدينة غزة، كما أن العديد من المواطنين يقومون بجمعها عبر عرباتهم التي تجرها الدواب ويبيعونها لهم بسعر يتراوح بين 15 إلى 20 شيكل مقابل الجلد الواحد، منوهًا أن مؤسسات وجمعيات "خيرية" تقوم بذبح الأضاحي في مدينة غزة رفضت منحهم الجلود بدون مقابل.

هذا التعب والتكاليف المبذولة في عملية الجمع، ليس مضمونًا أن تعود بالربح في نهاية المطاف. ففي العام الماضي تعرض البياع وأصدقاؤه لخسائر كبيرة بسبب منع سلطات الاحتلال عملية التصدير

لكن هذا التعب والتكاليف المبذولة في عملية الجمع، ليس مضمونًا أن تعود بالربح في نهاية المطاف. ففي العام الماضي تعرض البياع وأصدقاؤه لخسائر كبيرة بسبب منع سلطات الاحتلال عملية التصدير  في إطار قيودها بعد انتهاء المواجهة العسكرية في أيار/مايو، ما تسبب بتلف كميات كبيرة منها، ولم يحصلوا في المقابل على أي تعويض من الجهات الحكومية.

هذه الظروف أدت للعزوف عن هذه المهنة الموسمية. لكن رغم ذلك، يقول البياع: "نحن مصرون على النجاح وبدأنا العمل هذا العام من جديد".

ويشرح البياع عملية تمليح الجلود بعد جمعها، بفردها على شكل طبقات فوق بعضها البعض داخل أحد المعرشات بعيدًا عن أشعة الشمس حتى لا تتعرض للتلف، ويتم رش كل قطعة بطبقة من ملح البحر الميت الذي يتم استيراده عبر الضفة الغربية، تقدر بـ 20 كغم.

جلود بعد التمليح
جلود بعد التمليح | الترا فلسطين

وأوضح، أن مهمة الملح هي المساعدة على حفظ هذه الجلود من التعفن والمساعدة في تجفيفها، منوهًا أن الجلود تبقى مكدسة فوق بعضها أربعة شهور على الأقل، قبل أن تصبح جاهزة للتصدير.

الجلود تحتاج لدرجة حرارة منخفضة، تتراوح ما بين 5 إلى 10 درجات، ويتم رش كل قطعة منها بملح البحر الميت الذي يتم استيراده عبر الضفة الغربية

وأضاف، أن هذه العملية بحاجة إلى إمكانيات كبيرة، من استئجار معرش كبير لحفظ الجلود بداخله، واستيراد كميات كبيرة من الملح، وصرف أجرة لعشرات العمال تتراوح يوميًا من بين 70 إلى 100 شيقل للعامل الواحد. كما أن الجلود تحتاج لدرجة حرارة منخفضة، تتراوح ما بين 5 إلى 10 درجات، حتى لا تتعرض للتلف والتعفن خلال فترة تمليحها، مبينًا أنهم لم يستطيعوا توفير مكان مغلق بهذه المواصفات نظرًا للتكلفة العالية التي قد تقع عليهم.

وأفاد البياع بأن سلطات الاحتلال وضعت مجموعة من الشروط على عملية تصدير الجلود إلى الضفة، أبرزها تعليق كمية محدودة من الجلود داخل أقفاص معدنية صممت خصيصًا لهذا الغرض، ومنع وضعها فوق بعضها البعض، وهذا زاد من التكلفة عليهم، إذ يحتاجون لاستئجار عدد مضاعف من الشاحنات في عملية التصدير، ثم إعادة شحن الصناديق لقطاع غزة بعد تفريغ حمولتها في الضفة، بسبب ارتفاع تكلفة تفصيل هذه الصناديق.

ويأمل البياع وصديقاه أن تشكل مبادرتهم نواة لإعادة إحياء الصناعات الجلدية التي يفتقر إليها قطاع غزة، مبينًا أنه أجرى تجارب أولية "ناجحة" على صناعة "سجاد الأنتيكا"، وسيبدأ العمل بشكل موسع في هذا المجال خلال الفترة القادمة.