25-أكتوبر-2024

كشفت تسريبات عن وثيقة زُعم أنها خطة إماراتية لـ"اليوم التالي" بعد انتهاء حرب الإبادة على القطاع، من أجل تمهيد الطريق لإعادة توحيد غزة والضفة الغربية في ظلّ حكم السلطة الفلسطينية. 

وأعلنت دولة الإمارات عن خطة شاملة لـ"اليوم التالي"، وتضمنت الحديث عن أهداف لإعادة بناء قطاع غزة بعد الحرب، وتوفير المساعدات الإنسانية، وإنشاء القانون والنظام، مع العمل على تمهيد الطريق لإعادة توحيد غزة والضفة الغربية في ظلّ سلطة فلسطينية موحدة. 

تشمل الخطة وضع قوات من دول عربية، بما في ذلك أفراد متعاقدون "مرتزقة" في قطاع غزة، دون وجود مباشر لأيّ دور أمني فلسطيني في المرحلة الأولى

وتركز الخطة على إرساء قواعد حكم تحت مظلة السلطة الفلسطينية، على أن تتولى الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع الولايات المتحدة وعدد من الأطراف الإقليمية الإشراف على تنفيذ الخطة، وضمان التقدم فيها عبر لجنة توجيهية دولية.

وتشترط الخطة، لاعتبار السلطة الفلسطينية الهيئة الإدارية الشرعية الوحيدة في غزة، أن تقوم بإصلاحات جذرية تشمل الشفافية والمساءلة لاستعادة ثقة الفلسطينيين والشركاء الدوليين، وأن يصدر مرسوم رئاسي بتعيين رئيس وزراء جديد وإنشاء لجنة خاصة لإدارة شؤون غزة. كما تتطلب من"إسرائيل" تقديم تنازلات للتقدم نحو حل الدولتين.

واقترحت الخطة وضع بعثة دولية مؤقتة بناء على طلب رسمي من السلطة الفلسطينية لتحل محل الوجود العسكري الإسرائيلي في القطاع، وستشرف البعثة على توفير الأمن وإنفاذ القانون، وستشمل قوات من دول عربية، بما في ذلك أفراد متعاقدون، دون وجود مباشر لأيّ دور أمني فلسطيني في المرحلة الأولى.

وفي سياق تنفيذي، سيتم تشكيل لجنة لإدارة شؤون غزة، تتألف من فلسطينيين يخضعون لفحص دقيق من إسرائيل، وستكون مسؤولة عن الإدارة اليومية وإعادة تأهيل الاقتصاد وتوفير الخدمات الاجتماعية، مع دمج موظفين سابقين من السلطة الفلسطينية إلى جانب موظفين كانوا يعملون تحت حماس، بشرط الموافقة الأمنية من اللجنة وإسرائيل.

تهدف الخطة إلى إصدار مرسوم رئاسي لتشكيل حكومة جديدة للسلطة الفلسطينية، مع تعيين رئيس وزراء جديد، حيث اقترح اسم سلام فياض لتولي هذه المهمة والإشراف على الضفة الغربية وقطاع غزة معًا

كما أكد الاقتراح أن الخطة لا تسعى إلى التوصل لاتفاق جديد مع إسرائيل، ولكنها ستضمن الامتثال للاتفاقيات الأمنية والاقتصادية القائم، مثل بروتوكول باريس، دون الحاجة إلى إعادة التفاوض على الترتيبات الأمنية الحالية.

وفي إطار المصالحة، تتضمن الخطة بدء حوار بين حركتي فتح وحماس بهدف تحقيق توافق وطني يضمن قبول حماس للهيئات الدولية المعنية، بما فيها اللجنة المشرفة والبعثة الدولية المقترحة لتأمين قطاع غزة. 

وضمن الجدول الزمني للخطوات التنفيذية، تهدف الخطة إلى إصدار مرسوم رئاسي لتشكيل حكومة جديدة للسلطة الفلسطينية، مع تعيين رئيس وزراء جديد، حيث اقترح اسم سلام فياض لتولي هذه المهمة والإشراف على الضفة الغربية وقطاع غزة معًا. وسيتم تكليف الحكومة الجديدة بقيادة الإصلاحات والإشراف على إعادة التأهيل في غزة ضمن خطة إعادة الإعمار.

وتشمل الخطوات أيضًا تشكيل حكومة تكنوقراطية تسعى إلى تنفيذ إصلاحات في هيكل السلطة الفلسطينية، وتقديم السلطة الفلسطينية طلبًا رسميًا لنشر بعثة دولية مؤقتة في قطاع غزة، حيث ستتولى هذه البعثة ضمان استقرار القطاع بعد الانسحاب العسكري الإسرائيلي المتوقع. وتهدف الخطة إلى تمهيد الطريق أمام السلطة الفلسطينية، التي ستبدأ عمليات إعادة الإعمار بدعم مالي من الإمارات والسعودية ودول مانحة أخرى، مع تركيزها على إصلاح البنية التحتية وتقديم الخدمات الأساسية.

وبمجرد تنفيذ الإصلاحات، تهدف الخطة إلى أن تستعيد السلطة الفلسطينية المصداقية السياسية اللازمة للعب دور رئيسي في القطاع، مع العمل على تهميش نفوذ حماس على المدى البعيد.

فرض الهيمنة الإماراتية وتخدم مصالح نتنياهو 

أكد المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، في بيان صدر عقب اجتماعه أمس الخميس، على رفضه القاطع للخطة الإماراتية التي تم الحديث عنها بخصوص الأوضاع بعد الحرب على غزة، واصفًا إياها بأنها تعكس دور الإمارات في الهيمنة على الوضع الفلسطيني بما يتماشى مع الرؤية الإماراتية والأميركية والإسرائيلية، مما يمثل خطرًا على وحدة الشعب الفلسطيني ومؤسساته. وحذر من الشروط المسبقة التي تسعى الخطة إلى فرضها، التي تهدف إلى تكريس الوصاية على القرار الفلسطيني.

وأوضح المكتب أن الشروط تهدد شرعية الحكومة الفلسطينية ويؤدي إلى إنشاء كيان موازٍ لها، مما يزيد من مخاطر فصل غزة عن الضفة الغربية والقدس.

وذكر المكتب أن دور اللجنة التوجيهية المؤقتة في مراقبة إصلاحات السلطة قد يتحول إلى دور دائم، مما يعيد الوصاية على القرار الفلسطيني المستقل.

وفي ختام البيان، طالب المكتب السياسي الجهات الرسمية الفلسطينية برفض الخطة الإماراتية بالكامل، مؤكدًا على أهمية منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني. ودعا إلى ضرورة توحيد الموقف الفلسطيني من خلال حوار وطني شامل، يعزز من قدرة الشعب الفلسطيني على مواجهة التحديات الحالية ويدعم نضاله من أجل تحقيق استقلاله.

مسؤولون داخل وزارة الخارجية الأميركية قالوا إن الخطة تخدم مصالح نتنياهو فقط. وأكدوا أن الفلسطينيين من المؤكد سيرفضون هذه الخطة، مما يعزز احتمالية فشلها

فيما زعمت القناة 12 الإسرائيلية، أول أمس الأربعاء، أن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، قد رفض الخطة الإماراتية، وأكدت القناة أن أبو مازن أبلغ الولايات المتحدة الإميركية عن معارضته للخطة خلال اجتماع عقده في رام الله مع مساعد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن.  

وكان موقع أكسيوس الأميركي قد نقل، الأسبوع الماضي، عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، يدرس "خطة لما بعد الحرب" تعتمد على أفكار تم تطويرها بالتعاون بين الاحتلال الإسرائيلي والإمارات. ومن المتوقع أن تُعرض هذه الخطة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وأشار التقرير إلى قلق العديد من المسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية من أن هذه الخطة قد تؤدي إلى تهميش رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وهو ما تسعى إليه كل من "إسرائيل" والإمارات في المدى القريب. ويأتي ذلك في ظلّ غياب أي تقدم في مفاوضات إطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى حماس وإرساء وقف إطلاق النار في غزة، مما يجعل تقديم خطة اليوم التالي جزءًا محتملاً من إرث إدارة بايدن في معالجة الحرب.

وأكد مسؤولون  لأكسيوس، أن مسؤولين أميركيين بما في ذلك وزير الخارجية أنتوني بلينكن، يعتقدون أن التوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح الأسرى ووقف إطلاق النار لن يكون ممكنًا قبل انتهاء ولاية إدارة بايدن. ووفقًا لهم، فإن الخطة الإسرائيلية الإماراتية تمثل "خطة بديلة" محتملة يمكن أن تبدأ في رسم مسار للخروج من الحرب.

ومع ذلك، يُشير مسؤولون آخرون داخل وزارة الخارجية الأميركية إلى أن هذه الخطة تعتبر "غير حكيمة"، حيث تخدم فقط مصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. وأكدوا أن الفلسطينيين من المؤكد سيرفضون هذه الخطة، مما يعزز احتمالية فشلها.