06-أكتوبر-2024
اسرائيل بدون استراتيجية قتال

(Getty)

تناولت صحيفة "الواشنطن بوست" الأميركيّة، غياب الاستراتيجيّة الإسرائيليّة في الحرب على لبنان، كما حدث سابقًا في الحرب المستمرّة على غزّة، مع قلق في إسرائيل من التورط في حرب استنزاف مفتوحة.

وقال مسؤول مطّلع على النقاشات داخل الحكومة الإسرائيليّة إنّ "المخطّطين أدركوا حدود الإنجازات العسكريّة الأخيرة" في لبنان.
وأوضح المسؤول الّذي تحدّث شريطة عدم الكشف عن هويّته لأنّه غير مخوّل له بالحديث علنًا: "هناك استراتيجيّة إسرائيليّة لضرب حزب اللّه. ولكن لا توجد بالضرورة استراتيجيّة لما سيأتي بعد ذلك، وكيفيّة الخروج منه"، وفق "الواشنطن بوست".

قال مايكل ميلشتاين، المستشار السابق للجيش الإسرائيليّ في الشؤون الفلسطينيّة ورئيس منتدى الدراسات الفلسطينيّة في مركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب، إنّ غياب الوضوح، في لبنان وغزّة على حدّ سواء، يعكس افتقار إسرائيل إلى استراتيجيّة أوسع لإنهاء أطول فترة من القتال منذ عام 1948

وفي سياق آخر، تقول إسرائيل إنّها لا تزال تدرس ردّها على الهجمات الإيرانيّة الأخيرة. وقال المسؤول المطّلع على مداولات الحكومة الإسرائيليّة إنّ هناك انقسامًا بشأن المسار. موضّحًا: "هناك من في الحكومة من يرى فرصة لضرب إيران بقوّة، وقطع الصلة بين إيران والجماعات الحليفة لها. يعتقد الأشخاص الأكثر اعتدالًا أنّهم بحاجة إلى العمل مع الولايات المتّحدة، لكنّهم قلقون من أنّ بايدن لا يتمتّع بالكثير من السلطة الآن".

ونصحت "إدارة بايدن إسرائيل بإحصاء ما حقّقته في إضعاف حزب اللّه بشكل كبير، وأخذ نفس عميق قبل شنّ أيّ ردّ انتقاميّ"، وفقًا لمسؤولين كبار في الإدارة الأميركيّة تحدّثوا بشرط عدم الكشف عن هويّتهم لمناقشة الاتّصالات الحسّاسة.

وعندما طلب من الرئيس الأميركيّ جو بايدن، يوم الجمعة، توضيح تصريحاته السابقة الّتي أشار فيها إلى أنّ إسرائيل قد تضرب حقول النفط الإيرانيّة، تراجع عن تصريحاته، قائلًا للصحافيّين إنّ "الإسرائيليّين لم يتوصّلوا بعد إلى قرار بشأن ما سيفعلونه فيما يتعلّق بالضربة. هذا قيد المناقشة. لو كنت في مكانهم، لكنت فكّرت في بدائل أخرى غير ضرب حقول النفط".

وعلى الرغم من الخطاب الحربيّ الّذي تنتهجه إسرائيل، قال مسؤولون إنّهم "يعتقدون أنّها ستدرس ردًّا أكثر اعتدالًا لن يؤدّي إلى جولة أخرى من الانتقام الإيرانيّ".

ورغم أنّه لم يتحدّث مع نتنياهو في الأيّام الأخيرة، قال بايدن إنّ مسؤولي الإدارة على اتّصال "مستمرّ" بإسرائيل، وأنّ الحكومة هناك "لن تتّخذ قرارًا على الفور".

وأضافت الصحيفة الأميركيّة: "لكن لم تكن هناك في الماضي سوى مؤشّرات قليلة على أنّ الإسرائيليّين يأخذون بالنصيحة من الأميركيّين. فمنذ السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر، وحتّى في أثناء الحرب على غزّة، والآن مع الهجمات الإسرائيليّة على لبنان، أثار بايدن وفريقه الأمنيّ ​​القوميّ الرفيع المستوى مخاوف متكرّرة مع إسرائيل بشأن تكتيكاتها وما يرون أنّه غياب لاستراتيجيّة أوسع نطاقًا".

وقال بايدن إنّ إسرائيل "لها كلّ الحقّ في الردّ على الهجمات الشرسة عليها"، وفق قوله. ولكن في الوقت ذاته، وبينما تشعر الإدارة بالقلق إزاء اتّساع رقعة الحرب في المنطقة، أثار بايدن مخاوف أخرى كثيرًا ما يتمّ التصريح بها. وقال بايدن: "الحقيقة هي أنّهم يجب أن يكونوا أكثر حرصًا في التعامل مع الضحايا المدنيّين".

ويقول آرون ديفيد ميلر، الزميل البارز في مؤسّسة كارنيغي للسلام الدوليّ: "كيف يمكن ترجمة أيّ من هذه الخطوات العسكريّة إلى ما يريدونه، وهو عودة الإسرائيليّين إلى شمال إسرائيل؟ لا أستطيع أن أرى خطًّا مباشرًا لتحقيق هذا الهدف".

ولا يزال العدوان على لبنان، مليئًا بالشكوك داخل دولة الاحتلال، وبينما قال جيش الاحتلال إنّه ينوي أن تكون اجتياحه البرّيّ "محدودًا"، لكنّ بعض الساسة الإسرائيليّين دعوا إلى غزو أكثر عدوانيّة.

وقال المسؤول المطّلع على تفكير الحكومة الإسرائيليّة إنّ القادة الحكوميّين والعسكريّين حذّرون من التورّط في لبنان، موضّحًا: "لا توجد رغبة في بقاء القوّات في لبنان. في الماضي، كلّف ذلك الكثير من أرواح الجنود وأموالهم. ونحن نطلق على ذلك ’البقاء عالقين في الوحل اللبنانيّ’".

وقال مايكل ميلشتاين، المستشار السابق للجيش الإسرائيليّ في الشؤون الفلسطينيّة ورئيس منتدى الدراسات الفلسطينيّة في مركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب، إنّ غياب الوضوح، في لبنان وغزّة على حدّ سواء، يعكس افتقار إسرائيل إلى استراتيجيّة أوسع لإنهاء أطول فترة من القتال منذ عام 1948.

وأضاف، أنّ الاغتيالات في لبنان، "لا تشكّل بديلًا عن رؤية طويلة الأجل لليوم الّذي يلي صمت المدافع أخيرًا. هذا إذا حدث ذلك على الإطلاق".

وختم بالقول: "مشكلتنا الأساسيّة، والّتي كانت بارزة للغاية خلال العام الماضي في غزّة، هي أنّه إذا لم يكن لديك استراتيجيّة واضحة، فهذا يعني أنّك ستتّجه إلى حروب استنزاف".