06-يوليو-2024
حزب الله يصعد القصف

(Getty) الصواريخ التي أطلقت من لبنان منذ بداية المواجهات بين الاحتلال وحزب الله في تشرين الأول/أكتوبر الماضي تسبب بإحراق مساحات مفتوحة تزيد مساحتها عن 70 ألف دونم في شمال دولة الاحتلال

ارتفعت وتيرة تصعيد الاشتباك على الحدود الشمالية، بعد عملية اغتيال إسرائيلية لقيادي في حزب الله، ورد من الحزب هو "الأعنف" منذ بداية الاستهدافات على الجبهة. فيما وسع الاحتلال الإسرائيلي من دائرة استهداف عدة مناطق لبنانية لم تكن داخل دائرة الاستهداف مثل النبطية وشقيف. بينما يتوعد حزب الله بـ"مفاجآت بانتظار الاحتلال".

وحول التصعيد، قال المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل: "إذا كانت إسرائيل تسعى إلى تهدئة التوترات في الشمال من خلال التقدم في صفقة غزة، فمن غير الواضح ما إذا كانت أفعالها الأخيرة في لبنان تخدم هذا الغرض".

وتابع هارئيل: "لقد أعرب بعض المعلقين في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن إعجابهم بالقدرات التي أظهرتها عملية الاغتيال الأخيرة. ولكن ربما ينبغي لنا أيضًا أن نتوقف للحظة لنتأمل العواقب الاستراتيجية المترتبة على مثل هذا العمل، على وجه التحديد بالتوازي مع خلق فرصة حقيقية للمضي قدمًا نحو التوصل إلى صفقة التبادل وإنهاء الحرب".

مصدر في حزب الله: على العدو أن يعلم أنه لا يمكنه أن يغتال أيًّا من القادة الميدانيين ساعة يشاء، ولن ندعه يتوقع ردة فعلنا، بل على العكس، نحن نناور، ونواجه عدوًا عليه أن يتوقع دائمًا المفاجآت

وأضاف: "يبدو أن الجيش الإسرائيلي، ومعه مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي، لا يزالون أسرى لمفاهيم ’المعركة بين الحروب’، التي كانت الاستراتيجية السائدة في العقد الذي سبق الحرب الحالية. ففي تلك الفترة كانت إسرائيل تفتخر بقدرتها على تنفيذ عمليات دقيقة، استنادًا إلى معلومات استخباراتية دقيقة، وهو ما أثر سلبًا في نظرها على بناء قوة خصومها وردعهم. وفي الممارسة العملية، بينما كان الجيش الإسرائيلي يحبط شحنات الأسلحة ويقضي على كبار الموظفين، واصل الإيرانيون والجماعات الحليفة مع طهران بلا هوادة الاندفاع نحو تحقيق أهدافهم الاستراتيجية: إنشاء ’حزام ناري’ حول إسرائيل، وهو ما تم تفعيله بنجاح كبير منذ بداية الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر".

وأوضح: "حتى الآن، لا يزال من المشكوك فيه أن يؤدي اغتيال محمد نعمة ناصر إلى إعادة الهدوء إلى المنطقة؛ وعلى الأقل في المرحلة الحالية، لا يساعد ذلك في تعزيز أمن سكان منطقة الجليل أو مرتفعات الجولان. ويبدو الهجوم أقل ارتباطًا باستراتيجية مدروسة ومحددة، ويعطي الانطباع بأنه استجابة تكتيكية، أو ربما انفعالية، لموقف لا يطاق فرضه حزب الله على إسرائيل على طول الحدود مع لبنان".

واستمر في القول: "السؤال الآن هو ما هي المخاطر التي تخوضها إسرائيل ببدء هذه التحركات ضد حزب الله. ويزعم بعض الضباط أن إسرائيل قادرة على إجبار حزب الله على قبول ترتيب أكثر ملاءمة من خلال بدء ’جولة’ من بضعة أيام، وهي عملية هجومية مشددة لن تؤدي إلى إشعال حرب شاملة من شأنها أن تعرض الجبهة الداخلية للخطر بما في ذلك تل أبيب وحيفا وضواحيها. وهذا أيضًا من شأنه أن ينطوي على مخاطرة كبرى. ولكن إذا كان المعلقون في لبنان يتعاملون مع الحرب الشاملة باعتبارها سيناريو شبه حتمي، فربما لا يكون هذا هو موقف نتنياهو، فهو يريد أن يصل إلى واشنطن سالمًا لحضور خطابه أمام الكونجرس في الرابع والعشرين من تموز/يوليو".

بدورها، قالت مجلة "الإيكونوميست"، إنه "مع تراجع حدة القتال في غزة، تلوح في الأفق حرب أكثر خطورة على الحدود الشمالية. وقد تكون الحرب المباشرة واحدة من أكبر الصراعات في المنطقة منذ عقود. وليس لدى إسرائيل إجابة جيدة على تهديد حزب الله. وهذا يعني أنها يجب أن تسعى إلى تجنب الحرب اليوم والتركيز بدلًا من ذلك على إعادة بناء الردع".

وأضافت: "التهديد الذي يشكله حزب الله ليس جديداً، ولكنه أكثر خطورة مما كان عليه. فمن خلال تحويل أجزاء من الشمال إلى منطقة غير صالحة للسكن، وضع حزب الله إسرائيل في موقف مستحيل. والآن يدعو بعض المسؤولين إلى غزو آخر، محذرين من أن غزة سوف تبدو وكأنها "جنة" مقارنة بلبنان بمجرد انتهائها".

رسائل حزب الله

من جانبه، قال عضو كتلة حزب الله اللبناني البرلمانية "الوفاء للمقاومة" النائب رامي أبو حمدان إنّه "عندما تتوقف الحرب في غزة، تتوقف في لبنان".

وأضاف في حديث مع صحيفة وموقع "العربي الجديد": أنّه "لا يمكن التحدث بخصوص الهدنة حتى نرى ذلك حصل جديًا، لأن الأطراف نفسها تعمل على وقف إطلاق النار، والمعطيات ذاتها، وكذلك ردود الفعل". 

واعتبر أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو "كعدو إسرائيلي، لم يقدمّ الشيء الجديد، إذ لا يزال ينطق برأيَيْن، الأول يدفع باتجاه تأييده الهدنة، وضرورتها، ثم يقول نعم تاركًا التحفظات، ليكون له بذلك هامش استكمال عمله الإجرامي".

وأضاف أبو حمدان أن الجانب "الأميركي من جهته لم يكن جديًا بأي يوم من الأيام في الهدنة، طالما لم يوقف إمداد العدو الإسرائيلي بالسلاح، ولم يقدم خطوات عملية حقيقية تدعم التوجّه نحو الهدنة"، مشددًا "نحن واضحون جدًا، تتوقف الحرب في غزة، تتوقف في لبنان. هذا هو المبدأ ولم يتغير موقفنا، وإذا لم تقف في غزة لن تقف في لبنان".

وحول تصعيد حزب الله الأخير بعد عملية اغتيال محمد نعمة ناصر، قال أبو حمدان "على العدو أن يعلم أنه لا يمكنه أن يغتال أيًّا من القادة الميدانيين ساعة يشاء، ولن ندعه يتوقع ردة فعلنا، بل على العكس، نحن نناور، ونواجه عدوًا عليه أن يتوقع دائمًا المفاجآت". 

وأردف النائب عن حزب الله "هناك مواقع جديدة للعدو ستكون في مرمى نيران حزب الله وأغلب المواقع التي تستهدفها المقاومة هي مستحدثة، وذلك له بُعدان؛ الأول أنه كلما عمد العدو إلى التعلية والتوسعة سنعلّي ونوسّع، والثاني أننا نتابع المواقع المستحدثة وبذلك رسالة بأن حزب الله يعمل على جمع استخبارات آنية وبالمواكبة، وليس لديه فقط بنك أهداف مسبق التحديد".

وتابع أبو حمدان: "نحن نبعث رسالة واضحة للعدو بأننا نتابعه حتى بمناقلاته الجديدة في الجبهة، هي تحت النظر ويمكن أن نطاولها وبدقة، ونحن بالمواجهة جديّون، ولا ينفع معنا التهديد، ولن نرضى أن يتعرّض لبنان لما تتعرّض له غزة، ممنوع الاستفراد، وعلى العدو أن يعلم أنه لا يمكن أن يفعل بلبنان ما فعله بفلسطين، لذلك نعلّي السقف، ونناور بالأهداف ونوعية الأسلحة لإيصال رسائل حقيقية وجدية في الميدان".

وحول انعكاس فشل المفاوضات لوقف إطلاق النار في غزة وما إذا كانت ستفتح الباب أكثر نحو حرب شاملة في لبنان، أوضح أبو حمدان "يبدو أن الإسرائيلي أصبح يستجدي التوصل إلى الهدنة، لكن كل شيء يمكن أن يحصل، أصل الحرب الشاملة فرضية قائمة وإن كانت بعيدة المدى"، لافتًا إلى أن "الحرب الشاملة كلام دائم عند الإسرائيلي، لكنه يحتاج إلى ظروف يهيئ لها، أما نحن فلا نريد الحرب إطلاقًا، لكن إذا فرضت علينا، فمن واجبنا الأخلاقي والإنساني والوطني أن نكون جاهزين لها، وليس على حسابات الإسرائيلي".

وتابع "هناك من يتخوف من أن يحصل في لبنان ما يجري في غزة في حال الحرب الشاملة، لكن هذا لن يحدث، ففي لبنان مقاومة جاهزة ومستعدة، ولن تقع بعنصر المباغتة المفقود عند الإسرائيلي، نحن أعيننا مفتوحة وحاضرون في الميدان، والكلام كله يبقى في النهاية للميدان".

وبخصوص المحادثات التي تحصل بين الوسيط الأميركي هوكشتاين والموفد الرئاسي الفرنسي لودريان للتهدئة في لبنان، قال أبو حمدان "كل ما يأتي به الفرنسيون والأميركيون والغربيون من طروحات لا يخدم سوى المصلحة الإسرائيلية، وهوكشتاين كما لودريان لم يطرحا أي جديد، وحديثهما أساسًا في المكان الخاطئ، فعندما تنتهي الحرب على غزة تنتهي في لبنان، ولا مفاوضات على حساب جراحات الناس وتضحياتهم". 

وأضاف "من يتعاطى معنا دوليًا يأتي بروحية استنسابية وانحيازية، وإذا دخل الإسرائيلي لاحقًا معنا في مواجهة نعلم أين سيكونون فهم يهيئون الأرض للإسرائيلي".

وتوقف أبو حمدان عند ما ذكرته وسائل إعلام عبرية بأن هوكشتاين يقترح نزع سلاح حزب الله في الجنوب ودفع قوات الرضوان، التابعة لحزب الله، إلى مسافة عشرة كلم عن الحدود، قائلًا: "هوكشتاين لم يطرح أي طرح جديد، وقوات الرضوان من أهالي وأبناء البلد. الأميركي والغربي دائمًا ما يتحدثون عمّا يجب على لبنان أن يفعل، ولكنهم لا يأتون على ذكر ماذا على العدو أن يفعل، وذلك لحفظ أمن الكيان، كما أنهم لا يقولون إن الإسرائيلي مُدان أو حتى بالحد الأدنى هم لا يساوون في المسؤولية، من هنا فإنّ كل حراك المبعوثين لا فائدة منه".

قال المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل: "إذا كانت إسرائيل تسعى إلى تهدئة التوترات في الشمال من خلال التقدم في صفقة غزة، فمن غير الواضح ما إذا كانت أفعالها الأخيرة في لبنان تخدم هذا الغرض"

وختم أبو حمدان حديثه بتكرار التأكيد أن الحرب على جبهة لبنان تتوقف عندما تتوقف الحرب في غزة، مشددًا في المقابل على أنه "إذا توقفت الحرب لا يعني أننا ذاهبون باتجاه مفاوضات، فنحن لم نبدأ المشكل للتفاوض، وحقوقنا سننتزعها، لا نفاوض عليها، وبالتالي دخلنا الحرب لمساندة غزة وأهلها، فضلًا عن انعكاس ذلك على المصلحة الوطنية، أما الملفات الأخرى، فيأتي الحديث عنها في حينه، فنحن بموقع قوّة"، معتبرًا أن "كل ما يحصل اليوم سيعود بالخير على لبنان وبكل حقوقه القريبة وبعيدة المدى".

كشفت معطيات إسرائيلية، الجمعة، أن الصواريخ التي أطلقت من لبنان منذ بداية المواجهات بين الاحتلال وحزب الله في تشرين الأول/أكتوبر الماضي تسبب بإحراق مساحات مفتوحة تزيد مساحتها عن 70 ألف دونم في شمال دولة الاحتلال.

وقالت صحيفة "هآرتس" العبرية إنه "منذ بداية الحرب، حُرِقَت مساحات مفتوحة تزيد مساحتها عن 70 ألف دونم في شمال إسرائيل".