05-يوليو-2024
كير ستارمر ودعم إسرائيل

(Getty) كير ستارمر منع اعتقال تسيبي ليفني نتيجة العدوان على غزة

وصل زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر، إلى مبنى 10 داونينغ ستريت، ليصبح رئيسًا لوزراء بريطانيا، بعد غياب طويل لحزب العمال عن منصب رئاسة الوزراء. منذ 3 أعوام والتقديرات تشير إلى أن حزب العمال، سيجد طريقه إلى مبنى 10 داونينغ ستريت، ولكن حرب غزة كانت حاضرةً أيضًا هذه المرة.

والحقيقة، قبل الانتخابات كشف عن انخفاض كبير في دعم "حزب العمال" من قبل المسلمين البريطانيين. وأظهرت البيانات التي جُمِعَت من قبل "Survation"، بتكليف من شبكة العمال المسلمين (LMN)، أن 60% من المسلمين البريطانيين الذين أعربوا عن تفضيلهم لحزب قالوا إنهم سيصوتون لـ"حزب العمال". ويمثل ذلك انخفاضًا بنسبة 26% من المسلمين الذين شملهم الاستطلاع سابقًا في عام 2019. وقال 43% فقط إنهم سيصوتون بالتأكيد لحزب العمال مرة أخرى، مع عدم اتخاذ 23% لقرار بهذا الشأن.

وتراجعت نسبة من يعتبرون أنفسهم عماليين من 72% في عام 2021 إلى 49% في عام 2024. كما صرح 38% من المسلمين البريطانيين بأن رأيهم في "حزب العمال" غدا أكثر سلبية خلال الأشهر الماضية، ولم يحظ ستارمر بأكثر من تأييد 11% منهم.

ومنذ انتخابات 2019، يشهد دعم المسلمين لـ"حزب العمال" تراجعًا تدريجيًا ومستمرًا، إلا أن نقطة التحول جاءت في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، بعد شهر من اندلاع الحرب على غزة، وخلال الشهور الأربعة الماضية، انخفض الدعم الذي يحظى به الحزب من 70 إلى 40%.

كير ستارمر ملتزم بشكلٍ كبير في دعم إسرائيل، ورفض لأشهر المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة

وعلى الرغم من الفوز الساحق الذي حققه حزب العمال في الانتخابات العامة في بريطانيا، فقد خسر الحزب عدة مقاعد بعد أداء قوي من المرشحين المستقلين المؤيدين للفلسطينيين، في إشارة إلى الغضب تجاه كير ستارمر بسبب موقف حزب العمال من حرب إسرائيل على غزة.

وفاز خمسة مرشحين مستقلين كانوا صريحين في دعمهم لغزة بمقاعد برلمانية، في حين أن الزيادة في الأصوات التي حصل عليها المستقلون في أماكن أخرى حرمت حزب العمال من الفوز في المناطق التي كان من المتوقع أن يفوز بها، مما ترك ثغرة صغيرة في أغلبيته الضخمة ولكنه أثار تساؤلات حول مواقفه في السياسة الخارجية.

وفي ليستر ساوث، وهو مقعد في مدينة صناعية في منطقة ميدلاندز الإنجليزية، خسر عضو حكومة الظل العمالية جوناثان آشورث مقعده بفارق 979 صوتًا أمام شوكات آدم، المرشح المستقل الذي جعل دعمه لغزة جزءًا رئيسيًا من تعهده الانتخابي للناخبين.

وقال آدم في خطاب النصر: "هذا من أجل غزة". كانت هزيمة أشورث بمثابة صدمة كبيرة. ففي الانتخابات العامة الأخيرة، عندما سقط حزب العمال إلى أسوأ هزيمة له منذ عام 1935 تحت قيادة جيريمي كوربين، فاز أشورث بالمقعد بأغلبية كبيرة، وحصل على 67% من الأصوات.

في إزلنجتون نورث، أعيد انتخاب كوربين لشغل المقعد الذي شغله منذ عام 1983، ولكن هذه المرة كمستقل، وليس عن حزب العمال. وفاز كوربين بنسبة 49.2% من الأصوات، بينما جاء مرشح حزب العمال في المركز الثاني بنسبة 34.4%. وقال كوربين إن الناخبين في منطقة إزلنجتون الشمالية "يبحثون عن حكومة تسعى في الساحة العالمية إلى السلام، وليس الحرب، ولا تسمح باستمرار الظروف الرهيبة التي تحدث في غزة في الوقت الحاضر".

وفي بلاكبيرن، خسرت كيت هوليرن، مرشحة حزب العمال الحالية، والتي فازت بأغلبية 18304 أصوات في الانتخابات العامة عام 2019، بفارق 132 صوتًا فقط أمام المرشح المستقل عدنان حسين. وفي ديوزبيري وباتلي، هزم المرشح المستقل إقبال محمد أيضًا مرشحة حزب العمال الحالية هيذر إقبال. وفي مقاطعة برمنغهام بيري بار، هزم المستقل أيوب خان مرشح حزب العمال الحالي خالد محمود بـ 507 أصوات.

وفي الوقت نفسه، في دائرة تشينجفورد وودفورد جرين الانتخابية في شرق لندن، انقسمت الأصوات اليسارية بين حزب العمال وفايزة شاهين، المرشحة التي ترشحت كمستقلة بعد أن أطاح بها حزب العمال خلال الحملة، مما سمح للمرشح المحافظ الحالي إيان دنكان سميث بالاحتفاظ بمقعده بنحو 5000 صوت.

وكتبت شاهين على "إكس" بعد النتيجة: "كانت أصواتنا مزيجًا من أصوات أولئك الذين شعروا بالفزع من الطريقة التي عوملت بها، وأولئك الذين اعترضوا على وجود مرشح مفروض لا يعرفنا، وأولئك الذين لم يصوتوا أبدًا لحزب العمال بعد موقف ستارمر بشأن غزة، وأولئك الذين لم يصوتوا أبدًا من قبل. لقد انقسمت أصوات حزب العمال في اللحظة التي ألغوا فيها اختياري".

كانت حكومة حزب العمال تخشى أن تخسر أصوات الناخبين بسبب غزة منذ أن أثار ستارمر انتقادات في بعض الأوساط بسبب تعليقات أدلى بها العام الماضي، بعد وقت قصير من السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

وفي حديثه لمحطة إذاعة LBC البريطانية في تشرين الأول/أكتوبر، قال ستارمر، وهو محام سابق في مجال حقوق الإنسان، إن إسرائيل "لها الحق" في حجب الكهرباء والمياه عن المدنيين الفلسطينيين في غزة، لكنه أضاف: "من الواضح أنه يجب القيام بكل شيء في إطار القانون الدولي".

وأثار هذا التعليق غضبًا بين العديد من الناخبين اليساريين والمسلمين، مما أدى إلى احتجاجات غاضبة خارج مكاتب الدوائر الانتخابية للعديد من أعضاء البرلمان من حزب العمال وشكاوى من التحرش.

إن العديد من هذه المقاعد التي يبدو أن حزب العمال قد خسر فيها أصواتًا بسبب موقفه من غزة تضم عددًا كبيرًا من السكان المسلمين. ووفقًا لتعداد عام 2021، فإن سكان ليستر وبرمنغهام وإلفورد وبلاكبيرن من المسلمين يزيد عددهم عن 20%.

وتمسك وزير الصحة في حكومة الظل العمالية، ويس ستريتنج، والذي من المقرر أن يؤدي دورًا رائدًا في حكومة ستارمر المقبلة، بمقعده في إلفورد نورث بفارق 528 صوتًا فقط، متقدمًا على المرشحة المستقلة ليان محمد في المركز الثاني.

وفي زيارة للدائرة الانتخابية قبل الانتخابات، تحدثت شبكة "سي إن إن" مع ليان، وقالت: "كفلسطينية، لم يعد هذا المكان مناسبًا لي... حزب العمال لا يمثلنا. طُردت عائلتي وأُرغمت على مغادرة فلسطين في عام 1948. ولم يتصور أجدادي قط أنهم سيشهدون شيئًا أسوأ من ذلك. كل ما أرادوه هو أن يصوت سياسيوهم لصالح وقف إطلاق النار. لا للقتل، لا لمزيد من العنف. لا لمزيد من القنابل".

ستارمر ودعم إسرائيل

وفي كلمة كير ستارمر في مجلس العموم البريطاني، قال: "كان الهجوم الوحشي الذي وقع في إسرائيل قبل أسبوعين فقط هو اليوم الأكثر قتامة في التاريخ اليهودي منذ المحرقة. أسبوعان من الحزن على الأبرياء الذين فقدوا إخوتهم وأخواتهم وأطفالهم. أسبوعان من التعذيب للأسر التي احتجزت حماس أحباءها كرهائن".

وأضاف: "يحق لإسرائيل أن تدافع عن نفسها. نعم، يحق لها أن تعيد رهائنها إلى ديارهم، ولكن أيضا أن تهزم حماس حتى لا يعاني أحد مثل هذا الأمر مرة أخرى. وأن نرى مرة أخرى الطريق إلى السلام الدائم، وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل الآمنة. هذه العملية يمكن ويجب أن تتم في إطار القانون الدولي. ونحن في الديمقراطيات نعلم أن كل حياة بشرية متساوية. ولابد من حماية أرواح الأبرياء".

وانتقد هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) لرفضها وصف حماس بـ"الإرهابية"، مؤكدًا أن "الإرهاب هو بالتأكيد ما نشهده"، وفق تعبيره.

 وفي معرض حديث سابق له عن الحلول طويلة الأمد للصراع، سلط ستارمر الضوء على أهمية مقترحات السلام وحل الدولتين، قائلًا: "نحن بحاجة إلى العودة إلى مقترحات السلام وحل الدولتين"، وأضاف: "ما فعلته حماس دفع ذلك بعيدًا، وبشكل متعمد".

ولأشهر خلال العدوان على غزة، رفض ستارمر طرح وقف إطلاق النار على غزة، وحذر جميع المسؤولين المنتخبين الممثلين للحزب من المشاركة في الاحتجاجات المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة. وعندما عُرض موقف ستارمر لوقف إطلاق النار للتصويت.

ولم يدعم الحزب بشكلٍ كامل وقف إطلاق النار، إلّا في شهر شباط/فبراير الماضي، وذلك "لأسباب إنسانية" في غزة للمرة الأولى"، في محاولة لتجنب التمرد ضد كير ستارمر.

وجاء التعديل، لتجنب نوع التمرد الذي عانى منه الحزب في تشرين الثاني/نوفمبر، عندما تحدى 56 نائبًا من حزب العمال، بما في ذلك ثمانية من أعضاء الجبهة الأمامية، أوامر ستارمر بعدم التصويت لصالح اقتراح لوقف إطلاق النار، قدمه الحزب الوطني الاسكتلندي.

وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، تم اعتقال شخصين بعد أن واجه ناشطون مؤيدون لفلسطين كير ستارمر في غلاسكو واتهموه بـ "تسهيل الإبادة الجماعية" في غزة .

وقتها، أظهرت لقطات مصورة زعيم حزب العمال وهو يصل إلى محطة غلاسكو المركزية، حيث كانت مجموعة من الناشطين في انتظاره حاملين الأعلام الفلسطينية. وعندما وصل كير، صاح أحد المحتجين: "كير ستارمر، أنت تسهل الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة. أوقف مذبحة أكثر من 7000 طفل". و"الحرية لفلسطين، أوقفوا الإبادة الجماعية. أنتم مسؤولون عن قتل الأطفال في غزة". وصرخ آخر: "ستامر، لماذا صوتت لصالح استمرار الإبادة الجماعية؟". وهتف آخرون: "مجرم حرب" و"يجب أن تكون في السجن".

كير ستارمر التزم بدعم إسرائيل بشكلٍ كبير

جذور العداء لفلسطين

جاء ستارمر، في سياق استبعاد زعيم حزب العمال السابق كوربين، صاحب البرنامج الجذري تمامًا للحزب، الذي فصل منه، نتيجة مزاعم عدة ارتبط جزء منها في "معاداة السامية".

ووفق تقرير سابقة، أثارت رسالة من 25 عضوًا بريطانيًا فلسطينيًا في حزب العمال أثاروا فيها مخاوف بشأن المعاملة الداخلية. 

وتتهم الرسالة، الحزب بخلق "بيئة معادية" للفلسطينيين تحت قيادة ستارمر. وجاء فيها: "لقد كان بعضنا أعضاء في الحزب لعقود من الزمن تحت قيادة زعماء مختلفين ولم نشهد قط بيئة حزبية معادية وغير مرحبة بنا كما حدث منذ توليت قيادته، حتى خلال الأيام المظلمة للحرب غير الشرعية على العراق".

في عام 2021، انسحب ستارمر من أفطار رمضاني، لأن أحد منظمي الحدث دعم مقاطعة التمور الإسرائيلية. 

وفي رسالتهم إلى ستارمر، قال أنصار فلسطينيون إنه من "غير العادي وغير القابل للتفسير" أن يقوم الزعيم بتوبيخ عضو البرلمان عن حزب العمال ستيفن كينوك لدعوته الحكومة إلى حظر سلع المستوطنات غير القانونية. 

ومن بين المخاوف الأخرى التي أثارها الموقعون على الرسالة الكشف في كانون الثاني/يناير 2021 عن تجنيد عضو سابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية من قبل حزب العمال لإجراء أبحاث على وسائل التواصل الاجتماعي. 

وعمل عساف كابلان في فرع المراقبة المعروف باسم الوحدة 8200، والمعروف بمراقبته الدقيقة للمدنيين الفلسطينيين. 

وتساءلت الرسالة الموجهة إلى ستارمر: "كيف يمكننا أن نتوقع أن نشعر بالأمان بشأن بياناتنا الشخصية عندما يكون مثل هذا الشخص قادرًا على الوصول إليها؟ هل لا تستطيع أن ترى كيف أن وجود كابلان في فريقك يجعل الفلسطينيين والعرب البريطانيين، فضلًا عن العديد من مؤيديهم بين المجتمعات المسلمة البريطانية التي يتجذرون فيها، يشعرون بعدم الأمان، وحرياتهم الديمقراطية مهددة، وأصواتهم خاضعة للرقابة؟".

هل من اعتراف بالدولة الفلسطينية؟

وخلال الشهر الماضي، قالت مصادر إن حزب العمال يعتزم استخدام بيانه الانتخابي لتقديم أقوى التزام له بشأن إقامة الدولة الفلسطينية منذ بدء الحرب على غزة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الدعم الأساسي للحزب على اليسار.

وقال أشخاص مطلعون على الوثيقة إنه من المتوقع أن يضمن زعيم حزب العمال تعهدًا بالاعتراف بفلسطين قبل نهاية أي عملية سلام، والتأكد من عدم تعرض مثل هذه الخطوة لحق النقض من قبل دولة مجاورة.

ولاحقًا، ذكرت تقارير أن كير ستارمر سيؤجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية إذا شكل حزب العمال الحكومة المقبلة، بسبب مخاوف من أن ذلك قد يعرض علاقة بريطانيا بالولايات المتحدة للخطر.

وتعهد زعيم حزب العمال البريطاني بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وقال إنها ستكون جزءًا من أي اتفاق سلام في الشرق الأوسط مع إسرائيل .

وقال كير: "يجب أن يكون هذا جزءًا من العملية، ومن المهم جدًا أن يكون لدينا دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانب إسرائيل آمنة ومأمونة".

وفي شهر أيار/مايو الماضي، قلل زعيم حزب العمال البريطاني من أهمية التلميحات التي تشير إلى أن اعتراف بريطانيا بالدولة الفلسطينية قد يحدث في أي وقت قريب.

هل يُعتقل نتنياهو؟

أكد المسؤول في حزب العمال البريطاني ديفيد لامي أن حزب العمال سيسعى إلى تنفيذ مذكرة اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذا أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية.

وفي حديثه لشبكة "سي إن إن"، قال وزير خارجية الظل إن حكومة حزب العمال ستلتزم إذا صدر أمر باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، مضيفًا أنه يتوقع أن يكون الرد هو نفسه في جميع أنحاء أوروبا.

وكان لامي قد تعهد بنفس الالتزام في السابق، لكن تصريحاته للشبكة التلفزيونية الأميركية، جاءت في وقت تقترب فيه المحكمة الجنائية الدولية من اتخاذ قرار بشأن مسألة أوامر الاعتقال.

وفي الشهر الماضي، أي قبل وصول حزب العمال للسلطة، قضى قضاة في المحكمة الجنائية الدولية، بأن بريطانيا يمكنها تقديم حجج قانونية للقضاة الذين يدرسون طلب الادعاء بإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، ما قد يعني تأخير إصدار أوامر اعتقال.

وأظهرت وثائق المحكمة أن بريطانيا، وهي دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية، قدّمت طلبًا إلى المحكمة في وقت سابق من هذا الشهر لتقديم ملاحظات مكتوبة حول ما إذا كان "يمكن للمحكمة ممارسة الولاية القضائية على المواطنين الإسرائيليين، في الظروف التي لا تستطيع فيها فلسطين ممارسة الولاية القضائية الجنائية على المواطنين الإسرائيليين".

والموافقة على طلب بريطانيا قد تؤدي إلى تأخير قرار القضاة المعلق بشأن مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة.

ماذا يعني فوز كير ستارمر لفلسطين؟

وفي مقال بحثي بعنوان "ماذا يعني تولي كير ستارمر منصب رئيس الوزراء بالنسبة لفلسطين؟"، قال الكاتب: "إن "كير ستارمر صديق لإسرائيل. ومن السهل أن نستغل دعمه غير المحدود لإسرائيل في الوقت الذي تواصل فيه سحق غزة كدليل حصري على ذلك. وهذا يشير إلى أنه لم يكن لديه موقف حقيقي من قبل ولم يستثمر في الأمور المتعلقة بإسرائيل وفلسطين إلا بعد هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وقد يكون من المنطقي أن نفترض أن الرعب الذي شهده ذلك اليوم قد أجبره على الوقوف إلى جانب إسرائيل".

وأضاف المقال: "لكن هذا لا يعني التقليل من أهمية ما قاله. فالتأييد السيئ السمعة للعقاب الجماعي الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين، حين أعلن وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت فرض حصار شامل وقطع المياه والغذاء والكهرباء، كان أمرًا يستحق الاستنكار. والقرار الذي اتخذه بإجبار حزبه على التصويت ضد وقف إطلاق النار في حين قتلت إسرائيل بالفعل أكثر من عشرة آلاف فلسطيني، ثم توبيخ أحد أعضاء البرلمان بعد أن تجرأ على اقتراح أن القتل على نطاق واسع في غزة يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، قرار لا يغتفر".

وأوضح المقال: "لكن كما لم تبدأ عمليات التطهير العرقي المنهجي التي تشنها إسرائيل بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، فإن دفاع كير ستارمر المتحمس عن المشروع الاستعماري الاستيطاني لم يبدأ حينها أيضًا".

واستمر في القول: "لكي نفهم ما سيحدث في المستقبل، فما علينا إلا أن نلقي نظرة سريعة على ما حدث في الماضي. فقد أعلن المحامي السابق في مجال حقوق الإنسان بعد وقت قصير من فوزه في المنافسة على زعامة حزب العمال: ’إنني أؤيد الصهيونية دون قيد أو شرط’".

وأشار إلى أن "القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية والتي اتهمت فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، لم تقابل سوى بصمت مطبق من جانب محامي حقوق الإنسان السابق، أي كير ستارمر".

وتابع المقال: "لا يمكن التقليل من أهمية هذه القضية. ويشير المحللون إلى أن قضية المحكمة قد تزيد من تسليط الضوء على جرائم إسرائيل وبالتالي تحفز العزلة الدبلوماسية والسياسية العالمية لإسرائيل. لقد ساهم تحول جنوب أفريقيا العنصرية إلى دولة منبوذة دوليًا بشكل كبير في زوال نظام الفصل العنصري، لذا فهناك سابقة وربما مجال للتفاؤل الحذر. ومع ذلك، فشل كير ستارمر في تقديم أي شيء جوهري بشأن قضية المحكمة. في الواقع، لا يزال يرفض استخدام مصطلح الإبادة الجماعية لوصف الظروف الكارثية على الأرض في غزة مع استمرار المذبحة الإسرائيلية دون هوادة، بل يسخر بدلًا من ذلك من اقتراح استخدام الكلمة".

وذكر المقال بموقف سابق، بقوله: "في نيسان/أبريل 2022، سُئل كير ستارمر عما إذا كان يتفق مع تقرير منظمة العفو الدولية الذي خلص إلى أن إسرائيل دولة تمارس نظام الفصل العنصري. ورفضه بشكل قاطع".

وأوضح الكاتب: "قد يتجاهل أنصار كير ستارمر أهمية مثل هذه التقارير؛ ربما بحجة أن إسرائيل التي اكتسبت على نطاق واسع لقب الدولة الإبادة الجماعية أو دولة الفصل العنصري ليس لها سوى تأثيرات مادية وملموسة قليلة لتحسين حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال. وبغض النظر عن أن إنهاء الاستعمار والسعي إلى الحرية عملية متعددة الجوانب وتدريجية، فإن ستارمر لم يسارع إلى دعم وتعزيز الجهود التي أثمرت أيضًا".

تطرق المقال لحركة المقاطعة، وقال: "ليس من المستغرب أن يرفض كير ستارمر هذه الحركة. فقد أوضح في وقت مبكر أن حزب العمال لن يدعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، مشيرًا إلى أن هذه الحركة ’غير منتجة’ و’خاطئة’".

وأوضح المقال: "لا تنبع معارضة ستارمر من اعتقاد أيديولوجي بأن مثل هذه التدابير الاقتصادية لمعاقبة الدول غير ذات أهمية. وعلى النقيض من ذلك، عندما فرضت الحكومة المحافظة عقوبات اقتصادية على روسيا، أصر ستارمر على أنها ’تذهب إلى أبعد من ذلك’، مما يوضح أن كراهيته تقتصر فقط على الوقت الذي تكون فيه إسرائيل هي المتهم".

واستمر المقال في القول: "الآن، بينما بدأت الأمور تتجه نحو الأسوأ، وتقدم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بطلب إصدار أوامر اعتقال تتعلق بجرائم حرب ضد مسؤولين إسرائيليين، يمكننا أن ننظر مرة أخرى إلى سابقة. بصفته مدير الادعاء العام، منع كير ستارمر اعتقال وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني بتهمة ارتكاب جرائم حرب أثناء قصف غزة في عام 2008".

من غير المتوقع حدوث أي تحول في العلاقة الوثيقة بين لندن وتل أبيب، مع وصول حزب العمال إلى السلطة بعد غياب سنوات

وأضاف: "في الأساس، أظهر كير ستارمر ثباتًا دقيقًا في ضمان حصول إسرائيل على حليف يمكن الاعتماد عليه عندما يتعلق الأمر بالحماية من المساءلة. لذا عندما يقترح أن حكومته ستطلب المشورة القانونية بشأن حظر مبيعات الأسلحة البريطانية لإسرائيل أو عندما يصرح بأنه سيشارك ’بشكل كامل’ في حل وحشية إسرائيل في غزة، فمن الصعب عدم التعامل مع كلامه باعتباره كلامًا فارغًا من الفضائل".

وحول مستقبل ستارمر السياسي وتعامله مع القضية الفلسطينية، قال: "إن رئيس الوزراء المقبل الذي لديه تاريخ من تكرار الشعارات الاستعمارية ، والذي ترأس ثقافة العنصرية والعداء تجاه أبناء الأقليات في حزبه ، لن يطور العمود الفقري الأخلاقي في الخامس من تموز/يوليو. وبالنسبة لشخص لديه سجل حافل بالتراجع عن سلسلة من الالتزامات، فمن الواضح أن الموقف الوحيد الذي تبناه ستارمر بحزم هو استعمار الفلسطينيين. وفي أفضل الأحوال، سيحصل الفلسطينيون على التزامات ضعيفة وتصريحات متوازنة بشكل مصطنع منه. وفي أسوأ الأحوال، استمرار الدعم الثابت لقمع إسرائيل. ولم يكن ستارمر حتى هذه اللحظة حليفًا لفلسطين، ولن يصبح كذلك بمجرد دخوله داونينج ستريت".

وقال الكاتب الداعم للقضية الفلسطينية هيو لانينج: إن "دعم حزب العمال للمذبحة التي ارتكبتها إسرائيل في غزة يُظهر أن كير ستارمر لم يتعلم شيئًا من حرب العراق الكارثية أخلاقيًا وسياسيًا التي قادها توني بلير".

في مقال سابق، قال المؤرخ جيمس فوغان: "هناك افتراض عام في السياسة البريطانية مفاده أن مهمة زعيم حزب العمال في إدارة الانقسامات الداخلية بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تمثل مجموعة من التحديات أكثر صعوبة من تلك التي يواجهها زعيم حزب المحافظين".