جمعية "ريغافيم" هي جمعية يمينية إسرائيلية تأسست عام 2006 بعد تفكيك المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة وجنين. وتعمل الجمعية على التحريض بهدف تنفيذ التطهير العرقي ضد الفلسطينيين في المناطق المصنفة "ج" حسب اتفاق أوسلو، ونشاطها يصل إلى النقب والقرى الفلسطينية داخل الخط الأخضر.
وتمتلك الجمعية الاستيطانية جهاز رصد مكون من المتطوعين الذين يراقبون حركة البناء الفلسطينية، ثم يتقدمون بشكاوى إلى جيش الاحتلال لهدمها أو لشرطة ومحاكم الاحتلال داخل الخط الأخضر.
منظمة ريغافيم تسعى إلى "فتح المعركة على مناطق ج" في الضفة الغربية، بهدف السيطرة الكاملة عليها
وشهدت الجمعية الاستيطانية طفرة في عملها، بعد وصول بتسلئيل سموتريتش إلى منصب وزير المالية والوزير المسؤول داخل وزارة الأمن الإسرائيلية عن الإدارة المدنية، فهو أحد مؤسسيها، أي ريغافيم، ونجح في تعيين اثنين من كبار النشطاء منها في الإدارة المدنية، وتحديدًا في القسم المسؤول عن إصدار أوامر الهدم بحق المباني الفلسطينية.
وبعد حوالي شهر من تشكيل الحكومة الإسرائيلية، وقع سموتريتش ووزير أمن الاحتلال يوآف غالانت، اتفاقًا بشأن تقسيم الصلاحيات بينه وبين الجيش في الضفة الغربية، بحيث أصبحت مجالات مثل البناء وشرعنة البؤر الاستيطانية والطاقة والمياه والنقل والآثار تحت سيطرة وزير المالية. فيما شكل سموتريتش لاحقًا هيئة تسمى "إدارة الاستيطان"، وعيّن شريكه المقرب يهودا إلياهو، الذي أسس معه جمعية "ريغافيم"، رئيسًا لها.
وعودة إلى تموز/يوليو 2011، قدمت السلطة الفلسطينية شكوى للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ضد إسرائيل بشأن جرائم حرب إسرائيلية خلال عدوان الاحتلال على غزة عام 2008- 2009. حينها، تولت ريغافيم "الدفاع" عن إسرائيل، حيث جادل محاميها بأن "السلطة الفلسطينية ليست دولة، ولا يحق لها تقديم شكوى". ووقتها، قبل المدعي العام للمحكمة هذا الموقف ورفض الشكوى.
وتلعب ريغافيم دورًا محوريًا في إعداد الأبحاث والدراسات والتأثير على صناع القرار في الكنيست. كما لديها طاقم متخصص يتابع تنفيذ "قانون كامينيتس" لمحاربة البناء الفلسطيني في النقب. وأشارت الدراسات إلى جهود الجمعية في رصد البناء في النقب وتقديم الشكاوى، مما أدى إلى انخفاض ما تصفه بـ" مخالفات البناء في النقب بين 2017 و2019 بنسبة وصلت إلى 70%".
ونشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تحقيقًا عن تأثير ريغافيم بعد وصول قادتها للحكم في إسرائيل قبل نحو عام. وأوضحت الصحيفة أن المنظمة أصبحت واحدة من قادة السياسات الحكومية في الضفة الغربية، حيث تسعى لتنفيذ خطة "خط المحراث" لوقف سيطرة الفلسطينيين على مناطق "ج".
ويبرز التحقيق دور قادة المنظمة في الحكومة، مثل وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش ومسؤولين آخرين. إذ تراقب ريغافيم البناء الفلسطيني باستخدام طائرات مُسيّرة وصور جوية، وتقوم بجولات للمراسلين والسياسيين، كما أن المجالس الإقليمية للمستوطنات تشارك في مراقبة البناء الفلسطيني، وتحصل على دعم مالي من حكومة الاحتلال.
وتفخر ريغافيم بأنها نجحت في "إحياء مبدأ المحراث اليهودي"، الذي صاغه جوزيف ترومبلدور. واستمدت الجمعية وثيقة "خط المحراث" من هذا المبدأ، الذي يهدف إلى الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.
وتتضمن الوثيقة توصيات للحكومة الإسرائيلية الحالية، وقد تم إدخالها في اتفاق الائتلاف الحكومي بين حزب الصهيونية الدينية بزعامة سموتريتش وحزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو.
كيف ظهر "خط المحراث" أو عن اختلاق الأساطير
ويعود التصور الصهيوني، أي "خط المحراث" وظهوره إلى الوقت الذي كانت الحركة الصهيونية بحاجة إلى رمز "بطولي"، فنسبت لـ"ترومبلدور" جملة باللغة العبرية، قال فيها "من الجيد الموت من أجل بلادنا"، زعم أن قالها على سرير الموت بعد إصابته بجراح خطيرة، وصارت هذه الجملة لعقود أيقونة في صفوف التنظيمات اليهودية العسكرية ثم لجيش الاحتلال، فيما تبين لاحقًا أن الجملة مسروقة وأنه ساعة احتضاره، أطلق شتيمة بذيئة باللغة الروسية التي لم يكن يعرف غيرها.
والشعار الإضافي الذي نسبته الحركة الصهيونية لـ"ترومبلدور" هو الدعوة إلى الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، بالقول: "في المكان يَحرث فيه المحراث اليهودي الثلم الأخير، هناك ستمر حدودنا".
ومن هذا الشعار اشتقت جمعية "ريغافيم" وثيقة "خط المحراث"، كما أشار مدير قسم السياسات في المنظمة أبراهام بنيامين. وبعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية وصل قادة ومؤسسي "ريغافيم" إلى سدة الحكم، وباتت "خط المحراث" جزءًا من البرنامج السياسي للحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية.
ووثيقة"خط المحراث" وزعت على السياسيين قبل الانتخابات الاخيرة، وفيها ترسم الخطط الاستراتيجية التي ستعمل منظمة "ريغافيم" على تنفيذها في الضفة الغربية، وتتضمن توصيات للحكومة الإسرائيلية الحالية، لتنفيذها في الضفة الغربية، وقد تم إدخال هذه التوصيات في اتفاق الائتلاف الحكومي بين حزب الصهيونية الدينية بزعامة بتسلئيل سموتريتش وهو أحد مؤسسي المنظمة وحزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو، لتشكل أرضية حكومة اليمين المتطرف، خاصة إطلاق المعركة على مناطق "ج"، وتسريع عملية المصادقة على خطط البناء في المستوطنات، وإجراء إحصاء سكاني للفلسطينيين في الضفة الغربية.
ويُظهر ما نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، العام الماضي، أن وثيقة "خط المحراث" هي في الواقع ما يحدد جدول أعمال حكومة الاحتلال في الضفة الغربية فهي خطة مفصلة لانتزاع ملكية الأراضي من الفلسطينيين في المناطق المصنفة "ج"، التي تشكل غالبية أرض الضفة الغربية.
تتضمن خطة "خط المحراث" مخططًا مفصلًا: لـ"فتح المعركة على المناطق ج"، وتحولت إلى قرار حكومي تنفذه "الإدارة المدنية" التي يقودها سموتريتش، بتنفيذ أوامر الهدم للمباني والمزارع الفلسطينية وإصدار تراخيص البناء للمستوطنين، وانتزاع ملكية الأراضي الفلسطينية بحجة المنفعة العامة.
سموتريتش قام بدعم عمل جميعة ريغافيم، التي ساهم في تأسيسها سابقًا
والشق الثاني من "المعركة على مناطق ج"، ينفذه تنظيم "جباية الثمن" الإرهابي عبر الاعتداءات الجماعية وحشد مجموعات إرهابية تجوب الجبال والتلال بحجة أنهم رعاة ويمنعون الفلسطينيين من رعي أغنامهم ويهجرون البدو من مضاربهم بتكثيف الاعتداءات والسرقات، كما يتم استخدام قطعان الماشية سواء كانت الأغنام أو الأبقار بهدف إتلاف الحقول.
ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، في حزيران/يونيو 2018 تحقيقًا يكشف أن بعض الأشخاص المرتبطين بـ"ريغافيم" يمتلكون مجموعة من المنازل غير القانونية، بما في ذلك منزل الرئيس التنفيذي آنذاك يهودا إلياهو في بؤرة حرشا الاستيطانية.