10-أغسطس-2023
صورة توضيحية: جنود إسرائيليون يبكون أثناء جنازة زميلهم | غيتي ايميجز

الترا فلسطين | فريق التحرير

في شهر نيسان/ابريل 2021، أحرق الجندي السابق اتسيك سعاديان نفسه، احتجاجًا على عدم الاعتراف به كمصاب بالصدمة بعد مشاركته في العدوان على غزة عام 2014، ليُنقل إلى مستشفى شيبا بحالة خطيرة ويبقى فيه لعامين. بعد ذلك أطلق الجيش الإسرائيلي مشروع "روح واحدة" لرصد الحالات المشابهة وتقديم الدعم النفسي والمالي لها، ورغم ذلك سُجلت منذ ذلك الوقت 20 حالة انتحار أحدثها جنديان سابقان توفيا قبل أسبوع من الآن.

قال الجندي السابق ناتي شاكيد: "ينتحر الناس لأنه ليس لديهم مبرر لمواصلة الحياة بعد الآن. إنهم يرون أصدقاءهم يسافرون في رحلة ويجدون الحب وهم عالقون ووضعهم يزداد سوءًا كل يوم".

على ضوء ذلك، عقد لوبي الكنيست للمحاربين القدامى -بطريقة غير عادية- جلسة استماع طارئة خلال فترة العطلة الصيفة للكنيست، وخلالها أدلى جنود يزعمون أنهم مصابون بالصدمة نتيجة مشاركتهم في معارك بشهادات، وجهوا فيها انتقاداتٍ لاذعة للجيش والسياسيين وأعضاء الكنيست.

جلسة الاستماع الطارئة، حازت على موافقة رئيس الكنيست أمير أوحانا، ودُعِيَ لها أعضاء الكنيست، ورؤساء المنظمات، ورئيس قسم إعادة التأهيل في الجيش، وقيادة وزارة الجيش، لكن الجيش الإسرائيلي لم يرسل ممثلًا للمناقشة.

الجندي السابق ناتي شاكيد، الذي يدعي أنه مصابٌ بصدمة، تحدث في الجلسة بغضب قائلاً إنهم طالبوا أكثر من مرة بتوفير تأمين أكبر للجنود الذين يخوضون المعارك، وتساءل عن ترتيب الأولويات لدى الجيش، وإن كانت السيارة تساوي أكثر من حياة الإنسان.

وقال: "ينتحر الناس لأنه ليس لديهم مبرر لمواصلة الحياة بعد الآن. إنهم يرون أصدقاءهم يسافرون في رحلة ويجدون الحب وهم عالقون ووضعهم يزداد سوءًا كل يوم".

وأكد الصحفي المتخصص في الشأن الإسرائيلي أنس أبو عرقوب، أن جيش الاحتلال واجه في السنوات الأخيرة طوفانًا من الجنود والضباط السابقين الذين يزعمون أنهم أصيبوا بصدمات بعد مشاركتهم في معارك، مبينًا أن الجيش يعتقد بأن قسمًا كبيرًا من هؤلاء الجنود محتالون يبحثون عن تعويض وراتب دائم لإكمال حياتهم دون عمل، مع التمتع براتب دائم وقرض سكني وتسهيلات كثيرة أخرى.

وخلال شهادته في الكنيست، صاح الجندي السابق نداف بروش: "لقد قلتم إننا كاذبون. لماذا وزير الجيش غير موجود هنا الآن؟ ستكون هناك حرب أخرى هنا قريبًا، وأنت، جناح إعادة التأهيل في الجيش، لست مستعدًا لها. سيكون هناك آلاف الجرحى من الجنود هنا، أعلم أنه من الصعب أن أثبت لكم أننا مصابون بجروح خطيرة، لكن انتبهوا للمعطيات: 20 مصابًا بالصدمة انتحروا منذ أن أضرم إيتسيك سعايدان النار في نفسه، لأنه لم يكن هناك استجابة لهم. وكان هناك إهمال شديد من قبل وزارة الجيش. هناك فشل منهجي هنا".

راز حجاج، جندي سابق خدم كطبيب في حرب لبنان الأولى، قال في الجلسة: "انقضى 20 عامًا (على إصابته) ولم يتغير شيء. في عام 2023، يجب أن يفهم الجيش الإسرائيلي أنه يتوجب عليه رعاية الدائرة الأولى من الجنود التي تشارك في معارك وحوادث صعبة، ثم عليه أن يعتني بالدائرة الثانية،  ويجب إجراء العلاج الوقائي لكل من يشارك في معركة صعبة. لا يتعين علينا انتظار وصول هؤلاء الأشخاص وهم بالفعل على حافة الهاوية".

وأضاف حجاج، أن الجنود الذين ينتحرون يفعلون ذلك "بسبب العار. جنديٌ عليه أن يثبت أنه رجل رجل بينما الشعور الذي يلازمه كأنه امرأة تدخل مكانًا يتّسم بقسوة ظروفه"، مبينًا أنه عاش لسنوات على عتبة الأقدام على الانتحار.

الجندي السابق عومر أمسالم، إذ قال: "لقد دُستم على حياتي. انظروا في عيوني، لقد قضيتم على حياتي. أثناء مشاركتي في القتال رأيت الناس يحترقون، ويجب أن أرى أيضًا في الحياة المدنية أشخاصًا يحترقون"

جنديٌ سابق آخر هاجم ممثلي الأجهزة الأمنية في الجلسة، وهو عومر أمسالم، إذ قال: "لقد دُستم على حياتي. انظروا في عيوني، لقد قضيتم على حياتي. أثناء مشاركتي في القتال رأيت الناس يحترقون، ويجب أن أرى أيضًا في الحياة المدنية أشخاصًا يحترقون. يحرقون أنفسهم. لماذا؟ ماذا يحدث لك؟".

وكانت الإذاعة العامة الإسرائيلية كشفت، في شهر حزيران/يونيو الماضي، أنّ جنديًا إسرائيليًا حاول الانتحار، بعد تعرُّض جيب عسكريّ كان يستقله مع جنديين آخرين في جنين لإطلاق نار. وقال الجندي لمراسلة الشؤون العسكرية في الإذاعة: "لم يكن الجيب مصفّحًا، اختبأنا خلف صخرة، ولم نرد على إطلاق النار، وبقينا خلف الصخرة حتى جاء قائد الكتيبة".

وأوضحت الإذاعة، أن الجندي المذكور أصيب بصدمة نتيجة هذه الحادثة، وتدهورت حالته النفسية بسبب إلزامه بمواصلة المشاركة في عمليات اعتقال في جنين، وفي إطلاق النار على المتظاهرين.

وإلى جانب حالات الانتحار لجنود سابقين، فقد أظهرت المعطيات أن 10 جنود في الخدمة انتحروا منذ مطلع العام الحالي، وكذلك انتحر 14 جنديًا أثناء خدمتهم العسكرية خلال عام 2022. وقال مسؤولون في الجيش لـ"يديعوت أحرنوت" إن هذا العدد من الجنود المنتحرين هو الأعلى منذ خمس سنوات، ويُمثل "زيادة مقلقة".