26-فبراير-2024
عباس واشتية

الرئيس محمود عباس ورئيس وزراء الحكومة محمد اشتية

تتوجه الأنظار نحو حكومة تكنوقراط جديدة في فلسطين، بعد قبول الرئيس محمود عباس استقالة حكومة محمد اشتية. يرى بعض المراقبين في الحكومة المقبلة أنها ستكون حكومة إنقاذ وطنيّ، فيما يرى سياسيون أنها لن تكون أكثر من أداة بيد الرئيس في ظل عدم تغيّر النظام السياسي، واستمرار الانقسام.

وكان رئيس الوزراء محمد اشتية قد أعلن الاثنين الماضي، في مستهلّ اجتماع رئاسة الوزراء برام الله عن وضع استقالة الحكومة تحت تصرف الرئيس محمود عباس، ولاحقًا قبل عباس الاستقالة، وكلّف اشتية والوزراء بتسيير الاعمال لحين تشكيل حكومة جديدة. 

ويرى مراقبون أن الحكومة الجديدة ستضم خبراء بعيدًا عن الفصائلية، وذلك تلبية لرغبات أطراف إقليمية ودولية تطالب السلطة بضرورة إجراء إصلاحات, وعبّر عن ذلك مسؤول في الخارجية الأمريكية بالقول إنهم يرحبون بالخطوات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية لـ"إصلاح نفسها".

اعتبر متابعون أن تشكيل حكومة جديدة هو "آخر ما يحتاجه الفلسطينيون الآن"، فيما رأى آخرون أنها "ضرورية كحكومة أنقاذ وطني"

وصرّح مستشار الائتلاف من أجل النزاهة والمسائلة أمان عزمي الشعيبي، أن "آخر ما هو مطلوب الآن تشكيل حكومة جديدة بعض النظر عن شكلها، لأن ذلك يجب أن يأتي ضمن حزمة من الأمور، وهذه الحزمة لم تتحقق بعد، وبالتالي لا معنى لهذه الحكومة".

وحول ما هي هذه الحزمة، أوضح الشعيبي لـ "الترا فلسطين"، أنها يجب أن تتضمن وقفًا لإطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وإنهاء الاحتلال، وإعطاء الشعب الفلسطيني حق تقرير مصيره "حينها يصبح تشكيل الحكومة ممكنًا، ويمكن التحدث عن شكلها، طالما أن أساسها توافق وطني". 

وبحسب الشعيبي، فإن أي حديث خارج تنفيذ هذا السياق لا معنى له. و"طالما لم يقدّم المجتمع الدولي أشياء أساسية فلماذا يفرضون علينا تشكيل الحكومة؟".

فيما اعتبر الباحث في قضايا الحكم والسياسة جهاد حرب، خلال حديثه مع "الترا فلسطين"، أن حكومة التكنوقراط هي حكومة إنقاذ وطني "نحتاج إليها"، وليس من المهم شكلها، إنما المهم قدرتها على التعامل مع المستوى الداخلي ومع الجميع دون أن يكون لها مصالح سياسية، وبالتالي تتعامل مع حماس وفتح وكل الآثار التي ترتبت على الإجراءات السابقة.

كان هناك فقط 5 حكومات تكنوقراط، ثلاثة لسلام فياض ما بين 2007 و 2013، واثنتان لرامي الحمد الله، ما بين 2013 و2019

وأضاف جهاد حرب أنّ الحكومة الجديدة ستكون منفتحة على المجتمع الدولي، لأنه دون ذلك لن يكون هناك إعادة لإعمار قطاع غزة، وإغاثة الناس.

حكومة التكنوقراط يفترض أن تضم خبراء في مجالاتهم بعيدًا عن الشخصيات الحزبية والفصائلية

وتابع حرب أن هؤلاء (أعضاء الحكومة) لا يمثلون أحزابًا معينة، وإنما لديهم اختصاصات وخبرة في مجالات عامة، بمعنى لديهم خبرة مهنية وإدارية مطلوبة للعمل سواء كان في السابق مدير مشروع أو يعمل في مؤسسة دولية.

ومرّ على فلسطين 18 حكومة منذ تولي السلطة الفلسطينية زمام الأمور عقب اتفاقية أوسلو، أولها حكومة ترأسها ياسر عرفات وظلت منذ عام 1994 وحتى عام 2003، ومن ثم كان رئيس الحكومة محمود عباس، وبعدها أحمد قريع، ومن ثم حكومة إسماعيل هنية، وهذه الحكومات وإن احتوت على كفاءات إلا أنها كانت حكومات فصائلية.

وكان هناك فقط 5 حكومات تكنوقراط، ثلاثة لسلام فياض ما بين يوليو 2007 ويونيو 2013، واثنتان لرامي الحمد الله، ما بين يوليو 2013 وأبريل 2019.

وبحسب حرب، فإن حكومتي سلام فياض ورامي الحمد لله كان يجري عليها تغييرات حكومية، ولكن ظلت حكومات تكنوقراط. 

واعتبر حرب أن حكومة التكنوقراط خيار أفضل من الحكومات الفصائلية، وهي حكومة إنقاذ وطني، لأن الأعضاء ملزمون بقرارات الشرعية الدولية، "فلو كان فيها أعضاء من حماس، فكيف سيتعاملون مع المقاصة والمجتمع الدولي على سبيل المثال"، على حد تعبيره.

وحكومة التكنوقراط بحسب حرب، تنظر للإدارة وليس للتنظيم، لذا ستكون مهمتها صعبة، وسوف "تمشي بين طلقات الأحزاب ومصالحها"، لكن هي أفضل خيار وتستطيع أن توصل الحكومة إلى إجراء انتخابات خلال فترة عام أو عامين.

المرشح الأبرز لاستلام رئاسة الوزراء هو رئيس صندوق الاستثمار محمد مصطفى

وعمّا إذا كانت هناك ما يشير إلى الشخصيّة التي يمكن أن تتسلّم رئاسة الحكومة. قال حرب إن المرشّح الأبرز حتى الآن هو رئيس صندوق الاستثمار محمد مصطفى، وهو من يريده الرئيس، وكان هناك حديث عن عودة رامي الحمد الله، ولكن الأبرز هو مصطفى. 

لكنه استدرك وقال إن هناك حوارات ومفاوضات فصائلية في العاصمة الروسية موسكو بعد يومين، والحكومة المقبلة لن يكون لها معنى قبل موافقة الجميع عليها. 

فيما رأى الشعيبي، وفي معرض ردّه على سؤال عمّا إذا كانت الحكومة الجديدة سيبقى الرئيس هو المتحكّم بها،  أن المشكلة الأساسية تكمن في النظام السياسي لأن طبيعته "سلطوي" قائم على أساس وجود سلطة مركزية بيد الرئيس وحده، ووجود أجهزة أمنية تعمل تحت أوامره، ووجود وزير مالية ينفذ أوامره. 

والمشكلة الثانية، بسحب الشعيبي، هي في القيادة الحالية في منظمة التحرير، وهذه المشاكل يعرفها الفلسطينيون، ويعرفون حلولها، وحلها ليس أن يأتي محمد مصطفى كرئيس حكومة، فهو واحد من هذه المنظومة، ولن يكون أكثر تحررًا من سلطة حكومة اشتية، بحسب تعبيره.