حذّر خبير اقتصادي إسرائيلي بارز من التداعيات المحتملة لتمدد الحرب في غزة إلى نزاع إقليمي يشمل إيران وحزب الله، مشيرًا إلى احتمال تعرض تل أبيب وحيفا لهجمات صاروخية.
وأوضح أن هذه التطورات قد تؤدي إلى تراجع اقتصادي كبير، وزيادة هائلة في نسبة الدين من الناتج القومي، إضافة إلى توقف حركة الملاحة الجويّة والبحريّة من وإلى إسرائيل، واصفًا هذا الوضع بـ"السيناريو الكارثي".
وفي تحليله، رسم تسفي أكشتاين، النائب السابق لمحافظ بنك إسرائيل ومؤسس "معهد أهارون للاقتصاد"، صورة قاتمة للسيناريو الكارثيّ الذي يمكن أن تواجهه إسرائيل.
السيناريو المتفائل يتوقع نمو الناتج بنسبة 1.5% فقط هذا العام، وهو ما يعتبر نموًا سلبيًا بالنظر إلى زيادة النمو السكاني بنسبة 2% سنويًا
واستعرض أكشتاين مختلف السيناريوهات الاقتصادية، مشيرًا إلى السيناريو التشاؤمي وتداعياته المحتملة. كما أعرب عن قلقه المتزايد بشأن الحرب متعددة الجبهات وتبعات انعدام اليقين الاقتصادي، مشيرًا إلى غياب السيناريوهات الكارثية في التقديرات الحكومية.
ووفقًا لصحيفة "كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية، أظهرت التحليلات الاقتصادية أن السيناريو المتفائل الذي يعتمده غالبية الخبراء يرتكز على احتمالية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، إلى جانب تسوية محتملة مع حزب الله. ومع ذلك، تشير التوقعات إلى أن الناتج قد ينمو بنسبة 1.5% فقط هذا العام، مما يعكس نموًا اقتصاديًا سلبيًا، حيث يتجاوز النمو السكاني معدل النمو الاقتصادي. ويفترض هذا السيناريو عودة إسرائيل إلى طبيعتها خلال الأشهر المقبلة، لكنه يظل محفوفًا بالتحديات الاقتصادية.
وأوضح أكشتاين أن السيناريو المتفائل يتوقع نمو الناتج بنسبة 1.5% فقط هذا العام، وهو ما يعتبر نموًا سلبيًا بالنظر إلى زيادة النمو السكاني بنسبة 2% سنويًا، إلى جانب ارتفاع العجز المالي إلى 8.4% من الموازنة، وزيادة نسبة الدين من الناتج إلى 67%.
وفي المقابل، أشار أكشتاين إلى سيناريو أكثر تشاؤمًا يتمثل في اندلاع حرب شاملة على جبهات متعددة، تشارك فيها إيران وحزب الله، مما يؤدي إلى توقف تام في حركة الطيران إلى إسرائيل.
ووصف هذا السيناريو بـ"السيناريو الكارثي"، مشيرًا إلى غياب توقعات واضحة بشأنه. كما أوضح أن هذا السيناريو قد يشمل إطلاق صواريخ على مناطق الشمال وحيفا لمدة شهر ونصف، مع احتمال توغلّ بريّ في لبنان، على أن ينتهي باتفاق يستند إلى قرار الأمم المتحدة 1701، وهو ما يمكن تحقيقه الآن دون الحاجة إلى خوض الحرب.
السيناريو الأكثر إثارة للقلق في إسرائيل هو الحرب متعددة الجبهات، والتي قد تشمل الصواريخ على تل أبيب وتوقف الرحلات الجوية، وربما استهداف الموانئ
وأكد أكشتاين أن السيناريو الأكثر إثارة للقلق هو الحرب متعددة الجبهات، والتي قد تشمل الصواريخ على تل أبيب وتوقف الرحلات الجوية، وربما استهداف الموانئ.
وأضاف أن تأثير هذا السيناريو على الاقتصاد قد يكون كارثيًا للغاية، مع غياب وضوح كبير حول كيفية الخروج منه. كما أشار إلى عدم وضوح الرؤية حول نوايا الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، وتأثير العوامل الدولية مثل الانتخابات الأميركية ومواقف الأمم المتحدة والمحكمة الدولية في لاهاي على هذا السيناريو.
وأوضح أكشتاين أن حجم انعدام الوضوح في هذا السيناريو يمنع وضع توقعات اقتصادية دقيقة، مشيرًا إلى احتمال استدعاء واسع النطاق لجنود الاحتياط للمشاركة في معارك قد تستمر لشهرين. وفي مثل هذا الوضع، يصعب على إسرائيل المضيّ قدمًا بدون النظر في خيارات أخرى، مثل وقف الحرب على غزة والتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى.
وأضاف أكشتاين أنه لا توجد سيناريوهات في وزارة المالية أو بنك إسرائيل تتعلق بتوقف الرحلات الجوية أو تهديدات صاروخية كبيرة من حزب الله وإيران. وأشار إلى أن السيناريوهات التي وُضعت قبل عمليتي الاغتيال الأخيرتين لا تشمل أي تهديدات من الشمال أو إيران.
من جانبها، تناولت افتتاحية صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إدارة الوزير الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش للاقتصاد الإسرائيلي، وجاءت تحت عنوان: "سموتريتش غير المسؤول يدمر كل جزء ثمين من الاقتصاد الإسرائيلي".
وقالت إن "بتسلئيل سموتريتش ينتهج سياسة اقتصادية غير مسؤولة في زمن الحرب، ويرفض إعداد ميزانية وطنية لعام 2025. ويجب أن تأخذ هذه الميزانية في الاعتبار النفقات الباهظة للحرب وواجبه في منع الأزمة الاقتصادية. ويطالب وزير المالية مسؤولي وزارة المالية بتجاوز إطار الميزانية الضخم بالفعل لعام 2024 وانتهاك إرشادات الإنفاق. وعندما حذره كبار المسؤولين في الوزارة من أن هذه خطوة خطيرة قد تضر بمصداقية الحكومة، كانت ردود أفعاله متطرفة".
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية: "في هذا الأسبوع، أرسل سموتريتش رسالة شديدة اللهجة إلى رئيس قسم الميزانية في الوزارة، يوغيف غرادوس، واقترح عليه الاستقالة. وكتب سموتريتش: ’ما دمت لا تتفق مع سياستي الاقتصادية، فمرحبًا بك لإعادة المفاتيح’. ولكن غرادوس يقدم للوزير ببساطة رأيًا مهنيًا يطالب بإدارة مسؤولة للميزانية الوطنية، على الرغم من تكاليف الحرب وبسببها. ولكن ما الذي يهم سموتريتش وزملائه في مجلس الوزراء؟ الاحترافية، والتطبيق العملي، ومصلحة البلاد؟".
وأشارت إلى أن "سموتريتش يختار المسار الذي سلكته هذه الحكومة منذ تشكيلها. فهي تعطي الأولوية للمصالح السياسية على السلوك المهني، وتضعف الصفوف المهنية، وتستخف بالمصلحة العامة، وتتجاهل تدمير القيمة في المجالات كلها في إسرائيل. وهذا السلوك يستلزم تكاليف باهظة وملموسة. فقد خفضت وكالات التصنيف الائتماني الدولية الثلاث الكبرى التصنيف الائتماني لإسرائيل، وأصدرت توقعات سلبية، مما يهدد بخفض التصنيف الائتماني مرة أخرى في الأمد المتوسط".
موضحة: إن "تكلفة خفض التصنيف الائتماني واضحة: فقد ارتفعت علاوة المخاطرة في إسرائيل إلى عنان السماء، وانخفضت الاستثمارات الأجنبية، وأصبح أداء بورصة تل أبيب أقل من أداء الأسواق العالمية، وتضخمت تكاليف خدمة الدين الوطني، وسوف تستمر في التضخم. وتحاول وزارة المالية تجنب القروض الأجنبية بسبب تكلفتها المرتفعة، وفي الوقت نفسه تعمل على تمويل أنشطة الحكومة من خلال جمع الديون في سوق رأس المال المحلية. ولم تضع الحكومة إنهاء الحرب كهدف في المستقبل المنظور، وهذا يعني أن الإنفاق وعدم اليقين سوف يتزايدان. ويتطلب هذا الوضع إدارة الميزانية بشكل مسؤول، وتحديد الأولويات، والكفاءة، والجهد المتواصل لتجنب الأزمة الاقتصادية".
تناولت افتتاحية صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إدارة الوزير الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش للاقتصاد الإسرائيلي، وجاءت تحت عنوان: "سموتريتش غير المسؤول يدمر كل جزء ثمين من الاقتصاد الإسرائيلي".
وختمت بالقول: "لكن وزير المالية لا يتبنى مثل هذه السياسة. فهو يفضل الخضوع التام لأهداف الحفاظ على الائتلاف الحاكم ورعاية المجموعات التي يتألف منها، وخاصة مجموعته. ويعرض الوزير اقتصاد إسرائيل للخطر عندما يرفض صياغة ميزانية مسؤولة تحتوي على العناصر اللازمة لمنع الأزمة الاقتصادية، ويعبر عن الذعر وعدم المسؤولية عندما يقترح على أولئك الذين يخبرونه بالحقيقة أن يسلموا مفاتيحهم. سموتريتش هو الذي يجب عليه تسليم مفاتيحه حتى يتمكن الاقتصاد الإسرائيلي من تجاوز هذه الأزمة".