24-أكتوبر-2022
.

اعتصام طلبة المدرسة رفضًا لرؤية الإدارة الجديدة

لا يخفي أهالي طلبة المدرسة الصناعية الثانوية في القدس، التابعة لجمعية لجنة اليتيم العربي الأردنية، مخاوفهم من سيطرة سلطات الاحتلال على المدرسة، إمّا بضمها لبلدية الاحتلال أو وزارة المعارف الإسرائيلية وتدريس المنهاج الإسرائيلي فيها، أو السيطرة على أرضها التي تصل مساحتها إلى 44 دونمًا، خاصةً أنها تقع في منطقة مستوطنة "عطروت" الصناعية الاستيطانية شرقي المدينة.

 رؤية جديدة طرحتها إدارة المدرسة، يعتقد الأهالي أنها ستساهم في إلحاق المدرسة بسوق العمل الإسرائيلي بشكلٍ كبير، ويمكن أن تشكل مقدمة لإخضاع المدرسة لبلدية الاحتلال في القدس، أو إغلاقها بالكامل لاحقًا

تأتي هذه المخاوف نتيجة رؤية جديدة طرحتها إدارة المدرسة على أهالي الطلبة، خلال الأيام الماضية، يعتقد الأهالي أنها ستساهم في إلحاق المدرسة بسوق العمل الإسرائيلي بشكلٍ كبير، وأنها لا تتماشى مع مصلحة الطلبة، ويمكن أن تشكل مقدمة لإخضاع المدرسة لبلدية الاحتلال في القدس، أو إغلاقها بالكامل لاحقًا.

نتيجة طرح هذه الرؤية، نظم أهالي الطلبة، اعتصامًا يوم الاثنين الماضي، في ساحة المدرسة تعبيرًا عن رفضهم للرؤية الجديدة التي تطرحها إدارة المدرسة، "وفيها مخططات ضبابية" على حدّ وصفهم.

اعتصام الطلبة وأهاليهم رفضًا لرؤية إدارة المدرسة
اعتصام الطلبة وأهاليهم رفضًا لرؤية إدارة المدرسة 

وحول ذلك، قال عمر السعيد، والد أحد الطلبة في المدرسة، إن إدارة جمعية اليتيم العربي قامت منذ فترة بتوكيل إدارة جديدة للمدرسة، وهذه الإدارة قالت إن لديها رؤية جديدة لإدارة المدرسة وهو ما رحب به الأهالي في البداية، مبينًا أنه عند استعراض هذه الرؤية الجديدة تبين أنها تقوم على إلغاء نظام "التوجيهي" أو "الإنجاز" للعام القادم، بحيث لا يستطيع الطالب إكمال تعليمه الجامعي، وإلغاء الصف العاشر أكاديميًا، وإرسال الطلبة بشكلٍ مباشر للتدريب في سوق العمل الإسرائيلي، بالإضافة إلى فصل ستة معلمين بذريعة الضائقة المادية.

وأضاف السعيد، أن الأهالي قدموا اعتراضًا لإدارة المدرسة الجديدة على هذه الرؤية، باعتبار أنها تحرم الطلبة من إكمال تعليمه الجامعي، وأنها تحول التعليم المدرسة إلى دورات مهنية، دون أن يكون هناك شهادات مدرسية مُعترف بها، "وهو ما لا يصب في مصلحة الطلبة ولا الأهالي"، لكن إدارة المدرسة لم تستجب لهم. 

وأفاد مصدرٌ خاصٌ من داخل المدرسة، مطلع على هذا الملف، أن إدارة المدرسة قررت منذ العام 2016 إبرام عقود مع العاملين والتعامل معهم بنظام شركة تعمل على إدارة المدرسة، مبررة ذلك بالحصول على ترخيص من سلطات الاحتلال.

إدارة المدرسة تنوي استقدام طلاب من مدارس أخرى تابعة لوزارة المعارف الإسرائيلية لأخذ دورات في هذه المعامل والمختبرات، وهو ما يثير الشكوك في إمكانية تحويل المدرسة بشكلٍ تدريجي لإدارة الاحتلال وتدريس المنهاج الإسرائيلي فيها

وأوضح المصدر، أن التغييرات في رؤية إدارة المدرسة تقوم على تحويل المدرسة من مهنية أكاديمية، إلى دورات تدريبية فقط، وإغلاق المعامل والمختبرات وجعل التدريب العملي للطلاب في المعامل والورشات، وهو ما يرفضه الأهال.، كذلك تنوي الإدارة إلغاء نظام التوجيهي أو "الإنجاز"، وهو ما يحرم الطالب من إكمال تعليمه الجامعي في مختلف التخصصات، ويتيح له إمكانية إكمال دراسته في تخصص واحد يبدأ تعمله في المدرسة ويستكمله في إحدى المعاهد.

وتابع المصدر، أن إدارة المدرسة تنوي استقدام طلاب من مدارس أخرى تابعة لوزارة المعارف الإسرائيلية لأخذ دورات في هذه المعامل والمختبرات، وهو ما يثير الشكوك في إمكانية تحويل المدرسة بشكلٍ تدريجي لإدارة الاحتلال وتدريس المنهاج الإسرائيلي فيها.

من جانبه، أبدى رئيس اتحاد مجالس أولياء أمور الطلبة في القدس زياد الشمالي تحفظًا على رؤية المدرسة الجديدة، معتبرًا أنها تتعارض مع مصالح الطلبة، من ناحية إلغاء الصفوف المهنية، وذلك لكونها المدرسة الوحيدة اليوم الموجودة في منطقة شرق القدس التي تُدرس التعليم المهني.

ورأى الشمالي، أن هناك خطرًا يتعلق في الأرض المقامة عليها المدرسة، وتصل مساحتها إلى 44 دونمًا، نظرًا لوجود محاولات سابقة للسيطرة عليها من قبل سلطات الاحتلال بحجة كونها أملاك غائبين، لكنها فشلت، بسبب وجود المدرسة، محذرًا من أن إلغاء المدرسة تجفيفها وإنهاء دورها سيعيد تحريك مشاريع الاستيلاء على الأرض.

يؤكد رئيس دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس خليل التفكجي لـ الترا فلسطين، أن أرض المدرسة تقع بالفعل في موقع مهم على رأس تلة مطلة على مطار القدس والرام وبيت حنينا، وهو "موقع استراتيجي".

أرض المدرسة تقع بالفعل في موقع مهم على رأس تلة مطلة على مطار القدس والرام وبيت حنينا، وهو "موقع استراتيجي"، ولم يستطع الاحتلال مصادرتها لوجود مدرسة تحقق منفعة عامة

وأوضح التفكجي، أن "إسرائيل" عندما احتلت القدس عام 1967 احتلت كل هذه المنطقة المحيطة بالمدرسة وصادرت 1200 دونم، وما تبقى هناك هي المنازل المقامة والمدرسة، ولأن هذه الأرض ملكٌ خاصٌ للجنة اليتيم العربي يصعب مصادرتها باعتبارها ملكية خاصة ومقام عليها مدرسة، ولا يستطيع شخص واحد أخذ قرار على عاتقه لأن هناك مجلس إدارة يقوم عليها.

من جانبه، رئيس لجنة مناهضة التهويد في القدس ناصر الهدمي رئيس لجنة مناهضة التهويد شدَّد أن المدرسة تقع في منطقة عليها صراع كبير، ولها مستقبل استيطاني وفق أطماع الاحتلال، لذلك الاحتلال معني بالسيطرة عليها، موضحًا أن المدرسة لطالما شكلت عائقًا أمام التوسع الاستيطاني في المنطقة كونها مدرسة ذات منفعة عامة، وفي القانون الإسرائيلي لا يخول السلطات أن تسيطر على أملاك ذات منفعة عامة يستفيد منها الجمهور.

وبحسب الهدمي، يسعى الاحتلال إلى تغيير واقع المدرسة بحيث تصبح بعدها إما مستأجرةً من قبل بلدية الاحتلال أو شركات خاصة تمكن المشاريع الاستيطانية في المكان، وهو "توجه مشبوه، وكل ما يقدم من ذرائع من قبل مشغلين المدرسة يظهر أنهم متواطئين، ولديهم رؤية تتلائم مع مصالح الاحتلال في المكان" وفق قوله.

وأوضح، أن هناك نقصًا في التعليم المهني في القدس، وهناك طلبٌ على هذه المدرسة بالتحديد، "ومع ذلك تأتي إدارة المدرسة بذرائع مادية وتريد تقليص دور المدرسة، بالرغم من وجود حلول لتحسين وضعها المادي، ولكن الحقيقة أن هناك أطماعًا استيطانيةً واضحة وهناك تواطؤ يتماشى معها".

ورغم أن إدارة الجمعية حافظت على المدرسة طوال السنوات الماضية ومنعت الاستيلاء عليها، إلّا أن الهدمي يشير أن المدرسة لها إدارة تنفيذية في القدس، ومجلس أمناء للجمعية المُرخصة في الأردن والموجودة هناك، وهذا المجلس سيطرته على المدرسة سيطرة شكلية، والذي يقرر ما يجري في المدرسة هو الإدارة التنفيذية، والإدارة التنفيذية جديدة.

المدرسة الصناعية الثانوية كانت تمر بأزمة مادية وتم تغيير مجلس الإدارة، ومجلس الإدارة الجديد يقدم تقارير واستطاع إقناع مجلس الأمناء في الأردن برؤيته

لكن الإدارة التنفيذية الجديدة معينة من قبل مجلس الأمناء؟ أجاب الهدمي أن المدرسة كانت تمر بأزمة مادية وتم تغيير مجلس الإدارة، ومجلس الإدارة الجديد يقدم تقارير واستطاع إقناع مجلس الأمناء برؤيته، "والمجلس هم مجموعة من كبار السن في الأردن ولا يعرفون حقيقة ما يجري في القدس، لذلك لديهم إيمان بالتقارير التي تصل إليهم من مجلس الإدارة في القدس" على حد قوله.

يشار إلى أن المدرسة الصناعية الثانوية في القدس تأسست في العام 1965، من قبل جمعية لجنة اليتيم العربي في منطقة تقع بين بيت حنينا وقلنديا البلد في القدس.

حاول الترا فلسطين التواصل مرارًا مع عدد من أعضاء مجلس إدارة المدرسة في القدس للتعقيب على هذه الاتهامات، ومع القائم بمنصب مدير عام المدرسة وصفي التميمي عبر الاتصال برقم هاتفه المباشر وإرسال رسائل نصية للهاتف والواتس آب، ولكن لم يتم الرد علينا حتى لحظة نشر التقرير، وفي حال وصلنا أيّ تعقيب سوف نقوم بإرفاقه.

والأسبوع الماضي عقدت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس (التابعة للحكومة الأردنية) اجتماعًا ضم عددًا من المدرسين و"الوجهاء" من مدينة القدس مع مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس عزام الخطيب، لنقل رسالة إليه حول وضع المدرسة. ونقل المحامي بلال محفوظ رسالة للأوقاف باسم مدرسين في المدرسة تحتوي على عرض لمجموعة من المشاكل والتخوفات أولها يتعلق بالأرض، والثاني على المدرسة، والثالث على طريقة إدارة المدرسة.

وردًا على ذلك قال مدير الأوقاف الأردنية في القدس عزام الخطيب، إن موقف دائرة الأوقاف هو "الحفاظ على كل سنتميتر من أرض القدس، وعلى كل مؤسسات المدينة"، منوهًا أنه كان هناك نية لتحول الأرض إلى وقف، ووافق مجلس الأوقاف على القرار، ولكنه توقف نتيجة تصرفات من بعض أعضاء الجمعية الذين رفضوا القرار.

وأكد الخطيب أنه سينقل التطورات الجديدة إلى وزير الأوقاف الأردني، ووزيرة التنمية الاجتماعية الأردنية، "حتى يسمعوا الحقيقية ومن الممكن اتخاذ إجراءات مع إدارة الجمعية في عمان لإنعاش هذه المؤسسة وتصويب وضعها وصمودها وإبقاء المدرسة كما كانت قبل عام 1967 وإحياء مصانعها".