09-يونيو-2024
المنزل المستهدف

(ultrapal) شهادات مروعة يوثقها الترا فلسطين من مجزرة النصيرات

" كنت جالسًا مع ابني أمام محلنا، حين شاهدنا رجالًا عٌزّلًا بزيّ مدنيّ ظنناهم نازحين، ثم مجموعة أخرى ترتدي ملابس مقاتلي القسام، رأيناهم يضعون السلالم تجاه نوافذ منزل أحد الجيران، بعدها بدأت الاشتباكات، وبدأت طائرات الكواد كابتر بإطلاق النار على كل ما يتحرك، وأحزمة نارية بين منازلنا، التفت لابني ورأيته مصابًا بشظية في رأسه، والدماء قد أغرقت جسده".

كانت هذه اللحظات الأولى التي عاشها الحاج أبو محمد الطهراوي، أثناء هجوم قوات الاحتلال على قلب مخيم النصيرات، و تمكّنت خلالها من استعادة 4 أسرى، كانوا محتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، وقد أوقعت العملية 274 شهيدًا، ونحو 700 جريح.

 "أعدمت قوات الاحتلال كل من كان في المنزل بالرصاص، رجالًا ونساءً وأطفالًا، وبعد انسحابها ألقى الطيران الحربي صاروخًا كبير الحجم تجاه المنزل" 

وبالتزامن مع العملية، قصفت قوات الاحتلال كافة أرجاء المنطقة الوسطى، بالأحزمة النارية، والقذائف المدفعية، وقذائف الدبابات، فيما انتشرت طائرات الكواد كابتر، وأطلقت النار بشكل عشوائي تجاه النازحين في الطرقات، واستمرت الاستهدافات قرابة 5 ساعات، الذي تسبب بهذه الأعداد الكبيرة من الشهداء والمصابين.

أثر الطائرات الانتحارية | الترا فلسطين
أثر الطائرات الانتحارية | الترا فلسطين 

 

وروى الحاج أبو محمد الطهراوي في حديث لـ "الترا فلسطين" تفاصيل ما شاهده خلال العملية: "استمرت الاشتباكات بين المقاومة والقوات الخاصة من 20 إلى 40 دقيقة تقريبًا، سمعنا خلالها شتى أنواع الانفجارات، وإطلاق النار من الكواد كابتر والطيران المروحي، وأسلحة القوات والمقاومين".

أبو محمد الطهراوي
أبو محمد الطهراوي | الترا فلسطين 

وأوضح أنه شاهد أعدادًا كبيرة من الشهداء المدنيين في المكان، أطفالًا ونساءً وكبارًا بالسن، كانوا يحاولون الابتعاد من المكان للنجاة.

وتابع الحاج: "أعدمت قوات الاحتلال كل من كان في المنزل بالرصاص، رجالًا ونساءً وأطفالًا، وبعد انسحابها ألقى الطيران الحربي صاروخًا كبير الحجم تجاه المنزل، وتم تدميره، الذي أدى لارتقاء مجموعة إضافية من الشهداء، من الرجال الذين كانوا قد تجمهروا لمساعدة المصابين".

ومن جانبه، قال الشاب عبد الرحمن خليل في حديث لـ "الترا فلسطين"، إنه فور نزول القوات الخاصة من السيارة التي كانت تبدو كسيارة نازحين، أعدموا قرابة 50 مدنيًا، وعند اقتحام المنزل المستهدف قامت القوات بتصفية جاره أحمد الجمل، وابنه وزوجة ابنه وحفيدته الطفلة.

وراقب الشاب أنس عليّان قوات الاحتلال الخاصة أثناء انسحابها، حيث كان ينتظر أيّ سيارة إسعاف من أجل إجلاء أفراد عائلته المصابين.

الشاب عبد الرحمن خليل
الشاب عبد الرحمن خليل | الترا فلسطين 

وقال أنس في حديث لـ "الترا فلسطين": "في هجوم قوات الاحتلال على منزل جارنا، كان الموت قريبًا جدًا، كافة أفراد عائلتي أصيبوا وأنا أُصبت بعدهم، تمركزت أعداد من القوات في محيط المنزل، وقوة أخرى اقتحمته، وملأت المنطقة طائرات الكواد كابتر وكانت تدخل المنازل، وشاهدت طائرات مسيّرة صغيرة انتحارية ترتطم بجدران منزلنا وجدران الجيران وتنفجر وتدمرها".

وتابع: "استخدمت قوات الاحتلال الصواريخ المحمولة على الكتف، وكان المصاب الذي يحاول الهرب لتلقي العلاج يتم قتله فورًا، سواء بنيران القناص أو الطيران". 

الحافلة التي دخلت فيها قوات الاحتلال
الحافلة التي اقتحمت فيها قوات الاحتلال المنطقة | الترا فلسطين 

وأضاف أنس: "عند نهاية الاشتباكات، شاهدت سيارة مدنية أقدّر أنها من نوع (فيت أونو)، حملت عددًا من الأشخاص، وانطلقت بهما باتجاه الشمال، وتحركت مركبات أخرى من المكان، ثم تم قصف المنزل بالطائرات الحربية".

وواجه الشاب تيسير أبو ناجي خلال الحملة الدموية على مخيم النصيرات اختبارًا إنسانيًا صعبًا، إذ كانت خيمته في الطريق المجاور للمنزل المستهدف، حيث تواجد مع والده وزوج أخته مقابل خيمتهم، وقامت طائرة كواد كابتر بمهاجمتهم وأصابت والده ونسيبه بإصابات حرجة.

المنزل المستهدف
المنزل المستهدف | الترا فلسطين 

وقال تيسير في حديث لـ "الترا فلسطين" : "مع الهجوم هربت لإحدى الخيام، ونظرت خلفي فوجدت والدي أبو محمد وزوج أختي سامي ينزفان، فعدت فورًا لإنقاذهما، حين وصولي لفظ والدي أنفاسه الأخيرة، فحملت سامي لجانب الطريق وكان لا يزال واعيًا، ولكن أحشائه بارزة من جسده، وذهبت لنقل جثمان والدي، ولكني أدركت حينها أنني إن انشغلت بجثمانه، ستنتهي أي فرصة لإنقاذ سامي، وكان اختبارًا صعبًا، ولكني تركته على مضد، واخترت أن أسارع في إنقاذ المصاب".

وتابع: "حملت سامي وانطلقت تجاه الشارع الرئيسي، ولكن طائرة الكواد كابتر هاجمتنا مرة أخرى، فتركته، واختبئت في مبنى وبعد لحظات عدت لحمله والجري تجاه الشارع، وعاودت هجومها، وهذا الأمر تكرر عدة مرات، حتى وصلت به للطريق الرئيسي، ومنه إلى مستشفى شهداء الأقصى".

ويرقد الآن سامي بالعناية المشددة، بعد استئصال أجزاء من أحشائه، والبنكرياس، والكبد، وعاد تيسير لدفن جثمان والده.