17-يناير-2022

هنا وادي غزة. حيث لم يكن ممكنًا -حتى وقت غير بعيد- المرور من هنا دون الشعور بالغثيان، نظرًا لانبعاث روائح كريهة جدًا من الوادي الذي استوطنت مياه الصرف الصحي والقوارض مجراه لأكثر من ربع قرن. هو حالٌ انقلب أخيرًا بجهود مشتركة جعلت الوادي مقصدًا لمسارات تنزهية.

وادي غزة | تصوير محمد عليان
تصوير محمد عليان

وأعادت سلطة المياه وجودة البيئة في قطاع غزة تأهيل أجزاء كبيرة من الوادي وسط قطاع غزة، بعد توقف ضخ مياه الصرف الصحي غير المعالجة في مجرى الوادي، بفعل تشغيل محطة المعالجة المركزية لمدينة غزة ووسطها، التي كانت متوقفة بفعل الاحتلال.

أعادت سلطة المياه وجودة البيئة في قطاع غزة تأهيل أجزاء كبيرة من وادي غزة، بعد توقف ضخ مياه الصرف الصحي غير المعالجة في مجراه

يُذكر أن وادي غزة هو نهاية مجرى مائي طويل يبلغ طوله (77 كم)، وينبع من جبال النقب والمرتفعات الغربية لجبال الخليل، ويمتد إلى البحر الأبيض المتوسط. ويبلغ طول الوادي داخل القطاع (9 كم)، وقد أعلنته سلطة جودة البيئة الوادي "محمية طبيعية" في عام 2000.

الشاب محمود جودة، شارك مؤخرًا في مسار تنزه برفقة عشرات الشبان في محيط الوادي. يصف جودة الجولة بأنها "فارقة وجميلة"، ويقول: "نحن سكان قطاع غزة المعروف بأنه سهل ساحلي نفتقر لمشاهدة الجبال والوديان والأنهار، إلا أن عملية إعادة تنظيف وترميم وادي غزة منحتنا فرصة جميلة لمعايشة هذه التجربة".

مسار تنزهي لوادي غزة
مسار تنزهي لوادي غزة

وعن جولته يقول جودة: "شاهدنا أنواع التربة، والنباتات المزروعة منذ مئات السنين لمنع انزلاق التربة، وبعض الطيور المهاجرة والحيوانات التي تعيش في الوادي ولم يسبق لي مشاهدتها في المدينة بهذه الأعداد الكبيرة".

اختفت الرائحة الكريهة، وأصبحت المياه نظيفة ونقية، وحلت طيورٌ ونباتاتٌ لا يشاهدها الناس عادة داخل المدن والأحياء المكتظة بالسكان

ولسنواتٍ ظلَّ الانطباع السائد في قطاع غزة عن الوادي أنه مكب للنفايات ومياه الصرف الصحي، ومستوطنة للحشرات والقوارض، وفقًا للصحفي محمد عوض؛ الذي خرج بانطباع مختلف تمامًا بعد جولته هذه، حيث "اختفت الرائحة الكريهة، وأصبحت المياه نظيفة ونقية" كما يقول.

مسار تنزهي لوادي غزة

وأشار عوض إلى أنه شاهد طيورًا ونباتات لا يشاهدها عادة داخل المدن والأحياء المكتظة بالسكان والعمارات السكنية. وأعرب عن أمله بأن يمتنع السكان المجاورون للوادي عن إلقاء القمامة ومخلفات مواد البناء في مجراه، للحفاظ عليه.

نباتات على ضفة وادي غزة 

وكانت قد توافقت بلدية وادي غزة مع بلديات أخرى مطلة على الوادي -وهي: النصيرات، البريج، المغراقة، الزهراء، وادي غزة- على إنشاء مجلس خدمات مشترك لحماية الوادي وتأهيله.

ومن المقرر أن يتولى المجلس المشترك إدارة كافة الخدمات والمرافق ضمن منطقة وادي غزة وتشغيلها وصيانتها، بما يشمل مشاريع البنية التحتية، والمشاريع الثقافية والتعليمية، وكذلك المتاحف والمتنزهات، وتطوير المرافق الترفيهية، وتطبيق سياسات التخلص الآمن من النفايات، إضافة إلى تنظيف الوادي وفرض منع التلوث في المستقبل، لإحياء الوادي وحيويته زراعيًا.

الوادي يواجه العديد من الأزمات، أبرزها السدود الإسرائيلية التي أقامها الاحتلال قبل 20 عامًا تقريبًا على بعد 3 كم من حدود قطاع غزة

وأوضح منسق حملة التوعية بأهمية وادي غزة محمد أبو شعبان، أن الاهتمام بوادي غزة بدأ منذ عامين، عبر خطة شاملة للتنمية فيه، تستهدف البنية التحتية والبيئة الحيوية في محيطه، مما يساهم في تحسين المشهد العام للوادي وللمنطقة، وخلق فرص عمل للمواطنين، وأماكن ترفيهية للزوار.

وأفاد أبو شعبان بأن المشروع الجديد حمل اسم "برنامج تطوير وتنمية منطقة وادي غزة الساحلية الرطبة"، بعد تدهور منطقة الوادي والمحمية الطبيعية منذ أكثر من 10 سنوات، مبينًا أن تكلفة المشروع بلغت 66 مليون دولار، سيتم تنفيذها على ثلاث مراحل لإعادة تأهيله تدريجيًا.

من جانبه، أكد رئيس المعهد الوطني للبيئة والتنمية أحمد حلس، أن وادي غزة يملك المقومات البيئية والجغرافية الفريدة التي تجمع أكثر من بيئة من الصعب أن تلتقي في منطقة واحدة.

وبين حلس، أن الوادي يواجه العديد من الأزمات، أبرزها السدود الإسرائيلية التي أقامها الاحتلال قبل 20 عامًا تقريبًا على بعد 3 كم من حدود قطاع غزة لحجز مياه الأمطار ومنع جريانها في حوض الوادي، مضيفًا أن هذه السدود تحرم الوادي من وصول المياه العذبة والمقدرة بـ30 مليون متر مكعب، التي كانت تأتي من أودية الشعرية والرشراش والسموع والخليل وحوض النقب.

وأشار حلس إلى أن الاحتلال يفتح أحيانًا بعض السدود عندما يصبح هناك خطرًا بسبب امتلاء السدود بمياه الأمطار.


اقرأ/ي أيضًا: 

البطاريات التالفة "قنبلة موقوتة" تهدد التربة والمياه الجوفية في غزة

"فلسطين لوحة فسيفسائية ملونة".. دليل للمسارات السياحيّة

دلالات: