علم الترا فلسطين أن الأجهزة الأمنية في قطاع غزة بدأت العمل على خطة أمنية، تطلق عليها "خطة الطوارئ رقم 3"، تشمل ملاحقة التجار والعصابات التي تعمل على سرقة المساعدات واحتكارها بالتواطؤ مع إسرائيل، وفق ما ذكرت مصادر حكومية من غزة.
وشرح مصدرٌ حكومي لـ "الترا فلسطين"، عمل الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية في غزة وفق خطط الحرب المعدّة مسبقًا، مبينًا أن "عمل الأجهزة الأمنية طبيعيٌ ما لم يكن هناك حرب. في حالات العدوان والمواجهة مع الاحتلال، ينتقل العمل للخطة (رقم 1) التي لا تكون فيها الأجهزة الشرطية في دائرة الاستهداف الإسرائيلي، ويستمر فيها عمل الأجهزة في الانتشار الميداني عبر ردع وملاحقة من يستغلون الحرب خاصة في الجانب التجاري، مع الأخذ بعين الاعتبار خطورة إمكانية الاستهداف".
تصاعد المواجهة برّيًا دفع إلى العمل بالخطة (رقم 2)، وفي أثناء ذلك، استُشهد نحو 800 عنصرٍ أمن، حيث يركّز الاحتلال في هذه المرحلة على استهداف عناصر الأمن بهدف خلق فراغ إداري وحكومي وأمني
وأضاف المصدر، أن تصاعد المواجهة برّيًا دفع إلى العمل بالخطة (رقم 2)، مبينًا أنه في أثناء العمل بهذه الخطة، استُشهد نحو 800 عنصر أمن خلال عملهم، "حيث ركّز الاحتلال في هذه المرحلة على استهداف عناصر الأمن بهدف خلق فراغ إداري وحكومي وأمني".
وتابع المصدر: "خلال هذه المرحلة واجهت الأجهزة الأمنية صعوبات في العمل، حيث لم تعد قادرة على ضبط الأمن، بسبب الملاحقة المتكررة من الاحتلال والاستهدافات عبر الاغتيال والقصف المركّز، ما انعكس بشكل سلبي على الواقع الأمني".
وسبق أن نشر موقع الترا فلسطين، نقلًا عن مصدر فصائلي، عن محاولات عديدة تمّت خلال لقاءات بين مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، ومنظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأغذية العالمية، وسلطات الاحتلال الإسرائيلي في نيسان/أبريل الماضي، لإدخال شاحنات المساعدات إلى القطاع، بدون التنسيق مع السلطات المحلية في القطاع، وإحلال بديلٍ تجاري أو عشائري لإدارة أبرز الملفات العالقة، ومنها الملف الإغاثي في المساعدات.
وخلال الفترة المذكورة أعلاه، واجهت الأجهزة الأمنية في غزة صعوبة في العمل، حيث كانت في مرحلة من المراحل مطّلعة ومتابعة للاتفاقيات مع المؤسسات الإغاثية التي تمّت في منتصف آذار/مارس الماضي، قبل أن ينقلب عليها الاحتلال لاحقًا بعد اقتحام مجمع الشفاء الطبي في 18 آذار/مارس الماضي، واستهداف لجان حماية المساعدات، بحسب المصدر.
وبيّن المصدر، أن الأجهزة الأمنية قررت خلال الفترة الماضية استكمال عمل عناصرها في جانب المساعدات بشكل محدد، رغم أن ذلك أدى إلى ارتقاء عشرات من عناصر تأمين المساعدات إثر إصرارهم على حماية شاحنات المساعدات، "لتثبيت رسالة واضحة بأن الأجهزة الأمنية مستمرة في عملها".
نحو 10 مهام أوكلت للأجهزة الأمنية مؤخرًا، وهي تقوم بمتابعتها في كلّ ساعة يوميًا، وبين هذه المهام: ملاحقة اللصوص، ومتابعة قضايا السطو على خيام النازحين ومدارس الإيواء والمنازل
وأفاد أن هذه المرحلة شهدت حالات سرقة بشكل كبير، خاصّة للمساعدات ومراكز المؤسسات الدولية الإغاثية، ومنازل المواطنين النازحين، والمستشفيات والمراكز الطبية التي أُخْلِيَت عقب اجتياح رفح في أيار/مايو الماضي، إضافة إلى استغلال حاجات المواطنين، وفرض بعض العائلات لنفسها على المواطنين بقوة السلاح، ومشاكل فلتان أخرى نتيجة غياب منظومة الأمن.
وقال المصدر: منذ تقليص جيش الاحتلال لانتشاره في مناطق جنوب ووسط قطاع غزة وبقائه متمركزًا في محوري نتساريم وصلاح الدين/فيلادلفي وحدود القطاع، انتقلت الأجهزة الأمنية للعمل وفق خطة الطوارئ (رقم 3) الهادفة إلى فرض الأمن والأمان قدر المستطاع، خاصة بعد مرحلة فلتان أمني صعبة".
وأضاف، أن نحو 10 مهام أوكلت للأجهزة الأمنية مؤخرًا، و"هي تقوم بمتابعتها في كلّ ساعة يوميًا"، موضحًا أن هذه المهام، هي: "ملاحقة اللصوص، ومتابعة قضايا السطو على خيام النازحين ومدارس الإيواء والمنازل، وحماية مقرّات المؤسسات الدولية، وملاحقة لصوص شاحنات المساعدات القادمة عبر معبر كرم أبو سالم، وحماية المستشفيات".
وتابع: "هذا إضافة إلى مهام أخرى تتعلق بضبط الأسواق وملاحقة التجار الفاسدين، وحل الشجارات العائلية، وتفعيل قسم شرطي في بعض المناطق لمتابعة المشاكل الناجمة عن قضايا الطلاق الأسري".
وأكد المصدر لـ "الترا فلسطين"، أن الأجهزة الأمنية تستطيع حاليًا الوصول لأي مكان في قطاع غزة، ما لم يكن هناك توغلٌ من جيش الاحتلال، حيث تشهد مناطق التوغل مواجهة بين المقاومة والاحتلال.
وردًا على سؤال "الترا فلسطين"، حول التعامل مع المشتبه بارتباطهم مع الاحتلال، أجاب المصدر: "جهاز الأمن الداخلي مستمرٌ في ملاحقة المتخابرين مع الاحتلال، وكلّ من يثبت عليه التخابر، يُتَعَامَل معه وفق القانون، بعد الجلوس معه وإجراء التحقيق اللازم بشكل طبيعي".
وفي الأيام الأخيرة، ظهرت تقارير عدة، أكدت معرفة و"تشجيع" جنود جيش الاحتلال، على سرقة المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، إذ تحصل عمليات النهب في مناطق قريبة من نطاق تواجد جيش الاحتلال، وتتضمن العملية استخدام أسلحة نارية، بينما يواصل الاحتلال استهداف طواقم تأمين المساعدات.
يشار إلى أن الحالة على الأرض أكثر تشابكًا والتباسًا، من ناحية السيطرة الأمنية الكاملة على قطاع غزة، خاصةً مع تواصل القصف الجوي، وعمليات التوغل البري الإسرائيلية في عدة نقاط، إذ تواجه ترتيبات الأجهزة الأمنية في غزة، عثرات عدة، وانعدام في الوضوح، بفعل ما سبق، وظهر ذلك، في عدة حالات.
وفي ذات السياق، أكد مصدر فصائلي أن الفصائل الفلسطينية في غزة، تعمل بشكل مكثّف في ملاحقة المشبوهين والمرتبطين بالاحتلال. وقال المصدر لـ "الترا فلسطين": "تتعامل المقاومة مع المشبوهين الآن بشكل علني، حيث أن ملاحقتهم لم تتوقف سابقًا، لكنها باتت تظهر للعلن أكثر من السابق بهدف فضح المتخابرين، ومن جانب آخر بهدف إيصال رسالة للمشبوهين والمتخابرين الآخرين بأن الملاحقة ستطالهم".
وأضاف: "غالبية المتخابرين كانوا محتجزين سابقًا لدى الأجهزة الأمنية بتهم التخابر أو قضايا جنائية مثل القتل، وخلال الحرب خرجوا من السجون، وبدأ تخابرهم مع الاحتلال، والتعامل بمبدأ الثأر مع الجهات الحكومية في القطاع، وعملوا على تشكيل عصابات تبيّن تعاونها مع الاحتلال الإسرائيلي، بهدف خلق حالة من الفوضى وتعزيز الفلتان الأمني على حساب حاجة المواطنين".
29 منظمة تكشف أن الاحتلال يشجع على نهب شاحنات المساعدات، فيما علم "الترا فلسطين" أن الأجهزة الأمنية في قطاع غزة بدأت العمل على خطة أمنية لملاحقة اللصوص ممن يسرقون المساعدات بالتواطؤ مع "إسرائيل". pic.twitter.com/uAb8bfiBVW
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) November 17, 2024
وبيّن المصدر، أن الفصائل الفلسطينية، تواجه تحديات أمنية متصاعدة مع الاحتلال الإسرائيلي في هذه الفترة، مما دفعها إلى رفع مستوى التأهب الأمني واتخاذ أقصى درجات الحذر في تحركاتها وأعمالها، مضيفًا أن الاحتلال يسعى لإيصال رسالة بأنه غير منشغل ميدانيًا في بعض مناطق قطاع غزة، في حين أن الواقع قد يشير إلى تشديده لإجراءات التتبع الأمني على الأرض.
وأضاف، أن الفصائل الفلسطينية، تشتبه في أن الاحتلال يعزز مراقبته المستمرة لتحركاتها بهدف استهداف قياداتها وتنفيذ عمليات اغتيال ممنهجة، خاصّة في مناطق جنوب القطاع، بعد الحصار الذي ينفّذه في محافظة شمال غزة. وردًا على ذلك، يواصل المصدر حديثه: "كثفت المقاومة إجراءاتها الأمنية، وركزت جهودها على رصد وتتبع العناصر المشتبه بها لضمان إحباط أي محاولات اختراق أو استهداف لصفوفها على غرار ما جرى في استهدافات أخرى كان أبرزها استهداف القياديين ياسين ربيع، وخويلد رمضان، وخالد النجار، في 26 من أيار/مايو الماضي، في محيط منطقة مواصي رفح، خلال عملهما في متابعة قضايا المساعدات الإغاثية".
وأشار المصدر إلى أن "جزءًا من عمل الشبكة المتعاونة مع الاحتلال، ركّزت جهودها على مواقع التواصل الاجتماعي عبر صفحات وهمية، تم تتبعها، وتبيّن أنهم كانوا يسعون إلى إشاعة حالة من الفوضى والفلتان خاصّة في ذكرى عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي".
ولم توضح المصادر سبل التحقق أو التعامل مع من تقول إنهم متخابرين، أو تحديد من يقع تحت هذه الفئة.