23-أكتوبر-2023
gettyimages

تحدث بشارة عن تحسن الموقف العربي الرسمي بعد مجزرة المستشفى المعمداني (التلفزيون العربي)

أجرى التلفزيون العربي، مساء الأحد، مقابلة خاصة مع المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، عزمي بشارة، تناولت بالتحليل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، قدم من خلالها قراءة للراهن وتقاطعه العربي والإقليمي، وصولًا إلى تحليل الخطاب الغربي تجاه العدوان.

واستهلّ المفكر العربي عزمي بشارة، القراءة للمشهد بالتأكيد على وجود حالة من الحيرة والارتباك "والجرح النرجسي" وفقدان توازن اجتماعي وسياسي وفكري في إسرائيل، بسبب الصدمة التي تلقتها إسرائيل في عملية السابع من أكتوبر، التي نفذتها المقاومة في ما يُعرف بمستوطنات "غلاف غزة"، وبرزت حالة الارتباك في اللغة التي يستخدمها الساسة ووسائل الإعلام في إسرائيل، والتي تعكس قدرًا كبيرًا من "مشاعر الغضب والشعور بالإذلال جراء ما حدث، من ضمنها عناصر سياسية وأخرى نفسية".

ولاحظ بشارة في هذا الصدد وجود إجماع إسرائيلي غير مسبوق، منذ عشية حرب 67 على ضرورة "إعادة الاعتبار للذات عبر القضاء على حماس والتهديد الأمني الذي تمثله حالة القطاع"، كما لاحظ بشارة أن اللغة التي تستخدم حاليًا في إسرائيل إعلاميًا وسياسيًا تنتمي لقاموس الاستقلال، مثل "انبعاث الأمة"، وهي لغة تُعيد للأذهان زمن النكبة وحرب الـ 67، والغاية منها التعبئة ورفع المعنويات بعد الصدمة التي تعرضت لها إسرائيل. 

كما أشار بشارة إلى وجود إجماع في دولة الاحتلال على أن الانسحاب من غزة منذ 2005 وفعليًا منذ 2006، من الأخطاء التي أوصلت إلى هذه اللحظة.

الخطة الإسرائيلية

وأشار بشارة إلى أن الخطة الإسرائيلية "تشمل تسديد ضربة قاصمة لحركات المقاومة بالقدر الذي لا تتمكن فيه من حكم غزة، عبر استنزاف تلك المقاومة والشعب الفلسطيني في القطاع، فثمة إجماع إسرائيلي على أنه لا يمكن العودة إلى 6 أكتوبر، اليوم السابق على العملية، وهذا يعني توجيه ضربة عسكرية قوية لم تتبيّن بعد حدودها. لكن، السؤال المطروح هو ثم ماذا بعد تحقيق الأهداف؟ هذا على افتراض أنها قد تتحقق. وهنا من الواضح أن صانع القرار الإسرائيلي يبحث عن بديل جديد لحكم غزة يضبط الوضع الأمني".

وحول ما يثار عن وجود تردد إسرائيلي وخلاف بين المستوى العسكري والسياسي الإسرائيلي حول العملية البرية، لفت بشارة النظر إلى أن عددًا قليلًا من الضباط يعترضون على العملية البرية، مشيرًا إلى أن الضغط العسكري على السياسيين أكبر، وأن للانتظار تكلفة اقتصادية، فضلًا عن كونه يُحدث تآكلًا في المعنويات داخل جيش الاحتلال ويتسبب بضغط نفسي كبير على العسكريين. ويضيف بشارة: "وهذا يذكر في حرب 67، لكن الطرف الآخر ليس 67".

وأشار بشارة في معرض حديثه عن الخطة الإسرائيلية، إلى وجود ضوء أخضر أمريكي غير مسبوق مع اتفاق على الهدف وهو "القضاء على حماس".

إلا أن مثل هذه الخطة تواجه عوائق فعلية، فالآن، حسب الدكتور عزمي بشارة توجد حركة المقاومة والحشود العربية والحراك العالمي الذي ازدادت وتيرته بعد قصف مستشفى المعمداني، تضاف لتلك المتغيرات الخسائر المتوقعة في صفوف جيش الاحتلال، وعدم وجود وضوح فيما "بعد خطة القضاء على حماس". فضلًا عن ذلك ثمة عوائق لهذه الخطة تتعلق بعدم القدرة على توقع حجم المقاومة التي ستواجههم إن قرروا الاجتياح البري، بالإضافة إلى عدم معرفة ماذا سيحصل مع "حزب الله" على الجبهة الشمالية التي تتصاعد فيها المواجهة بشكلٍ يومي.

وبالمحصلة، ثمة حالة من عدم اليقين لدى صانع القرار الإسرائيلي، بسبب هذه الاحتمالات. يضاف إلى ذلك الضغط الإسرائيلي الشعبي بشأن الأسرى والرهائن. ولاحظ بشارة في هذا الملف أنّ الأسرى في غزة لا يشكلون أولوية عند القادة الإسرائيليين، فأولوية الحرب هي "القضاء على حماس" مهما كلف ذلك من ثمن، مع الإشارة إلى أنّ كلّ تأخير في الخطة من شأنه أن يزيد الضغط الشعبي بجعل ملف الأسرى والرهائن في الواجهة، ولذلك قد يكون هذا الملف دافعًا لتسريع الهجوم البري.

وصف المفكر العربي، الحالة في أوروبا بـ"بنوع من المكارثية والإرهاب الفكري"، لكل من يفكر بالتضامن مع قطاع غزة

ويرى المفكر العربي، في ختام حديثه عن الخطة الإسرائيلية، أنّ العقلانية معطلة فيما يخص النتائج، بل إنه يوجد خداع ذاتي، يمارسه الإسرائيليون، بشأن اليوم التالي، فهم يؤجلون الأجوبة وغير مهتمين بحياة الأسرى، التي تخضع للهدف، وسلوكهم في الأيام الماضية يدل على ذلك، رغم الزعم باعتبار الأسرى الموضوع المهم والأساسي.

وحول ما يجري في الضفة الغربية، اعتبر بشارة أن الضفة هي في حالة حراك مدني في ظل السلطة الفلسطينية والوجود الإسرائيلي، أمّا عن عدد الشهداء فيها منذ بدء العدوان الحالي، فقد أكد بشارة أن هذا الرقم "صادم"، واصفًا ما يحدث في الضفة بأنه انتفاضة، لكنها انتفاضة مغطى عليها بسبب القصف والحرب، فخبريًا لا شيء يسبق الحرب، وإسرائيل تتصرف بالضفة كأنها في حالة حرب.

كما أنّ ما يحدث في الضفة هو تأكيدٌ على أن إسرائيل تستهدف المدنيين لمعاقبتهم، فعلى مر تاريخ الاحتلال نفذ مجموعة مذابح لتخويف الناس ليهاجروا، وأشار بشارة في هذا الصدد لعمليات الوحدة 101 عندما كانت الضفة الغربية في الخمسينات تحت سلطة الأردن، ونفذت الوحدة عمليات "انتقامية" على شكل مجازر من قبية وصولًا إلى السموع.

ولفت بشارة النظر في هذا السياق إلى أنّ ما يتحدث عنه الإسرائيليون هو عقاب المجتمع الفلسطيني، وبالتالي فمقولة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي تتحدث عن "التفريق بين حماس والشعب الفلسطيني" عليها استفهامات ونقاش، فالمدنيون "هدف لإسرائيل وليسوا أضرارًا جانبية بلغة الحروب الأمريكية"، والهدف من وراء استهدافهم هو تهجيرهم من شمال غزة لجنوبها ولعدم احتضان المقاومة، وهناك أهداف واضحة لعملية الاستهداف، وهذا يحدث في الضفة الغربية أيضًا.

وبحسب المفكر العربي، فإن ما يقوم به الاستعمار عمليًا هو عقاب وضبط الشعوب بالقصف والتدمير، في تعامل كولونيالي عنصري وفوقي، دأبت عليه الكولونياليات الاستيطانية التي تبدو الأكثر حرصًا على إبداء تأييدها المطلق لإسرائيل.

ونبّه بشارة إلى أنّ الفكرة الموجودة في الغرب هي تصديق إسرائيل فيما تقول، وتعريفها بأنها "منّا"، وأنّه "من غير المعقول أن إسرائيل تقتل مدنيين، لكن الواقع أنها تفعل ذلك، وتاريخها منذ النكبة قائم على استهداف المدنيين وتشريدهم من أجل أن يهاجروا، وهذا ما يتكرر حاليًا".

وفي سياق الفكرة السابقة، أشار بشارة إلى أن ما يحصل في المجتمع الإسرائيلي هو اكتشاف أن "اليمين المتطرّف المجنون، لا يعرف أن يحارب"، فوقت الحروب يتم البحث عن الجنرالات العلمانيين، فمن يحتل الشاشات في إسرائيل هم الذين كانوا يتظاهرون على قانون التعديلات القضائية. ويلاحظ بشارة  وجود هجوم مستمر على نتنياهو مع بداية الحرب لأول مرة في إسرائيل، والتأكيد على استعادة الوحدة الإسرائيلية خلف العقيدة القتالية والجيش وليس خلف اليمين الديني، مع التأكيد على الخطاب السياسي نفسه.

وفي هذا النقطة، أكد بشارة أن حياة نتنياهو السياسية انتهت، فمطالبة رئيس وزراء بتقديم استقالته في ظل الحرب أمر غير مسبوق في إسرائيل.

المجازر خط أحمر أيضًا

وحول الموقف العربي الرسمي، تطرق بشارة في البداية للموقف المصري الرافض للتهجير، قائلًا: إنه "من الجيد رفض التهجير، لكن المشكلة أنّ الرفض يبدأ بالتهجير الذي قيل إنه خط أحمر، وهو فعلًا كذلك، لكن ماذا عما يجري من مذابح مستمرة هل هي خط أخضر؟"، مشيرًا إلى أن ما يجري يقود للتهجير، والمجازر كلها مثل المستشفى الأهلي والقصف يجب أن تكون هي أيضًا "الخط الأحمر".

وبالحديث عن الموقف العربي، سجل بشارة استغرابه من أن الحكومات العربية باستثناءات قليلة، لم تطالب بوقف العدوان في بداية الحرب، وإنما كانت تطالب بعدم توسيع ساحة الصراع، وهو بالأساس مطلب أمريكا التي أحضرت أساطيلها لضمان عدم توسع الصراع. كما عبر بشارة عن استغرابه من عدم الحديث عن حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، وعدم التوقف بما ينبغي عند الرقم المهول من الشهداء الفلسطينيين في أقل من نصف شهر.

وأشار بشارة إلى أنّ التحول في موقف القيادات العربية المسؤولة، كان بعد قصف المستشفى المعمداني وبعد تحرك الشارع العربي، ولعل الهدف من ذلك التحرك هو احتواء الشارع خوفًا من عودة الناس إلى الشارع، مع التأكيد على أن الشعوب العربية مجمعة على فلسطين، وهي مكان تجمع للشعوب العربية. 

وأضاف بشارة أنّ دوافع القيادات العربية في التحرك لا تلتقي بالضرورة مع دوافع الشارع النبيلة والصادقة التي لا تحتمل قتل الأطفال، وإلا لكان التضامن مع الشعب الفلسطيني من أول يوم بوقف إطلاق النار، مؤكدًا على قدرتهم الضغط وفرض وقف إطلاق النار، لو اتخذوا خطوات عملية وموقفًا جماعيًا يشمل خطوات جدية ضد إسرائيل تبدأ بإغلاق السفارات ولا نعرف أين تنتهي، ويضيف بشارة أنه "يوجد سوء تقدير لقوتهم، وشك متبادل بين القيادات العربية، وتنافس على أمريكا وأحيانًا على التطبيع مع إسرائيل"، مؤكدًا على أن هذا الشك المتبادل غير مبرر اليوم.

مع الإشارة إلى أن زيارات بلينكن للدول العربية تعبير عن قلق أمريكي من الموقف العربي، في ظل وجود أوراق قوة، ومخاوف أمريكية من المنافسين الروسي والصيني على هذه المنطقة.

وبشأن "مؤتمر السلام" في القاهرة، أشار بشارة إلى أن المجتمعين في القاهرة لم يتمكنوا من التوصل إلى بيان ختامي لأن الدول العربية أصرت على شروط لم توافق عليها الدول الغربية والعكس، وهذا مؤشر جيد لعدم التنازل للمطالب الغربية من قبيل: "إدانة حماس، وحق غير مشروط لإسرائيل في الدفاع عن نفسها، وعدم إدانة الاحتلال".

وأكّد بشارة أن الخطوة المقبلة ينبغي أن تكون وضع حدٍّ للمذبحة غير المعقولة الجارية في غزة، ووقف المخطط الإسرائيلي بعد القصف الهمجي من الجو.

مستدركًا أنّه يخشى أنّ إسرائيل تفهم أن قتل المدنيين داخل القطاع المحاصر مسموح به، نظرًا للمواقف الخجولة، وفي ظل عملية تعويد على سقوط الضحايا الفلسطينيين أمام الشاشات وعلى مرأى الجميع، موضحًا أن ما يجري في "غزة غير مسبوق من ناحية انعدام الخيارات للناس".

وتساءل بشارة باستهجان عن "كيف يقبل العالم ’المتحضر’ ما يجري؟ وكيف يُسمح لكيان استعماري في منطقتنا أن يقوم بمثل ما يقوم به من مذابح وإبادة جماعية؟". لكنه أضاف أنه "ليس متشائمًا لناحية قدرات المقاومة وجاهزيتها والدفاع عن نفسها، ولناحية المعنويات المرتفعة في الأمة، ويقدم صورةً مشرفةً لقدرة الشعوب العربية على الإنجاز".

مؤكدًا في سياق آخر، أنّ "ما تريده إسرائيل هو نكبة ثانية والقضاء على إمكانية أن تقوم للشعب الفلسطيني قائمة من ناحية كيانه الوطني، وهذا لن يحدث لو حصلت كل مذابح الدنيا، لكن التخطيط هو نسف إمكانية أن تقوم للشعب الفلسطيني قائمة، وبعد كل السنوات والنضالات، نعود مرة أخرى إلى نقطة الصفر، والاقتراح هو حكم بديل تحت وصاية عربية مع تنسيق أمني، وهو أمر ينبغي رفضه عربيًا رفضًا قاطعًا، ومن الجيد أن تقول الدول العربية إنها ترفض القيام بهذا الدور، حتى لو كان ذلك لمرحلة مؤقتة".

وأكد بشارة وجود "تناقض وصراع حقيقي بين إسرائيل وإيران منذ ثورة إيران، فإسرائيل تخوض الحرب على أرض إيران، وإيران تقوم ببناء الوسائل وتطويرها لمحاربة إسرائيل، ومن بينها دعم المقاومة لكن ذلك لا يعني أن المقاومة مجرد ذراع لإيران، فالمقاومة لا تختار من يدعمها ولا تستطيع رفض الدعم. لكن المزعج في إيران بالنسبة للعروبي الديمقراطي، أنها تراهن على إيديولوجيا طائفية تقسم المنطقة العربية".

وبالنسبة للصراع الدائر في غزة، إيران لا تريد خسارة غزة كحليف في الصراع مع إسرائيل، وعليه قد يؤدي التصعيد إلى انخراط كامل لإيران في الحرب ولا يرجح بشارة هذا الخيار حاليًا ولكنه قائم. وأضاف بشارة: "من الجيد أن إسرائيل تعتقد أن انخراط إيران في الحرب وارد وتسعى لتجنبه، لأنه يجبرها كل الوقت على القيام بحسابات". وذَكَر بشارة في هذا الصدد أن "إسرائيل تراجعت اليوم بـ 5 كيلومتر عن الحدود في مؤشر على محاولة تجنب التصعيد في الجبهة الشمالية، وهو خيار لا تريده إسرائيل".

واعتبر بشارة في هذا السياق أن "ما يقوم به حزب الله يرفع الثمن على إسرائيل، لكن لا يخفف الضغط على غزة"، كما نوه في ذات المقام إلى أنّ "كل الحروب التي خاضتها إسرائيل على عدة جبهات كانت ضد جيوش نظامية، عكس ما قد يحدث الآن، وهناك قلق من خيار اندلاع الحرب في الشمال، وربما الطرف الآخر يرى في خشيتهم ما يشجع".

أمّا عن الموقف التركي فهو حسب عزمي بشارة "غير مرضٍ لا في الصياغة ولا في النبرة، كما هو متوقع منها، مقارنة في دول العالم الإسلامي، لكنه تحسن مع تحسن الموقف العربي".

ونبه بشارة إلى أن الموقف التركي منذ الانتخابات فيه انحياز واضح نحو الغرب، على الرغم من كون تركيا تخاطب الشرق والعالم الإسلامي والمشرق العربي.

المواقف الغربية

أما حول الموقف الأمريكي المتطرف والموقف الغربي المنحاز بشكل كامل لإسرائيل وروايتها، فاعتبر بشارة أن موقف الرئيس الأمريكي جو بايدن ليس بدوافع انتخابية بدرجة أولى، فهذا الملف ليس جالبًا أساسيًا للأصوات، في ظل وجود مشكلات حقيقية للأمريكيين على مستوى الاقتصاد، ووجود التحدي الصيني والملف الروسي، مع التأكيد على أنّ أصوات اليهود تذهب في الغالبية للديمقراطيين، وبالتالي فموقف بايدن ينبغي البحث عن أسبابه في شخصية بايدن وتكوينه السياسي وبنيته الفكرية التي تعود إلى بنية رؤساء الثمانينات، والمتمثلة في العلاقة غير المشروطة والاحتفاظ "بتفوق إسرائيل وتشابهها مع الولايات المتحدة، من ناحية نفس اللاهوت السياسي، كدولة ديمقراطية قامت على أساس استعمار استيطاني". 

ويعد تصريح بايدن الذي قال فيه: "لو لم تقم إسرائيل لما كان اليهود آمنون في أي مكان"، تعبيرًا عن هذه النزعة الصهيونية في تفكيره التي "تقدم إسرائيل كمدافع عن الديمقراطية في وسط مظلم" ومناهض لكل الحقائق والموقف التاريخي وهناك نوع من "الرومانسيات حول إسرائيل"، وما يعبر عنه بايدن في وقله إنّ "إسرائيل هي نحن" أي أمريكا.

ويعكس الموقف من قصف مستشفى المعمداني، رغبة من بايدن وإدارته في الاقتناع بالرواية الإسرائيلية ولو كانت كاذبة، وهي فبركة تم اختراعها، وهذا معيب على رئيس أكبر دولة في العالم. وفي هذا الصدد يعتبر بشارة أنّ الإثبات والدليل على أن إسرائيل قصفت المستشفى المعمداني، هو اتصالها 3 مرات لتحذير المستشفى.

كما استحضر بشارة الموقف من قصف الكنيسة الأرثوذوكسية الذي استشهد فيه 16 شخصًا، من دون أن يحدث ذلك فرقًا في الموقف الأمريكي والغربي، قائلًا: إن "حجم الجريمة والتواطؤ الدولي يعجز عنه الكلام".

و أشار بشارة إلى كذبة سلاح الدمار الشامل الذي تم على أساسها غزو العراق، وهي كذبة تبناها الإعلام الأمريكي والمؤسسة الأمريكية، ولما انكشف زيفها تراجعت بعض وسائل الإعلام عنها، واعتذرت في حين لم يعتذر عنها قطاع كبير من الإعلام والساسة.

وأضاف بشارة "في الموضوع الإسرائيلي هناك خصوصية، متعلقة في العلاقة مع العرب والمسلمين، وتحديدًا معنا كعرب، وأن إسرائيل هي موقع متقدم للحضارة الغربية في بلادنا. ودول الاستعمار الاستيطاني، تجد بينها وحدة مصير، وهناك شعور تضامني بين هذه الدول. وهناك من ناحية أوروبا، مسألة حقيقية متعلقة بإسقاط شعورهم بالذنب علينا، وهو أمر غير عادل تاريخيًا ولا أخلاقيًا، الجريمة ضد اليهود ارتكبت في سياقهم الحضاري، وهناك محاولة لإسقاط الجريمة علينا".

بشارة:  "من يخرج في أوروبا، في هذه الظروف، يخرج بدوافع نبيلة وتضامن حقيقي"

وتوقف بشارة عند استغلال إسرائيل لخطاب الهولوكوست عبر "ابتزاز أوروبا بالمذبحة وتشبيه العرب بالنازيين من طرف اليمين الصهيوني، وتذكير الأوروبيين بشعورهم بالذنب بشكل متكرر". ويبدو أن الانحياز الغربي المطلق لإسرائيل يساعد أوروبا على التخلص من عقدة الذنب بإسقاطها على العرب والمسلمين. مع العلم أن العرب والمسلمين خارج هذه القضية كحضارة وليس كشعوب فحسب، كما أكد بشارة. وترافق ذلك مع صعود اليمين الأوروبي، وبداية التشديد على الهوية الأوروبية، يقود إلى التشديد على الهوية الغربية، التي تعتبر مشتركة مع إسرائيل.

وأضاف بشارة: "هناك ميل لإسقاط الإسلاموفوبيا الأوروبية على المستوى الدولي، أي أنهم يعيشون الآن مشكلة متعلقة بالهجرة واللاجئين، وأصبحت هذه القضية تميز كل علاقتهم مع العرب والمسلمين، وما حصل في هذه الحرب، من ناحية تصديق الرواية الإسرائيلية وترويجها وصل إلى حد مكارثية جديدة، وصيد ساحرات، وما يجري في المؤسسات الإعلامية الغربية غير مسبوق في أي قضية". 

وانتقد بشارة لغة وسائل الإعلام الغربية الرئيسية، مشيرًا إلى أنهم لا يستخدمون توصيف "ضحايا"، بل "مات وقتل"، مؤكدًا على وجود رقابة شديدة على الصحافة وكيفية الكتابة فيها. ويعدد بشارة عدة أمثلة على ذلك، مثل قول وسائل الإعلام الغربية الرئيسية إن ما يحصل في غزة "أزمة إنسانية في غزة"، معقبًا على ذلك، بالقول: "ماذا يعني، حصل زلزال في غزة؟ حصل طوفان؟ ما يحصل في غزة حرب، والأزمة الإنسانية هي ناجمة عن قصف". وأكد على أن الأمور مختلفة في وسائل التواصل الاجتماعي، التي تشهد صراعًا على الرواية فيها.

كما يوضح بشارة، أن هناك غياب تام للسياق في التيار السائد من وسائل الإعلام الغربية، و"السياق هو سيد الصحافة، هذه وظيفته أصلًا، غير نقل الخبر أن تقول السياق، ما هو سياق الحرب في غزة وما هو سياق عملية 7 أكتوبر؟ الاحتلال والاستيطان والحروب على غزة واقتحامات الأقصى..، في الإعلام الغربي وفي كل مرة يذكر القصف في غزة وكل ما يحصل في غزة، يشار إلى سياق واحد وهو عملية 7 أكتوبر، مع تجاوز الحصار والاستيطان والاقتحامات في الأقصى... هذا هو الإعلام الغربي حاليًا".

ويضيف بشارة نقطة أخرى في هذا السياق، موضحًا أن الفلسطينيين لا يذكرون بما هم مدنيين أو أفراد، و"لا نجد قصة فردية لهم، الفلسطيني يبقى كرقم فقط، لا نجد قصص الأطفال أو صورًا لهم أو مقابلات مع ذويهم"، مشيرًا إلى أن "طريقة تعامل الإعلام الغربي مع الحرب على غزة تحتاج إلى تحليل ومحاسبة، ولا يجب أن نقبل بذلك لكرامتنا كشعوب ولقضية فلسطين وأهل غزة ولأجلنا. أنا لست مع الهجوم والتحريض وهذا لا يفيد، لكنّ يجب أن نناقش كل هذه القضايا غير المقبولة في العلاقة، وأن يعرفوا أن ذلك له نتائج". موضحًا أن على أوروبا في هذا السياق، كدول مسؤولة عن الحالة الاستعمارية في فلسطين، أن تتحمل مسؤوليتها وعلى الأقل أن تفرض الضغوط والشروط على إسرائيل"، ويضيف "يجب أن يتعاملوا معنا كبشر، هل أدان مسؤول أوروبي أو أمريكي، تصريح وزير الأمن الإسرائيلي الذي قال إن "من هم في غزة ’حيوانات بشرية ويجب معاملتهم على هذا الأساس’، لم يستنكره أي مسؤول أوروبي أو أمريكي، وهذا صمت غير مقبول وغير معقول، ولا يجب أن يمر".

ويؤكد بشارة إلى أن هناك بعض الأصوات الغربية القليلة، التي تتحدث عن الحرب في قطاع غزة، ولكنها غير كافية، كما انتقد المثقفين والأدباء في الغرب الذين افتقدوا "الجرأة الأدبية"، قائلًا: "أعتقد أن سلوكهم وصمة عار، الأصوات غير كافية، من يتحدث، يتحفظ قبل أن يقول أي شيء، وبعد مقدمة طويلة حول الوضع، يصل إلى خلاصة التوقع بأن تلتزم إسرائيل بالقانون الدولي والبعض قد يذكر حل الدولتين".

ووصف المفكر العربي، الحالة في أوروبا بـ"بنوع من المكارثية والإرهاب الفكري"، لكل من يفكر بالتضامن مع قطاع غزة، مشيرًا إلى أن "الحديث في ظل هذه الظروف هو بطولة وواجب، دون التوقع أن يصبح المتحدث هو الموضوع، فأهل غزة هم الموضوع في هذه المرحلة".

وبالعودة إلى عملية 7 أكتوبر، التي أطلقت عليها المقاومة الفلسطينية اسم "طوفان الأقصى"، وأصبحت إدانتها لازمة في وسائل الإعلام الغربية قبل أي حديث، قال بشارة إنّ "هناك نقاش حول بعض الموضوعات، وعملية 7 أكتوبر رافقها تجاوزات والشباب نفسهم يعرفون هذا الكلام، وحتى لو حصلت تجاوزات، هذا لا يمس في أمر واحد أن هناك احتلال واستيطان ومقاومة، ومن لا يعجبه حق المقاومة فليقم بإزالة الاحتلال. من وجهة نظر الشعب الواقع تحت الاحتلال، الاحتلال هو نقطة البداية، النقاش يجب أن يبدأ على قاعدة واحدة وهي إدانة الاحتلال وجرائمه، وعندها يصبح النقاش له معنى ومنطق. لكن الانطلاق من هل تدين هذا وذلك يجعل الشعب الفلسطيني هو المتهم، ويصبح كل شيء متعلق بالاحتلال هو نوع من الفائض الأخلاقي. الآن الحديث يجب أن ينطلق من الاحتلال والظلم".

وأوضح بشارة في سياق حديثه عن إعادة تعريف البديهيات، إلى أن اللبس يأتي، لأنه "لم تترسخ أبدًا في علاقة العرب مع الدول الغربية، فكرة الاستعمار والمظلومية التاريخية. تكتيكيًا وفي بعض الحالات يحصل توافق، ولكن ليس بالعمق، كله توافق سطحي متعلق بالتسويات"، وأضاف: "ولا مرة نوقش الوضع من منطلق مبدئي، أي أن هناك ظلم واستعمار وحق تقرير المصير وجريمة كبرى ارتكبت في النكبة واحتلال آخر في 1967. وكل ما حصل هو تسويات نتيجة توازنات قوى، وهذا المنطق الذي أوصلنا إلى أوسلو، لم نصل في يوم من الأيام للعمق بشكلٍ واضح في النقاش مع الدول الغربية، وأن ما حصل هو استعمار، كما لم يسلم في مبدأ العدالة والحق".

وقال بشارة، صاحب كتاب "فلسطين: مسائل في الحقيقة والعدل": "أنا مُصرّ على الانطلاق من قضية ظلم تاريخي وقع في عام 1948 على الشعب الفلسطيني، والقضية قضية عدالة، والحل يجب أن يكون على أساس مبدأ العدالة".

أمّا عن المظاهرات الحاشدة في أوروبا للتضامن مع غزة، فقد أوضح أنّ "من يخرج في أوروبا، في هذه الظروف، يخرج بدوافع نبيلة وتضامن حقيقي، خاصة أننا في وضع صعب، لكن هذا لا يعني أنه موقف الأكثرية أو الحكومات". مؤكدًا على أهمية المظاهرات التي خرجت بها الشعوب العربية، قائلًا إنّ "كل الشعوب العربية قدمت موقفًا حقيقيًا للتضامن مع الشعب الفلسطيني".

وعن الواقع في الضفة الغربية، أشار بشارة إلى أنه "انتفاضة بظروف 2023"، أي بوجود السلطة الفلسطينية وأجهزة أمنية بهذا الشكل، دون التعاون مع الاحتجاج أو التعاطف معه. مؤكدًا على أن التظاهر في الضفة الغربية يحتاج إلى بسالة كبيرة في هذه الأيام، مشيرًا إلى أن حصيلة الضحايا صادمة بكل المقاييس في الضفة الغربية، ما يجعل الوضع ما يشبه الانتفاضة البطولية، فالأخبار ليست موجهة على الضفة الغربية، والتظاهر الآن قد يكون ثمنه القتل، وهو تضامن بطولي وحقيقي.

أمّا في الداخل الفلسطيني، فقد قال: "نحن نعرف إمكانيات الناس وظروفهم هناك، ونضالهم يجب أن يتضمن حقوقهم كمواطنين والبقاء على أرضهم، والحفاظ على هويتهم الوطنية، ورفض الإيديولوجيا الصهيونية. وفي كل جيل تحصل هبة تؤكد على الهوية الوطنية، وكل جيل يشارك في معركته، لكن هذا لا يمكن أن يحصل دائمًا لأن الثمن مرتفع، مثلًا حتى الآن هناك محاكمات على هبة أيار/ مايو 2021". موضحًا أن احتمالات العصيان المدني في الـ 48 أقل بكثير من الضفة، لأن "كل الكيان الاقتصادي والاجتماعي، متشابك مع الحياة  والمؤسسات في إسرائيل"، متابعًا القول: "يجب إن تكون واقعيًا في تعامل معهم ومنصف، وفي ظل التطبيع العربي مع إسرائيل، المطلوب الحفاظ على الهوية الوطنية والبقاء على أرضهم ورفض الإيديولوجيا الصهيونية، وبالطبع أخذ موقف من العدوان على غزة، ولا أعتقد أنه من الممكن التوقع أكثر بكثير من هذا. وفي هذه المرحلة التي فيها إسرائيل كلها بحالة حرب، أعتقد هذا صعب. هناك فصل للطلاب من الجامعات على تغريدة، الآن إسرائيل تهتم بالكلام والتغريدات وتحاسب عليه، وهناك مراقبة للتعبير عن التضامن مع غزة، وهناك استفراد بالنشطاء"، موضحًا أن "إسرائيل بلد في أجواء الحرب، حالة الطوارئ شديدة جدًا، وإسرائيل تعمل فيها بدون حساب، وهناك جو مشحون جدًا ويد على الزناد، والظروف ليست سهلة، ولكن الناس تحافظ على كرامتها وموقفها الوطني وضميرها، وهذا مهم".

getty

وفيما يتعلق بقضية الأسرى في السجون، الذين ترتفع أعدادهم بشكلٍ كبير في هذه الأيام، قال بشارة إنّ "موضوع الأسرى عند الشعب الفلسطيني عليه إجماع، وتاريخيًا بنى هذا الموضوع رأسمال رمزي لدى الفصائل الفلسطينية، والكثير من العمليات ضد إسرائيل، كانت من أجل تحرير الأسرى".

وعن إمكانية حصول صفقة تبادل، أكد بشارة أن "القدرة على تحرير الأسرى ممكنة بعد المعركة، وسيكون هناك جنود وضباط للمفاوضات، لكن القضية الآن هي الصمود في المعركة،ولا أعتقد أن إسرائيل ستخوض مفاوضات على الأسرى في ظل المعركة". 

أمّا عن المحتجزين والأسرى في غزة، فقد أوضح بشارة أن "المحتجزين المدنيين عبء على المقاومة، وغالبيتهم لم تخطفهم المقاومة. وأعتقد أن المقاومة تجد صعوبةً في إيجادهم والبحث عنهم في ظل الوضع الحالي. وإطلاق سراحهم غير ممكن بدون وقف إطلاق نار، كما أن القصف الإسرائيلي يشكل خطرًا على حياتهم، والمقاومة لا تريد مقتلهم لديها حتى لا تتحمل المسؤولية، وتريد التخلص من هذا الملف"، مؤكدًا على عدم وجود أي "جهد حقيقي من إسرائيل، لكي تتمكن المقاومة من التعامل مع هذا الموضوع، السلوك الإسرائيلي غير مهتم في هذا الموضوع، أمّا موضوع الجنود والضباط هذا موضوع حرب"، وأكد على اعتقاده جازمًا في رغبة المقاومة بإغلاق الملف، مع وجود جهود حقيقية وصادقة فيه، تقابل باستهتار إسرائيلي.

وفي سياق تلويح الاحتلال بالمناورة البرية على غزة وحديث إسرائيلي عن "معركة طويلة الأمد"، قال بشارة: "على المقاومة في غزة أن تجهز نفسها لأسوأ السيناريوهات، كي تكون جاهزة، لأن إسرائيل تبحث عن ضربة للمقاومة والقضاء عليها، وليس بالضرورة حصول ذلك لوجود عوامل كثيرة،  لأن الثمن سيكون غاليًا وقد تفتح جبهة في الشمال، لكن المقاومة يجب أن تكون جاهزة لأسوأ السيناريوهات".

وعن القصف للقواعد الأمريكية في العراق والصواريخ من اليمن، بيّن المفكر العربي أن "إيران تعاني من حرب على أرضها، إسرائيل تخوض الاغتيالات والتقل على أرض إيران، وبالتأكيد ترد. وبالطبع هناك رسائل أمريكية توجه لإيران، وفي المقابل إيران ترسل رسائلها، لا شك لدي بذلك. وبالطبع المقاومة في غزة وجهت رسائل علنية في هذا السياق، ونستيطع أن نراه كتجاوب معها، أو رسائل إيرانية".

وتطرق صاحب كتاب "من يهودية الدولة حتى شارون: دراسة في تناقض الديمقراطية الإسرائيلية"، إلى قضية التطبيع مع إسرائيل، قائلًا إنّ "التطبيع يقوم على فكرة عدم وجود قضية فلسطينية، ويدور حول أن إسرائيل وما تقوم به أمر طبيعي وبالتالي يجب أن يكون معها علاقات طبيعية، وهذا يفترض تهميش القضية الفلسطينية، وأنها لم تعد مهمة"، مشيرًا إلى أن ذلك يتجاوز تاريخ المقاومة والنضال الفلسطيني والاحتلال واللاجئين والكرامة الوطنية، وتصبح "كما يقال بلغة ترامب ’تحسين شروط الحياة للفلسطينيين’ دون أي تاريخ من النضال، وتصبح قضية عيش بمستوى معقول، وهذا حتى غير مضمون لأنه قيل عن غزة سابقًا، أنها ستكون سنغافورة، وهذا ما لم يحصل".

وتابع بشارة أن ما يجري في غزة إلى حد بعيد "وهو ليس جوابًا ولا أعتقد ما حصل وجه خصيصًا لقضية التطبيع، لكنه ينسف فكرة تهميش القضية الفلسطينية"، لأنها "قضية شعب حقيقي يعاني من الاحتلال، وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها، إلى جانب قضية اللاجئين والـ48".

قال بشارة: "على المقاومة في غزة أن تجهز نفسها لأسوأ السيناريوهات، كي تكون جاهزة، لأن إسرائيل تبحث عن ضربة للمقاومة والقضاء عليها، وليس بالضرورة حصول ذلك لوجود عوامل كثيرة

أمّا الجانب الثاني المقلق في التطبيع، فهو كما قال بشارة "انتصار لمنطق القوة الإسرائيلي، أي أنه يتم تقديم مبادرة لإسرائيل ومن ثم ترفضها إسرائيل وهكذا، وبعدها تخضع للشرط الإسرائيلي"، مضيفًا: "وفي نفس وقت التطبيع مع إسرائيل، تتجه هي أكثر نحو التطرف واليمين، أي أنها تذهب لليمين وأنت تلحق بها، وفي إسرائيل يتم رؤية ذلك باعتباره مكافأة على الاستيطان واقتحامات الأقصى".

وقال بشارة إنّ من يسعى إلى التطبيع "ليس موضوعه قضية فلسطين. بل من أجل إنشاء تحالف إقليمي يعتقدون أنه يسد الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة في المنطقة. وينظر إلى إسرائيل باعتبارها هذا الحليف. كما أن الاعتقاد أن إسرائيل والتحالف معها يساهم في تشكيل مجموعة ضغط موحدة في الولايات المتحدة، مما يمنعها من التخلي عن الحلفاء".

وتابع في سياق الحديث عن التطبيع، قائلًا إنّه "تحالف على حساب القضية الفلسطينية، وليس موجهًا لها، وتكون ضحيته، ورغم هذه المشتركات، إلّا أنه يصطدم في القضية الفلسطينية التي تفشله".

وعن موقف الشارع العربي، فقد شدّد أن "الشارع العربي يعادي التطبيع، وبالنسبة له قضية فلسطين (...) إلى جانب التضامن وأنها آخر قضية استعمارية، فهي تمثل جانبًا رمزيًا، لأن موضوع الاستعمار مسألة كيانية، و"الحكام العرب والأنظمة العربية، على خطأ حينما لا تفكر في موقف الشارع مع فلسطين وتضامنه مع الشعب الفلسطيني ومعاداة الاستعمار"، مؤكدًا على أن الشارع العربي شكل ضغطًا على الأنظمة العربية، التي كانت في البداية تتحدث عن منع اتساع رقعة الصراع، ولم يتحدثوا عن وقف العدوان، ولم يحدث ذلك إلّا بعد الحراك الشعبي.

وأضاف بشارة في السياق نفسه، أن حراك الشارع العربي من أهم آليات حماية الشعب في غزة، ومن المهم استمراره وتصاعده.

وكرر في نهاية المقابلة حديثه عن "ضرورة الجاهزية لأسوأ السيناريوهات، نتيجة الوضع في إسرائيل والإجماع، والضوء الأخضر الأمريكي غير المشروط، لكن الضوء الأخضر الأمريكي يمكن تغييره في حال أخذت الدول العربية موقفًا موحدًا وضاغطًا".